شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، في جلسة رفيعة المستوى ضمن منتدى التمويل من أجل التنمية، الذي ينظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ECOSOC، خلال الفترة من 22 – 25 أبريل الحالي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، تحت عنوان “تعزيز الحوار الشامل في الطريق إلى المنتدى العالمي الرابع للتمويل من أجل التنمية”، وافتتح أعمال المنتدى أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ودنيس فرنسيس، الرئيس المنتخب للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكريستالينا جيورجيفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، حيث أدارت الجلسة الوزارية باولا نارفايز، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، كما شارك وزراء المالية والتعاون الدولي والتنمية وسياسات المناخ عن دول تشيلي، وقطر، والدنمارك، والاتحاد الأفريقي، وغيرهم.
وقد ناقشت الجلسة الوزارية المسار المستقبلي لعقد مؤتمر عالمي رابع لتمويل التنمية (منتدى تمويل التنمية) في عام 2025،
كما تطرّق المشاركون إلى مناقشة تحديات التمويل، والتغلب علي الفجوات الحالية في السياسات والأطر العالمية للتنمية التي يتعين معالجتها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في مداخلتها، وجهت وزيرة التعاون الدولي، الشكر للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، على انعقاد منتدى التمويل من أجل التنمية، ولا سيما في ظل هذا التوقيت الاستثنائي الذي تمر به أهداف التنمية المستدامة والتحديات التي تواجهها، بينما يقترب العالم من 2030 حيث يجب حصاد مستهدفات ما صدقت عليه الدول الاعضاء لدي الامم المتحدة في عام 2015.
وأوضحت وزيرة التعاون الدولي أنه منذ نحو عقد من الزمان اتفق العالم على تحقيق 17 هدفًا للتنمية المستدامة بحلول عام 2030، لكن الأزمات العالمية المتتالية دفعت العديد من الدول للخلف وقوّضت حركتها نحو مسار أفضل، بل زادت من خطر تلاشي ما تحقق من مكتسبات،
مؤكدة أن تمويل التنمية المتاح في الوقت الحالي لا يلبي الحاجة المُلحة لتحقيق الأهداف، كما أنه لا يكفي لمعالجة التحديات متعددة الأبعاد التي تواجهها الدول الاعضاء.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي إلى تزايد معدلات الفقر، فضلًا عن الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تفاقمت بشكل كبير، بالتزامن مع الانخفاض الكبير لما يسمى “التمويل العادل”، مؤكدة حاجة البلدان النامية إلى المزيد من التمويل منخفض التكلفة والتعاون من مؤسسات التمويل الدولية والدول المتقدمة في هذا الشأن، ليس ذلك فحسب، بل إنه في الوقت نفسه يتزايد عبء الديون على الدول النامية والأسواق الناشئة، وخروج تدفقات رءوس الأموال من تلك الأسواق إلى البلدان المتقدمة في أوقات الأزمات، وهو ما يزيد التحديات التي تحول دون تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وسلطت المشاط الضوء على جانب آخر يتعلق بتوجيه أقل من 10% من تمويل المناخ عالميًّا للبلدان النامية، رغم احتياجها أكثر من غيرها وتأثرها بشكل كبير بالتغيرات المناخية، وانعكاس ذلك على الأمن الغذائي والمائي،
مؤكدة أن المجتمع الدولي تحدّث عن ذلك أكثر من مرة خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، وهو ما يعطي مؤشرًا حول مستقبل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتحديات التي تقف أمام الدول النامية والأقل نموًا.
وتابعت وزيرة التعاون الدولي: هناك الكثير الذي يتعيّن القيام به، للتغلب على هذا التفاوت، وسيظهر المزيد من الفرص في المستقبل، حيث يجب أن يكون هناك المزيد من التشارك بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، وقد شهدنا في واشنطن المزيد من التنسيق الذي تم تقديمه بين البنك الدولي والعديد من الجهات الأخرى، عندما يتعلق الأمر بضمانات الاستثمار، وتبسيط العمليات، وانخفاض تكلفة تمويل التنمية، التي لا تزال بحاجة إلى رؤيتها على أرض الواقع وتنفيذها.
كما شددت على الحاجة لمزيد من التعاون بين بلدان الجنوب، والتنسيق الإقليمي، وكذلك الدروس المستفادة، مشيرة إلى التجربة المصرية في تعزيز هذا النوع من التعاون، من خلال برامج ومشروعات التعاون الإنمائي المختلفة،
من بينها مركز تبادل المعرفة التابع لبرنامج الأغذية العالمي بصعيد مصر، لافتة إلى أن تمويل التنمية أمرًا في غاية الأهمية، ويحتاج إلى المضي قدمًا حتى يتمكن من مواجهة الفوارق المتزايدة.
وطالبت وزيرة التعاون الدولي بأن يتم توجيه تمويل المناخ؛ ليس فقط لجهود التخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، ولكن أيضًا لمشروعات التكيف،
مضيفة أنه من أجل تحقيق ذلك فإن الأمر يحتاج إلى جهود منسقة لحشد التمويل؛ ليس من بنوك التنمية متعددة الأطراف وحدها، أو القطاع الخاص،
ولكن من خلال آليات واضحة للحد من المخاطر تجاه استثمارات القطاع الخاص، ويحفز كل مصادر التمويل نحو الاستثمار في تنمية الإنسان الذي يمثل المحور الرئيسي للعمليات الإنمائية في الدول النامية والاقتصادات الناشئة.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي أهمية انعقاد مؤتمر عالمي رابع لتمويل التنمية في عام 2025، بما يحفز الجهود الدولية مرة أخرى نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة،
وذكرت أن مصر تعمل بشكل حثيث على تحقيق تلك الأهداف من خلال تنسيق الجهود مع شركاء التنمية، وتوطين اهداف التنمية المستدامة، وتنفيذ مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز التعاون الدولي والتمويل الإنمائي، فضلًا عن نقل الخبرات من الحلول المتكاملة والمبادرات الوطنية مثل مبادرة حياة كريمة إلى أفريقيا والدول التي تشارك التحديات المشابهة.
جدير بالذكر أنه تم صياغة الميثاق العام للأمم المتحدة في أغسطس عام 1941 وأعلن نفاذه في أكتوبر 1945، وقد تم تأسيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في يونيو عام 1945 ضمن الميثاق العام للأمم المتحدة،
ويقوم بدراسات ووضع تقارير عن المسائل الدولية في أمور الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بها، وله أن يقدم توصياته في أية مسألة من تلك المسائل إلى الجمعية العامة وإلى أعضاء “الأمم المتحدة” وإلى الوكالات المتخصصة ذات الشأن، بما يعزز من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها، بالإضافة إلى إعداد مشروعات اتفاقات وعقد مؤتمرات دولية لدراسة المسائل الانمائية ذات الصلة ووفقًا للقواعد التي تضعها “الأمم المتحدة”.