فى أول حوار له مع صحيفة مطبوعة منذ توليه منصب وزير الاستثمار فى 17 يونيو الماضى.. فتح أشرف سلمان امام «المال»، أهم الملفات التى تضعها وزارته على جدول اولوياتها خلال المرحلة المقبلة، وفى مقدمتها حل مشكلات العالقة منذ سنوات، وتحسين مناخ الاستثمار وتيسير اجراءاته، كما تحدث عن الخطة الكاملة التى تم وضعها لتطوير شركات قطاع الأعمال العام، والأساليب الجديدة التى تدرسها وزارته لمنح التراخيص للمستثمرين.
تطرق الحوار أيضًا لسعى الوزير لاعادة ثقافة الاهتمام بالمستثمر إلى أروقة وزارة وهيئة الاستثمار، وذلك لأهميتها القصوى فى الوقت الراهن، حتى ينتهى الوزير من معركته الإستراتيجية، فى تطبيق نظام الشباك الواحد، كما يفترض أن يكون، وليس بشكله الحالى، الذى يجعل منه حبرًا على ورق، أو على الأقل اسماً على غير مسمى.
جرى الحوار قبل عيد الفطر مباشرة، وفضلنا أن يتم نشره عقب انتهاء أجازته حتى يكون متاحاً أمام مجتمع الاعمال والمستثمرين، للتفاعل مع الأفكار الواردة به.
● «المال»: ما أهم الملفات فى قائمة أولويات وزارة الاستثمار الآن؟
– حل مشكلات المستثمرين بكل تأكيد، ونحن نعمل على مسارين ، الأول يتمثل فى قانون تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، الذى اصدره الرئيس السابق المستشار عدلى منصور فى يناير الماضى، وأتاح قدرًا كبيرًا من المرونة، فيما يتعلق بالعقود والتخصيص وغيرهما، وهو قانون من شأنه ان يذلل الكثير من المشاكل فى المستقبل لكن الأزمة الحقيقية تكمن فى المشكلات الموروثة من الماضى، ونعمل حالياً من خلال اللجنة التى شكلها رئيس الوزراء، تحت إشرافه مباشرة، لحل مشكلات المستثمرين مع الدولة.
● «المال»: اللجنة تم الاعلان عنها منذ فترة ولم نسمع عن اى انجازات كبرى منذ تشكيلها؟
– عمل هذه اللجنة شديد الجدية، فخلال شهر واحد فقط من بدء مزاولة الحكومة الجديدة مهامها، عقدت اللجنة 12 اجتماعا، اتفقت خلالها على 4 أمور مهمة، اولها تصنيف مشكلات المستثمرين، وثانيها تحليل المشكلات الواقعة فى كل تصنيف، وثالثا البدء فى وضع خارطة طريق للحل، ورابعا انجاز حل لبعض المشكلات بالفعل.
وعلى سبيل المثال، وضعنا تصنيفاً يخص المشكلات التى انتقلت ملفاتها الى القضاء، وهذه لا نستطيع ان نتعامل معها فى الوقت الحالى، خاصة تلك التى حصلت على أحكام نهائية، واعتقد ان حلها الوحيد، هو المفاوضات القائمة على احترام احكام القضاء. اما التصنيف الذى يشمل المستثمرين والمشروعات التى تعانى مشكلات بيروقراطية، فأعدادها رهيب ونعمل على حلها بصورة يومية.
وهناك تصنيف ثالث، للمشروعات التى تواجه تعنتاً من جهات ادارية، اما التصنيف الرابع فيخص الحالات التى تمت احالتها للنيابة، ولم تمثل بعد أمام القضاء، والاسلوب الامثل للتعامل معها، يتمثل فى تشكيل لجنة من خبراء محايدين، وظيفتها بحث المشكلة، واعداد تقرير موقف أمين ومتكامل، يتم تقديمه للنائب العام، لمساعدته فى اتخاذ القرار المناسب.
ولكن يجب ان تضع فى الاعتبار ان ذلك كله ينطبق على المشكلات التى عرضت علينا، وان المزيد منها يصل الينا تباعًا فلا يمكن ان ندعى اننا قد وضعنا يدنا على جميع المشروعات والمستثمرين الذين يواجهون عقبات مختلفة فى سير أعمالهم.
اقرأ أيضا الحكومة تنشئ ترعة جديدة فى توشكى وتستعد لطرح قطع مرفقة
● «المال»: هل انتهت اللجنة من حل مشكلات معينة أو فى طريقها للافصاح عن حلول لها؟
– اعتقد انه خلال الاسبوعين المقبلين ستكون اللجنة قد انتهت من وضع ملامح التسويات النهائية لمشكلتين أو ثلاث.. واظن ان المشكلة الاقرب للحل، هى مشكلة شركة نوباسيد السعودية.
● «المال»: هذا بشأن التسويات وحل المشاكل المختلفة.ولكن هل يدخل أيضا ملف تشجيع تدفق الاستثمارات المباشرة فى نطاق جدول اولويات الوزارة؟
– محور إصلاح مناخ الاستثمار وتشجيعه بالغ الاهمية، ونسير به فى عدة اتجاهات متوازية، أولها العمل على سرعة الانتهاء من قانون الاستثمار الموحد، وثانيها تبسيط الاجراءات داخل هيئة الاستثمار، ثم تبسيطها بهيئة الرقابة المالية.
فيما يتعلق بهيئة الاستثمار، بدأنا باعادة تصميم الرسم البيانى الخاص بكل من اعتماد محاضر الجمعيات العمومية و تأسيس الشركات، كما تم فصل اجراءات كل منهما فى صالة مستقلة عن الأخرى، ونعمل على تطوير اسلوب تقديم الخدمة للمتعاملين، ليصبح مشابها لتقديمها بالبنوك، من خلال ماكينات تمنح رقما لكل متعامل، يستدعى به لشباك تقديم الخدمة، ونستهدف فى نهاية شهر أغسطس الحالى، ان نصل بزمن اجراءات اعتماد الجمعيات العمومية للشركات الى 48 ساعة، وتأسيس الشركات الى 72 ساعة، مقارنة بـ”7-8″ أيام ، و15 يوماً تقريبا فى الوقت الراهن، وحتى نتمكن من ذلك، يجرى حاليا صياغة قرار قانونى من أحد مستشارى مجلس الدولة، يحدد بدقة الامور التى ينبغى على موظف الهيئة مراجعتها فيما يتعلق بمحاضر الجمعيات، حتى لا يتعسف – بحسن نية – فى مراجعة تفاصيل لاشأن له بها من باب التحوط من المساءلة..وسيساعد ذلك كثيرا فى تحقيق الزمن المطلوب.
فيما يتعلق بتبسيط الاجراءات ايضا، يجرى حاليا مستشارو مجلس الدولة صياغة بند قانونى، يتم وضعه فى النظام الاساسى للشركات، يتيح للمستثمر تأسيس شركته واستخراج السجل التجارى والبطاقة الضريبية وفتح حسابات بالبنوك، مع ربط مزاولة النشاط باستخراج التراخيص اللازمة لذلك من الجهات المختلفة، كهيئة التنمية الصناعية وهيئة تنشيط السياحة ووزارة الاسكان والبيئة وغيرها، وهى فكرة استوحيناها من قانون سوق المال رقم 95 لسنة 92 الذى يتيح التأسيس لشركات الاوراق المالية، على ان تتم مزاولة النشاط عقب الحصول على ترخيص المزاولة..وسيساعدنا ذلك على الهبوط بزمن التأسيس فعليا لجميع الشركات الى 72 ساعة.
● «المال»: أعلن عن نظام الشباك الواحد منذ سنوات، وتم تفعيله بالفعل على الارض، ولكن بشكل أفرغه من مضمونه، وكما ذكرت فإن خفض زمن التأسيس، رغم مزاياه العديدة للمستثمرين، لن يمكنهم من مزاولة النشاط قبل استهلاك زمن قد يصل الى قرابة العام ، فى الدهاليز الحكومية المختلفة.فهل تستهدف استمراره على هذا النحو ام تطويره؟
– مشكلة تفعيل الشباك الواحد، تكمن خارج هيئة ووزارة الاستثمار، واستهدافنا تيسير الاجراءات داخل الهيئة، لا ينفى رغبتنا العارمة، فى القتال من أجل تطبيق الشباك الواحد بمضمونه الصحيح، لا بطريقة شكلية.
وفى هذا الإطار، يجرى العمل على محورين، اولهما يتجسد فى إعادة ثقافة الاعتناء بالمستثمر وخدمته، الى العاملين بالوزارة والهيئة، التى يجب ان نعترف بأن أول وآخر من بثها فيهم، كان الوزير الدكتور محمود محيى الدين، ثم اختفت تماما خلال السنوات الثلاث الماضية، لاسباب يطول شرحها.
باختصار نرغب ان نعوض بذلك عجز ممثلى الجهات الحكومية المختلفة الممثلة فى الشباك الواحد بهيئة الاستثمار، عن الاستجابة السريعة لحل مشكلات المستثمرين.فكما تعلم ان كل الاجراءات والتصاريح والمشكلات تقع خارج الوزارة، ومن ثم فان واجب موظفينا من أصغرهم وحتى الوزير، ينبغى ان يكون مساعدة المستثمر فى تذليل العقبات فى الجهات المختلفة كالوزارات والهيئات والمحافظات، وذلك ما أدعى اننا نقوم به فى الوقت الحالى، وبصفة خاصة فيما يأتينا من مشكلات كبيرة.
اما المحور الثانى والاهم، ويشكل الحل الدائم طويل الأجل، فيتمثل فى دراسة تفعيل الشباك الواحد بمنهجية مختلفة، والسيناريو الاقرب من وجهة نظرنا، يتلخص فى ضرورة ان يتمتع ممثلو الجهات والوزارات الحكومية المختلفة بمقر الشباك بهيئة الاستثمار، بتفويض وصلاحيات كاملة، تجعلهم قادرين على اتخاذ القرار، والتوقيع دون الرجوع لسلطة أعلى.
● «المال»: انتشر الحديث وتناثرت التصريحات فى الاشهر الأخيرة، عن تأسيس صندوق سيادى، لإدارة أصول الدولة، ويدخل ضمنها بالتأكيد شركات قطاع الأعمال العام، التابعة للوزارة.كيف ستتعامل فى هذا الاطار؟
– عرضت رأيى فيما يتعلق بشركات قطاع الاعمال العام أمام المجموعة الاقتصادية الوزارية، وملخصه انه بغض النظر عن تأسيس الصندوق من عدمه، أو تبعية تلك الشركات لوزارة الاستثمار أو إلى أى جهة أخرى، فإنه ينبغى علينا إحداث تغيير جذرى بهذا القطاع المهم، ومن ثم انتهينا من وضع خطة تطوير لملف قطاع الاعمال بالكامل، بدأنا تنفيذها فعليًا.
● «المال»: ما أهم ملامح تلك الخطة ؟
– الخطة تنقسم لثلاث مراحل، اولاها التشخيص، ثم اعادة هيكلة بعض الشركات بهدف خلق نماذج، يتم الاقتداء بها فى باقى الشركات، واخيرا تطبيق منهج الادارة بالاهداف، مع محاسبة ادارة الشركات التنفيذية، على مؤشرات الأداء.
ومرحلة التشخيص بدورها تنقسم الى مرحلتين، الاولى تقييم شركات قطاع الاعمال التى يبلغ عددها 124 شركة تتبع 8 شركات قابضة، وسيقوم بهذه المهمة، الشركات الحاصلة على ترخيص من هيئة الرقابة المالية لمزاولة دور المستشار المالى المستقل.
● «المال»: هل ستتم دعوة كل الشركات الحاصلة على هذا الترخيص للمشاركة فى إجراء هذا التقييم؟
– لا، حيث تم الاستقرار على 5 معايير، سيتم وضع كل من يستوفيها، فى قائمة المستشارين المستقلين المدعوين لاجراء تقييم شركات قطاع الاعمال العام، اولها الملاءة المالية حيث “يشترط ألا يقل رأس المال عن 3 ملايين جنيه”.وثانيها سجله التاريخى من حيث عدد ونوعية عمليات التقييم التى قام بها.ثالثا.عدد المحللين العاملين بالشركة.رابعا.ان تكون الشركة قد اجرت تحليلات قطاعية، بحد أدنى 5 قطاعات.خامسا. خلو سجل المستشار من أى خطابات لفت نظر من الهيئة، بشأن مناهج التقييم التى يتبعها.
وستجرى الوزارة تسعيراً لقيمة اجراء التقييم، سيكون اقل بنسبة خصم كبيرة عن السعر السائد فى السوق، وستتم دعوة كل من ستنطبق عليه المعايير، ومن سيقبل مساعدتنا فى ذلك العمل بهذا السعر فاهلا به.ولاحظ انه سيكون مطلوبا اجراء تقييمين لكل شركة من شركات قطاع الاعمال، نظرا لاختلافات التقييمات المتعارف عليها نتيجة تغير افتراضات بعض المستشارين الماليين فيما يتعلق بالشركة الواحدة.وبفرض ان عدد المستشارين الماليين المؤهلين سيصل إلى نحو 30 شركة فإن نصيب كل منها سيكون نحو 8 تقييمات، مما سيدفع اغلبهم الى قبول ما نطرحه من تسعير.
أما فيما يتعلق بالجزء الثانى من المرحلة الاولى، فيتضمن نقل ملكية بعض الشركات التابعة من شركة قابضة الى أخرى اكثر ملاءمة لطبيعة النشاط. وعلى سبيل المثال من الممكن نقل تبعية “المعمورة للاسكان والتعمير”، من القابضة للسياحة والسينما الى القومية للتشييد، كما يشمل هذا الجزء من المرحلة الاولى، نقل الاصول غير المستغلة لشركات اقدر على استغلالها أو ادارتها.علما بأن نقل تبعية شركة من قابضة لاخرى يتم بقرار من رئيس الحكومة، اما نقل الأصول فله طرق متعددة، قد يكون بالبيع لو كانت الشركة المشترية تمتلك السيولة اللازمة، او بالحصول على حق الادارة أو غير ذلك.
● «المال»: كم تستغرق هذه المرحلة؟
– نحو 8 أسابيع، بدأت بالفعل بعد اجازة عيد الاضحى مباشرة، وستليها على الفور المرحلة الثانية، والتى تشمل القيام باجراء اعادة هيكلة لشركتين أو ثلاث، بناء على نتائج المرحلة الاولى، وذلك بهدف وضع نموذج، يتم وفقا له اجراء اعادة الهيكلة لباقى الشركات.وقد تندهش اذا ما علمت، اننا سنبدأ بما يعتقد الكثيرون انها اكثر الشركات صعوبة وتعقيدا، وهى شركة الحديد والصلب، فهؤلاء يرونها تعانى مشكلة كبرى تتمثل فى تضخم عدد العمالة وارتفاع نسبة المصابين بينهم بامراض مزمنة نتيجة طبيعة العمل، فى حين ارى على العكس أنه يتوفر بها العديد من المزايا النسبية، فهى تمتلك الارض، والطاقة، والغاز الطبيعى، وترخيصاً يسمح لها بانتاج 1،2 مليون طن سنويا، ويمكن استغلال كل هذه المزايا، لانجاحها بشروط معينة، دون الاخلال بحقوق العمالة، وفى هذا السياق، نفكر حاليا فى تأسيس شركة جديدة مملوكة بنسبة تتراوح ما بين “80 و90″%، لشركة الحديد والصلب، والباقى لشريك من ذوى الخبرة، يتولى الادارة، على ان تقوم الشركة الجديدة، بضم عمالة من الشركة الام، وتشرع على الفور فى بناء صرح متكامل لصناعة الحديد، تبدأ من مكورات الحديد، مرورا بالـ «DRI » ثم البليت وأخيرا أسياخ التسليح، وبدون ذلك ستخسر الشركة. اما اذا تعاملت بمنطق الأنشطة المتكاملة، فمن الممكن ان تحقق ارباحا تصل الى نحو 2 مليار جنيه، ستكون اكثر من كافية لتغطية حقوق العمالة، بالإضافة إلى انه من المهم جدا فى المرحلة الحالية ان تتواجد الدولة فى هذا القطاع ونحن الآن ندرس سبل التمويل لانشاء هذا الصرح الضخم، ومن المتوقع أن يصل لنحو مليار دولار.
● المال : وكم تستغرق هذه المرحلة؟
– من 9 إلى 10 اسابيع.
تبدأ بعدها المرحلة الثالثة، وتشمل استكمال إعادة الهيكلة للشركات بناء على ما تم وضعه من نماذج فى المرحلة الثانية، مع التحول لأسلوب الإدارة بالاهداف، وقياس الأداء باستخدامات مؤشرات رئيسية، وسوف نقوم بمتابعة المحاسبة كل 3 اشهر، على ان يتم تغيير الإدارات التنفيذية أو اثابتها واستمرارها وفقا لنجاحها فى انجاز الاهداف الموضوعة.