تواجه أغلب أندية كرة القدم مشاكل مالية خانقة في آخر عامين، بسبب تداعيات فيروس كورونا، والحروب بين أوكرانيا وروسيا، وبين فلسطين والكيان، والظروف الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على مداخيل الأندية، خاصة ما يتعلق بدخل يوم المباراة، جراء إقامة المباريات من دون جماهير بسبب ظروف مختلفة، ما جعلها معرضة للإفلاس بشكل أو بآخر.
وعلى مدى التاريخ عانى العديد من أندية كرة القدم الإفلاس، ولعل أبرز الأمثلة في السنوات الماضية هي: نادي بارما الإيطالي، غلاسكو رينجرز الاسكتلندي، وليدز يونايتد الإنجليزي.
كما واجه تشيلسي مصيرًا مشابهًا، في الفترة الأخيرة، إذ عانى خطر الإفلاس، بسبب قرار بريطانيا تجميد أصول مالكه الروسي رومان أبراموفيتش، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وعلاقته المزعومة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان رصيد تشيلسي البنكي لا يتجاوز وقتها 16 مليون جنيه إسترليني، ورواتب لاعبي الفريق فقط تكلفهم 28 مليون جنيه استرليني شهريًا.
وواجه البلوز الإفلاس بسبب تراجع مداخيله أو حتى انعدامها، جراء العقوبات المفروضة، والتي تشمل المنع من بيع تذاكر مبارياته المتبقية بالموسم، وإغلاق متاجره، كما تم فرض عقوبة منع بيع أبراموفيتش للنادي نفسه، بحجة الخوف من استغلال أموال البيع لدعم بلاده روسيا في الحرب مع أوكرانيا، إلى جانب المنع من شراء أي لاعبين جدد، أو تجديد العقود.
انسحاب الرعاة
وتكبد تشيلسي خسائر مالية ضخمة بسبب هذه العقوبات، إذ كشفت دراسة نشرتها صحيفة «ديلي ميل»، أنه كان من المحتمل أن يخسر النادي ما يقارب 603 آلاف و198 جنيهًا إسترلينيًا من التذاكر غير المبيعة لكل مباراة على أرضه.
كما خسر تشيلسي أيضًا 120 مليون جنيه إسترليني، عقب إعلان شركة «ثري» البريطانية للاتصالات فسخ تعاقدها مع النادي، والذي كان يجني بموجبه 40 مليون جنيه إسترليني سنويًا.
وأعلنت أيضًا شركة «نايكي» للمعدات الرياضية إنهاء شراكتها مع تشيلسي، وهذا الأمر كلف النادي خسارة فادحة وصلت إلى 540 مليون جنيه استرليني.
وانضمت «هيونداي» التي ترعى أكمام قمصان الفريق إلى قائمة الرعاة المنسحبين أيضًا من رعاية تشيلسي، بتعليق رعايتها للنادي حتى إشعار آخر.
ولكن.. ماذا يعني إفلاس نادٍ لكرة القدم؟
نظرًا لأن أندية كرة القدم هي مثل الشركات التجارية، فإن إفلاسها يشبه إلى حد بعيد إفلاس الشركات، وعلى الرغم من وجود صلاحيات واسعة لقانون الإفلاس يختلف من دولة لأخرى، فإن هناك قواعد خاصة تنطبق على أندية كرة القدم فقط.
عندما لا تتمكن شركة أو نادٍ لكرة القدم من دفع فواتيرها، تعين المحكمة المختصة ما يسمى مدير الإعسار أو (التفليسة)، ومهمته ضمان إدارة الأموال المتبقية من ثروة النادي الذي تعرض للإفلاس، وفي حالات أخرى يمكن أن يؤدي اتحاد كرة القدم في البلاد، أو رابطة الدوري هذا الدور، بشكل يضمن عدم تبديد الثروة من قبل الشركة، وضمان العدل في توزيع الثروة المتبقية بشكل عادل بين الدائنين وفقًا للأولويات القانونية، وهذا يتم من خلال وضع ما يسمى خطة الإفلاس، علمًا بأنه يتم رفع يد مالكي ومديري الشركة المفلسة ابتداء من تاريخ إعلان الإفلاس.
وسوف تتعامل اللجنة المشرفة أو ما يسمى مدير الإعسار أو (التفليسة) مع الإدارة اليومية للنادي، بخلاف ما يحدث على أرض الملعب، ويتمثل دور اللجنة الأساسي في محاولة إيقاف تصفية نادي كرة قدم، إما عن طريق إيجاد شخص يشتري النادي، أو عن طريق سداد أموال الدائنين حيثما أمكن ذلك من خلال بيع الأصول، في حالة أندية كرة القدم، يمكن أن يعني ذلك اللاعبين، أو الملاعب، أو ملاعب التدريب، أو البضائع.
على غرار إفلاس الشركات، هناك تسلسل هرمي لتوزيع الثروة المتبقية على الدائنين، الذين سيتم الدفع لهم بترتيب معين، وينص قانون الإفلاس على أنه يجب على الشركات أن تدفع للدائنين التفضيليين أولاً، ولكن في كرة القدم، هناك فئة تحتل المركز الأول في قائمة الدائنين، سيتم منحهم مستحقاتهم أولاً، وهم بالترتيب التالي: اللاعبون، المدربون، أندية كرة قدم أخرى، اتحاد كرة القدم، والدوري.
وإذا تبين أن النادي لا يملك أي أصول كافية للدفع للدائنين، يمكن إغلاق النادي من خلال التصفية.
إعلان الإفلاس قد يعرض الأندية أيضًا لعقوبات على أرضية الملعب، إلى جانب أنها قد تضطر لبيع بعض أفضل لاعبيها لسداد ديونها، وقد تواجه إمكانية خصم النقاط من رصيدها في الدوري أيضًا، ويمكن خصم حتى 12 نقطة من رصيد النادي بسبب إعلان إفلاسه، ويتم استخدام خصم النقاط هذا للحفاظ على نزاهة الدوري ويكون بمثابة رادع للأندية التي تعلن الإفلاس لتصفية ديونها دون أي تداعيات حقيقية.
هل هناك حياة بعد الإفلاس؟
الإفلاس لا يعني بالضرورة نهاية نادي كرة القدم، ففي السنوات الأخيرة، أعلنت عدة أندية إفلاسها مثل ساوثهامبتون، وليدز يونايتد، وهيدرسفيلد، وبارما، ورينجرز، وفيورنتينا، لكنها تمكنت من العودة إلى الواجهة، مستفيدة من أموال المستثمرين الذين دفعوا ديونهم مقابل الاستحواذ على أغلبية أسهمهم.
وإذا نظرنا إلى تشيلسي، فقد تأسس النادي في ضاحية فولهام بلندن في عام 1905 وبعد إنجازات مهمة، انحدر النادي ودخل دوامة الديون الكبيرة.
لكن في عملية استحواذ مفاجئة في عام 2003، اشترى الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش النادي في صفقة بقيمة 140 مليون جنيه استرليني وقام بضخ حوالي 80 مليون جنيه استرليني لسداد ديون النادي.
والآن هو يمتلك فريق يُسمى بفريق الـ”مليار يورو” نظرًا لأنه يقع الآن تحت طائلة رجل الأعمال الأميركي تود بولي والذي يحظى بدعم مجموعة كليرليك كابيتال، والذين دفعوا نحو 4.93 مليار دولار للاستحواذ على نادي تشيلسي، وفقًا لصحيفة «وول ستريت جورنال»، التي يعتقد أنها أعلى سعر بيع لفريق رياضي.