مجتمع الأعمال يقبل تدخل «الجنرالات» فى الحياة الاقتصادية

العربى: السوق فى حاجة لأي استثمارات سواء من المؤسسة العسكرية أو غيرها بشرط السرعة فى تنفيذ المشروعات

مجتمع الأعمال يقبل تدخل «الجنرالات» فى الحياة الاقتصادية
جريدة المال

أحمد عاشور

رجب عزالدين

آية رمزي

1:18 م, الأثنين, 15 سبتمبر 14

شهد مجتمع الأعمال تحولات جذرية فى موقفه إزاء مشاركة المؤسسة العسكرية فى الحياة الاقتصادية، ليتحول من الهجوم على استحياء على استحواذ الجيش على النصيب الاكبر من مشروعات الطرق والبنية التحتية عبر الاسناد المباشر فى منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص، للترحيب والقبول الصامت لاشراف القوات المسلحة على المرحلة الأولى من مشروع قناة السويس الجديدة، وتداول أنباء اشرافه على مشروعات المحور نفسه.

وتكشف ردود افعال رجال الأعمال الايجابية على تصريحات أشرف العربى وزير التخطيط مؤخراً، حول أهمية مساهمة الجيش فى الحياة الاقتصادية، ومشاركته المشروعات المستقبلية باعتباره أمرًا حتميًا لا مفر منه، عن التحول الذى اعترى موقف القطاع الخاص إذ تم استقبال هذه التصريحات بهدوء دون ابداء أى استفسارات، خاصة مع تأكيد العربى على ان السوق فى حاجة لاى استثمارات سواء من المؤسسة العسكرية أو غيرها بشرط السرعة فى تنفيذ المشروعات.

«المال» استطلعت آراء رجال الأعمال بشأن مشاركة الجنرالات فى الحياة الاقتصادية.

بداية يقول الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق، عضو بنك الاستثمار القومى إن اعتبارات الأمن القومى بقناة السويس الجديدة تجعل للمؤسسة العسكرية دوراً محورياً فيها وأن المشروعات اللوجستية والخدمية التى سيتم طرحها للقطاع الخاص بالمشروع ستكون مفتوحة للقطاع الخاص ولكن باشتراطات لاتضر الصالح العام.

الفقى: الاستعانة بـ”القوات المسلحة” فى قناة السويس الجديدة كانت ضرورية

ولم يختلف رأى فخرى الفقى المستشار السابق لصندوق النقد الدولى، الخبير الاقتصادى عن ذلك حيث أكد أن الاستعانة بالقوات المسلحة ممثلة فى الهيئة الهندسية فى الإشراف على شركات المقاولات العاملة فى حفر القناة الموازية لقناة السويس الموازية، كانت ضرورية لما يحتاجه المشروع من انضباط فى العمل وضرورة الانتهاء فى الوقت المحدد والذى تم تقليصه من ثلاثة أعوام إلى عام واحد فقط.

ولفت الفقى إلى أن القوات المسلحة أكثر الجهات ملاءمة لإشراف وإدارة ما يقرب من 50 شركة عاملة بمشروع حفر القناة.

واستبعد التخوفات الدائرة حول تأثر مشاركة القطاعين الخاص والعام بالدور الكبير الذى تلعبه القوات المسلحة، نظراً لما يمكن أن يتوفر لها من مميزات خاصة ومن إسناد مباشر خاصة فى مشروعات البنية التحتية الخاصة بالمحور ككل، وبالتحديد بعد إسناد أولى أبرز مشروعات البنية التحتية بالمشروع إلى القوات المسلحة، والمتمثلة فى تدشين 7 أنفاق 3 منها فى محافظة بورسعيد و4 فى محافظة الإسماعيلية.

هيئة قناة السويس هى المسئولة عن مشروع التنمية بأكمله

وأضاف أن هيئة قناة السويس هى المسئولة عن مشروع التنمية بأكمله، وعن تحويله إلى مركز عالمى مأهول بالمشروعات السياحية واللوجستية والزراعية والصناعية مما سيقتضى التعامل مع الشركات متعددة الجنسيات العملاقة الأجنبية والمصرية، ولن يقتصر الاعتماد فقط على القوات المسلحة، لافتاً إلى أن المنطقة الواقعة داخل سيناء من المحور من المهم أن تكون تحت اشراف القوات المسلحة مباشرة لخطورتها الأمنية.

ولفت إلى أن التحالف الاستشارى الذى تم اختياره لإعداد المخطط العام للمحور مصرى سعودى مستقل عن القوات المسلحة، بخلاف الدور الإشرافى التى تقوم به الهيئة الهندسية على المخطط العام للتأكد من توافقه مع الأمن القومى المصرى، بالإضافة إلى تفتيش الهيئة على مساحة المشروع بالكامل للتأكد من خلوها من الألغام ومخلفات الحروب.

ونفى الفقى وجود علاقة بين هيئة القوات المسلحة وبين تحالف الدار الهندسية، مؤكداً أن العلاقة لا تتعدى وجود بعض الخبراء العسكريين داخل التحالف، لافتاً إلى أن أحوال البلاد حالياً غير مستقرة مما يجعلها فى حالة تشبه حالات الحرب، وانه من الطبيعى فى تلك الفترات اسناد الأدوار الرئيسية للجيش والشرطة.

وتأتى رؤية الخبراء تدعيماً لتصريحات الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، الذى أعلن أن القوات المسلحة ستضطلع بدور رئيسى فى المشروع حيث ستشارك من خلال لجنة متخصصة من ضباط الهيئة الهندسية لإبداء الرأى فى أعمال النشر والتعاقد مع المكاتب الاستشارية العالمية والمحلية فيما يتعلق بالنواحى العسكرية، وبالتنسيق مع هيئة العمليات فى القوات المسلحة.

من جهته، قال أيمن أبوهند مدير الاستثمار بشركة كارتل كابيتال للاستثمار المباشر، إن الحكومة والقوات المسلحة على وجه التحديد ستتولى ادارة عمليات طرح مشروعات المحور على غرار شق التفريعة الجديدة للقناة، وذلك رغبة فى السيطرة على كل أوجه المشروع للتأكد من تنفيذه طبقاً للشروط والمواصفات التى تستهدفها القوات المسلحة.

أبوهند: المؤسسة العسكرية قد تدخل كشريك فى المشروعات الحيوية بقناة السويس

ورأى أن دور المؤسسة العسكرية لن يقف عند هذه الخطوة فقط بل من المرجح أن تدخل كشريك فى المشروعات الحيوية المقررة اقامتها بقناة السويس، وتحديداً اللوجيستية التى ستتعاظم ايراداتها مع نمو حركة التجارة العالمية، فضلاً عن التدخل فى اختيار شركات المقاولات التى ستقوم بتنفيذ المشروعات، سواء المملوكة حينها لمستثمرين بشكل كامل أو تحظى بمساهمات حكومية، مع متابعة تنفيذ المشروع خلال مراحله الزمنية المختلفة.

ولفت إلى أن القوات المسلحة نشطت خلال الفترة الحالية بشكل ملحوظ فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية من الطرق والكبارى ومحطات المياه والضخ والصرف الصحى، وهو ما يعطى مؤشراً إلى أن القوات المسلحة سيكون لها نصيب كبير من تنفيذ المشروعات المطروحة بمحور قناة السويس، خاصة التى ستساهم بها الدولة، كما أنه من المتوقع أن تسند القوات المسحلة هذه المشروعات لشركات مقاولات أخرى من الباطن بهدف توسيع الدائرة التى تنفذها وتشرف عليها عن كثب.

وأضاف مدير الاستثمار بشركة كارتل كابيتال أن الجدوى الاستثمارية للمشروعات المخططة إقامتها ستفتح باباً جديداً امام القوات المسلحة للاستثمار بالقطاع الصناعى أو الخدمات اللوجيستية، خاصة فيما يتعلق بالمشروعات التى تنطوى على اعتبارات أو ابعاد أمن قومى، مشيراً إلى أن الجيش له بالفعل إسهامات صناعية، بما يتيح المجال امامه لتكرار التجربة ولكن فى محور قناة السويس.

وأوضح أبوهند أن القطاع الخاص لديه تحفظات عامة تجاه منافسة الجيش على المشروعات التى تطرحها الحكومة، خاصة مشروعات البنية التحتية المختلفة، ولكن سيكون الأمر هذه المرة مختلفًا باعتبار أن القوات المسلحة هى من تشرف على المشروع بأكمله، وكونه مشروعًا قوميًا عملاقًا يحتاج إلى مساهمة كل مؤسسات الدولة بشقيها العام والخاص، إضافة إلى أبعاد الأمن القومى للمشروع.

سامح: دور القوات المسلحة سيمتد للمساهمة فى المشروعات بمختلف مجالاتها

ويبدو أن توجه استحواذ المؤسسة العسكرية على حصة من المشروعات المطروحة يلقى ترحيبًا مبدئيًا من رجال الأعمال، حيث قال محمد سامح رئيس الاتحاد العربى للاستثمار المباشر، إن دور القوات المسلحة من المؤكد أنه سيمتد للمساهمة فى المشروعات بمختلف مجالاتها، سواء الصناعية أو اللوجيستية استنادًا إلى خبراته وقدراته المالية.

ورحب سامح قائلاً إن جميع المؤشرات تؤكد أن القوات المسلحة ستقوم بالإشراف على طرح مشروعات المحور باعتباره الجهاز الأقوى فى مصر حالياً، وسط ترهل المؤسسات الحكومية الأخرى وضعف قدراتها على ادارة مشروع قومى بحجم محور قناة السويس.

كما أيد منافسة القوات المسلحة على تنفيذ المشروعات، طالما يقدم نفسه كمنافس يستند إلى خبرات وقدرات فنية تؤهله للفوز بمشروعات المحور.

واتفق مع الرأى السابق أحمد عبدالغنى مدير تطوير الأعمال، عضو مجلس الإدارة التنفيذى بشركة ريدج كابيتال، حيث أشار إلى أنه من المتوقع أن تواصل القوات المسحلة إشرافها على المشروع، سواء عبر هيئة قناة السويس أو عبر هيئة اقتصادية متخصصة لضمان دقة تنفيذ المشروعات والالتزام بالجدول الزمنى والمواصفات الفنية.

ورأى أن وجود الجيش كجهة رقابية واشرافية على اسناد ومتابعة تنفيذ المشروع سيحول دون وقوع حالات تلاعب فى عمليات طرح المزايدات أو اسناد المشروعات بالأمر المباشر، الأمر الذى يوفر عنصر الكفاءة والجدوى الاستثمارية قبل أى اعتبارات أخرى.

وتوقع عبدالغنى أن تتجه الحكومة لامتلاك حصص بمشروعات محور قناة السويس استناداً إلى ضرورة المشاركة فى تنمية المنطقة، إضافة إلى توفير تدفقات نقدية مستقبلية من المشروعات التى ستتميز بارتفاع جدواها الاستثمارية.

وفى أثناء التوقعات الكبيرة لمشاركة القوات المسلحة فى مشروعات محور قناة السويس، حاول وزير الاستثمار أشرف سالمان طمأنة القطاع الخاص بتصريح مقتضب خلال جولة لقناة السويس يفيد بأن القطاع الخاص سيكون له الدور الأبرز فى المشروع، وأن محطات الطاقة الكهربائية ومحطات المياه والمشروعات اللوجيستية المقررة اقامتها ستكون مسئولية القطاع الخاص المحلى والأجنبى.

أعد الملف: محمد فضل ـ أحمد عاشور ـ هاجر عمران ـ رجب عز الدين ـ آيه رمزي