أكد عدد من خبراء قطاع التأمين على أن أسعار إعادة التأمين العالمية فى بداية 2024 ستبدو ثابتة فى أحسن أحوالها، ولكنها فى الكثير منها سترتفع قليلا، بسبب ضغوط شركات الإعادة من أجل مواكبة التكاليف التضخمية.
وبيّن المتحدثون لـ”المال” أن هناك فرصة لعودة بعض الشهية لتغطيات الخسائر للشرائح الدنيا، إذا كان السعر مناسبا، بينما كان كل تجديد لإعادة التأمين بـ2023 فى الأول من أبريل وبداية يونيو ويوليو أكثر تنظيما بشكل متزايد من السابق، مع وجود عرض مستقر نسبيا من الطاقات الاستيعابية.
وأشاروا إلى أن التسعير الثابت عند تجديد إعادة التأمين يعد بمثابة استقرار، بينما من ناحية شركات الإعادة، فإن الملاحظة فإنهم يهتمون بالشروط والأحكام أكثر من التسعير، فى حدود المعقول.
والجراف التالى يوضح إجمالى الخسائر الاقتصادية العالمية فى 2022 مقارنة بـ2021:
معيدو التأمين لن يتنازلوا عن الشروط المحكمة فى 2024
قالت أمانى الماحى، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين، إن معيدى التأمين لن يتنازلوا عن الشروط المحكمة فى تجديدات 2024، ولن تخفف أسواق إعادة التأمين من تشددها بخصوص ارتفاع معدلات الاحتفاظ بالخطر من جانب شركات التأمين والشروط والأحكام الأكثر صرامة التى ناضلوا من أجل تثبيتها خلال السنوات الأخيرة.
وبيّنت أن الطلب المتزايد على تغطية إعادة التأمين على الممتلكات قد تم تلبيته، ولكن فى الوقت نفسه فإن السوق لم تتزحزح من زيادة الاحتفاظ بالتأمين والشروط والأحكام المشددة التى تم تنفيذها فى تجديد العام الماضى.
وأشارت إلى أن تجديدات إعادة التأمين ضد كوارث الممتلكات فى 2024 ستستمر متشددة بعد التجديدات، لا سيما إذا أتت مخاوف من جانب تأمينات المسئوليات لتؤتى ثمارها بشكل كامل فى الأرباع المقبلة.
وتوقعت أن تسجل معدلات إعادة التأمين ضد كوارث الممتلكات ارتفاعا، وأرجعت ذلك إلى معدلات نشاط الكوارث فى الفترة الأخيرة، ما رفع معدلات الخسائر فى القطاع، بينما تتطلع شركات إعادة التأمين إلى اجتذاب المزيد من رأس المال، لذلك ركزت إلى حد كبير على الشرائح العليا والمتوسطة من التغطيات، حيث تبحث شركات التأمين عن مزيد من التغطية لذلك العام.
وأوضحت أن رأس المال لا يُجتذب بأى قيمة، ففى معظم الحالات يتم تخصيص المزيد من رأس المال فقط عندما تظل الشروط والأحكام كافية، وعلى نحو مماثل، فإن أسعار الفائدة على إعادة التأمين بأثر رجعى آخذة فى الانخفاض، ومثلت نحو 25 مليار دولار فقط من الحد الإجمالى، وبالتالى فهى حساسة للغاية لتدفقات رأس المال المتواضعة.
وأوضحت أن تجديدات إعادة التأمين فى 2024، تبدو أقل إثارة للجدل، لكنها مؤلمة اقتصاديا بالنسبة لشركات التأمين مقارنة بالعام الماضى، مع توفر طاقة استيعابية كبيرة لتغطيات الممتلكات، ولكن من المتوقع أن تأتى التغطيات بسعر أعلى.
وأشارت إلى أن 58% من شركات إعادة التأمين ستكتتب بذات القيم، كما كان الحال فى العام الماضى من خلال مستويات مماثلة من المشاركة فى برامجها الخاصة بشركات التأمين، مع دلائل تشير إلى أن 38% من شركات إعادة التأمين بدأت تميل إلى الانتقائية.
ووضحت أن سوق إعادة التأمين العالمية لا تزال تواجه خللا فى التوازن بين الطلب المتزايد على الحماية وحقيقة أن تدفقات رأس المال إلى القطاع بطيئة، بينما قامت سوق التجديدات المتشدد فى 2023، بتوفير سعة أقل للتغطيات الإجمالية، وسط تحولات أساسية فى التسعير.
وذكرت أن المخاطر الثانوية ستكون محل تركيز قوى فى تجديدات إعادة التأمين 2024، مع دعم شركات إعادة التأمين بالنتائج التى تشهدها، حيث تتجنب العديد من خسائر المتكررة بفضل تحسين الشروط، ومن المتوقع أن تعتمد شركات إعادة التأمين بشكل أقل على الزيادات الإلزامية الشاملة فى الأسعار، بينما ستركز بشكل أكبر على تجربة الاكتتاب الخاصة بالعملاء.
واستطردت أن أسعار إعادة تأمين الممتلكات والمسئوليات ستزداد من 20% إلى أقل من 10%، بينما المحافظ التى ستتأثر بالخسارة، فإن ارتفاع الأسعار بها سيكون بنسبة 30%تقريبا، مشيرة إلى أن شركات إعادة التأمين تسعى إلى الحفاظ على معدل الاحتفاظ ليتماشى مع تغير التعرض لتغير سعر الصرف والتضخم.
التأمين سيقلص تغطيات الأخطار الطبيعية بنسبة 20%
وقال خالد يسرى، رئيس لجنة إعادة التأمين بالاتحاد المصرى للتأمين، إن شركات الإعادة العالمية قد قلصت تعاملاتها مع الأسواق ما أثر على حجم الطاقة الاستيعابية لها بشكل كبير، خاصة بعد حادث انفجار مرفأ بيروت وزلازل تركيا وسوريا والمغرب وإعصار درنة بليبيا.
وأضاف أن خفض حدود مبالغ التعويض للحادث الواحد سيدفع شركات التأمين إلى إعادة النظر بشكل دورى للنسب الممنوحة فى الوثائق الخاصة ببعض الأخطار الطبيعية حتى لا تستنفذ اتفاقيتها وتضطر لشراء تغطيات إضافية جديدة من معيدى التأمين بمبالغ إضافية.
ولفت إلى أن شركات التأمين ستقلص من التغطيات الخاصة بالأخطار الطبيعية بنسبة 20%، فى الأماكن المعتدلة المناخ، بينما سترتفع النسبة بالأاكن المتاخمة للجبال والبحار لزيادة احتمالية تعرضها للمخاطر.
وأوضح أن إعادة التأمين تمثل صمام الأمان لشركات القطاع، حيث تزيد من قدرتها على قبول أخطار تتجاوز حجم رأسمالها، بالإضافة إلى العمل على توزيع الخطر داخل وخارج الحدود الإقليمية، بما يحقق مفهوم عالمية التأمين يمكن من خلالها المشاركة فى تغطية الأخطار داخل أو خارج الحدود الإقليمية.
وتابع يسرى إن إعادة التأمين تجعل للربحية دور هام وتأثير كبير من وجهة نظر المساهمين وحملة الوثائق، خاصة فى ظل ما تشهده صناعة التأمين من منافسة قوية ومن تطورات تكنولوجية واقتصاد رقمى مؤثر على أداء الشركات، ما يحتم عليها الاهتمام بالربحية لتحقيق أهدافها.
وبيّن أن إعادة التأمين تمثل دورا هاما فى زيادة الطاقة الاستيعابية لشركات التأمين، بينما العلاقة الارتباطية بينهما موجبة، فكلما ازدادت كفاءة وكفاية برنامج إعادة التأمين الذى تطبقه الشركات المباشرة زادت طاقتها الاستيعابية.
وأشار إلى أن الحصة المسندة إلى شركات إعادة التأمين أيا كانت الاتفاقية المبرمة نسبية أو غير نسبية، إنما تقلل من حد الاحتفاظ للشركات المباشرة، ومن ثم تصبح قادرة على التوسع فى اكتتابها وامتصاص جزء من الطلب المتواجد فى السوق حتى تصل بطاقتها إلى درجة الاستيعاب والامتلاء.
وذكر أن العلاقة موجبة أو طردية بين برامج إعادة التأمين والطاقة الاستيعابية، بينما العامل الذى يحدد ذلك هو حد الاحتفاظ وما توفره اتفاقيات إعادة التأمين من امتداد لقدرة الشركة المباشرة فى استيعاب أكبر قدر من الأخطار المتواجدة بالسوق.
واستطرد أن إعادة التأمين طريق غير مباشرة لإضافة لرأس مال الشركات المباشرة، حيث إن الأخيرة تكتتب فى الأخطار طبق الاتفاقيات بما يتلاءم مع ملاءتها المالية، فامتلاء شركات إعادة التأمين ماليا، يعد امتدادا للملاءة المالية للشركات المباشرة، بينما تقبل الشركات من الأخطار ما تصل به إلى حد التشبع، اعتمادا على ملاءتها المالية.
وألمح إلى أن تأثير إعادة التأمين على الطاقة الاستيعابية إنما تحكمه عدة محددات، تتمثل فى كفاءة الشركة فى انتقائها للأخطار المعروضة عليها من المستأمنين، وكفاءة برامج إعادة التأمين، وتكلفة برامج إعادة التأمين ومدى جدواها الاقتصادية، وتحقيق المنفعة للشركات المباشرة ومؤسسات إعادة التأمين.
وأفاد بأن عمليات إعادة التأمين تحاول أن تحقق التوازن على الأقل بالنسبة للشركات المباشرة إن لم تحقق وفورات بين إجمالى التعويضات التى يطالب بها حملة الوثائق وإجمالى الأقساط الصافية فى المدى القصير والبعيد، بينما يتم تحقيق التوازن بتخفيض التباين ونتائج العمليات التأمينية إلى أقل حد ممكن.
تخوفات من التغيرات المناخية لدى شركالت الإعادة العالمية
وقالت سامية حيدة، نائب رئيس الشركة المصرية لإعادة التأمين سابقا، إن اتفاقيات الإعادة لعام 2024 سوف تتسم بتشدد اشتراطاتها لشركات “الممتلكات”، ما قد يدفع المعيدين لوضع قيد على الحد الأقصى لتعويضات الحوادث يدور حول 10% من إجمالى مبالغ التأمين للعمليات المسندة لشركات الإعادة.
وبيّنت أن السنة الجديدة ربما شهدت كذلك إعادة صياغة بعض الاستثناءات لأنواع من التغطيات، كخسائر توقف الإنتاج غير الناجم عن خسارة مادية، إضافة إلى مراجعة تعريف الحادث بنصوص الاتفاقيات النسبية وغير النسبية.
وأشارت إلى تخوفات شركات الإعادة من الخسائر المتوقعة فى 2024، ومن ثم، فإنه من الجلىّ أنها ستضع قيودا على تعويضات الحوادث، تشمل وضع حد أقصى لإجمالى مبالغ التأمين للممتلكات المؤمنة بمحفظة الفرع.
وأوضحت أن وضع حد أقصى للتعويض عن الحادث يشمل فرعى الحريق والهندسى لكل محفظة على حدة، بينما يختلف الحد الأقصى الآمن للشركات المسندة من بلد إلى آخر، حسب الحد الأقصى للخسارة، طبقا للمحاكاة التى تقوم بها الشركات المتخصصة فى وضع نماذج الكوارث.
وذكرت سامية حيدة أن هنالك تخوفات كذلك من التغيرات المناخية لدى شركات الإعادة العالمية، ما يعد أكبر خطر يواجه إعادة التأمين حاليا، نظرا لتكرار حوادثه، ما يؤكد على أن تجديدات اتفاقيات 2024 تبدو منخفضة المرونة فى منح طاقة استيعابية أكبر لشركات التأمين، بالرغم من زيادة الأخيرة لحجم أعمالها، لتفادى أى خسائر كبيرة، خاصة بعد التعويضات الضخمة التى تكبدتها من جراء (كوفيد19) والكوارث الطبيعية.
وأفادت بأن عمليات إعادة التأمين إحدى أهم الوسائل التى تلجأ إليها شركات التأمين، لمواجهة ما تتعرض له من أخطار تؤدى إلى نتائج غير مرغوب فيها، قد تتعلق بالأخطار الأصلية بالمحفظة كالاكتتاب والتسعير والتقييم وتسوية التعويضات، وقد تنتج عن العوامل الاجتماعية التى تمارس فيها الشركة نشاطها كالإهمال والسرقة، كما قد ترتبط أو تنشأ عن المتغيرات الاقتصادية كالأسعار والتضخم وفرص الاستثمار.
وبيّنت أن إدارة المخاطر ذات دور هام فى حماية شركات التأمين وتعزيز قدرتها على الوفاء بالتزاماتها والمساهمة فى تحقيق أهدافها، عبر إبراز دور عمليات إعادة التأمين فى تمكين شركات التأمين من الزيادة فى طاقاتها الاكتتابية وتحقيق التوازن فى أرباح الشركات، نظرا للدعامة التى تقدمها سوق إعادة التأمين.
وأكدت على ضرورة تخطيط شركات التأمين بفعالية لمواجهة المخاطر ذات الدرجة المرتفعة، وفق إستراتيجية محددة وفعالة معتمدة من خبراء متخصصين فى مجال إدارة المخاطر، ما يعد نقطة الانطلاق لوضع الخطة الإستراتيجية نحو فهم جيد وشامل لأهداف الشركات، ما سينعكس إيجابيا على أدائها، ومن ثم على الاقتصاد الوطنى.