اجتمعت التحديات العالمية، بما في ذلك الصراعات الجيوسياسية المستمرة والمتجددة وأزمة المناخ والتضخم المرتفع والآثار المتبقية لجائحة (كوفيد-19)، لتعوق بشكل كبير التقدم في مجال التنمية المستدامة.
ووفق التقرير الأخير لشركة أكسنتشر “Accenture” العالمية للاستشارات الإدارية والخدمات المهنية، يتجه العالم حاليا لتحقيق 17% فقط من أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، ومع قيام القادة العالميين بمعالجة قضايا متعددة في نفس الوقت، أصبح التقدم أكثر تحديا، مما يؤدي إلى توسيع الفجوة بين العمل والأهداف.
ومن المعروف أن العالم يمر بمرحلة حرجة، وإذا تم تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه بشكل مسئول، فإنه قد يعمل على تسريع تأثير الشركات على التنمية المستدامة وسد الفجوة بحلول عام 2030، ولكن ربما حدث العكس حيث مخاطره أو استخدامه بشكل غير مسئول.
ومن ثم.. لا بد من التأمين على مخاطر الذكاء الاصطناعي “الكلاب النابحة”
والجراف التالي يبين الدول الأكثر تضررا من الذكاء الاصطناعي مستقبلا، وفق “ستاتيستا” العالمية:
وقالت جولي سويت، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة أكسنتشر: على مدى الثلاثين عاما الماضية، لم تكن هناك تقنية واحدة، باستثناء الذكاء الاصطناعي، تمكنت من الوقوف أمام الرؤساء التنفيذيين والقول بصدق إنها ذات لها تأثير إيجابي ملموس على كل جزء من مؤسساتهم.
فهم مخاطر جيل الذكاء الاصطناعي
ومن جهته، قال وائل ثروت، خبير التكنولوجيا والرقمنة، إن الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي يحمل وعودا هائلة، يتعين على الشركات أن تستخدمه بمسئولية لتجنب تعريض نفسها والمجتمع لمخاطر كبيرة، بينما تعمل المؤسسات الأكاديمية والحكومات والقطاع الخاص وغيرها من الجهات على توسيع الفهم للمخاطر بشكل مستمر ومحاولة التخفيف منها من خلال الضمانات واللوائح المناسبة.
وأشار ثروت إلى أن التقدم السريع في جيل الذكاء الاصطناعي يعني أن المخاطر قد تتجاوز بسهولة التنظيم، ومن الأهمية بمكان أن تدرك الشركات المخاطر المحتملة لاستخدام جيل الذكاء الاصطناعي، ومن ثم التأمين عليها، كما يساعد الفهم الأعمق للمخاطر الشركات على إرساء حوكمة فعالة، ونشر جيل الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي، وإعداد قوتها العاملة.
وأوضح أن الشركات بالفعل بدأت في دمج قدرات الذكاء الاصطناعي لخلق تأثير حقيقي على التنمية المستدامة، فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل كممكِّن دائري لمعالجة الحواجز اللوجستية والتحليلية التي تحول دون تطوير اقتصاد دائري حقيقي وأن يتدخل كمساعد لفرق البحث لتحديد المواد البديلة الواعدة ودمج مبادئ التصميم المستدام في جميع المنتجات والخدمات، كما يمكن لفرق المشتريات والخدمات اللوجستية أيضا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحسين النقل والمخزونات بالإضافة إلى شبكات الخدمات اللوجستية العكسية المعقدة.
مواجهة التحديات والتعقيدات وزيادة الإنتاجية
ومن جهته، قال أحمد إبراهيم، خبير التأمين الاستشاري، إن الذكاء الاصطناعي العام قادر على تيسير الوصول غير المسبوق إلى معلومات محددة للغاية ومخصصة، وتسريع الابتكار من خلال التفكير المتعدد التخصصات، وزيادة الإنتاجية، وهذه القدرات ضرورية لمساعدة الشركات على مواجهة التحديات المعقدة التي تعوق التنمية المستدامة.
وبيّن إبراهيم أن القطاع الخاص، المسئول عن أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومن ثم فالتأمين ضد مخاطر الذكاء الاصطناعي واجب، لأن القطاع الخاص هو اللاعب الأكبر في إنتاج السلع والخدمات على مستوى العالم، وباعتباره القوة الدافعة وراء الابتكار ونمو جيل الذكاء الاصطناعي، يتمتع القطاع الخاص بفرصة فريدة لقيادة الطريق في تسخير هذه التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة، ومن خلال إعطاء الأولوية لأهداف التنمية المستدامة من خلال استخدام جيل الذكاء الاصطناعي يمكن للقطاع الخاص دفع التأثير الإيجابي وتعزيز أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم.
توسيع نطاق المشاركة والعمل
وقال محمد الغطريفي، وسيط التأمين، إن شركات الذكاء الاصطناعي يمكنها المساعدة في توسيع نطاق المشاركة والعمل، كما يمكن للعملاء والفنيين الاستفادة من التعليمات المخصصة للمساعدة في الإصلاحات، وإطالة عمر المنتج، ويمكن لموردي الاسترداد وإعادة التدوير فصل المواد القيمة عن مجاري النفايات بشكل أكثر فعالية، ويمكنه أيضا المساعدة في تجميع المعلومات، ومساعدة الشركات على تعلّم أفضل الممارسات، وتحسين الاتصال عبر سلسلة القيمة، وتقديم المشورة للجهات التنظيمية بشأن التغيير على مستوى النظام.
وذكر الغطريفي أن التطورات في مجال التكنولوجيا تعمل على تحويل المجتمعات والاقتصادات، ولا بد من التأمين ضد مخاطرها بعد انتشار برامج الفدية على سبيل المثال، وقد استحوذ الذكاء الاصطناعي التوليدي على وجه الخصوص على اهتمام القطاع الخاص بسبب قدرته على إحداث ثورة في الصناعات وإعادة تعريف إستراتيجيات الأعمال.