تعد المشكلات البيئية الناتجة عن زيادة تغير المناخ من أهم القضايا المتجددة، التي تهدد الأمن العالمي والموارد البشرية، ومن ثم، لا بد أن يضع المجتمع الدولي ضوابط وأسسًا لإدارة تلك القضية الشائكة.
وقد أدرك المجتمع الدولي خطورة ظاهرة التغير المناخي وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، فتم التوقيع على عدد من البروتوكولات والاتفاقيات الدولية للحد من التغير المناخي، ما أسفر عن عدد من التزامات الدول المتقدمة تجاه نظيراتها النامية.
وتعددت أشكال تلك الالتزامات، منها اتفاقات التمويل التي أقرها بروتوكول كيوتو واتفاق باريس، ورغم وجود إجماع شبه دولي على هذه الاتفاقيات إلا أن فعاليتها لا تزال قيد التقييم.
ويمكن الاطلاع على دراسة أسماء رفعت في ذلك الصدد من هنا:
ويهدف المقال إلى التعرف على كيفية مواجهة ظاهرة تغير المناخ وتعزيز تدابير التخفيف والتكيف الفعالة مع قضايا تغير المناخ لدعم التنمية المستدامة، ومن ثم اقتراح سياسات لدعم صناع القرار في التعامل بفعالية مع تغيرات المناخ وتدابير التخفيف والتكيف الإيجابي معه، وتعزيز استخدام التمويل المقدم لذلك الغرض، ما يؤدي إلى دعم أهداف التنمية المستدامة.
وبين عبد الناصر سعيد في دراسته “ضغوط متراكمة: لماذا تتزايد مخاطر التغيرات المناخية في العالم؟” أن من المثير للاهتمام مشاهدة الظواهر الطبيعية على مدار العام، سواء أمطار موسمية أو فيضانات أو أمطار غزيرة أو أعاصير وحتى حرائق الغابات، لكن ما يشهده العالم تلك الأيام من ظواهر في معظم الدول مثل ألمانيا وبلجيكا وسويسرا وإنجلترا وتركيا والصين وغيرها، تعد ظواهر مناخية غير عادية في قوتها وعنفها، حيث أدت الأمطار والفيضانات والسيول الجارفة في بعض الدول إلى انهيار السدود، وتحويل الشوارع إلى أنهار، وتسببت في انهيارات البنى التحتية، وتعطيل المرافق والخدمات، مع صعوبة الأمر على السلطات وفرق الإنقاذ من السيطرة على تلك المواقف الكارثية الخطيرة.
بينما أكد توبياس جيان وجيمس مورسينك وليليانا شوماخر في دراستهم “تقييم مخاطر تغير المناخ باختبار أثر ضغوطه على الصلابة المالية”، على اندلاع حرائق واسعة النطاق في دول مثل روسيا وكندا والولايات المتحدة، حتى في سيبيريا المعروفة بثلوجها وبردها الشديد، إضافة إلى أن دول أفريقيا الوسطى المعروفة بمناخها شديد الحرارة شهدت درجات حرارة منخفضة وحادة وصلت مستوياتها إلى دون الصفر، فيما تتساقط الثلوج في شبه الجزيرة العربية، إضافة إلى هطول الأمطار في عدة مناطق منها، ناهيك هطول أمطار غزيرة وأعاصير ورياح قوية.
وأضاف جهاد أزعور وكريستوف دوينوالد في دراستهما “دون إجراءات للتكيف.. تواجه منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى خسائر مناخية فادحة”، أن الظواهر غير العادية أدت إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، ومع مرور الوقت ارتفعت أعداد الضحايا بين مئات القتلى والمفقودين وآلاف -وربما ملايين- من النازحين، إضافة إلى أعداد هائلة من الخسائر المادية تتجاوز مئات المليارات من الدولارات، خاصة إذا استمرت لفترة طويلة، ما دفع الكثيرين إلى التساؤل عن أسباب تلك الظواهر المفاجئة التي اجتاحت العديد من دول العالم.
والجراف التالي من تصميم الكاتب، يوضح تصنيف الأداء المناخي لسنة 2022 مقارنة بـ2021، من بيانات وكالة DW الإخبارية:
المناخ العالمي وعوامل التغير
وحسب العلماء، فإن هناك عوامل كثيرة لحدوث الظواهر الطبيعية، مثل الأمطار الغزيرة، والفيضانات، والسيول، والأعاصير، وكذلك الحرائق وحالات الجفاف، ولكن معظمها يرجع إلى التغيرات المناخية، خاصة وأنها أصبحت أكثر تواترًا وأشد تسارعًا وأرجح احتمالًا.
وقد عرفت يونسيف “التغيرات المناخية” بأنها حدوث اضطرابات في الأحوال الجوية المعتادة، مثل درجة الحرارة واتجاه الرياح ومستويات هطول الأمطار لكل منطقة من الأرض.
وبيّنت دراسة جهاد أزعور وكريستوف دوينوالد أن الاحتباس الحراري من أهم عوامل تغير المناخ، ويعني ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض نتيجة انبعاث الغازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين وغيرها)، ما يؤدي إلى اتساع ثقب الأوزون وارتفاع درجات الحرارة وحدوث الكوارث الطبيعية، كالحرائق، والفيضانات، والأعاصير، وذوبان الجليد، كما تؤثّر على ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات، وتسرب المياه المالحة إلى الموارد العذبة، ومن ثم تكون غير صالحة للشرب أو الزراعة، مع تأثيرها على النظم الفيزيائية والبيولوجية، مما يسبب الفيضانات، والجفاف الشديد، وقلة الأمطار، واندلاع حرائق الغابات على مساحات واسعة، كما حدث في ولاية تكساس الأمريكية عام 2011، حيث احترق نحو 4 ملايين فدان.
وذكرت دراسة توبياس جيان وجيمس مورسينك وليليانا شوماخر أن مركز خدمة المناخ التابع للأمم المتحدة قد أشار إلى أن درجات الحرارة وصلت إلى 130 درجة فهرنهايت في عام 2016، وربما هي النسبة الأعلى على الإطلاق الموثقة على الأرض، ورجحت ازدياد حدوث ظواهر جوية متطرفة، بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.
بينما تشير دراسة حديثة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمناخ وجامعة “سيتي” البريطانية، التي نشرت نتائجها مجلة “ذا كريوسفير”، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى انكماش الجليد في المناطق الساحلية الرئيسية في القطب الشمالي بنسبة 70% إلى 100% أكثر من المعدل الحالي، الأمر الذي يزيد من منسوب مياه المحيطات، ويؤدي إلى فقدان السواحل والأراضي الرطبة الساحلية، ويعزز المخاوف بشأن تداعيات استمرار ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة، التي لها آثار مدمرة على الزراعة وإمدادات المياه العذبة.
وحسب يونسيف، تتحد الانبعاثات الصادرة عن محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري مع الرطوبة في الهواء، ما يؤدي إلى هطول أمطار ذات محتوى حمضي مرتفع، وتظهر الأدلة الموثقة أضرارًا مادية للأشجار والحياة النباتية الأخرى، حيث تلوث الأمطار الحمضية الماء والتربة.
وتقول منى ظواهرية في دراستها “اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ورﻫﺎﻧﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ”، إن الدراسات التي أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) ترى أن التلوث وزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو سبب رئيس لتغير المناخ ينتج عنه تأثيرات معقدة للغاية، تشكل مع مرور الوقت العديد من الآثار السلبية، ناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة العالمية بسبب تسربات الغاز، ومن ثم، لفتت تلك الظواهر انتباه العلماء للبحث عن أسبابها وعوامل حدوثها، وذهبوا إلى وجود نوعين من العوامل والأسباب، تتمثل في العوامل الطبيعية والبشرية.
والجراف التالي من تصميم الكاتب، يرصد أكبر 10 كوراث طبيعية مثلت ضررًا اقتصاديًا على العالم منذ 1995 حتى 2021، وفقًا لبيانات منصة ستاتيستا:
وأوضحت دراسة منظمة الصحة العالمية “تغير المناخ” أكد العلماء على أن العوامل الطبيعية لها دور كبير في حدوث التغير المناخي، خاصة النشاط الشمسي، ومن هذه العوامل نجد أن القياسات السطحية تشير إلى أن معدل الإشعاع الشمسي الواصل إلى سطح الأرض يتغير من وقت لآخر، كتغير الإشعاع الشمسي نتيجة العوامل الفلكية ومنها النشاط الشمسي وظهور البقع الشمسية، أو تغير شفافية الغلاف الجوي، بسبب وجود شوائب دقيقة عالقة في طبقاته، ويعد الجيوفيزيائي ميلانكوفيتش ميلوتين أول من وضع نظريته في عام 1920 بأن التغيرات المناخية للأرض في السنوات الأخيرة ترتبط بالتغيرات في كمية الإشعاع الشمسي الذي تستقبله الأرض.
وأضافت دراسة أسماء رفعت أن للبراكين، كذلك، تأثير على مناخ الأرض، نتيجة ما تطلقه من أتربة وغازات في الغلاف الجوي، حيث تحجب الغازات جزءًا من الإشعاع الشمسي، ما يؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة، ويعتقد العلماء أن ضعف النشاط البركاني أدى إلى زيادة كثافة درجة الحرارة، على عكس ما يعتقده الكثيرون من أن النشاط البركاني يزيد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
والجراف التالي من تصميم الكاتب، يوضح الخسائر العالمية إثر الكوارث الطبيعية في الـ20 سنة الأخيرة:
وتضيف دراسة صابر عثمان “تأثير التغيرات المناخية على مصر وآليات المواجهة” أن العواصف الترابية في المناطق القاحلة وشبه القاحلة تعاني من تدهور الغطاء النباتي وقلة الزراعة والأمطار، إضافة إلى أن الأشعة الكونية الناتجة عن انفجار بعض النجوم التي تضرب الغلاف الجوي العلوي للأرض تؤدي إلى تكون الكربون المشع.
ويمكن التوسع أكثر في تلك الناحية من الدراسة التالية لعائشة السريجي وماري لومي:
الإنسان.. شريك في الجريمة
وأكدت دراسة جهاد أزعور وكريستوف دوينوالد أن النشاط البشري السبب الرئيس وراء التغير المناخي المفاجئ، وذلك بسبب انبعاث الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي، وخاصة ثاني أكسيد الكربون والميثان، حيث ارتفعت درجة الحرارة بشكل غير طبيعي، مما أحدث خللًا في النظام المناخي العام، ووصلت نسبة تركيز الغازات في الغلاف الجوي إلى الحد الأقصى، بسبب زيادة المصانع خلال الـ150 عامًا الماضية، إضافة إلى استهلاك البشر للطاقة بشكل ملحوظ.
والجراف التالي يوضح مجمل الخسائر التي لحقت بكوكب الأرض في 2021 و2022 وإجمالي الـ10 سنوات الماضية بناء على بيانات شركة سويس ري العالمية لإعادة التأمين:
وقد حظيت قضية تغير المناخ باهتمام كبير في السنوات الأخيرة، وتحولت إلى أحد أبرز الخلافات بين الدول، وربما أحد أهم أسباب الصراعات، حيث أصبحت تداعياتها واقعًا ملموسًا في كل مكان، حيث تؤثر بشكل مباشر على كل جوانب الحياة، ولا تتوقف آثارها عند الأحوال الجوية والمناخية فحسب، بل تمتد إلى كل شيء.
وبيّنت يونسيف أن التغير المناخي إنما يؤدي إلى تقليل التنوع البيولوجي، إضافة إلى انقراض بعض أنواع الكائنات الحية، كما يجعل من الصعب على الكثير منها البقاء على قيد الحياة، فضلًا على نمو كائنات أخرى ضارة بالإنسان، بينما يتسبب التغير العنيف الذي يصنعه الإنسان في الطبيعة عمداً في انبعاث كميات هائلة من الملوثات إلى الغلاف الجوي للأرض، ما يؤدي إلى تغير الطبيعة، لحد أصبحت تشكل فيه تهديدًا مباشرًا لوجود الإنسان نفسه.
وذكرت أن من المتوقع تعطل إمدادات المياه العذبة بشدة، ما يؤدي إلى تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية التي تعتمد على مياه الأمطار، خاصة في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في وقت يعاني فيه أكثر من نصف سكان العالم من انعدام الأمن المائي، حسب منظمة الصحة العالمية، فمشكلة المياه تعد إحدى القضايا التي سيواجهها الجيل الحالي قريبًا جدًا، تؤدي إلى نزوح وهجرة جماعية.
ويمكن الاستزادة من تلك المعلومات عبر الدراسات التالية:
ويؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى الجفاف الشديد، كما أن السوائل الغزيرة تؤدي إلى إتلاف العديد من المحاصيل، ما يسفر عن عدم زراعة أنواع متعددة، منها الضروري لحياة الإنسان. وتوقع تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية بتغير المناخ، أن تلحق الظواهر الكربونية المتطرفة بإنتاج النباتات الطبية في العديد من مناطق العالم بحلول عام 2050، وسيدفع ثمن ذلك 183 مليون شخص من ذوي الدخل المنخفض من أصحاب الأمراض المزمنة.
ويؤثر التغير المناخي على النظم الحضرية، من خلال الظواهر الجوية العنيفة التي يسببها، ما يسبب أضرارًا كبيرة للبنية التحتية وتعطيل حركة النقل والاتصالات، وقد يشل حركة الأشخاص، حيث يؤثر بشكل عام على نمط الحياة المعتاد، إضافة إلى العوائق الكبيرة أمام ممارسة الحياة بشكل طبيعي، ويؤدي في بعض الأحيان إلى حركة نزوح كبيرة من مناطق الكوارث إلى أماكن أكثر أمانًا.
والدراسة التالية لسامي الطيب ترصد بتفصيل مسئولية الدول عن ظاهرة الاحتباس الحراري:
وتؤثر التغيرات المناخية، خاصة إذا كانت عنيفة أو مستمرة لأوقات غير معتادة، على مصادر الطاقة وعمليات الإمداد والتمويل، نتيجة توقف وسائل النقل والاتصالات، ما يضعف عمليات التصنيع ويعطل حركة الإنتاج والتوزيع ويعوق تنمية عدد من اقتصادات الدول.
والجراف التالي من تصميم الكاتب يرصد الأعاصير الكبرى في شمال المحيط الأطلنطي منذ عام 1950 إلى 2022، من بيانات شركة ميونخ ري العالمية لإعادة التأمين:
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن ارتفاع منسوب المياه بسبب تغير المناخ يتسبب في تكاثر حيوانات أخرى ناقلة للفيروسات والبكتيريا، كما ستغرق بعض المناطق، بينما سيؤدي ركودها إلى تكاثر البكتيريا، خاصة في المناطق التي تتم فيها معالجة المياه بأساليب رديئة، كما أنها ستكون سببًا في انتشار حمى الماء، وقد يؤدي التغير المناخي بين عامي 2030 و2050 إلى زيادة عدد الوفيات بمقدار 250 ألف حالة إضافية سنويًا، بينهم 38 ألفاً من كبار السن بسبب التعرض لأشعة الشمس، إضافة إلى 48 ألف شخص بسبب الإسهال والملاريا، في حين يتوقع أن ما بين 60 و95 سيموتون، فضلًا على آلاف الأطفال بسبب سوء التغذية، ناهيك عن زيادة الأمراض، بينما تتعرض الأنظمة الصحية لضغوط أكبر ولفترة أطول مع ارتفاع تكاليف العلاج.
ولا شك أن الآثار الكثيرة التي يمكن رؤيتها بالفعل في كل مكان، الناتجة عن الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي وعبث الإنسان، تؤدي إلى تداعيات سلبية على كل جوانب الحياة وبطرق مختلفة، وحذرت منظمة الصحة العالمية، من ضعف ركائز استدامة أسس صحة الإنسان، من غذاء وماء ومأوى.
والدراسة التالية للمعتصم مصطفى تشتمل على الكثير من التفصيل في المخاطر السابقة:
الصحة العالمية في خطر
وذكرت دراسة توبياس جيان وجيمس مورسينك وليليانا شوماخر أن تغير المناخ يمثل أكبر تهديد لصحة البشر، بينما يجب على العالم أن يحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية، فارتفاع درجات الحرارة والتغيرات الأخرى في المناخ أمر لا مفر منه، وحتى الاحتباس الحراري بمقدار 1.5 درجة مئوية لا يعد آمنا، فكل 10% إضافية في درجة الاحترار ستسبب أضرارًا جسيمة على حياة الناس وصحتهم.
كما تهدد أزمة المناخ بتقويض التقدم الذي أحرزه العالم على مدى الـ50 عامًا الماضية في مجالات التنمية والصحة والحد من الفقر، فضلًا على زيادة اتساع الفوارق في الصحة بين المجموعات السكانية، كما تؤثر سلبًا على التنمية، بما في ذلك زيادة أعباء الأمراض الحالية وتفاقم العوائق التي تحول دون الوصول إلى الخدمات الصحية، حيث إن أكثر من 930 مليون شخص (حوالي 12% من سكان العالم) ينفقون ما لا يقل عن 10% من ميزانية أسرهم لتكاليف الرعاية الصحية، بسبب آثار تغير المناخ.
وبيّنت يونيسف أن تغير المناخ يؤثر بالفعل على الصحة بطرق عديدة، بما في ذلك التسبب في الوفاة والمرض نتيجة للظواهر الجوية المتطرفة المتكررة بشكل متزايد، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات وتعطيل النظم الغذائية وزيادة الأمراض الحيوانية المنشأ والأمراض المنقولة عن طريق الأغذية والمياه والنواقل، فإنه يلغي العديد من المحددات الاجتماعية للصحة الجيدة، مثل سبل العيش والمساواة، والحصول على الرعاية الصحية وهياكل الدعم الاجتماعي، فضلًا على تأثر صحة الفئات الأكثر ضعفًا وحرمانًا، بما في ذلك النساء والأطفال والأقليات والمجتمعات الفقيرة والمهاجرين أو المشردين وكبار السن والأفراد الذين يعانون من ظروف صحية خاصة.
وأشارت وزارة الصحة السعودية إلى أن لتغير المناخ تأثير واضح على صحة الإنسان يظل من الصعب تقدير حجمه وتأثيره بدقة، لكن التقدم العلمي يسمح تدريجيًا بمعدلات زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات بسبب الاحتباس الحراري الناجم عن الإنسان، وتحديد المخاطر ومدى التهديدات الصحية بطريقة أكثر دقة.
والتقرير التالي ليونسيف يرصد الكثير من التفصيلات الخاصة بخطورة الكوارث المناخية على الأطفال
الآثار العابرة للحدود لتغير المناخ في المنطقة العربية
وتضم المنطقة العربية، التي تمتد على مساحة تزيد على 13 مليون كيلومتر مربع في أفريقيا وآسيا، مناطق مناخية وأنظمة بيئية طبيعية متنوعة تتراوح بين الصحاري القاحلة والغابات والأنهار، وتظهر نماذج محاكاة تغير المناخ أن درجات الحرارة في المنطقة قد ترتفع بمقدار 1.2 إلى 1.9 درجة مئوية بحلول عام 2046 إلى 2065، وبنسبة 1.5 إلى 2.3 درجة مئوية بحلول عام 2081 إلى 2100، في ظل سيناريو درجة الحرارة المعتدلة، ومن 1.7 إلى 2.6 درجة مئوية و3.2 إلى 4.8 درجة مئوية على التوالي في ظل السيناريو الأسوأ لارتفاع درجات الحرارة، ولتلك الزيادات في درجات الحرارة انعكاسات على النظم البيئية الطبيعية، التي غالبا لا تتوقف عند حدود معينة.
ومن المرجح أن تتجاوز تأثيرات تغير المناخ حدود الدول وتؤثر على الموارد المشتركة، ما يعني أن آثار تغير المناخ في دولة ما قد تؤدي إلى تفاقم المخاطر في دول أخرى مجاورة، خاصة في ظل التفاوت بين الدول العربية في الموارد الطبيعية والظروف الاجتماعية والاقتصادية.
ويمكن الاطلاع على مزيد من التفاصيل بذلك الصدد المجلس القومي للسكان التالية:
وتسبب الظروف المناخية القاسية، زيادة الحرارة والتبخر، ما يسبب ضغوطًا جديدة على الموارد المائية، وبما أن 66% من موارد المياه العذبة في الدول العربية تنبع من خارج حدودها الوطنية، وتشترك 14 دولة في نهر النيل، فإن هناك مخاوفًا متزايدة من أن يكون تغير المناخ عاملًا محفزًا لتفاقم ندرة المياه في الدول العربية.
ومن المؤكد أن المنطقة العربية تعاني بالفعل من ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى أن أي ارتفاع طفيف في درجة الحرارة قد يؤدي إلى زيادة ناقلات الملاريا والحمى الصفراء وحمى الضنك وغيرها من الأمراض المعدية.
ويزيد تلك الضغوط من توسع صحراء الربع الخالي، التي تشكل جزءاً من المملكة العربية السعودية وعمان والإمارات العربية المتحدة واليمن، إضافة إلى انخفاض هطول الأمطار السنوي، والضغوط على المياه وحالات الجفاف المتكررة، ما يؤثر على الزراعة والتنوع البيولوجي، فضلًا على إحداث تأثيرات مماثلة بسبب توسع الصحراء الكبرى، التي تغطي حوالي 31% من أفريقيا، بينما تواجه السودان والصومال ومصر وجيبوتي (12% من غابات المنطقة العربية)، تحدي فقدان الغابات بسبب عدد الضغوط الحرارية والمائية.
والجراف التالي من تصميم الكاتب، يرصد حجم خسائر سوق التأمين بسبب الكوارث العالمية منذ 2005 وحتى 2022، وفقًا لشركة سويس ري العالمية لإعادة التأمين:
بينما تمتد الأنظمة البيئية الساحلية على مسافة 22,105 كيلومتر في المنطقة العربية، وتواجه خطرًا جسيمًا نتيجة الارتفاع المتوقع في مستوى سطح البحر وزحف المياه المالحة وفقدان الأراضي الزراعية، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تأثيرها السلبي على السياحة والثروة السمكية وتسبب الفيضانات ونزوح السكان.
والجراف التالي من تصميم الكاتب يرصد الأعاصير الكبرى في شمال غرب المحيط الهادي منذ 1950 وحتى 2022، بناء على بيانات شركة ميونخ ري العالمية لإعادة التأمين:
وهكذا، فإن تدهور الموارد الطبيعية، وخاصة الضغط على الموارد المائية، قد يؤدي إلى اندلاع الصراعات أو انعدام الأمن بطرق مختلفة، في حين يشكل تغير المناخ تحديًا ذا طبيعة خاصة للدول الضعيفة أو الغاصة بالصراعات، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع على أرض الواقع، مع مزيد من الاضطرابات في الاستقرار، فضلًا على الهجرة القسرية.
والدراسة التالية ترصد العديد من الجهود الدولية لقضايا تغير المناخ، أعدتها إنجي مصطفى:
وتعد التغيرات المناخية الخطيرة من أهم التحديات التي تواجه الدول والحكومات في المستقبل، خاصة أن الاستعدادات الحالية لمواجهة تداعياتها قد لا تكون كافية، إضافة إلى النقص الكبير في الوعي العام بمخاطر الظواهر المناخية غير العادية والطارئة، بينما أصبحت مظاهر القلق واضحة لدى الكثيرين حول العالم خوفًا من تداعيات تلك الظاهرة المستمرة.
وقد قادت الأمم المتحدة الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ منذ عقود، وعقدت العشرات من المؤتمرات الدولية حول تلك القضية، ويعتبر “اتفاق باريس للمناخ 2015” أهم إنجاز لتلك الجهود، فهو اتفاق دولي غير مسبوق للتصدي للتغير المناخي العالمي الاحتباس الحراري، حيث تعهدت 195 دولة باتخاذ مجموعة من التدابير والقرارات المتعلقة بالمناخ لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ووضعت الاتفاقية أطرًا شفافة لتعزيز الثقة بين الدول فيما يتعلق بدورها في التصدي لتغير المناخ، بهدف خفض الانبعاثات، في حين يتعين على البلدان النامية أن “تستمر في تحسين جهودها” في التعامل مع ظاهرة الانحباس الحراري العالمي “في ضوء ظروفها الوطنية”، كما تهدف إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها أقل درجتين مئويتين مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، ومواصلة الجهود لوقف ارتفاع درجة الحرارة.
والجراف التالي من تصميم الكاتب، يرصد الأعاصير في شمال المحيط الأطلنطي منذ عام 1950 حتى 2022، بناء على بيانات شركة ميونخ ري العالمية لإعادة التأمين:
وتهدف الاتفاقية كذلك إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45% بحلول عام 2030، مقارنة بمعدلات عام 2010، وجعلها (صفر) بحلول عام 2050، مع تشجيع الاستثمارات المتطورة في تقنيات الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والحرارة الأرضية والارتقاء بالطاقة المتجددة لتوفير ما بين 50% إلى 70% من احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050 مع الحد من استخدام الوقود الأحفوري، إضافة إلى إنشاء آلية مراجعة كل 5 سنوات للتعهدات الوطنية التي تبقى طوعية، ومن المفترض أن تتم المراجعة الإلزامية الأولى في عام 2025 ويجب إحراز تقدم بها.
ويمكن الاطلاع على جميع مواد الاتفاقية في الملف التالي:
وحسب يونسيف قد حذر الأمين العام للأمم المتحدة من فشل مواجهة تغير المناخ واستمرار ذوبان المناطق القطبية وموت الشعاب المرجانية وارتفاع منسوب المحيطات، لأن حدوث ذلك يلقي بالمزيد من البشر إلى الموت بسبب تلوث الهواء والمعاناة من المياه والارتفاع الحاد في تكاليف الكوارث التي سببتها الظواهر العنيفة التي أصبحت تهدد الجميع بلا استثناء.
وتشير دراسة الدكتور عمرو حمزاوي وآخرين إلى ضرورة توافر الإرادة السياسية الدولية لمواجهة تحديات تغير المناخ، مع تحرك كافة دول العالم لاستكمال الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تداعياته المحتملة، التي لم تعد تقتصر على مناطق محددة، إضافة إلى تعزيز التعاون المشترك وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول وبعضها، لمواجهة التحديات وتكاليف الأضرار الناجمة عنها ولا تستطيع الدول تحملها.
وقد غدا وضع إستراتيجيات محلية ودولية متقدمة لمواجهة الظواهر المستجدة أمرًا لازمًا، فضلًا على الاستعداد المسبق لتقليل حجم الخسائر المحتملة مستقبلًا، فقد لا يحتمل عواقبها، ولا بد من دعم المراكز البحثية لدراسة تغير المناخ، وزيادة الاستثمار في التقنيات النظيفة والطاقة المتجددة، ناهيك عن تطوير أنظمة الإنذار المبكر للتحذير من التغيرات المناخية في الوقت المناسب، وزيادة الوعي العام بمخاطر التغيرات الطارئة.
والجراف التالي من تصميم الكاتب، يرصد عدد العواصف الاستوائية في شمال المحيط الأطلنطي منذ عام 1950 حتى 2022، وفقًا لبيانات شركة ميونخ ري العالمية لإعادة التأمين:
وأصبح التخطيط للكوارث ضرورة حتمية، في ظل التغيرات المفاجئة التي يشهدها العالم وتؤدي إلى عواقب كارثية، حيث تؤكد الأدلة أنه لا يوجد مكان على وجه الأرض بعيد عن تداعيات تغير المناخ.
ويمكن القول إن التعامل مع التغيرات المناخية يجب أن يأخذ درجة أكبر من الجدية، على المستوى الدولي والمحلي العام والشخصي، حيث أصبحت المخاطر أقرب من أي وقت مضى، ومن المهم أن تمتلك الدول المهارات اللازمة للتعامل مع التغيرات المناخية الطارئة وتوخي الحذر بشكل مستمر.
ويمكن الاطلاع على التقرير التالي لمنظمة الأنظمة والزراعة لبيان مزيد من التفاصيل:
وعلى الرغم من إحراز بعض التقدم في بناء القدرة على الصمود والحد من الخسائر والأضرار، فإن التعامل مع المناخ يتطلب إلى حد كبير تركيزًا واضحًا على الناس وصحتهم وسبل عيشهم والمتابعة المستمرة معهم.
ويهدف إطار عمل سنداي 2015 إلى تحقيق نتائج خلال 15 عامًا، للحد بشكل كبير من مخاطر الكوارث والخسائر الكبيرة في الأرواح وسبل العيش والصحة والأصول الاقتصادية والمادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للأشخاص والشركات والمجتمعات والبلدان، ويتطلب تحقيق تلك النتيجة التزامًا قويًا ومشاركة القادة السياسيين في كل بلد على جميع المستويات في تنفيذ ومتابعة إطار العمل، وفي تهيئة البيئة التمكينية اللازمة والمساعدة في تنفيذه.
ويوصي إطار سنداي 2015 بمنع ظهور مخاطر الكوارث والحد من المخاطر القائمة، عبر تنفيذ تدابير اقتصادية وإنشائية وقانونية واجتماعية وصحية وثقافية وتعليمية وبيئية وتكنولوجية وسياسية ومؤسسية متكاملة وشاملة تمنع وتقلل من التعرض للمخاطر وقابلية التعرض للكوارث، مع تعزيز التصدي لها والتعافي منها، وبالتالي تعزيز القدرة على مواجهتها.
ويتطلب السعي لتحقيق منع ظهور الكوارث الطبيعية تعزيز القدرة التنفيذية لدى البلدان النامية، وخاصة البلدان الأقل نموًا، مثل البلدان الجزرية الصغيرة، وغير الساحلية، والأفريقية، فضلًا على البلدان متوسطة الدخل التي تواجه صعوبات خاصة.
والجراف التالي من تصميم الكاتب، يرصد عدد العواصف الاستوائية في شمال غرب المحيط الهادي منذ عام 1950 إلى 2022، بناء على بيانات شركة ميونخ ري العالمية لإعادة التأمين:
ولا بد من حشد الدعم، عبر التعاون الدولي، لتوفير وسائل التنفيذ، وفق عملية تقييم التقدم العالمي المحرز نحو تحقيق النتيجة المرجوة والهدف المنشود من الإطار، مع وضع المؤشرات المناسبة لقياس الأهداف على المستوى العالمي، وتحديد 7 أهداف عالمية لتحقيق النتيجة المرجوة.
وتتمثل النتائج المرجوة من تفعيل إطار سنداي 2015 في خفض الوفيات الناجمة عن الكوارث العالمية بشكل كبير بحلول عام 2030، بهدف خفض متوسط الوفيات الناجمة عن الكوارث العالمية لكل 100 ألف شخص في العقد 2020-2030 مقارنة بالفترة 2005-2015، وخفض عدد الأشخاص المتضررين بشكل كبير على مستوى العالم بحلول عام 2030، بهدف خفض المتوسط العالمي لكل 100 ألف شخص في العقد 2020-2030 مقارنة بالفترة 2005-2015.
ويهدف الإطار أيضًا إلى الحد من الخسائر الاقتصادية الناجمة مباشرة عن الكوارث، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحلول عام 2030، إضافة إلى الحد من الأضرار الناجمة عن الكوارث التي تلحق بالبنية التحتية الحيوية والتعطل الذي تسببه للخدمات الأساسية، بما في ذلك المرافق الصحية والتعليمية، عبر تطوير قدرتها على تحمل الكوارث بحلول عام 2030.
ويهدف إطار سنداي 2015 كذلك إلى زيادة عدد إستراتيجيات البلدان للحد من مخاطر الكوارث بشكل كبير بحلول عام 2030، مع تعزيز التعاون الدولي مع البلدان النامية، عبر إيجاد الدعم الكافي والمستدام لاستكمال عملها الوطني المنجز، من أجل تنفيذ الإطار بحلول عام 2030، إضافة إلى زيادة توافر أنظمة الإنذار المبكر بالمخاطر المتعددة وإمكانية الوصول إليها وتقييمها.
ويمكن الاطلاع على مزيد من التفصيلات الجوهرية بإطار سنداي 2015 من الملف التالي:
التأمين ومخاطر المناخ
يمكن أن تساعد حلول التأمين على تعزيز العمل المبكر في مواجهة أي كارثة، وزيادة وتيرة التعافي من أجل استعادة سبل كسب العيش وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية، حتى يتمكن الناس والمجتمعات المحلية والاقتصادات من النهوض من جديد، ويمكن تطوير حلول توفر التمويل لمساعدة البلدان المعرضة للخطر على إدارة مخاطر الكوارث بطريقة استباقية، بالاستعانة بمجموعة من الأدوات المالية.
فبفضل وثيقة التأمين التي اشترتها فانواتو من خلال مبادرة المحيط الهادئ لتقييم مخاطر الكوارث وتمويل إدارتها، كأداة لتمويل مواجهة المخاطر التي يدعمها البنك الدولي، حصلت على مليوني دولار، لدعم تعافيها بعد 7 أيام فقط من تعرضها للدمار من جراء إعصار “بام”، وإن كان المبلغ لا يبدو كبيرًا، إلا أنه يعد 8 أضعاف الميزانية التي خصصتها الحكومة لمواجهة الطوارئ في البلاد، ومن ثم فقد كان لذلك أهمية في دعم الجهود المبذولة لنقل الممرضات جوًا إلى المناطق المتضررة، من أجل إنقاذ الأرواح.
ويتمكن الأفراد والأسر أيضًا من الحصول على تغطيات تأمينية ضد آثار الكوارث، وهكذا، فإن صندوق التأمين العالمي المستند إلى المؤشرات يوفر حلولًا لتحويل مخاطر الكوارث وتوفير التأمين المستند إلى المؤشرات للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والمشروعات والمؤسسات متناهية الصغر في البلدان النامية، حيث قدم 151 مليون دولار في شكل تأمين يغطي 6 ملايين شخص تقريبًا، بمناطق أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
وتساعد حلول التأمين الحكومات على حماية ميزانياتها وحياة مواطنيها وسبل كسب عيشهم من آثار الكوارث، ما يحمي جهود التنمية الاقتصادية والحد من الفقر، حيث يسقط نحو 26 مليون شخص في براثن الفقر من جراء الكوارث مثل حالات الجفاف والفيضانات والأعاصير والزلازل، فضلًا على أن الكوارث الاقتصادية العالمية تخلف ما يقدر بنحو 520 مليار دولار سنويًا، مع تحمل البلدان العبء الأكبر لآثارها.
وعلى سبيل المثال، أطلقت ألمانيا، والمملكة المتحدة، والبنك الدولي، والصندوق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها، مع أكثر من 30 منظمة غير حكومية، شراكة عالمية جديدة أطلق عليها اسم القدرة على الصمود عن طريق التأمين، تشارك في رئاستها مجموعة الدول الـ20 المعرضة للمخاطر ومجموعة العشرين، بهدف التوسع في تمويل مواجهة مخاطر المناخ وتعزيز حلول التأمين في البلدان النامية، مع تحفيز إنشاء أسواق فعالة للتأمين ضد مخاطر المناخ والاستخدام الذكي للخطط المتصلة بالتأمين من أجل شعوب البلدان النامية وأصولها المعرضة للخطر.
ووفر برنامج التأمين ضد مخاطر الكوارث بالفلبين لـ25 إقليمًا أكثر من 100 مليون دولار في شكل تغطيات تأمينية ضد الأعاصير الكبرى، عن طريق المشاركة في تحمل المخاطر وتحويلها إلى أسواق إعادة التأمين الخاصة، وبموجبه قُدم التأمين ضد مخاطر الكوارث للحكومة الوطنية و25 إقليمًا، مع وساطة البنك الدولي في تحويل المخاطر إلى الشركات الدولية لإعادة التأمين، مثل نيفيلا “Nephila”، وسويس ري “Swiss Re”، وميونخ ري “Munich Re” عن طريق “New Re”، وأكسا “Axa”، وهانوفر ري “Hannover Re”. وقدمت شركة إير وورلدوايد “Air Worldwide” نماذج المخاطر الأساسية.
كما استثمرت حكومة الفلبين في بعض الأدوات المالية التي توفر حماية شاملة ضد آثار الكوارث والصدمات المناخية، مثل خط ائتمان طارئ مع البنك الدولي، لا سيما أن المتوقع أن تتكبد الفلبين، من جراء الأعاضير، خسائر في الأصول تبلغ 3.5 مليار دولار سنويًا، بينما يساهم برنامج التأمين في مواجهة آثار الكوارث الطبيعية الشديدة، عبر اتخاذ إجراءات مبكرة فور وقوع أي كارثة، ما يؤدي في النهاية إلى الحد من تداعياتها الإنسانية والتنموية.
كلمة أخيرة
أكدت دراسة سامي الطيب إدريس المعنونة بـ”المسئولية الدولية عن الأضرار البيئية لظاهرة الاحتباس الحراري” على أن نـشر الـوعي البيئي وتشجيع الاسـتثمار في التكنولوجيا النظيفة من أهم العوامل التي تسهم في علاج ظاهرة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
وبيّنت أن قـضايا التـصنيع النظيف لا بد أن تُؤخذ على محمل الجد حتى تنفذ بطرق ناجعة ترجع آثارها على البيئة، مع تقديم حوافز مادية ومعنوية لمساندة المشروعات الصناعية للتحول من التقليدي منها إلى ما هو صديق للبيئة، عبر تغيير الأنظمـة الموروثـة.
وللاطلاع على الدراسة كاملة فيما يلي:
وهكذا، فإن المجتمع الدولي ينبغي أن يعمل عـلى وضع قواعد قانونيـة ملزمـة بخـصوص البيئة، نظرًا لما تـسببه طرق التلوث من جرائم في حق الإنسانية وانتهاك حقوق الإنسان، مع إيجاد حلول تسمح للدول الفقـيرة تقليل أخطارها، والتكيف مع الظروف البيئية المتغيرة.
وعلى أن المجتمع الدولي إصدار تدابير صارمة وملزمة للتعـاون لوضـع اقتصاد دولي مـساند ومفتـوح يفـضي إلى تعزيز العمل عـلى حلول مشكلات تغير المناخ، آخذًا في الاعتبار الأبعاد المستدامة لدى البلدان النامية.