تشبه صناعة إعادة التأمين الحالية رجل ثلج ضخم، حيث تم بناء هيكلها على مدى عقود من الممارسات المستقرة والبنية التحتية الراسخة، ومع ذلك، فرجل الثلج يتسم بالقوة والحجم، لكنه ثابت وغير قادر على التكيف بسرعة مع التغيرات، وكذلك فالصناعة كذلك تعاني من الركود والجمود أمام الابتكار.
تواجه إعادة التأمين تحديات كبيرة، تتمثل في التغيرات المناخية والسياسية والاقتصادية، حيث تتسم بالثبات الذي يمنعها من التكيف السريع مع هذه المتغيرات، بينما يعوق الركود قدرة شركات إعادة التأمين على مواجهة التحديات الجديدة، مثل الكوارث الطبيعية المتزايدة والتغيرات التنظيمية العالمية.
لمناقشة ذلك الموضوع، تواصلت “المال” مع أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي، وقالت إن التأمين الأخضر يمثل أحد الأدوات الرئيسة في كسر جليد الابتكار، من خلال دعم المشاريع البيئية واعتماد الطاقة المتجددة، بينما يمكن لشركات إعادة التأمين أن تساهم في تخفيف الأثر البيئي وتعزيز المسئولية الاجتماعية، والتأمين الأخضر ليس فقط وسيلة لحماية البيئة، ولكنه يمثل فرصة اقتصادية للشركات التي تسعى إلى التميز في سوق متزايد الطلب على المنتجات والخدمات المستدامة.
وأضافت “الماحي” أن إستراتيجيات التأمين الأخضر تساهم في تقليل المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية، فعلى سبيل المثال، الاستثمار في مشروعات البنية التحتية المستدامة يمكن أن يقلل من التعرض لمخاطر الكوارث البيئية، ما يؤدي إلى تقليل الخسائر المحتملة وتوفير التكاليف على المدى الطويل.
وبينت أن الكربون الطوعي نظام يتيح للشركات تعويض انبعاثاتها الكربونية من خلال الاستثمار في مشاريع تعويض الكربون، مثل زراعة الأشجار أو تمويل الطاقة النظيفة، وهذا النهج لا يفرضه القانون، ولكنه يمثل خيارا أخلاقيا وإستراتيجيا يعزز من صورة الشركة ويزيد من جاذبيتها للمستثمرين والعملاء.
والجراف التالي يبين تطور حجم خسائر سوق التأمين بسبب الكوارث العالمية منذ 2005 وحتى 2022، وفق بيانات شركة سويس ري العالمية لإعادة التأمين:
إعادة تشكيل الصناعة
وأوضحت “الماحي” أن تبني شركات إعادة التأمين الكربون الطوعي، يجعلها تبدأ في إعادة تشكيل نفسها، تماما مثل رجل الثلج الذي يبدأ بالذوبان تحت أشعة الشمس ليأخذ شكلا جديدا وأكثر مرونة، ويمكن لهذه الشركات أن تلعب دورا قياديا في دعم الاقتصاد المستدام، ما يعزز من قدرتها على التكيف مع التغيرات العالمية ويحسن من صورتها أمام المجتمع والأسواق.
وذكرت أن شركات إعادة التأمين، مستقبلا، لن تكون قادرة على البقاء في السوق إلا إذا تبنت معايير الابتكار والاستدامة، بينما ستشكل هذه المعايير الجديدة الأساس لنجاح الشركات، حيث سيتم تقييمها بناء على قدرتها على تحقيق التوازن بين الأرباح والاستدامة البيئية والاجتماعية.
وألمحت إلى أن التغير الذي سيحدث في الصناعة يشبه تحول رجل الثلج إلى هيكل مرن وقادر على التكيف، وسيكون هذا الهيكل الجديد قادرا على استيعاب الابتكارات بسرعة وتطبيقها بكفاءة، ما يسمح للصناعة بمواجهة التحديات المستقبلية والتكيف مع المتغيرات بشكل أكثر فعالية.
وختمت بأن كسر جليد الابتكار في صناعة إعادة التأمين ليس مجرد اختيار، بل ضرورة تفرضها التغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، من خلال تبني إستراتيجيات التأمين الأخضر والكربون الطوعي، حيث يمكن لهذه الصناعة أن تعيد تشكيل نفسها وتستعد لمستقبل يتسم بالاستدامة والابتكار.