في عصر يشهد تحولات جذرية على مستوى الاقتصاد العالمي، برزت مصر كقوة رائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال إطلاقها للسندات الخضراء، التي أصبحت رمزا للتوجه نحو الاستدامة البيئية والاقتصادية، وإشارة قوية إلى العالم بأن المنطقة قادرة على تبني الابتكار في مواجهة التحديات البيئية المتزايدة.
فإصدار السندات الخضراء ليس مجرد وسيلة لجذب الاستثمارات، بل هو نموذج يوضح كيف يمكن للدول أن تدمج بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، بينما تمثل هذه الخطوة مصدر إلهام لباقي دول المنطقة، حيث تسلط الضوء على الإمكانيات التي يمكن تحقيقها عندما تتضافر الإرادة السياسية مع الابتكار المالي.
ومن هنا، ينبثق التأمين، الذي يمكن أن يتخذ من هذا النجاح المصري نقطة انطلاق نحو مسار جديد يدعم الاستدامة والابتكار في القطاع، فالسندات الخضراء تسعى إلى تمويل المشاريع البيئية المستدامة، بينما يمكن لقطاع التأمين أن يتخذ من هذه المبادرة مثالا يحتذى به في تطوير منتجات تأمينية تدعم المشاريع التي تسعى للحفاظ على البيئة وتقليل المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وفي هذا الشأن، قالت أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي، إن التأمين وإعادة التأمين لا يقتصر فقط على الحماية من المخاطر، بل يمتد ليشمل تعزيز الاستثمارات في المشاريع الخضراء التي تشكل أساسا لمستقبل أكثر استدامة.
وذكرت “الماحي” أن تجربة مصر في إصدار السندات الخضراء، قد أصبحت مصدر إلهام في كيفية التعامل مع التحديات البيئية، وتحويل هذه التحديات إلى فرص اقتصادية، بينما يمكن لهذا الإنجاز أن يحفز قطاع التأمين على تبني ممارسات جديدة تتماشى مع الاستدامة والابتكار، ما يعزز من دور هذا القطاع في دعم التحولات الاقتصادية والبيئية الكبرى التي تشهدها المنطقة والعالم.
وأشارت إلى أن المنتجات التأمينية الموازية والمعدة للسندات الخضراء تُعد أدوات حيوية لدعم وتمويل المشاريع البيئية المستدامة، فهذه المنتجات تتماشى مع أهداف السندات الخضراء، التي تهدف إلى تمويل مشاريع صديقة للبيئة، مثل الطاقة المتجددة والنقل المستدام والبنية التحتية الخضراء.
وأوضحت أن تأمين مشروعات الطاقة المتجددة يشمل طاقة الرياح والطاقة المائية، ويغطي هذا النوع من التأمين المخاطر المرتبطة ببناء وتشغيل هذه المشروعات، مثل الأضرار الناجمة عن الظروف الجوية القاسية أو فشل المعدات.
وبينت أن التأمين على كفاءة الطاقة يهدف إلى تغطية المخاطر المتعلقة بمشروعات تحسين كفاءة الطاقة في المباني أو المنشآت الصناعية، ويشمل ذلك التأمين ضد الخسائر الناتجة عن عدم تحقيق وفورات الطاقة المتوقعة.
وأوضحت أن التأمين يتكفل بتعويض الأضرار التي قد تحدث للبيئة نتيجة لأنشطة الشركات، بينما يمكن أن يشمل التأمين تغطية التكاليف المرتبطة بالتنظيف البيئي أو التعويض عن الأضرار التي لحقت بالبيئة نتيجة للمشروعات الممولة بالسندات الخضراء.
وتابعت أن التأمين على تعويضات الكربون، يدعم الشركات التي تشارك في أسواق الكربون أو تسعى للحد من الانبعاثات، ويغطي ذلك النوع مخاطر فشل المشروعات في تحقيق تخفيضات الانبعاثات المطلوبة.
والجراف التالي يوضح تطور نسب الاحتفاظ لصناعة إعادة التأمين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط للفترة 2017 – 2021، وفق بيانات “ستاتيستا” العالمية:
وذهبت “الماحي” إلى أن التأمين ضد المخاطر المناخية يغطي المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية، مثل الفيضانات والجفاف أو الأعاصير التي قد تؤثر على المشاريع الممولة بالسندات الخضراء، ويساعد هذا التأمين على حماية المشروعات من الآثار المالية السلبية لهذه الأحداث.
وأفادت بأن التأمين على الغطاء النباتي والأراضي الزراعية يستهدف حماية الغابات والمزارع التي تُستخدم لأغراض الحماية البيئية أو كمشاريع زراعية مستدامة، ويغطي التأمين الخسائر الناجمة عن التغيرات المناخية أو الكوارث الطبيعية.
ووضحت أن التأمين ضد المخاطر السياسية يحمي الاستثمارات في المشروعات الخضراء من المخاطر السياسية، مثل تغيير السياسات الحكومية أو المصادرة أو الاضطرابات السياسية التي قد تؤثر على تنفيذ المشرعات.
واستطردت أن التأمين ضد المخاطر الاقتصادية يغطي المخاطر المالية التي قد تواجه المشروعات الممولة بالسندات الخضراء بسبب تقلبات السوق أو التغييرات في أسعار المواد الأولية.
وختمت بأن هذه المنتجات التأمينية المصممة لدعم السندات الخضراء إنما تعزز من استقرار المشروعات البيئية، وتمكن المستثمرين من تحقيق عوائد مستدامة، بينما تساهم في تحقيق الأهداف البيئية العالمية.