كتبت أن (خطورة قضية “تاتا العدل” ضد أم السامية العالمية! كدّابة الأرض التى تأكل منسأة سليمان ليهوي، وكرة الثلج المتدحرجة ولن تتوقف حتى تحرج مجلس الأمن والأمم المتحدة وكافة مواثيقها برُمتها! – ستظل هذه القضية رمزًا وأيقونة دولية خالدة، لانقلاب السحر على الساحر! ومحاولة إخراج نصوص المواثيق الدولية واتفاقات الدول، من حبر السياسة والدبلوماسية واتفاقات الدول الكبرى لتدجين الكوكب وهش شعوبه، وجرّها لمأزق حقيقى لمجلس الأمن والأمم المتحدة!)
ولم يكذب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بقوله «إننا وصلنا لنقطة الانكسار، هناك خطر كبير للانهيار التام لنظام الدعم الإنسانى فى غزة، بما سيُخلف عواقب مدمرة / إن ذلك الوضع قد يؤدى لانهيار تام للنظام العام وزيادة الضغط باتجاه النزوح الجماعى لمصر/ إن خطر انهيار النظام الإنسانى يرتبط بشكل أساسى بعدم توفير الحماية لموظفى الأمم المتحدة فى غزة» – وقد نوهت بأنه (إذا سخرت الدولة المخالفة فيتو أحد أعضاء مجلس الأمن، فإنها قد تتجنب العقوبات المقترحة بواسطته، بما يعتبر تحديًا لفعالية نظام العدالة الدولية وقدرة المجتمع الدولى لمعاقبة الدولة المخالفة)، وهنا فالخطر للانهيار التام للنظام الدولى برُمته، وليس فقط لنظام الدعم الإنسانى بغزة! خاصة بعد استخدام الفيتو الأمريكى لثانى مرة بعد مشروع القرار الجزائري، بما سيفجر طوفان سؤال شعبى عالمى حول جدوى الأمم المتحدة نفسها، وعلى من سيَحين الدور بعد غزة؟
خاصة أن الفيتو يرتبط لأول مرة بقضية أمام محكمة العدل الدولية ضد أم سامية، التى لم يجرؤ على مقاضاتها أحد من 75 سنة عن جرائم حرب نموذجية، طبقًا لكل المواثيق الدولية! ليظهر للمجتمع الدولى بجلاء أن أدوات إدارته هى خيوط عملاقة مترامية التشبيك والتركيب، لصالح المتلاعبين بأقدار الشعوب، وليس إدارة مصالحهم! ومع تصاعد معاندات الفيتو سيتنامى وعى شعوب العالم بحتمية وجود آلية أخرى تعبر عن مصالحهم وأقدارهم! فى 29/10/23 نشرت قصة “الخنجر – 2098” تنبأت فيها بمسمى (منظمة الشعوب المتحدة مقابل اتحاد دول العالم)! وها هى الأيام تتوالى لوعى عالمى للشعوب خارج حكوماتها، فجّرته قضية أم سامية! فكما وثقت بمقال “تاتا العدل” أن المدّعية جنوب أفريقيا (بعيدة جغرافيًّا وسياسيًّا وعِرقيًّا عن أم السامية! فالرابط الوحيد هو (الإنسان) كمحل وحيد وحقيقى لكل المواثيق الدولية والوطنية أيضًا)، وبالتالى ستكون قضية أم سامية هى قضية محاكمة نموذج (الإنسان) أمام العدل الدولية، ولن أستغرب أن تشهد العقود المقبلة تداعيات وتطورات عميقة فى القانون الدولى الإنساني، وإعادة هيكلة لتنظيم المجتمع الدولي، وستكون قضية أم سامية هى جناح الفراشة الذى خفق فى لاهاى 2023 وسيُحدث إعصارًا فى نيويورك بقدر الله!
وقضية أم سامية ليست بعيدة عن حكم أم دنيا! فأم دنيا هى عقدة أم سامية من قديم الأزل، سواء فى الموقع أم التاريخ أم الموارد! ويكفينا مثالان؛ الأول عندما دخل موشيه ديان غرفة فحص مومياء “رمسيس الثاني” بباريس، وقام بركل الجثمان بعصاه المارشالية، قائلًا: أخرجتنا من مصر أحياء، وأخرجناك من مصر ميتًا)، والثانى عندما وضع النحات بارتولدى ابن سامية، رأس رمسيس الثانى تحت حذاء شامبليون 1875!
ولكن حكم أم دنيا صعب فى الوجود! سواء حكم أمورها أم الحكم على دسائس العصر ضدها! وما تداعيات قضية أم سامية إلا أحد خيوط تلك الدسائس، فلم يسبق لأم دنيا أن عاصرت رباعية الفقر، والقحط، والديون، والبيع لتحقيق رؤية زمنية بانورامية، تمهد لباقى القرن 21 وما بعده! ومع ذلك فقضية أم دنيا دسمة وعسرة الهضم، ولن يحلّها إلا الشطرنج الإلهى بالقطع الأرضية! وأى تجاهل أو إنكار لفعالية ذلك الشطرنج، يتغافل عن خصوصية أم دنيا المتجاوزة لمعنى البشر لإحدى أدوات القدر! تتبع تاريخ أم دنيا منذ الهكسوس، الرومان، الصليبيين، الأتراك، الفرنسيين، الإنجليز، العبور، الربيع العربي، صليب العذاب (سد النهضة/ سيناء/ ليبيا/ صراعات غاز المتوسط) – وفى كل محطة تكمل أم دنيا الطريق وتكيد أم سامية!
أصعب امتحان حالى نجحت فيه خيوط أم سامية هو وعى وثقافة ودين وعلم أولاد أم دنيا! شوّش وشتت وضيّع الولاد، تفصل حكم أم دنيا عن ولادها! مدد طموح وتنمية ودفاع أم دنيا، يبزغ حكمها بتكلفة حارقة ودولرة مورّقة! لم يخطأ نابليون عندما قال “لو حكمت لن أضيع قطرة واحدة من النيل فى البحر وسأقيم أكبر مزارع ومصانع أطلق بها إمبراطورية” فهل كانت نبوءة أم تحذيرًا غير مباشر بألا يتم؟
وبالتالى فإحماء أوكرانيا/ روسيا، وتعليق أو تمييع قضية أم سامية حتى يتم المراد على يد البُعاد، هدفه إعادة ديموغرافية المنطقة بكل تداعياتها التجارية والسياسية، كتحقيق تدريجى لمشروع طريق الهند الآسيوى عبر أراضى السعودية والإمارات وإسرائيل، وصولًا لأوروبا، مع إقامة مدينة رقمية بغزة تستقبل هذا الطريق، بالتوازى مع حفر قناة بن جوريون لربط تجارة الخليج والشام بأوروبا! كإستراتيجية مقابلة لتهميش طريق الحرير الصينى بضرب ميزة قناة السويس كمرتكز بحرى تمنح أم دنيا قيادة أوسطية، وتعطيل قيادة روسيا والصين للتجارة العالمية، عزلًا لأمريكا وترسانتها. وأمام تشكيل هذا المستقبل الزاخر، لن تقف أم سامية – بدعم المستفيدين – لترد على قضية؟ فالقانون للضعفاء، والتاريخ يكتبه المنتصر!
ومع ذلك فحكم أم دنيا يدخل فيه ظواهر وحسابات معقدة جدًّا تعزّ عن الفهم الموحد! أشبه بأفعال الخضر مع موسى عليه السلام، وسيفسرها الزمن! فمشكلة (إنك لن تستطع معى صبرًا)، لا توجه فقط لولاد أم دنيا، بل تمتد لبقية ولاد أمهات العالم، الذين سيصلون يومًا لمنظمة الشعوب المتحدة، بعدما كشفت قضية أم سامية منظمتهم المتحدة وأمنها الموجَّه!
أما حكم أم دنيا فقاله صن تزو (هل تتخيل ما يمكن أن أفعله، إذا تهيّأ لى ما أطمح له)؟
* محامى وكاتب مصرى