فى ظل المخاوف العالمية من حدوث ركود اقتصادى عالمى أصبح يلوح فى الأفق قريباً، وفى ظل التخوف من تذبذب أسعار الفائدة مما يؤثر سلباً على الأموال المودعة أو القروض الممنوحة من أجل الاستثمار أو التوسع، فى ظل كل هذه التخوفات ظهرت تكهنات بأن المعدن الأصفر (الذهب) أصبح الملاذ الآمن للاستثمار، وأيضاً أفضل أداة للتحوط ضد التضخم والمخاطر المستقبلية القريبة والبعيدة.
فقد ارتفعت أسعار الذهب عالمياً حيث عادت إلى مستوى 2000 دولار للأونصة حيث ازداد الطلب العالمى على المعدن الأصفر فى ظل توقعات بانخفاض الطلب على الدولار الأمريكى فى الفترة المقبلة.
إذ تستعد الأسواق المالية لبدء “الاحتياطى الفيدرالى الأمريكي” تغيير سياساته النقدية وتخفيض الوتيرة القوية لرفع أسعار الفائدة التى تبناها طوال العام الماضي، وبالتالى الضغط على أداء الدولار الأمريكى الفترة المقبلة.
وفى ضوء قيام الفيدرالى الأمريكى بتخفيض الفائدة فى 18 سبتمبر من العام الحالى للمرة الأولى منذ عام 2020، وذلك بواقع 50 نقطة أساس بحيث أصبحت تتراوح بين 4.75 و%5 ويتجه إلى خفض إضافى مماثل بحلول نهاية 2024 اتجه المستثمرون إلى البترول الأصفر (الذهب) للحفاظ على قيمة الأموال التى يمتلكونها وعدم خفض قيمها بالفائدة واتجه الكثير منهم إلى سحب الودائع ومن ثم ادخارها فى الذهب شراءً وادخارًا.
ويمكن القول إن الذهب يعتبر من أقدم وأشهر المعادن النفيسة التى اتُخذت كوسيلة للحفاظ على الثروة. على مر العصور، احتفظ الذهب بمكانته كملاذ آمن يُقبل عليه المستثمرون فى أوقات عدم اليقين الاقتصادى والأزمات المالية. فى هذا المقال، سنستعرض الأسباب التى تجعل الذهب يعتبر الملاذ الآمن للاستثمار، وكذلك بعض العوامل التى تؤثر على سعره.
تاريخ الذهب كملاذ آمن
منذ العصور القديمة، استخدم الذهب كعملة وقيمة تخزين. فى الحضارات القديمة، يُستخدم فى صناعة المجوهرات والأدوات، مما جعله رمزًا للثراء. ومع الزمن، أصبح بمثابة معيار للقيمة فى العديد من الاقتصاديات، حيث كان يُربط سعر العملات به.
لماذا يُعتبر الذهب ملاذًا آمنًا؟ يعد الذهب ملاذًا آمنًا لعدة أسباب تتمثل فيما يلي:-
– الطلب العالمي: الذهب عليه طلب عالمي، سواء فى الأسواق المالية أو فى الصناعات المختلفة، مثل صناعة المجوهرات والإلكترونيات. هذا الطلب المستمر على الذهب يعزز من قيمته.
– سياسة «المركزي»: تحتفظ البنوك المركزية بكميات كبيرة من الذهب كجزء من احتياطياتها. عندما تزيد البنوك المركزية من مخزونها من الذهب، فإن ذلك يعكس الثقة فى الذهب باعتباره قيمة مستقرة نوعًا ما وغير متقلبة.
– عدم الارتباط بالأسواق المالية: يميل سعر الذهب إلى التحرك فى اتجاه معاكس للأسواق المالية. خلال فترات الركود أو الأزمات المالية، ينخفض سعر الأسهم بينما يرتفع سعر الذهب، مما يجعله وسيلة فعالة لتقليل مخاطر الاستثمار.
– الحماية من التضخم: مع تزايد معدلات التضخم، قد تفقد العملات قيمتها الشرائية، بينما يحتفظ الذهب بقيمته على مر الزمن. التاريخ يظهر أنه فى أوقات التضخم الشديد، يتجه المستثمرون إلى الذهب كوسيلة للحماية من فقدان القيمة.
– الأمان والموثوقية: حيث يعتبر الذهب معدنًا نادرًا، وأيضاً لا يتأثر بالعوامل السياسية أو الاقتصادية المحلية بشكل كبير، مما يمنحه صفة الأمان.
رغم أن الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا، إلا أن سعره يتأثر بعدة عوامل منها:
– الأزمات الجيوسياسية: الصراعات والحروب والأزمات السياسية تؤدى إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن للاستثمار، مما يدفع سعره للارتفاع.
– معدلات الفائدة: تزايد معدلات الفائدة، يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على أسعار الذهب، حيث تفضل الاستثمارات النقدية. بينما عندما تكون الفائدة منخفضة، يزداد الإقبال على الذهب.
– التوجهات الاقتصادية: البيانات الاقتصادية مثل معدلات البطالة والنمو الاقتصادى تؤثر أيضًا على ثقة المستثمرين، وبالتالى على أسعار الذهب.
وختاماً نقول إنه فى عالم متغير يمكن أن يكون مليئًا بالضبابية، يظل الذهب رمزًا للأمان والاستقرار المالي. مع استمرار الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية، من المحتمل أن يظل الذهب الخيار الأمثل للعديد من المستثمرين الذين يبحثون عن حماية أصولهم وزيادة استثماراتهم. على الرغم من تقلبات الأسعار، فإن الذهب يبقى استثمارًا موثوقًا يُحافظ على قيمته على مر الزمن بل وتزداد قيمته على نحو يجعله ملاذًا آمنًا للتحوط فهو استثمار مؤقت يتم بقصد الحد من مخاطر تحركات الأسعار المعاكسة فى أحد الأصول. ونتيجة لهذا فإن الذهب – سواء كملاذ آمن أو وسيلة للتحوط – يشكل شكلاً من أشكال التأمين..
* شركة/ زيلا كابيتال للاستثمارات المالية