باتت منظومة الكابلات البحرية الناقلة لخدمات الإنترنت أحد أبرز المقومات العالمية التي لا غنى عنها في الوقت الراهن، لدرجة أن بعض المتخصصين يعدُّونها لا تقل أهمية عن الممرات الملاحية التي تسري من خلالها السفن.
وأكد عدد من خبراء قطاع الاتصالات أهمية قيام الشركة المصرية للاتصالات بتوفير أكثر من مسار بديل للكابلات البحرية، في ظل التوترات السياسية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خلال المرحلة الراهنة؛ بهدف رفع مستويات التأمين لأقصى درجة ممكنة، ومنع احتمالية تعرضها لأي أحداث.
الحناوي: يجب تأمينها على النحو المطلوب تجنبًا لتعرضها لأي أعطال
وقالت الدكتورة هادية الحناوي، أستاذ متفرغ فى هندسة الإلكترونيات والاتصالات فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس، إن طبيعة الكابلات البحرية التي تمر من خلال مصر تمر عبر أكثر من مسار، مبينة أنه ينبغي على مقدم الخدمة السعي لزيادة عدد المسارات التحويلية للكابلات البحرية خلال المرحلة المقبلة؛ بهدف تأمينها على النحو المطلوب وتجنب تعرضها لأي أعطال.
وأشارت الحناوي إلى أن من أبرز الطرق التي يمكن للمصرية للاتصالات انتهاجها، حال حدوث أي أعطال، هو استخدام خدمات الأقمار الصناعية، والتي تسهم في تقديم سرعات عالية، علاوة على كونها من أبرز الطرق التي بات العالم يتجه لها في تقديم خدمات الإنترنت.
وأوضحت أنه في حال تعرض المنطقة لأي أحداث أو هجمات من قِبل الحوثيين، فإن ذلك قد يؤدي إلى انقطاع أحد الكابلات، مما قد ينعكس على تقليل إيرادات الشركة المصرية للاتصالات؛ كونها المصدر الوحيد لمدّ الكابلات البحرية.
وشددت على أهمية زيادة عدد نقاط الإنزال المخصصة للكابلات البحرية الممتدة داخل الحدود المصرية، فضلًا عن المسارات البديلة التي يمكن التحميل عليها في حال تعرض الكابل البحري لأي تلفيات، علاوة على تطوير منظومة الاتصال بالأقمار الصناعية خلال المرحلة المقبلة.
بدوي: خدمات الإنترنت مسئولية قومية
في سياق متصل، رأى الدكتور عمرو بدوي، الرئيس الأسبق لجهاز تنظيم الاتصالات، أنه من الصعب حدوث أعطال لمنظومة الكوابل البحرية الممتدة من الحدود المصرية، خاصة أنها تمر من خلال أكثر من دولة، وهو ما قد يسهم في تجنب حدوث أعطال جوهرية للمنظومة، على حد تعبيره.
وأوضح أنه ينبغي على مقدم الخدمة زيادة عدد المسارات التي يمكنها العمل على تقليل الأعطال والتحميل عليها في حال حدوث أي هجمات من قِبل الحوثيين قد تؤدي لقطع في الكابلات، لافتًا إلى أن خدمات الإنترنت باتت مسئولية قومية.
وأكد أنه في حال تعرض الكابلات البحرية، التي تمر من خلال مصر، لأية هجمات قد تؤدي لقطع أحد الكابلات البحرية، فإن ذلك قد ينعكس بالسلب على تقليل إيرادات “المصرية للاتصالات”.
نجم: تخضع لاتفاقيات دولية.. وتمثل مسارات على غرار قناة السويس
وأوضح خالد نجم، وزير الاتصالات الاسبق، أنه من المستبعَد حدوث أي أعطال لمنظومة الكوابل البحرية الممتدة من خلال مصر، مُرجعًا السبب وراء ذلك إلى كونها خاضعة لاتفاقيات دولية مع دول العالم، وهو ما يزيد معدلات الأمان الخاصة بالكابلات البحرية، ولا سيما أنها تمثل مسارات دولية على غرار قناة السويس.
ورأى أن مصر تمتلك موقعًا جغرافيًّا مميزًا بتيح لها تقديم منظومة واسعة من الكابلات البحرية المغذّية لعمليات الإنترنت، فضلًا عن وجود أكثر من نقطة إنزال للكابلات البحرية، وهو ما يعزز تنافسية مصر على الخريطة الدولية لتقديم خدمات الإنترنت.
وأشار نجم إلى أن الكابلات البحرية، الممتدة من السواحل المصرية، مؤمَّنة بالكامل، خاصة أنه يتم مدُّها على عمق كبير في قاع البحر، وهو ما يعزز أمانها وصعوبة تعرضها لأي تلفيات أو هجمات جوية، لافتًا إلى أنه في حال وجود أي تهديدات أو هجمات، فإن الاتصال بالأقمار الصناعية قد يسهم في حل المشكلة.
وشدد على ضرورة عمل مسارات بديلة لمنظومة الكوابل البحرية بهدف زيادة معدلات تأمينها، وتحقيق أعلى معدلات استفادة ممكنة منها، مبينًا أنه من المستبعد انعكاس ذلك على إيرادات “المصرية للاتصالات”.
كانت الشركة المصرية للاتصالات “وي” قد وقّعت، منذ فترة، اتفاقية مع شركة ميدوسا الأوروبية المتخصصة، للعمل على تطوير منظومة الكابلات البحرية في منطقة الشرق الأوسط.
ويُعدّ النظام البحري “ميدوسا” أكبر نظام كابل بحري في البحر المتوسط، ويزيد طوله عن 8760 كيلومترًا، وسيربط هذا الكابل بين عدد من الدول في أفريقيا وأوروبا، عبر نقاط الإنزال الخاصة به في كل من البرتغال، والمغرب، وإسبانيا، وفرنسا، والجزائر، وتونس، وإيطاليا، واليونان، وقبرص، وليبيا ومصر،
ويسهم هذا النظام في تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتحفيز التنمية الاقتصادية، ودعم الابتكار في مختلف المجالات، مثل التجارة الإلكترونية، والتعليم عن بُعد، والخدمات الصحية الإلكترونية.