أعلن أمس، في بيان صحفي، عن انخفاض معدل التضخم الأساسي بنحو 2.2% خلال شهر، حيث انخفض من 38.1% لشهر أكتوبر الماضي، إلى 35.9% لشهر نوفمبر، بالإضافة إلى انخفاض معدل التضخم العام، المعد من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى 34.6% لنوفمبر الماضي، مقابل 35.8% للشهر السابق له.
مصادر الضغوط التضخمية
وفقًا لصندوق النقد العربي، هناك 4 أنواع من مختلفة من التضخم، أولهم التضخم الذي يحدث نتيجة لارتفاع في جانب الطلب الكلي، مع ثبات المعروض من السلع، وهو ما يسمى بالـ Demand pull inflation، وهذا النوع يضغط على الموارد المحلية ويدفع سعرها للارتفاع، أما النوع الثاني فيحدث نتيجة لصدمة في جانب العرض الكلي، ويٌطلق عليه بالـ Cost pull inflation أي التضخم الذي يقوده فيؤدي لرفع تكلفة الإنتاج سواء المواد الخام أو الوقود، مما يدفع المنتجين لرفع أسعار منتجاتهم لتعويض الفرق في تكلفة مدخلات الإنتاج.
ويحدث النوع الثالث نتيجة لتعرض العملة المحلية لدولة ما لضغوط شديدة، تنتج عن انخفض قيمتها مقابل العملات الأجنبية، وهو ما يدفع أسعار السلع المستوردة للارتفاع، ويسمى بالتضخم المستورد أو Pass – through inflation، أما النوع الأخير للتضخم فيحدث نتيجة لتوقعات الأفراد لحدوث تضخم في المستقبل، فيتكالبون على شراء السلع مما يؤدي للضغط على الموارد ورفع أسعارها.
نقص العملة الأجنبية والتشديد النقدي
عانت مصر منذ إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 من أزمة في جانب العرض الكلي، ونقص في الموارد من العملة الأجنبية، يأتي ذلك نتيجة لخروج ما يقرب من 22 مليار دولار من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلي من السوق المصري، وفقًا لتصريحات سابقة لوزير المالية محمد معيط، بسبب اتباع الفيدرالي الأمريكي لسياسة رفع الفائدة، فمن خصائص الأموال الساخنة نزوحها أوقات الأزمات من الأسواق الناشئة إلى الأسواق الأكثر استقرارًا وصلابًة كالولايات المتحدة الأمريكية، وبناء عليه ارتفعت أسعار السلع المستوردة في الاقتصاد المحلي بشكل غير مسبوق، فعلى سبيل المثال لا الحصر تستورد مصر من روسيا وأوكرانيا ما يقرب من 80% من الاحتياجات السنوية من القمح.
دفعت تلك التطورات معدلات التضخم الأساسي للتحليق بعيدًا عن مستهدفات البنك المركزي (7%، +-2%)، فبدأ من معدل مستقر بلغ 7.2% لشهر فبراير 2022، وظل يرتفع بشكل متتالي حتى بلغ ذروته بعد عام، ليصل إلى 40.2% لشهر فبراير 2023،ولا يزال التضخم يحلق فوق معدل الـ 30%، على الرغم من كل الجهود المبذولة لاتباع سياسة نقدية انكماشية (رفع أسعار الفائدة).
بدأ بالاستجابة ورفع معدلات الفائدة منذ مارس 2022، فرفع بنسبة 1%، ثم 2% في اجتماع مايو 2022، ثم 2% في أكتوبر، ليغلق العام على قرار رفع الفائدة بنسبة 3%.
وفي عام 2023، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 3% على مدار اجتماعي مارس وأغسطس، لترتفع من مستوى 8.25% و9.25% و8.75 % لسعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي في فبراير 2022، إلى معدلات 19.25% و20.25% و19.75% على الترتيب حتى الآن، فضلًا عن خفض قيمة العملة 3 مرات في مارس واكتوبر 2022، ويناير 2023، ليتخطى سعر الدولار الـ 30.90 جنيه في السوق الرسمي، والـ 40 جنيه في السوق غير الرسمي.
ويترقب الجميع قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماعها المقبل 21 ديسمبر، لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة، فضلًا عن ترقب نتيجة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاستئناف برنامج الإصلاح الاقتصادي لمدة 4 سنوات مقابل حزمة تمويلية تقدر بنحو 3 مليارات دولار، وصرف الشريحة الثانية، وما ستفضي إليه المباحثات بشأن اتباع سياسة سعر صرف مرن دائم، وكذلك رفع قيمة الحزمة التمويلية لمصر نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023.