تتميـز العالـم اليـوم بالتطـور السـريع فـي معظـم المجـالات السياسـية، والاقتصاديـة، والاجتماعيـة، والتقنيـة، وغيـرها، مـا يتطلـب مـن المنظمـات أن الوعي بتلـك التغييـرات المتسـارعة التـي تفرضهـا عليهـا البيئـة الخارجيـة والداخليـة، وأن تقـوم باتخـاذ القـرارات الإداريـة المناسـبة، لكـي تحقـق النجـاح المنشـود.
ويتوقف مقـدار النجـاح الذي تحققـه أي منظمـة إلـى حـد كبيـر علـى قـدرة وكفـاءة قيادتهـا علـى اتخـاذ القـرارات المناسـبة، علـى اعتبـار أن كل وظيفـة مـن وظائـف الإدارة مـن تخطـيط، وتنظيـم، وتوجيـه، وتنسـيق ورقابـة، يتـم داخلهـا عمليـة اتخـاذ قـرارات، ومـن هنـا أصبحـت عمليـة اتخـاذ القـرار محـور العمليـة الإدارية.
ويجب التفريق بين صنع القرار، واتخاذ القرار، وحل المشكلة، فعملية صنع القرار تتضمن كل مراحل القرار التي تبدأ بتحديد المشكلة وتحليل أسبابها وتعيين متغيراتها، بما في ذلك جمع البيانات من مصادرها واستعراض الحلول الممكنة وبناء النماذج أو تصميم الحلول والمفاضلة بينها، ومن ثم اختيار البديل الأفضل وتنفيذه، وهذا التوصيف يشمل كل مراحل عملية القرار.
وينحصر اتخاذ القرار في مرحلة المفاضلة واختيار البديل المناسب، وتعد عملية اتخاذ القرار الإداري جوهر العملية الإدارية ومحور نشاط الوظيفة الإدارية، وهي عملية اختيار الإستراتيجية أو الإجراء، وهذه العملية منظمة ورشيدة وبعيدة كل البعد عن العواطف، ومبنية على الدراسة والتفكير الموضوعي للوصول إلى قرار مرضي أو مناسب.
ويمكن الاستزادة في ذلك الشأن من عبر مطالعة دراسة بن منصور الهام:
وتعد عملية اتخاذ القرارات عملية اختيار بديل واحد من بديلين محتملين أو أكثر، لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف، خلال فترة زمنية معينة، في ضوء معطيات كل من البيئة الداخلية والخارجية المتاحة للمؤسسة.
وتبقى عملية اتخاد القرار مرحلة متقدمة في العملية الإدارية، والمراحل السابقة مقدمات أساسية للقرار السليم على الرغم من أنه في كل مرحلة تظهر، لكنها تتجسد في مرحلة اتخاذ القرار، وغالبا ما تكون نتيجة القرار، وخاصة فيما يتعلق بالمشكلات، حلول توفيقية تركيبية ما بين الإمكانات المتاحة والحاجات والمتطلبات المفروضة، وهذا ناتج عن كون عملية صنع القرار تحتوي على المفاضلة والاختيار والتصنيف والترتيب بين الإمكانات المتاحة والأهداف المرسومة.
والجراف التالي يبين تطور الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المصري منذ 2002/2003 وحتى 2022/2023، وفق بيانات اتحاد التأمين:
الأساليب التقليدية في اتخاذ القرار
تعتمد الأساليب التقليدية في اتخاذ القرار على أسلوب التجربة والخبـرة، ويكتسـبها المديــر مـن خـلال الخبــرة والتجـارب السـابقة التـي مارسـها وعمليـات اتخـاذ القـرار التـي شـارك فيهـا ومـن خـلال البـرامج الإداريـة التـي أشـرف عليهـا، وكذلـك الوقـت الـذي يقضيـه فـي التفكيـر، والتحليـل والتقويـم للمواقـف السـابقة، والتـي كونـت صـورة شـاملة فـي ذهنـه، والتـي بدورهـا تكـون المعرفـة والخبـرة لـدى متخـذ القـرار.
وهنـاك جدليـة فـي اسـتخدام أسـلوب الحكـم الشـخصي، لكونـه يعتمـد علـى الحـدس الشـخصي لمتخـذ القـرار، ونظرتـه لمـا يعتمـد علـى خبـراته السـابقة، وخلفياتـه الثقافيـة، والمعلومـات المتوافـرة لديـه هـو للأمـور مـن منظـوره الشـخصي، وبالتالـي يفتقـد للأسـاس العلمـي، لذلـك فـإن نجـاح هـذا الأسـلوب يعتمـد علـى مـدى نجـاح قـدرة متخـذ القـرار فـي فهـم المعلومـات والتعامـل معهـا، وتقديـرها لاختيـار القـرار الأنسـب.
ويُعنى أسلوب دراسة الآراء وتحليلها اعتمـاد المديــر علـى البحـث ودراسـة الآراء والاقتــراحات ليتمكن على ضوئها من اختيار أفضل بديل، وتشمل هذه الآراء والاقتـراحات تلك التي يقدمها المستشارون والمتخصصون، والتـي تسـاعد فـي تسـليط الضـوء علـى المشـكلة محـل القـرار، وتمكـن المديـر مـن اختيـار البديـل الأفضـل.
ويعد أسلوب إجراء التجارب متخصـصا فـي تولـي متخـذ القـرار نفسـه إجـراء التجـارب، وأخـذ الاعتبـار في جميـع العوامـل الملموسـة وغيـر الملموسـة، والاجتماعـات المرتبطـة بالمشـكلة محـل القـرار، حيـث يتوصـل مـن التجـارب إلـى اختيـار البديـل الأفضـل، معتمـدا على الخبرة الشخصية.
ويمكن الاطلاع على الدراسة التالية للاستزادة من الأساليب السابقة:
وتــرتبط عمليـة اتخـاذ القـرار ارتباطا وثيقا بالمهمات الرئيسـة للقائـد، والتـي تتطلـب اتبـاع أسـلوب الحكـم، والقيـاس، والبعـد عـن أسـلوب التخميــن والحـدس، لأن القائـد هـو الـذي يمتلـك سـلطة اتخـاذ القـرار، وهـو الـذي يتحمـل نتائـج وتبعـات القـرار، ومـع أن عمليـة اتخـاذ القـرارات تعتبـر مـن أصعـب العمليـات الإداريـة التـي تواجـه القـادة فـي الظـروف العاديـة، فإنهـا تكـون أشـد صعوبـة أثنـاء الأزمـات، حيـث يكـون متخـذ القـرار تحـت تأثيـر ضغـوط مختلفـة، منهـا محدوديـة الوقـت، والضغـوط الداخليـة، والخارجيـة التـي تسـاهم فـي تصعيـب مهمـة اتخـاذ القـرار علـى القائـد.
ويواجه متخـذ القـرار صعوبـة اتخـاذ القـرار أثنـاء الأزمـات، ويــرجع ذلـك لعـدم الوضـوح، وعـدم القـدرة علـى الاعتمـاد علـى نظـام محـدد، أو مقيـاس، بالإضافـة إلـى عـدم تشـابه الأزمـات، ممـا يجعـل القـرارات تتصـف بعـدم التأكـد والتعقيـد والتدخـل العاطفـي ومقاومـة التغييــر، وبنـاء علـى ذلـك، فـإن مواجهـة الأزمـات تتطلـب وجـود قـادة لديهـم اسـتعداد مسـبق للتعامـل مـع الأزمـات، ولديهـم الخبــرة والمهـارة الكافيـة لتسـهيل الوصـول للقـرارات المناسـبة عنـد الحاجـة إليهـا.