في الأزمنة القديمة، لمعت الصين كأرض أسطورية وبعيدة في الفولكلور العربي والحكايات الخيالية العربية.
فعلى سبيل المثال، تدور أحداث حكاية علاء الدين الشهيرة في “ألف ليلة وليلة” في الصين، التي يضفي بُعدها عن الأراضي العربية جاذبية مشوقة للقصة.
وبالتقدم سريعًا إلى القرن الـ21، خرجت الصين، التي كانت أسطورية يوماً ما، من “ألف ليلة وليلة” إلى الحياة اليومية لملايين العرب.
شهدت شوارع القاهرة النابضة بالحياة وجودا متزايدا للسيارات الصينية، في حين كان أسطول من الحافلات الكهربائية الصينية بمثابة العمود الفقري لوسائل النقل العام خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في الدوحة.
مزايا التعاون الصيني – العربي
تعرض معالم بارزة مثل المسجد الكبير في الجزائر ومقر البنك المركزي الكويتي أعمالا نفذتها شركات البناء الصينية. في الوقت ذاته، أصبحت الإلكترونيات والأجهزة الصينية مألوفة لدى الأسر العربية، وتندمج بشكل سلس في الحياة اليومية لتلك الأسر.
ترجع جذور هذا التحول إلى عقود من العلاقات الودية بين الصين والعرب، وخاصة منذ عام 2004، عندما تأسس منتدى التعاون الصيني-العربي. خلال العقدين الماضيين، قام الجانبان بتعميق الثقة السياسية المتبادلة، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والتبادلات الثقافية والشعبية، ما حقق نتائج مثمرة.
وكانت الثقة السياسية دائما بمثابة الأساس المتين للتعاون الصيني-العربي، ولقد حاولت الصين دائما تعزيز السلام والاستقرار في العلاقات الثنائية. في العام الماضي، توسطت الصين في مصالحة تاريخية بين المملكة العربية السعودية وإيران، وهي خطوة ساعدت في تخفيف التوترات داخل المنطقة، وحفزت أيضًا موجة من المصالحات بين الدول العربية وداخل المنطقة الأوسع.
وبعد اندلاع الموجة الأحدث من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في أكتوبر الماضي، ظلت الصين تدعو إلى وقف إطلاق النار، وتسريع تقديم المساعدات الإنسانية، وإيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية.
أما عن الدول العربية، فقد تمسكت دائما بمبدأ صين واحدة ودعمت جهود الصين لحماية سلامة أراضيها.
عُقدت القمة الصينية – العربية الأولى في عام 2022، حيث تعهد فيها الجانبان ببناء شراكة أوثق للمستقبل، ما فتح فصلا جديدا في العلاقات الصينية العربية.
شهدت أيضا التجارة المتبادلة بين الصين والعالم العربي صعودا هائلا، حيث ارتفعت قيمتها من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى رقم مذهل بلغ 398 مليار دولار أمريكي في عام 2023. وقد عزز هذا النمو المذهل مكانة الصين كأكبر شريك تجاري للعالم العربي بلا منازع لسنوات عديدة.
وقّعت الصين اتفاقات تعاون في إطار الحزام والطريق مع جميع الدول العربية الـ22. وقد أسفر هذا الإطار عن أكثر من 200 مشروع ضخم، استفاد منها ما يقرب من ملياري شخص من كلا الجانبين.
إزدهار التبادلات الثقافية
وتزدهر أيضا التبادلات الثقافية، مع تعميق التعاون بشكل متزايد في تعلُم اللغتين العربية والصينية وتعليمهما، وإقامة الأحداث الثقافية الثنائية المتكررة. وبينما يأتي المزيد والمزيد من الطلاب الصينيين إلى الدول العربية لتعلم اللغة والثقافة، أعلنت السعودية والإمارات ومصر وتونس وبلدان أخرى أنه سيجري إدراج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية. ويوجد أكثر من 20 معهد كونفوشيوس في الدول العربية ومئات المدارس التي تقدم دورات اللغة الصينية.
وتتطور التصورات المتبادلة بين الشعب الصيني والشعب العربي بشكل إيجابي. وقد سلط استطلاع رأي أجرته شركة مقرها دبي في عام 2023 الضوء على اتجاه متزايد: هو أن الشبان العرب ينظرون بشكل متزايد إلى الصين كشريك وثيق. وكشف الاستطلاع، الذي شمل 3600 شاب عربي في 18 دولة، أن 80 بالمئة منهم يعدون الصين صديقًا مقربًا، ويعتبرونها الدولة الأكثر ثقة بالنسبة لهم.
لقد أصبحت الشراكة الصينية-العربية نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب، وركيزة استقرار في الأوقات المضطربة. ومن المقرر أن يجتمع الجانبان في بكين، يوم الخميس، لحضور المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي، ومن المتوقع أن يضعا خلال المؤتمر خطة جديدة لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، من أجل زيادة تعزيز بناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي في العصر الجديد.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.