:آية رمزى
تعد شركة «عمر أفندى»، التى تأسست منذ أكثر من 159 سنة، على يد عائلة «أودلف أوروزدى»، ذات الأصول النمساوية تحت اسم أوروزدى باك «Orosdi Back » من أكثر الشركات التى أثارت جدلاً فى تاريخ الاقتصاد المصرى، خاصة فيما يتعلق بدور الدولة فى إدارة أصول قطاع الأعمال العام.
فالشركة التى تأسست فى عهد الخديو سعيد باشا، بدأت أول فروعها فى شارع عبدالعزيز، لتلبية احتياجات العملاء من المصريين والأجانب، ولمع صيتها كواحدة من أعرق وأشهر السلاسل التجارية فى العالم بعد أن اشتراها أحد أثرياء مصر اليهود عام 1921 وأطلق عليها «عمر أفندى»، لكنها تواجه الآن صعوبة تشغيل فروعها المتهالكة.
وتعانى الشركة صدمات حادة منذ أن قام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بتأميمها عام 1957 ضمن سياسات التأميم التى كانت متبعة آنذاك، وشملت العديد من الشركات المملوكة للمصريين والأجانب.
حسن عباس زكى، وزير الاقتصاد فى عهد الرئيس الراحل «عبدالناصر»، قال فى تصريحات سابقة له، إنه لم يكن مقتنعًا بسياسات التأميم، ولكنه أُجبر على تنفيذها.
وشهد عام 1967 تحويل شركة «عمر أفندى» بموجب القرار الجمهورى رقم 544 لسنة 1967 إلى شركة مساهمة مصرية تتبع الشركة القابضة للتجارة، التى لم يعد لها وجود الآن وتوزعت شركاتها على الشركة القومية للتشييد والشركة القابضة للسياحة.
وحصر القرار الجمهورى أنشطة «عمر أفندى» فى الاتجار بجميع أنواع السلع ووسائل النقل الخفيف والتصدير والاستيراد والوكالة التجارية والتصنيع الجزئى، ولها الحق فى المشاركة فى تكوين شركات مصرية أو أجنبية، تباشر نشاطها فى الداخل أو الخارج، وكذلك القيام بأى نشاط يتعلق بأغراض الشركة.
واستمرت الشركة فى العمل إلى أن بدأت حكومة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، الخصخصة الجزئية لفروعها، ضمن برنامج واسع لخصخصة شركات قطاع الأعمال العام شمل أكثر من 140 شركة.
ففى عهد الدكتور مختار خطاب، وزير قطاع الأعمال العام عام 2004، قامت الوزارة بطرح فروع «عمر أفندى» للقطاع الخاص للمشاركة فى إدارة فروع بالكامل مثل فرع الفيوم لصالح شركة «النساجون الشرقيون»، وفرع الجامعة العمالية لصالح شركة الخزف والصينى، وفرع 26 يوليو لصالح المركز المصرى للهندسة والتجارة، وكذلك فرع ثروت لشركة مصر إيطاليا للملابس الجاهزة «جوباى».
وفى عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع «عمر أفندى» لشركة «أنوال» السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل عبدالرحمن القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه.
وأثارت خصخصة الشركة العديد من الانتقادات، حيث قال اللواء سمير يوسف، المفوض السابق للشركة، إن نظام الرئيس السابق حسنى مبارك تعامل مع أكبر شركة لتجارة التجزئة فى مصر والشرق الأوسط، قبل بيعها للمستثمر السعودى، كمن يملك «سيارة» وعزم على عرضها للبيع، وقرر عدم استخدامها لحين وجود من يشتريها.
وأضاف أن الحكومة باعت «عمر أفندى»، وكانت مبيعاتها السنوية تتراوح بين 360 و380 مليون جنيه وهى تمثل %50 من حجم المبيعات التى كانت تحققها فى السنوات السابقة.
ورغم أن المستثمر السعودى تعهد بأن يضاعف مبيعات الشركة لـ720 مليون جنيه فى العام الثانى، ثم مليار جنيه فى العام الثالث و1.5 مليار جنيه فى العام الرابع، فإن النتائج جاءت عكسية، حيث تراجعت مبيعات عام 2007/2006 لتصل إلى 180 مليون جنيه أى النصف، ثم 90 مليونًا فى 2008/2007، و30 مليون جنيه فى العام الثالث إلى أن بلغت صفرًا فى العام الرابع.
ووفقًا للتصريحات الحكومية فإن المستثمر السعودى، تعمد عدم تشغيل الشركة، مما أدى إلى انهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية.
وقبيل ثورة 25 يناير 2011، قضت محكمة القضاء الإدارى بعودة الشركة مرة أخرى للدولة، ممثلة فى الشركة القومية للتشييد والتعمير، بعد أن فجر يحيى عبدالهادى، مدير مركز إعداد القادة السابق، وقائع فساد فى أعمالها، لكن الشركة القومية أكدت أنها ترحب بالحكم، وأن موقفها كان واضحًا طوال السنوات الماضية من المستثمر السعودى، حيث أكدت أنها ترفض سياسات تدمير الشركة.
ورغم ترحيب «القومية للتشييد» بعودة «عمر أفندى» فإنها أكدت صعوبة تشغيلها نظرًا لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى.
ورغم أن مجلس إدارة الشركة القومية للتشييد السابق، كان يعترض على طرح فروع الشركة للقطاع الخاص لتشغيلها، فإن إدارة الشركة قامت بالفعل بطرح عدد من الفروع ولم يتقدم أحد لتأجيرها، نظرًا لتراكم المديونيات، فضلاً عن وجود نزاع تحكيم دولى بين المستثمر السعودى والحكومة المصرية.
الغريب أن وزارة المالية فى عهد المجلس العسكرى، والرئيس المعزول محمد مرسى، امتنعت عن رصد مخصصات مالية لتطوير الشركة، خوفًا من عودتها مرة أخرى للمستثمر السعودى، حسبما أكد مصدر مسئول بالشركة لـ«المال».
وقرر رئيس مجلس إداراتها الحالى محمود عزت، الاستمرار فى خطة طرح الفروع من خلال مزايدة علنية بدأت منذ أيام.
وتشمل الخطة طرح 16 فرعًا ومخزنين للمشاركة مع القطاع الخاص، وهى الآلية نفسها التى اتبعها الدكتور مختار خطاب عام 2004، على أن تظل الأموال مملوكة للدولة.