وضعت الهيئة العامة للتنشيط السياحى، خطة متكاملة لاستعادة الرواج، محورها الأهم «الرهان على الثقافة»، وأبرز أدواتها خفض رسوم هبوط الطائرات فى محافظتى أسوان والأقصر بنسبة 75% دفعة واحدة.
الهيئة التى تعمل كذراع ترويجية لوزارة السياحة، تسعى لتعويض جانب مما فقدته موارد مصر من النقد الأجنبى فى أعوام الثورة.. فالقطاع الذى حقق 12 مليار دولار إيرادات عام 2010 عبر 14.5 مليون زائر، تقلصت مساهمته فى الموارد الأجنبية إلى 5.9 مليار دولار فقط عام 2013 الذى شهد تناقص أعداد الوفود إلى 9 ملايين.
السفير ناصر حمدى رئيس هيئة تنشيط السياحة أكد فى حوار مع «المال» أن الاستراتيجية الرئيسية لعمل الهيئة تستهدف بشكل أساسى العودة إلى معدلات 2010 الذى يمثل عام الذروة بالنسبة للقطاع، وهو ما يتطلب العمل على عدة محاور منها تحسين الصورة الذهنية لمصر، واستعادة النظرة الايجابية للمقصد المحلى.
وأضاف حمدى أن الهيئة عملت على تنظيم رحلات تعريفية للمقاصد المختلفة فتمت دعوة الصحافة العالمية العامة، وليس المتخصصة فقط فى صناعة السياحة، واستضافة وفود أمنية من جميع الدول للوقوف على الوضع الأمنى، والمجهود الذى تبذله الجهات المعنية مثل القوات المسلحة والشرطة ووزارة السياحة لتأمين الوفود، لإعطاء رسالة طمأنة قوية عن الوضع المصرى.
وتابع رئيس الهيئة العامة للتنشيط السياحى أن تلك الإجراءات ساهمت فى رفع عدد واسع من الدول تحذيرات السفر عن المقاصد المصرية والتى صدرت مرتين منذ 30 يونيو 2013.
وتجدر الإشارة إلى أن عددًا من الدول عدلت تحذيرات السفر لمصر وكان فى مقدمتها المانيا وايطاليا ثم الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأكد السفير ناصر حمدى أن الهيئة كانت حريصة على إجراء حملات تعريفية لمنظمى الرحلات لمعاينة الفنادق والاتوبيسات السياحية للتأكد من عدم تدهور الخدمات المقدمة بعد انخفاض الطلب، وقال: «اعتمدنا على خطط تكتيكية واضحة المعالم لاستعادة الحركة الوافدة».
جولة جديدة فى المنطقة العربية
وكشف السفير ناصر حمدى عن سعى الهيئة لإطلاق المرحلة الثانية من حملة السياحة العربية «وحشتونا» مطلع ديسمبر المقبل بالتزامن مع اجازات منتصف العام ولكن دون تحمل وزارة السياحة أى حوافز على غرار ما تم فى المرحلة الأولى التى تكفلت فيها الوزارة بجزء من تكلفة تذاكر الطيران.
ولفت حمدى إلى أن المرحلة الأولى من الحملة التى أطلقتها الوزارة مطلع مايو الماضى شهدت طلباً عالياً وبالتالى قررت الوزارة الانسحاب من عمليات الدعم والتحفيز الذى يستهدف بالأساس التقليل من حجم المخاطرة بالنسبة لمنظمى الرحلات.
وأضاف أن الهيئة تعمل على أدوات أخرى لتنشيط السياحة العربية مثل إجراء حملات تسويقية مختلفة من بينها رعاية الوزارة لبرنامج استكشاف المواهب «Arab Idol» الذى يعد من أكثر البرامج مشاهدة فى العالم العربى، وفق وصفه.
وذكر السفير ناصر حمدى أن هناك حملات إعلانية عبر لافتات الطرق «out door» داخل الدول العربية والخليجية مثل الكويت والإمارات والسعودية، لافتاً إلى أن الهيئة تخطط لتوسيع تلك الحملات بحيث تشمل الأردن ولبنان كما يتم التنسيق مع غرفة الفنادق لتقديم عروض مميزة لكلا الدولتين.
وأكد أن التقييم العام للسياحة العربية خلال الشهور الماضية يشير إلى تحسن كبير، فعلى سبيل المثال زادت أعداد الوفود السياحية من دولة الإمارات بنسبة 300% خلال شهر أغسطس الماضى وارتفعت الوفود السعودية بنسبة %267، وبنسبة 266% من الكويت بينما زادت أعداد القادمين من الأردن بنسبة 155% خلال نفس الشهر.
خطة إنعاش للسياحة الثقافية
وكشف رئيس الهيئة العامة للتنشيط السياحى عن وجود خطة لإنعاش السياحة الثقافية الوافدة لمصر خلال الفترة المقبلة مع التركيز على محافظتى «الأقصر» و«أسوان».
وأوضح السفير ناصر حمدى أن الخطة تشمل تخصيص 30% من موازنات المكاتب الخارجية لتدعيم وتحفيز السياحة الثقافية، مشيراً إلا أن مرحلة مابعد الثورة فرضت على الوزارة تخصيص كامل الميزانية لصالح السياحة الشاطئية نظراً لعدم وجود اى طلب على الشق الثقافى.
وتابع أن الهيئة قررت تخصيص جناح كامل للترويج لمنتج السياحة الثقافية فى جميع المعارض الدولية التى ستتم إقامتها خلال الفترة المقبلة بالتوازى مع إنتاج فيلم ترويجى للمناطق الأثرية يتم عرضه نوفمبر المقبل إلى جانب تدشين حملات ترويجية فى الأسواق الرئيسية المصدرة للسياحة الثقافية مثل «بريطانيا» و«ألمانيا» و«ايطاليا» و«روسيا» و«فرنسا».
الاستعانة بمسار العائلة المقدسة والملكة «نفرتارى»
قال السفير ناصر حمدى: من ضمن الآليات التى سيتم الاعتماد عليها للترويج للسياحة الثقافية إطلاق منتج مسار العائلة المقدسة خلال احتفالية كبرى بحضور وزير السياحة والبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية يوم 21 أكتوبر المقبل.
وأعلن عن نية الهيئة لإطلاق سلسلة من المهرجانات والأحداث الترويجية داخل المناطق الثقافية من بينها تنظيم حفلات لنجوم الغناء العربى ومنهم ماجدة الرومى ونانسى عجرم، لافتاً إلى أن تلك الحملات تساهم فى نقل صور إيجابية عن المقاصد المصرية.
وقال إن وزارة السياحة تستعد لعقد اجتماع لأكبر تحالف لمنظمى الرحلات الألمان بحضور 800 شخصية فى محافظة الأقصر يوم 16 أكتوبر المقبل لافتاً إلى أن المشاركين سيقومون بتقييم وضع المنشآت الفندقية والمراكب العائمة بالمحافظة.
وأضاف السفير ناصر حمدى: سنقيم احتفالية عملاقة بمناسبة مرور 110 أعوام على اكتشاف مقبرة الملكة «نفرتارى» فى نوفمبر المقبل بمحافظة الأقصر بالتعاون مع الجانب الإيطالى وسنستغل الحدث فى الترويج لمصر وخلق طلب مرة أخرى.
وكشف حمدى عن وجود اتفاق مع وزارة الثقافة لبدء حملات ترويجية تعرض خلالها مقبرة «توت عنخ آمون» بدول أمريكا اللاتينية لأول مرة، على أن يبدأ العرض فى المكسيك ثم البرازيل والأرجنتين ثم باقى الدول.
مزايا وحوافز لمنظمى الرحلات
ولفت حمدى إلى أن خطة تنشيط السياحة الثقافية تتضمن إعطاء مزايا نسبية وحوافز كبيرة لمنظمى الرحلات الوافدين لـ«أسوان» و«الأقصر» على أن ترتفع قيمة الحوافز كلما زادت نسبة الاشغال بالطائرة.
وأضاف: الأمر لا يقتصر على ذلك فقط بل يمتد إلى منح تخفيض فى رسوم الاقلاع والهبوط داخل مطارات «الأقصر» و«أسوان» بنسبة 75% اعتباراً من مطلع نوفمبر المقبل وحتى نهاية أكتوبر 2015، على أن تتمتع منطقة «طابا»، بنفس المزايا.
وأكد «السفير ناصر حمدى» أن وزارة السياحة ستقوم بسداد التخفيضات الممنوحة لمنظمى الرحلات لوزارة الطيران المدنى ممثلة فى الشركة القابضة للمطارات، على أن تتمتع بها رحلات الطيران غير المنتظم «الشارتر» و«المنتظم» و«منخفض التكلفة».
وكشف »حمدى» عن تحمل وزارة السياحة ما يقرب من 75% من تكاليف حملات الدعايا المشتركة التى سيطلقها منظمو الرحلات الأجانب للترويج للمقاصد الثقافية، مقارنة بـ50% كانت تتحملها الوزارة فى وقت سابق، أى أن نسبة المخاطرة قليلة جداً.
وأكد رئيس الهيئة العامة للتنشيط السياحى أن الوزارة تستهدف استعادة الطلب على منتج السياحة الثقافية اعتباراً من صيف 2015، إلى جانب جذب أكبر عدد من منظمى الرحلات الذين لم يحسموا قرار السفر بعد، بخلاف النوع الثانى الذى استقر على السفر منذ 6 أشهر.
تحسين الصورة الذهنية
وفى اتجاه آخر، أوضح السفير ناصر حمدى رئيس هيئة التنشيط السياحى، أن الدور الذى ستقوم به شركة العلاقات العامة الدولية التى تعاقدت معها الحكومة لتحسين الصورة الذهنية لمصر، وهى «هيل آند نولتون العالمية»، يتمثل فى نقل الجوانب الايجابية لما يحدث فى مصر، خاصة أن الصحف الأجنبية ركزت على الأحداث السلبية فقط طوال الفترة الماضية.
وقال: «هيل آند نولتون» ستنقل للصحف العالمية ما تم إنجازه من خارطة الطريق السياسية والاقتصادية وكذلك المشروعات القومية التى أعلن عنها رئيس الجمهورية مثل مشروع محور قناة السويس.
وأضاف رئيس الهيئة العامة للتنشيط السياحى أن الهيئة أجرت تعاقدات مع 17 شركة علاقات عامة للترويج للمقاصد السياحية فى جميع دول العالم، فعلى سبيل المثال تعاقد مكتب السياحة التابع للهيئة فى ألمانيا مع شركة علاقات عامة للترويج للمقاصد السياحية وتحسين الصورة الذهنية.
وأكد السفير ناصر حمدى أن شركة العلاقات العامة ساعدت الهيئة على اختيار الكتاب الصحفيين الأكثر تأثيراً فى ألمانيا لإجراء تقارير ميدانية عن الوضع فى مصر.
وعن التكلفة المالية التى تتحملها الهيئة نظير التعاقدات مع شركات العلاقات العامة، أوضح حمدى أن التعاقد يختلف من شركة لأخرى ويتوقف على نتائج الحملة وحجم التأثير.
وأشار حمدى إلى أن الهيئة تتولى إنفاق الأموال بناء على حجم العوائد، فعلى سبيل المثال يؤدى إنفاق دولار واحد فى روسيا إلى تحقيق عوائد تزيد على 124 دولاراً، بينما يحقق فى ألمانيا نحو 74 دولارًا.
برنامج لإعادة الهيكلة
وأرجع رئيس هيئة التنشيط السياحى قرار تجميد المكاتب السياحية فى كل من سويسرا وكندا واليابان واسبانيا لضعف الحركة السياحية القادمة من تلك الدول، ولكن هذا لا يعنى استبعاد هذه الأسواق من خطة الترويج التى ستتم من مكاتب دول أخرى.
وأضاف: تم على سبيل المثال نقل الترويج فى كندا إلى مكتب الولايات المتحدة، واليابان إلى مكتب الهند، وسويسرا إلى مكتب فرنسا، وكشف عن تشكيل وحدة داخلية بالهيئة للمكاتب الأربعة التى تم تجميدها لمتابعة خطط الترويج من خلال الاستعانة بمديرى تلك المكاتب إلى جانب استمرار عمل شركات العلاقات العامة فى تلك الدول.
وأكد السفير ناصر حمدى أن تجميد نشاط المكاتب الأربعة سيوفر نحو 27.8% من موازنة الهيئة خلال العام المالى الحالى، مشيراً إلى أن اغلاق مكتب اليابان وحده سيوفر نحو 4 ملايين جنيه سنوياً.
كما كشف حمدى أن الهيئة بدأت برنامج إعادة الهيكلة الداخلية من خلال إنشاء وحدات للتسويق الإلكترونى ووحدة للسلك السياحى على غرار السلك الدبلوماسى والتجارى، إلى جانب إعادة النظر فى اللوائح التى تعمل بها الهيئة منذ عشرات السنوات.
وأوضح حمدى أن الهيئة تسعى لتعديل لوائحها لضمان الحرية فى العمل والابداع، وقال: على سبيل المثال لا يمكننا شراء صورة إلا من خلال طرح مناقصة عامة وهو أمر مقيد للغاية.
الاتجاه لـ«الصين» و«الهند»
وعن الإجراءات التى تتخذها الهيئة لتنشيط السياحة الوافدة من الهند والصين، قال حمدى نسعى لتشغيل خط طيران مباشر مع «دلهى» – ثانى أكبر مدينة هندية من حيث الكثافة السكانية – فى فبراير أو مارس 2015 بهدف زيادة أعداد الوفود السياحية القادمة من الهند.
وأشار إلى أن الهيئة بدأت مؤخرًا تنشيط حملات الترويج إلكترونياً فى الهند، لافتاً إلى أن تلك الحملات أظهرت نتائج رائعة، فارتفع الطلب من تراجع نسبته 48% إلى نمو تجاوز الـ22%، مؤكداً أن الهيئة ستطلق حملة جديدة مطلع نوفمبر.
كما كشف عن استعداد رجال أعمال وممثلين لشركات سياحية لزيارة الهند خلال الفترة المقبلة لابرام تعاقدات جديدة مع منظمى الرحلات.
وتابع رئيس الهيئة العامة للتنشيط السياحى أن نفس الإجراءات التى اتخذتها الهيئة بالسوق الهندية سيتم تعميمها على السوق الصينية.
وعلى الرغم من الجهود التى تبذلها الهيئة ووزارة السياحة لاستعادة الحركة السياحة، استبعد ناصر حمدى أن يشهد العام الحالى أى نمو فى أعداد الوفود قائلاً: «العام ضاع منه 8 شهور»، واختتم ناصر حواره مع «المال» بالتأكيد على أن ما تسعى إليه الهيئة فى الوقت الراهن هو ترسيخ فكرة أن المقصد المصرى آمن ولا يوجد ما يعوق العملية السياسية.
بروفيل ناصر حمدى.. من «الخارجية» لـ«السياحة»
تخرج السفير ناصر حمدى فى كلية التجارة جامعة القاهرة عام 1982 والتحق بالسلك الدبلوماسى بعدها بعامين، فعمل قنصلًا بسفارة مصر فى زامبيا ثم انتقل إلى الإدارة المسئولة عن مصر فى الجامعة العربية، وبعدها سكرتيرًا عامًا فى سفارة مصر بإندونيسيا، وعاد لتولى منصب مدير مكتب مساعد وزير الخارجية للعلاقات المتعددة، ثم نائب رئيس البعثة الدبلوماسية فى البرتغال لمدة 4 سنوات.
وتولى حمدى منصب مدير مكتب وكيل أول وزارة الخارجية لمدة عامين، تلاه منصب نائب قنصل جدة، وتم تعيينه نائب مساعد وزير الخارجية لشئون السلك الدبلوماسى وبعدها سفير مصر فى «سنغافورة»، ثم نائب مساعد وزير الخارجية لشئون السلك الدبلوماسى إلى أن تم تعيينه فى منصب رئيس الهيئة العامة للتنشيط السياحى فى نوفمبر 2012.
وبعد شهور، أعلن وزير السياحة عن مسابقة لاختيار رئيس لهيئة التنشيط السياحى ولكن ألغيت المسابقة وتم التجديد لحمدى كرئيس للهيئة لمدة عام.
هيئة تنشيط السياحة.. الترويج بكل الوسائل
تعمل الهيئة العامة للتنشيط السياحى على الترويج للمقاصد السياحية ولديها 17 مكتبًا فى أبرز الأسواق المصدرة للسياحة، ولكنها اتخذت مؤخرًا قرارًا بتجميد 4 مكاتب لها فى اليابان وسويسرا وكندا واسبانيا.
ولدى الهيئة مكاتب داخلية فى مختلف المناطق السياحية وتتولى تقديم المعلومات عن هذه المناطق والاشتراك فى المناسبات والأحداث السياحية واستضافة الوفود والإعلاميين والعمل على حل المشاكل التى تواجه السائحين وتنظيم مهرجانات واحتفالات داخلية للترويج للمقاصد المصرية.