يواصل قطار CEO Level Podcast رحلته القوية فى موسمه الرابع، والتى انطلقت منتصف أكتوبر الماضى، عندما استضاف فى حلقته الأولى الدكتور أحمد هيكل، مؤسس ورئيس شركة القلعة للاستثمارات المالية، والذى كشف كواليس فى غاية الأهمية والإثارة، بينما جاءت الإطلالة الثانية لتعبر حدود الوطن، بحوار مهم عن البورصة الأردنية مع مازن الوظائفى، الرئيس التنفيذى لبورصة عمان.
وفى الحلقة الثالثة المتاحة الان للجمهور على قناة ALMAL TV بموقع يوتيوب، ومنصات البودكاست المختلفة، حجزت الإثارة مكانها مجددًا من خلال حوار شيق أداره حازم شريف، مقدم CEO Level ورئيس تحرير جريدة المال، مع المهندس حمدى رشاد، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق “إيجوث”.
“رشاد” أطلق أسهمه صوب مرمى الإثارة ليكشف كواليس وتفاصيل جديدة حول عملية استحواذ أحمد الزيات على شركة الأهرام للمشروبات فى 1997، والتى كانت محتكرة لصناعة الكحوليات محليًا، وكيف تدخل الرئيس الأسبق “حسنى مبارك” لإيقاف بيع “الأهرام”؟ ولماذا نُفذت الصفقة فى نهاية المطاف؟
وتتضمن الحلقة الجديدة من CEO Level Podcast قصة كتاب “دليل إجراءات الهجرة” وكيف وافقت الدولة على نشره عقب نكسة 67؟ بالإضافة إلى تفاصيل تجربته الاستشارية والاستثمارية التى تركت بصمتها فى سوق المال المصرية.
ويسرد ضيف CEO Level تفاصيل استحواذ “فيلمينجز” الإنجليزية بتحالف مع “المنصور – المغربي” على شركة الرشاد لتداول الأوراق المالية فى التسعينيات، فى صفقة كبرى آنذاك بلغت قيمتها 6 ملايين جنيه.
وإلى نص الحوار المتاح للجمهور على ALMAL TV بموقع اليوتيوب ومنصات البودكاست:
● حازم شريف: أرحب بكم فى حلقة جديدة من CEO Level Podcast، ضيفى اليوم هو من فئة العيار الثقيل، إذ يمتلك قصة ملهمة ومميزة عقب قيامه بتغيير مسار حياته فى عدة مراحل محققًا نجاحات متكررة، أرحب بالمهندس حمدى رشاد، رئيس مجلس إدارة شركة “إيجوث”.
م. حمدى رشاد: أهلًا بك وبمشاهدى البرنامج.
● حازم شريف: دعنا نبدأ بالمدخل الكلاسيكى المعتاد، من هو حمدى رشاد؟ وكيف كانت مسيرتك الدراسية ونظيرتها المهنية؟
م. حمدى رشاد: خريج جامعة القاهرة، كلية الهندسة، قسم ميكانيكا إنتاج،
سنة 1966، والتحقت بـ “المعهد القومى للإدارة العليا”، وكان تابعاً لرئاسة الجمهورية، ومجال عمله استشاريًّا.
وجودى فى ميدان التحرير يوم النكسة غير مجرى حياتى بالكامل
وبدأت مسرتى المهنية كمساعد لكبير الاستشاريين فى المعهد، وأول عملية استشارية لنا كانت فى يونيو 1967.
● حازم شريف: لا شك أن ذلك قد مثل ذكرى مؤلمة.
م. حمدى رشاد: مؤلمة جدًّا، حينها نزلت مع كبير الاستشاريين إلى ميدان التحرير فى انتظار الذهاب إلى لقاء عمل، لكن بسبب الأوضاع والاضطرابات والحرب، لم نتمكن من ذلك، واستمرت رحلتى مع المعهد لفترة قصيرة، حتى اقتنعت بأن الاقتصاد فى مصر سيدخل فى حالة من الركود.
بسبب التوتر فى تلك الفترة، كان عدد من الأصدقاء يستعدون للهجرة إلى أمريكا، فقررت أن أكون جزءًا من هذه المجموعة، قلت لهم إنه لا يصح أن يهاجر كل شخص بمفرده؛ لأنه قد يكون صعبًا وذو تحديات كبيرة، لذا يجب علينا أن نتعاون ماديًّا ومعنويًّا، على أن يتم السفر بشكل فردى واحد تلو الآخر، ومَن يصل أولًا يدعم مَن يأتى خلفه.
● حازم شريف: قمتم بعمل مثل “جمعية هجرة”، لكن ليس بالمعنى التقليدي
م. حمدى رشاد: كانت أشمل من ذلك، ولم نحدد مَن سيسافر أولًا، بل اتفقنا على أن مَن ينهى أوراقه أولًا يصبح له الأحقية، وقد تم اختيارى رئيسًا للمجموعة.
كتاب «دليل إجراءات الهجرة» ساعد الشباب المصرى على الهجرة بأمان
مع مرور الوقت، بات لدى حجم كبير من المعلومات حول إجراءات السفر والهجرة، وألفت كتابًا صغيرًا بعنوان “دليل إجراءات الهجرة”، حقق انتشارًا واسعًا فى ذلك الوقت.
● حازم شريف: متى نُشر هذا الكتاب؟
م. حمدى رشاد: كان هذا فى عام 1969
● حازم شريف: قبل أن أعود للحديث عن الهجرة، هناك شيء لفت انتباهى عندما أشرت فى حديثك إلى توقعك بشأن حدوث “كساد”، مثل هذا المصطلح الاقتصادى ليس معتاداً بالنسبة لشخص تخرج فى كلية الهندسة، فما الذى جعلك تشعر بأن هناك ركودًا قادمًا أم كان هذا من دافع الإحباط؟
م. حمدى رشاد: لم أكن أقصد بالكساد المعنى الاقتصادى تمامًا، بل كنت أقصد أننا كشباب، لن تكون لنا فرص للتوظيف أو الترقية، ولن نتمكن من إنجاز أى شيء بسبب الظروف والضغوط التى كانت تحيط بالبلد، كان ذلك الإحباط هو ما دفعنى وأصدقائى إلى التفكير فى الهجرة.
● حازم شريف: ثم قمت بتأليف كتاب “دليل إجراءات الهجرة” محققًا انتشارًا كبيرًا ومبيعات جيدة.
م. حمدى رشاد: بالفعل، وقد حصلت على أرباحه قبل السفر، إذ تم بيع حقوق نشر الكتاب لمكتبة الأنجلو فى شارع شريف بوسط البلد، ورغم تطلعى للحصول على دعم مَن سبقونى فى الهجرة، إلا أن عائد كتاب “دليل إجراءات الهجرة” دبر لى احتياجاتى المادية.
● حازم شريف: قصة الكتاب تعد فريدة إذ وثّقت خلاله تجربة الهجرة وأعددته كدليل للآخرين.
م. حمدى رشاد: نعم، وقد تلقيتُ اتصالًا من الكاتب الصحفى المعروف أنيس منصور، الذى دعانى للقائه، ليكتب مقالًا عنه مما ساهم فى انتشار الكتاب.
وأود الإشارة إلى قصة نشر الكتاب.. عندما ذهبتُ لإحدى المطابع فى منطقة الفجالة بالقاهرة، اعترض صاحب المطبعة، وقال لي: “ما معنى دليل إجراءات الهجرة؟ وكان ذلك فى فترة جمال عبد الناصر والحرب.
وتابع صاحب المطبعة: هل ستشجع الناس على الهجرة فى هذا التوقيت؟!.. ليبلغنى بضرورة الحصول على موافقة رسمية من إدارة المباحث فى مجمع التحرير.
وذهبت لإدارة المباحث حاملًا النسخة الأولى من الكتاب التى كانت مكتوبة بخط اليد، وتساءل أحد الضباط قائلًا: “مَن الذى دفع لك لتكتب شيئًا مثل هذا؟.. وأجبتُه شارحًا أبعاد قصة مجموعة الشباب، وكيف اتفقنا على مساعدة بعضنا فى توفير المعلومات اللازمة للهجرة، وكونى رئيسًا للمجموعة، كنت أستقبل هذه المعلومات من أصدقائى الذين سافروا قبلى، مما ساعدنى على جمع قدر كبير من المعرفة حول طبيعة الإجراءات.
وأخطرته قائلًا: إن الدولة كانت تشجع الهجرة فى ذلك الوقت، وقد رأيت أن نشر كتاب يجمع هذه المعلومات قد يساعد الكثيرين وسيحدث رواجًا.
وقد وافق الضابط على طباعة الكتاب ليوجهنى إلى مكتبة محددة، مع اشتراط تقديم أول نسخة فور طباعتها وقبل توزيعه فى السوق.
وعندما طُبعت النسخة الأولى، أسرعت إليه بالمجمع وقلت له “هذه النسخة الأولى”، لكنه ابتسم وأخرج من درج مكتبه نسخة أخرى، قائلاً إنها الأولى بالفعل، مما أظهر لى حرصهم فى تلك الفترة.
حصلت على وظيفة فى أمريكا بـ«الواسطة»
● حازم شريف: ضاحكًا، يبدو أنه كان يختبر ولاءك.. عقب تلك المرحلة، سافرت الى أمريكا وبدأت العمل هناك كمهندس.. هل كان هذا فى 1969؟
م. حمدى رشاد: نعم فى عام 1969، لكننى شعرت أن شهادتى من مصر وحدها قد لا تكون كافية، خاصةً أن نظرة المجتمع الأمريكى فى ذلك الوقت لم تكن إيجابية جدًّا تجاه التعليم المصرى، لذلك قررت استكمال دراستى، وحصلت على ماجستير فى إدارة الأعمال.
● حازم شريف: هل عملت بشهادة الهندسة أم بشهادة إدارة الأعمال؟
م. حمدى رشاد: بدأت العمل بشهادة الهندسة، وحصلت على هذه الفرصة بفضل وساطة شخص أمريكى يعمل فى شركة “RCA” للأجهزة الإلكترونية، وقد تعرفت عليه فى مصر من خلال الدكتور عبد القادر حاتم، رحمه الله.
● حازم شريف: ما نوع الأجهزة الإليكترونية التى كانت موجودة آنذاك فى بداية السبعينيات؟
م. حمدى رشاد: أجهزة الإرسال والاستقبال التى تشبه الموبايل اليوم، والتى كانت تعرف باسم “ووكى توكي”، كما كانت تصنع أجهزة تستخدمها الشرطة وأجهزة إرسال تلفزيونية، وساهم الماجستير فى إدارة الأعمال فى الحصول على ترقيات سريعة.
● حازم شريف: من أى جامعة حصلت على درجة الماجستير؟
م. حمدى رشاد: حصلت عليه من جامعة “ديكين” فى بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا عام 1974، وخلال فترة قصيرة أصبحت رئيسًا على مَن علمونى فى البداية، ثم شعرت برغبة قوية للعودة إلى مصر.
● حازم شريف: فى أى عام انتابك هذا الشعور؟
م. حمدى رشاد: عام 1976 تقريبًا.
● حازم شريف: هل تلك الفترة الزمنية القصيرة كافية لشعورك بالحنين للعودة؟
م. حمدى رشاد: فى تلك الأيام كانت عملية الاتصال بالأهل فى مصر معقدة، حيث كان عليّ أن أحجز موعدًا مسبقًا للاتصال بعد أسابيع، ويجلسون بجانب الهاتف فى الموعد المحدد، والعكس كان صعبًا أيضًا، إذ كان عليهم الذهاب إلى السنترال والانتظار فى طابور، وكان لدى قناعة أننى سأعود حتمًا إلى مصر قبل أن أسافر من الأساس، كنت قد كتبت فى نهاية كتابى حول الهجرة أننى سأعود إلى مصر بعد تأسيس الذات.
بعد 7 سنوات فى “RCA”، سعيت للعودة، لكن واجهت بعض الصعوبات، فوجدت فرصة للذهاب إلى الجزائر بدلًا من مصر.
● حازم شريف: ما علاقتك بالجزائر؟
م. حمدى رشاد: كانت هناك شركة تُدعى “GTE” أبرمت عقدًا مع الحكومة الجزائرية لإنشاء مجمع لإنتاج الأجهزة الإلكترونية المنزلية، كالتلفزيونات والراديوهات والـ”ووكى توكي” ومنتجات أخرى.
عندما كنت في “RCA” وعلمت أن “GTE” ستذهب إلى الجزائر، اعتبرت العمل فى الجزائر خطوة تتيح لى العودة إلى مصر لاحقًا، ونجحت فى الحصول على فرصة مع “GTE”.
وفى تلك الفترة كنت قد وصلتُ إلى منصب رفيع فى “RCA”، إذ كنت أعمل كرئيس قسم الإنتاج فى الشركة، لكن تم إبلاغى في GTE بأننى لا أستطيع البدء فى ذات المنصب مباشرة، لذا تم تعييني كمهندس إنتاج كبير Senior Engineer وسريعًا أصبحت رئيس قسم الإنتاج.
● حازم شريف: هل كنت تزوجت وقتها؟
م. حمدى رشاد: تزوجت بالفعل فى تلك الفترة.
حازم شريف ضاحكًا.. قمت بتأليف الكتاب ثم تزوجت بعدها بدعم حصولك على نسبة من المبيعات.
م. حمدى رشاد: الكتاب حقق لى سمعة جيدة، ونال إعجاب زوجتى التى تفاعلت مع قصة الهجرة، وبإقدامى على التأليف فى سن صغيرة، إذ كنت ما أزال فى العشرينيات.
وعقب الاستقرار فى وظيفتى بأمريكا، قام والدى بترتيب إجراءات زواجى، وقد وكلته لإنهائها وسافرت زوجتى لى.
● حازم شريف: كم مكثت فى الجزائر؟
م. حمدى رشاد: انتقلت إلى الجزائر عام 1978، ومكثت هناك حتى 1981، وكانت فترة ناجحة حققنا خلالها نجاحات كبيرة، وفى تلك الفترة تمت ترقيتى إلى منصب مدير بشركة GTE.
ثم عُرض علينا كشركة العمل فى أحد مشروعات القوات المسلحة المصرية، لأعود إلى مصر، واستمرت مدة المشروع لنحو 10 أعوام، ونجحنا فى الحصول على عقود أعمال أخرى فى تلك الفترة.
● حازم شريف: انتقلت إلى أمريكا ولكن لم تظل هناك لفترة طويلة، فقط حوالى ثلث مدة وجودك فى الخارج تقريبًا، والفترة المتبقية كانت بين الجزائر ومصر.
م. حمدى رشاد: قضيت نحو 11 عامًا متقطعة فى أمريكا، و3 أعوام متصلة فى الجزائر ثم 10 سنوات فى مصر أتعامل كمواطن أمريكى الجنسية، أى ما يقارب 24 عامًا.
وفى 1993، عرضوا عليّ العودة إلى أمريكا، لكننى شعرت بالاستقرار، وبات لدى ارتباط عميق بمصر، فقررتُ البقاء فيها ورفضت العودة، وقمت بالتسوية مع الشركة.
● حازم شريف: فى 1993 قررت الاستقرار فى مصر؟
م. حمدى رشاد: نعم، وكان لى بعض التجارب الاستثمارية فى البورصة الأمريكية، إذ استطعت عقب حصولى على ماجستير إدارة الأعمال قراءة القوائم المالية، وتوقع تحركات الأسهم.
● حازم شريف: هل تعلمت أساليب التحليل الفني؟
م. حمدى رشاد: لا لكنى درست التحليل الأساسى، وعندما عدت إلى مصر قررت أن أتقاعد وأعيش على مدخراتى واستثمارها فى البورصات الأمريكية، بعض الأصدقاء بدأوا يلاحظون اهتمامى الشديد بالأسواق المالية والاقتصاد ومتابعتى لـ”وول ستريت جورنال”، وكانوا يقولون لي: “لماذا لا تنظر إلى البورصة المصرية؟” وكان ذلك في عام 1993.
فى تلك الفترة بدأت البورصة المصرية فى التحرك بفضل برنامج الخصخصة الذى اعتمدته الدولة، إذ كان هناك توجه نحو بيع حصص من الشركات الحكومية للقطاع الخاص، وإعادة إحياء سوق المال.
وقررتُ أن أتعرف أكثر على السوق المصرية وتوجهت إلى هيئة سوق المال فى ذلك الوقت، وزيارة مقر البورصة، وقد رأيت مشاهد غريبة ومضحكة أحيانًا؛ منها أن بعض الموظفين كانوا يعملون فى وظائف جانبية لزيادة دخلهم، حتى إن أحد كبار الموظفين كان يعرض ملابس للبيع أثناء الاجتماعات مثل “شرابات وقمصان” منتجات شركة الشوربجى وقتها!
● حازم شريف: كان هذا فى 1993، ولكى تكون الرؤية واضحة للغير متابعين كانت الحكومة المصرية قد قررت حينها إحياء سوق المال مرة أخرى عبر برنامج الخصخصة، الذى يقوم على طرح شركات فى البورصة، خصوصًا مع وجود قانون جديد – قانون رقم 95 لسنة 1992 – الذى سهّل إنشاء شركات السمسرة وأنشطة سوق المال عموماً.
«الرشاد» كانت بين كيانات السمسرة الكبرى فى السوق المصرية
فى ذلك الوقت، كان السوق ما زال يعتمد على بعض الأساليب القديمة، مع وجود عدد قليل من السماسرة القدامى الذين يعملون بتقنيات تقليدية، مثل: ناصف نظمى ومحمد حامد وغيرهم، بجانب الأشخاص مثلك القادمين من الخارج، ما الذى قررت فعله؟
م. حمدى رشاد: قررت إنشاء شركة سمسرة، كان الوضع مختلفًا عما رأيته فى أمريكا، لكن فى نفس الوقت كان السوق يحمل فرصًا واعدة، خصوصًا مع وجود قانون جديد، ووجدت أن رأس المال المطلوب لم يكن كبيرًا؛ فقط 250 ألف جنيه مصرى، مع سداد 25 % منه فقط.
واتفقت مع مجموعة من الأصدقاء على أن نبدأ المشروع معًا، واستأجرنا مكتبًا فى جراج البستان بمنطقة باب اللوق، وأعددناه بأحدث التجهيزات فى تلك الفترة.
● حازم شريف: ماذا عن جوهر الشركة؟
م. حمدى رشاد: كان جيدًا، وأتذكر أن الأستاذ محمد عبد السلام، رئيس شركة مصر للمقاصة الأسبق، عندما كان يستقبل زوارًا من الخارج، كان يزور شركتى ليُريهم التطور الذى حققته.
وحققت الشركة نموًا سريعًا بدعم بدء تنفيذ برنامج الطروحات الأولية فى السوق، واحتلت مكانة جيدة ضمن الـ 4 الكبار، ولكن كانت هناك حالة من عدم الانضباط فى النشاط عموماً، إذ كان يستطيع أى شخص إلحاق الضرر بالآخرين، لذا سعيتُ نحو الحفاظ على السمعة الجيدة، ثم قررتُ الخروج من المجال وبيع الشركة عام 1997، وذلك عقب البداية فى 1993.
فى تلك الفترة، تلقيت عرضًا من شركة بريطانية تُدعى “فليميجنز” ذكروا لى أنهم قد وعدوا الرئيس حسنى مبارك بالعمل فى سوق المال المصرية، وقع اختيارهم على شركة “الرشاد” لكونها الوحيدة من فئة الكبار غير مرتبطة بكيانات أجنبية أخرى.
وتم التفاوض فى البداية على مَن يمتلك نسبة الـ 51 %، وفى النهاية اتفقنا على 50 % ، وقبل توقيع العقود عرضوا شراء الشركة بالكامل فى ظل وجود شريك مصرى معهم، وهو “المنصور – المغربي” وتم الاتفاق على رفع قيمة الصفقة بمقدار 3 أضعاف نتيجة لذلك.
بيع «الرشاد» بـ6 ملايين جنيه
● حازم شريف: كم بلغت قيمة الصفقة فى ذلك الوقت؟
م. حمدى رشاد: رأسمال الشركة حينها كان يبلغ نحو 1.5 مليون جنيه.
وتم تنفيذ الصفقة بقيمة 6 ملايين جنيه بما يعادل 4 أضعاف رأسمالها، وكان هذا مبلغًا كبيرًا فى ذلك الوقت، والكثيرين فى سوق المال أبدوا دهشتهم من ذلك التقييم.
● حازم شريف: هل ارتفعت القيمة بعد دخول المنصور -المغربي؟
م. حمدى رشاد: كان هذا المبلغ بعد انضمامه، إذ قدرت قيمة الصفقة قبل ذلك بـ 2 مليون جنيه لاستحواذ “فليمنجز” على 50 % فقط من الأسهم، لتصل إلى 6 ملايين جنيه على كامل الشركة.
وقد قاموا بضم شركة أخرى هى “انتركابيتال” لشركة الرشاد، وقد سددوا وقتها نحو 20 مليون جنيه.
● حازم شريف: المزيد من التوضيح فى هذه القصة هو أن شركة الرشاد كانت من الشركات الكبرى فى السوق، وكانت السوق تحتوى فى ذلك الوقت على شركات مثل “إف جى هيرميس”، وجميع هذه الشركات كانت مرتبطة إما بمؤسسات أو بشركات تعمل فى مجال الطروحات وغيرها من الأنشطة المالية.
قمت ببيع الشركة، وتخارجت تخارج كلى من “الرشاد” وقمت ببيعها لـ”فيلمنجز”، هل تعرف ما الذى وعدوا به مبارك، هل شراء حصة أم استثمار؟
م. حمدى رشاد: حسب ما قيل لى من رئيس شركة فليمنجز، فقد شجعهم الرئيس حسنى مبارك على الدخول للسوق المصرية لتعزيز وجودهم الاقتصادى فى البلاد.
وقال لى إنه وعده بالدخول إلى السوق هذا العام، والسنة أوشكت على الانتهاء، لذا كان من الضرورى تنفيذ الوعد.
● حازم شريف: ماذا فعلت بعد التخارج من “الرشاد”؟
م. حمدى رشاد: قررت التقاعد فعليًا، إذ كنت أمتلك مدخرات من فترة عملى فى أمريكا، وكذلك ما حصلت عليه من أرباح الصفقة، وأعتقدت أن تلك الأموال ستكون كافية لبقية حياتى.
● حازم شريف: تقول هذا فى كل مرة تتقاعد فيها ثم تتراجع وتعود للعمل.
م. حمدى رشاد: فى كل مرة أقرر التقاعد، أجد نفسى أعود للعمل مجددًا، وأخبر الناس دومًا حبى لفكرة التقاعد لدرجة أننى تقاعدت 5 مرات.
● حازم شريف: فى كل مرة تشعر بنشوة غريبة عند قرار التقاعد.
م. حمدى رشاد: ومع ذلك، كان هناك مَن ينتقدنى، حيث كانت نيفين الطاهرى دائمًا ما تقول لي: “لقد تخليت عن القضية”، كلما رأتنى.
بعد التقاعد، عملت كمستشار فى عدة مجالات، كما كنت شريكًا فى شركة للاستشارات المالية والإدارية “ IQ Management Consultancy”، ثم تلقيت اتصالًا من الدكتور مختار خطاب وهو شخصية عظيمة بحق.
● حازم شريف: لكى يعرف الناس مَن هو الدكتور مختار خطاب، فقد كان أول مدير للمكتب الفنى فى قطاع الأعمال، ثم ترقى ليصبح وزيرًا لقطاع الأعمال.
م. حمدى رشاد: بالفعل، اتصل بى وقال: “سمعت أنك تؤمن بالاقتصاد الحر وبالخصخصة، وأرغب فى أن تتولى منصب المدير الفني” وكان الراتب ضئيلًا للغاية، فقلت له مازحًا: “هل هناك أية حوافز أخرى؟” فأجاب: “لا، هذا ما لدينا”، ورغم ذلك، اعتبرتها واجبًا وطنيًّا، ووافقتُ على تولى المسؤولية وعملت معه، وفى عام 2003، تغيرت حكومة عاطف عبيد.
● حازم شريف: جاءت المجموعة الوزارية الجديدة بقيادة أحمد نظيف، هناك سؤال يتعلق بالمرحلة الخاصة بـ عاطف عبيد، هناك شيء قد لا يعرفه الناس، وربما أثار ضجة وهو عن أحمد الزيات أو إفرايم الزيات، إن جاز التعبير.
ولمن لا يعرف، أحمد الزيات وهو شاب مصرى يعيش فى أمريكا، قرر الدخول فى منافسة لشراء شركة الأهرام للمشروبات، التى كانت تعتبر الشركة الوطنية الوحيدة فى مصر المحتكرة لصناعة البيرة، وذلك من خلال مجموعة الأقصر، التى أسسها خارج مصر، تم تبين فيما بعد أنه قد تحول للديانة اليهودية وأطلق على نفسه إفرايم الزيات.
كانت هذه العملية، فى رأيى، واحدة من أفضل عمليات الخصخصة التى تمت فى تاريخ مصر، رغم الجدل الذى أثير حول شخصية الزيات، سواء بسبب اسمه أو توجهاته، لكن هذا الجانب لم يكن ذا أهمية كبيرة، عند تقييم العملية نفسها.
وأتذكر أننى تعرفت على أحمد الزيات من خلالك، فقد اتصلت بى فى عام 1996، وأخبرتنى عنه وسألتنى حينها إن كنت أعرفه.. هل كنت على دراية باسمه أو بكونه يحمل اسمًا أجنبيًّا؟ هل كنت تعرف عنه شيئًا فى ذلك الوقت.
م. حمدى رشاد: لم أكن أعرف أى شيء عن هذا الموضوع، وبالأخص عن أفرايم وديانته اليهودية، لم أكن على علم بهذه الأمور، معرفتى به جاءت عن طريق أحد أقاربه، ربما تعرفه، اسمه المهندس حسن الشافعي، هو أيضًا قريب لمعتز الألفى، حسن الشافعى تواصل معى وقال لي: “يا حمدى، أحد أقاربى أو أصدقائى قادم إلى مصر للاستثمار فى برنامج الخصخصة، وسأرسله إليك”.
أحمد الزيات حقق 100 مليون جنيه مكاسب فى 24 ساعة من «الأهرام للمشروبات»
وجاء أحمد الزيات، فسألته: “ما الذى ترغب فى فعله؟ فأجاب: “أريد شراء أى شركة من شركات الخصخصة”، كان لدى حينها، ولا يزال، صديق عزيز جدًّا، وهو نائبى فى شركة الرشاد، هو المهندس شريف فؤاد، طلبت منه عرض برنامج الخصخصة على “الزيات” ومحاولة مساعدته.
اتصل بى شريف لاحقًا وأخبرني: “الزيات مهتم حاليًّا بشركات المطاحن”، وبعد فترة، اتصل مجددًا وقال: “الآن أصبح مهتمًا بشركات الأسمنت”، وفى أحد الأيام جاء المهندس شريف غاضبًا قائلًا: “اخرج هذا الرجل المجنون من هنا” فسألته: “لماذا شريف؟” فرد قائلًا: “اهتماماته متقلبة وغير واضحة، يقول إنه يريد العمل، لكن يبدو أنه لن ينفذ شيئًا”، وفى النهاية، ركّز أحمد الزيات على الأهرام للمشروبات.
وبالصدفة فى تلك الفترة، كان حسين شكرى أيضًا متابعًا لهذا الموضوع، فى ظل معرفته بأحمد الزيات، وقد زار نيويورك مرة واتصل بى قائلًا: “يا حمدى، العنوان الذى أعطانى إياه الزيات لا أستطيع العثور عليه هناك!”.
● حازم شريف: للتوضيح، حسين شكرى هو من الجيل الذى بدأ فى سوق المال، وكان لديه خبرة سابقة فى بنوك الاستثمار بالخارج، أعتقد فى جى بى مورغان أو مورغان استانلى، ثم جاء إلى مصر وأسس شركة “HC” للأوراق المالية، التى لا تزال موجودة حتى الآن.
م. حمدى رشاد: “حسين شكرى رجل محترم وعلى خلق، ولم نرى منه شيئًا سيئًا، إذ قام بتحذيرى من الزيات، لكنى وجدت الأخير يسير فى إجراءاته وكنت فى زيارة إلى أمريكا للحديث عن الاستثمار فى مصر، والتقيت الزيات هناك للمرة الثانية وكان معى محيى الدين الغريب رئيس هيئة الاستثمار وقتها رحمه الله، وبصحبة مجموعة الأقصر.
عاطف عبيد تبنى الخصخصة ثم أبطأ وتيرتها عندما تولى رئاسة الحكومة
● حازم شريف: المشكلة تكمن فى أنه نفذ كل تلك الخطوات بدون أن يعرف أحد أن اسمه “افريم”، وأن كل المعلومات التى تم تداولها حينها صحيحة باستثناء معلومة واحدة، أنه لم يكن خريج “هارفارد”، بل إحدى الجامعات الصغيرة.
نعلم أنه من أسرة مصرية أصيلة ووالده علاء الزيات طبيب أسنان كبير، وجده الزيات الأكبر أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة يعتبر شخصية مشهورة، لديها جذور مصرية أصيلة، وخاله معتز الألفى، وأخوه شريف الزيات موجود حتى الآن فى مصر، وكان على علاقة وطيدة جدا بالدكتور عاطف عبيد، ومع أجهزة الدولة المختلفة.
م. حمدى رشاد: الزيات ولد فى مصر باسم أحمد الزيات، ووالده علاء الزيات رجل محترم، وأخوه شريف الزيات، وبدأ التحول الجذرى فى حياته عندما تزوج من امرأة يهودية الديانة.
أما بالنسبة لموضوع جامعة “هارفارد” لم يثبت أنه خريج تلك الجامعة؛ لأنها نفت بشكل رسمى انضمامه إليها، والتقيت أحد أقاربه – دون ذكر اسمه – وسألته عن أحمد الزيات، أكد أن العائلة تبرأت منه، مطالبًا بعدم ذكره مرة أخرى، وفى إحدى المرات أيضا حاولتُ أتواصل معه فى أمريكا وكان يتجنب الحديث معى.
ووجدتُ وقتها أن الصحف الأمريكية تتحدث عنه كونه يمتلك مجموعة من أفضل سلالات الخيول بالولايات المتحدة، وفى نفس الوقت كانت الصحافة الأجنبية تشكك أيضًا فى ذمته المالية، وذلك بسبب الحصول على قروض تمويلية لإحدى شركاته ثم أعلن إفلاسه بعد تهريب تلك الأموال، وتم مطاردته وأشياء من هذا القبيل، وكل ذلك يمثل جزءًا من قصة الزيات التى أعلمها.
وفى نهاية المطاف العملية التى نفذها الزيات فى استحواذه على “الأهرام للمشروبات” جاءت بمثابة “ضربة معلم” إذ حقق مكاسب سريعة، كونه أدخل مستثمرين أجانب للتمويل، عبر طرحها فى بورصة لندن.
● حازم شريف: “الزيات” نفذ الصفقة بدون الأصول، ووافق على انتقال المصنع إلى مدينة العبور بنظام حق الانتفاع لمدة 5 سنوات، مع توليه إدارة الشركة مع مجموعة من الخبراء الأجانب.
والجدير بالذكر أن الدولة سعت لبيع شركة الأهرام للمشروبات بنظام الطرح بالبورصة، بسعر 67 جنيهًا للسهم الواحد، ولكن لم يتم تغطية الطلبات، بينما قام أحمد الزيات بشرائها بسعر 74 جنيهًا، ودفع ما يقرب من 68.5 واستفاد من الكوبون مثل باقى المساهمين فى تلك القصة، ولكن قام ببيع الأسهم بصورة الـ GDR ببورصة لندن بسعر 105 جنيهات للسهم خلال شهر واحد.
م. حمدى رشاد: أعتقد أن وقت تلك الصفقة لم يعرف الزيات باسم “افرايم”.
وأود أن أروى لك شيئًا غريبًا للغاية، عندما كنت أذهب لزيارته فى مكتبه بشركة الأهرام وجدت فى مكتبه المصحف الشريف، وأنه يستمع إلى القرآن الكريم، وتساءلت كيف يعمل رئيس مجلس إدارة شركة لـ”البيرة” وسط هذه المظاهر.
من الواضح أن هناك جزءًا زمنيًّا ساهم فى تحول غريب لشخصيته، وأعتقد أن ذلك تزامن مع زواجه من امراة يهودية، وهناك قصص كثيرة مع الزيات، ومنها مَن يستحق تسجيلها مثل صفقة أهرام للمشروبات، ودور الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
وقد استدعى الرئيس مبارك وقتها كل الأطراف المرتبطة بصفقة الأهرام للمشروبات، وقال لهم كيف يتم بيع شركة الأهرام للزيات، ونحن نعلم أنه سيقوم ببيعها اليوم التالى بضعف السعر، مستنكرًا كيف نسمح بذلك؟!
وجاء رد الحضور على تساؤلات الرئيس مبارك، أن الزيات لا يبيع الشركة، بل خطته لها، أن الصفقة تشمل التنازل عن الأرض القديمة للأهرام أمام جامعة القاهرة والانتقال إلى العبور، وأن الزيات جذب مجموعة من الأجانب للمشاركة فى خطته، ولديه شركة عالمية تتولى إدخال منتجات جديدة.
وعاد “مبارك” ليتساءل مجددًا، لماذا لا تقوم الحكومة باتباع نهج وأسلوب “الزيات” للحصول على سعر أكبر؟! ليتفاجأ الرئيس الأسبق بإجابة المسئولين بعدم قدرتهم على ذلك، ثم وافق فى نهاية المطاف مع وصول عملية بيع “الأهرام للمشروبات” إلى نهايتها تقريباً فى بورصة لندن.
وقد اجتمعتُ مع كل من محمد عبد السلام، رئيس “مصر المقاصة” آنذاك وأحمد الزيات لمناقشة كيفية سداد قيمة الأسهم، ووجدت أن محمد عبد السلام مستاء من تلك الصفقة، ومعترض على تنفيذها، لكن الزيات حصل على موافقة الدولة، وعاطف عبيد والرئيس أيضًا.
● حازم شريف: كان هناك اعتراض من محمد عبد السلام وآخرين على الصفقة بسبب قيمتها وطريقة البيع.
م. حمدى رشاد: الغريب أن أحمد الزيات حقق مكاسب بقيمة 100 مليون جنيه فى 24 ساعة من بيع الأهرام للمشروبات، ورغم ذلك طلب خفض عمولة “الرشاد” التى تولت مهمة سمسار الصفقة، لكن رفضت، وقد ساهمت تلك العملية فى جذب عملاء جدد للشركة فى عام 1996 و 1997.
الرأى العام كان يشكك فى نزاهة برامج بيع الشركات
● حازم شريف: بالفعل قصة الأهرام للمشروبات تستحق إلقاء الضوء عليها كونها ملهمة بتفاصيلها، ولكن دعنى نعود لفترة خروجك من قطاع الأعمال والمكتب الفنى، ولمن لا يعلم تدشين تلك الوزارة فى نهاية الثمانينيات كان من أجل بيع الشركات كهدف رئيسى.. ما تفاصيل تولى منصب المكتب الفنى بالوزارة.. وإلى أى مدى كانت الوزارة تعوق عمليات البيع؟
م. حمدى رشاد: النظام داخل الوزارة كان ضد الخصخصة، ولذلك تقدمت باستقالتى للدكتور مختار خطاب بعد مرور 12 شهرًا تقريبًا.
ويبدو أن المرحوم عاطف عبيد، قد بدأ برنامج الخصخصة وقطع به شوطًا كبيرًا، وعندما تولى رئاسة مجلس الوزراء، تراجع عن تلك السياسة.
● حازم شريف: فى تقديرى أن ذلك التراجع جاء لأسباب سياسية، وإن تخلي عاطف عبيد عن البرنامج جاء لتهدئة الرأى العام والحفاظ على الحكومة.
م. حمدى رشاد: متفق معك، لقد كان الرأى العام فى ذلك الوقت يشكك فى برنامج الخصخصة ونزاهته، وتقدمتُ باقتراح لوزير قطاع الأعمال الدكتور مختار خطاب، يتمثل فى التحول لخصخصة الشركات الخاسرة بدلًا من الرابحة.
ولقى المقترح قبول الوزير، وتم عقد اجتماع فى أحد الفنادق ببرج العرب، مع كل رؤساء الشركات القابضة لشرح التصور وطرق تطبيقه، وهو قائم على ضخ رؤوس أموال فى الشركات الخاسرة، وإضافة خطوط إنتاج وتكنولوجيا جديدة مع امتلاك المستثمر حصة مقابل هذا.
وطلب خطاب من رئيس كل شركة قابضة ترشيح شركتين تصلح لهذا المقترح، لكن فوجئنا بقائمة من الشركات التى لا تتناسب مع ذلك الأسلوب مع مجموعة من التحديات والعوائق التى جاء معظمها نتيجة وقوف رؤساء الشركات القابضة ضد توجهنا.
● حازم شريف: ما خطواتك التالية بعد ترك المكتب الفنى لوزارة قطاع الأعمال فى 2003؟
م. حمدى رشاد: عُدت مجددًا لسوق المال، وقررتُ تأسيس شركة جديدة “الرشاد لإدارة محافظ الأوراق المالية وصناديق الاستثمار” فى 2005، وقدمنا أداء جيدًا للغاية، بجانب الاستحواذ على إحدى شركات السمسرة، وكان كل شيء يسير بصورة إيجابية حتى وقوع الأزمة العالمية فى 2008.
ودفعنى انهيار البورصة والأسواق المختلفة، إلى إدخال شريك جديد لمساندة الشركة، ثم اختلفنا بعد مرور عامين من تلك الشراكة، ثم جاءت الثورة فى 2011، وقررتُ التخارج وبيع هذه الشركات.
وقررت التقاعد مرة أخرى، ثم بيع كيان السمسرة إلى “أرقام الإماراتية”، وحاليًا الشركة تُعد من أكبر الشركات بالسوق المصرية.
تخارجت لصالح مستثمر انجولى يعتزم تبنى فكر الصناديق الإسلامية ولكنه لم ينجح
وفى عهد جماعة الإخوان، تلقيت عرضًا من رجل أعمال أنجولى لشراء شركة إدارة المحافظ وصناديق الاستثمار، وكان مسيحى الديانة، لكنه كان مؤمنًا بفكر الاقتصاد الإسلامى، وتملكته الرغبة فى الاستحواذ على الشركة كخطوة نحو تأسيس صندوق استثمار فى دولة البحرين بمجال الصناديق الإسلامية وفقًا للشريعة الإسلامية.
وقد وافقت على عرض المستثمر الأنجولى، وتم بيع الشركات إلى ذلك المستثمر وكان مدعوماً من جماعة الإخوان.
وتقدم المستثمر الأنجولى بطلب للحصول على رخصة تأسيس صندوق إسلامى فى البحرين فى إطار تدشين كيان كبير متخصص فى الصناديق الإسلامية العربية.
وقام رجل الأعمال الأنجولى بتسليم إدارة شركة “الرشاد” لشخص برتغالى وامرأة من ألبانيا، اللذين اقترحا عدم اقتصار الصندوق على الدول العربية والإسلامية وتحويله لصندوق عالمى، وقد ضخ المستثمر الأنجولى أموالًا كثيرة فى جولات خارجية، منها نيويورك ولندن وماليزيا وسنغافورة.
وعقب ذلك قرر المليونير الأنجولى رفض استكمال ضخ الأموال حتى سقطت الشركة.
● حازم شريف: بعد بيع تلك الشركات ماذا فعلت عقب ذلك؟
م. حمدى رشاد: قمتُ بالعمل كاستشارى فى مناصب مختلفة، كان من ضمنها عضو مجلس إدارة فى هيئة الرقابة المالية، وفى مجالس إدارات شركات عدة، ولم يكن فى ذهنى تأسيس شركات أخرى أو استثمارات جديدة.
● حازم شريف: كل تلك المناصب تعد استشارية ولا تتطلب بذل أية مجهود.
م. حمدى رشاد: بالفعل فى تلك الفترة العمرية أتعامل مع الحياة بشكل بسيط.
كيف واصل الشغف وامتلك الحماس لقيادة «إيجوث» رغم تقاعده 5 مرات؟!
● حازم شريف: لماذا وافقت على منصب رئيس مجلس إدارة “ايجوث”؟
م. حمدى رشاد: الجميع يعلم دور معالى الوزير هشام توفيق فى وزارة قطاع الأعمال العام وفى سوق المال، وكان قد عرض علي مرتين أثناء توليه للوزارة مناصب فى مجلس إدارة شركتين مختلفتين لكنى اعتذرت عنهما، وبعدها علمت أن هناك منصب لـ”ايجوث” كرئيس مجلس إدارة غير تنفيذى، فطلبت منه تولى المسئولية، وأبدى موافقة وتحمس لتلك الخطوة.
● حازم شريف: لماذا تحمست لتولى حقيبة “ايجوث” دون الشركات الأخرى التى عرضت عليك؟
م. حمدى رشاد: الشركات الأخرى كانت بها العديد من التحديات والمشاكل، أما ايجوث فهى فى مجال لطيف، وتعتبر شركة هادئة.
● حازم شريف: ايجوث فى مجال كثير التقلبات والتحديات سواء كانت أزمة عالمية أو عملية إرهابية وغيرها من الأمور التى تؤدى لصعوبة دفع الرواتب.
م. حمدى رشاد: أنا رئيس مجلس إدارة غير تنفيذى، ومنصب التنفيذى هو الذى يتصدى للتحديات والمشاكل، وهذا المنصب يتولاة حاليًّا رجل كفء يتصدى لأية تحديات، وقام بتحقيق أداء جيد.
● حازم شريف: بحكم منصبك حاليًّا.. ما ينقص قطاع السياحة فى مصر بشكل عام؟
م. حمدى رشاد: أعتقد أن السياحة قطاع واعد، والدولة توفر له الدعم بشكل مستمر للتحسن، وتحقيق أداء جيد، وذلك رغم الظروف الجيوسياسية التى نتعرض لها حاليًّا، هناك ارتفاع فى أعداد السياح والإيرادات أيضًا، وهناك فنادق تعمل بشكل جيد جدًّا ولديها إقبال.
صفقة الفنادق التاريخية ممتازة.. وتمثل نجاحاً لنموذج الخصخصة بزيادة رأس المال
● حازم شريف: هل تفضل التعليق على صفقة بيع حصص من الفنادق التاريخية؟
م. حمدى رشاد: أرى أنها صفقة جيدة جدًّا، وتماشت مع سياسة الدولة لزيادة مشاركة القطاع الخاص، ووفرت سيولة دولارية، ومازالت الدولة تمتلك 49 % من تلك الشركات، ويقوم بإدارتها قطاع خاص ممثل فى شركة ايكون التى يديرها طلعت مصطفى المستثمر المصرى.
وهناك تشابه كبير فى طبيعة تنفيذ تلك الصفقة، وطرق الخصخصة التى عملنا عليها عن طريق زيادة رأس المال، إذ وفرت صفقة الفنادق ضخ نحو 700 مليون دولار فى شركة ليجاسى للفنادق المالكة لـ7 فنادق التاريخية، وتتوزع ملكيتها 23.5 % لـ إيجوث، والصندوق السيادى 24.5 % لتصل إجمالى المساهمات الحكومية نحو 49 %، وباقى الحصة لطلعت مصطفى وشركاء من الإمارات.
وأرى بشكل عام أنها صفقة ممتازة مثل اتفاق رأس الحكمة أيضًا.
● حازم شريف: لقد ممرت برحلة طويلة جدًّا ومليئة بالأحداث والتغيرات سواء على صعيد طبيعة العمل أو جغرافيا المكان ذاته أو عدد مرات التقاعد.. كيف تستطيع الاستكمال والمواصلة؟
م. حمدى رشاد: الحمد لله، رزقنى الله الصحة والفكر والقدرة على الدخول فى الفرص المختلفة، وإنى غير متمسك فى شيء محدد فى الوظائف المختلفة والجغرافيا، ولكن يظل حبى لمصر والوطن على المستوى الجغرافى، وليس لدى استعداد لتركها.
أما فيما يتعلق بخروجى على المعاش دائمًا فى كل مرة يدور فى ذهنى أننى لن أتولى أية مناصب مجددًا، ولكن بعدها أتلقى فرصًا تدفعنى للعودة مرة أخرى للعمل.
عصام عميرة
ياسين محمد