ذكر خبير متخصص في شؤون النفط أن السوق اليوم تعيش وضعاً مشابهاً لما عاشته قبل خمس سنوات، إذ إن تخزين النفط على اليابسة في صهاريج التخزين أو في البحر على البواخر وصل إلى مستويات عالية جداً لما تشهده السوق سوى في عام 2009، والسبب الأساسي في هذا يعود إلى أن أسعار تسليم عقود النفط في الأشهر القادمة هي أعلى بكثير من أسعار بيعه اليوم، وهي حالة تعرف في الصناعة باسم “كونتانقو”.
يشار إلى أنه يوجد حالياً نحو 45 مليون برميل من النفط العائم المخزن على السفن بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، إلا أن بعض الجهات مثل شركة انيرجي اسبكتس في لندن تقدره بنحو 50 مليون برميل.
وبحسب المتخصص، وائل مهدي، في تعليق له على وضع السوق النفطي، أوضح أن أسعار خامت برنت القياسي هبطت تحت 100 دولار مع وجود تخمة في المعروض النفطي، وشجع سعر النفط المتدني اليوم الجميع على شرائه وتخزينه لبيعه في الأشهر القادمة مع ارتفاع الأسعار، خصوصاً أن فصل الشتاء قادم ومن الطبيعي أن يزيد الطلب على الخام.
وأوضح بالقول إن وضع الكونتانقو اليوم أجبر التجار على تخزين النفط، وبسبب قلة أماكن التخزين على اليابسة بدأ الجميع في استئجار الناقلات العملاقة (ulcc) أو الضخمة جداً (vlcc) للتخزين. ومن أهم أماكن تخزين النفط على اليابسة للتجار هو جنوب إفريقيا، وذلك لموقعها الاستراتيجي، إذ يمكن شحن النفط منها غرباً نحو آسيا أو شرقاً نحو أميركا الشمالية أو شمالاً تجاه أوروبا بكل سهولة ويسر، إلا أن طاقة التخزين هناك تبلغ 45 مليون برميل، ولهذا أجبر العديد من التجار على التخزين على السفن.
وقال من أبرز صفقات التخزين البحري التي تمت هذا الشهر هو استئجار شركة يونبيك الصينية لناقلة نفط عملاقة اسمها أوروبا (TI) والتي تعد أكبر ناقلة نفط موجودة في العالم وتستطيع تخزين حتى 3.2 مليون برميل عليها.
وتبلغ تكلفة التخزين البحري مبالغ تترواح بين 20 ألفا و40 ألف دولار لليوم الواحد بحسب حجم الباخرة ومكان ترسيتها وتكاليف التأمين.
ولكن ليس كل النفط المخزن على السفن حالياً هو نفط الهدف من تخزينه تجاري، فهناك سفن تقوم بتخزين النفط الإيراني والكردستاني نظراً لصعوبة بيعها، وبالأخص كردستان التي تواجه نزاعات قانونية مع الحكومة المركزية في بغداد على بيع نفطها بصورة مستقلة.
ويبدو أن بعض التجار مجبرون على تخزين النفط لأسباب لا تبدو اقتصادية، إذ إن هامش الربح من تخزين النفط وبيعه مستقبلاً بحسب تقديرات وكالة الطاقة يجب أن يكون في حدود دولار واحد للبرميل حتى يغطي تكلفة التخزين للبرميل، ولكن الهامش حالياً بحسب حسابات وكالة الطاقة يبلغ 0.8 دولار للبرميل أي أقل من دولار.
وإغراءات التخزين لا تتوقف عند التجار فحسب، بل يبدو أن السعودية كذلك مهتمة بزيادة تخزين نفطها في اليابان، ولقد رأينا زيادة في كمية واردات اليابان من النفط السعودي في الوقت الذي انخفضت فيه وارداتها من نفط الشرق الأوسط بصورة عامة. وأرامكو السعودية تمتلك صهاريج تخزين في اليابان كما هو معلوم.