وسط ظلام الليل وصل محمد في الموعد الذي حدده مع سمسار الهجرة غير الشرعية في البرلس بمحافظة كفرالشيخ، بعدما تقاضى منه 100 ألف جنيه نظير تهريبه إلى إيطاليا بعد عبور البحر المتوسط، وبين أحلامه ومخاوفه وقبل مغادرة أرض الوطن كشف رجال قطاع أمن المنافذ عملية التهريب وقبض عليه ومن معه.
الهجرة غير الشرعية.. الموت أو الوصول ليس المصير الوحيد
وهنا تعقبت «المال» في هذه القصة المدفوعة بالبيانات، جهود إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية وتزوير الأوراق، التي يتمكن من كشفها قطاع أمن المنافذ يوميًا، وبعد تجميع أرشيف 280 يومًا من بيانات صادرة عن وزارة الداخلية لجهود القطاع، توصلت إلى أن إجمالي الوقائع التي تم إحباطها في هذا الشأن وصل 1102 واقعة في الفترة من يناير حتى منتصف أكتوبر لعام 2023.
وتصدر شهر مارس ضبط قضايا الهجرة غير الشرعية وتزوير الأوراق بإجمالي 149 قضية، وأظهرت النتائج أن متوسط إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية بلغ 4 قضايا يوميًا خلال فترة المقارنة.
وبالبحث في أرشيف الأخبار عن جرائم الهجرة غير الشرعية التي وقعت خلال 2023، وجدنا أنها متعلقة بالتهريب وتزوير الأوراق الرسمية وغسل الأموال، كما يوضحها الجراف التالي:
وكشفت أجهزة الأمن عن قضايا غسل أموال لسماسرة الهجرة غير الشرعية وجميعهم من محافظتي كفر الشيخ، أحدثها واقعة في شهر أكتوبر لمهرب وزوجته غسلا 12 مليون جنيه في أنشطة تجارية منها شراء العقارات.
برلماني: ضربات استباقية وحصر للسماسرة والشقق لكشف المهربين
من جانبه، قال اللواء سعيد عمارة عضو مجلس النواب ومقرر لجنة الدفاع والأمن القومي، إن رجال الشرطة يبذلون جهودًا في مكافحة جرائم الهجرة غير الشرعية وفق عدة محاور، تتعلق بإحباط المحاولات داخليًا قبل وصولها إلى الحدود، ومنها حصر سماسرة الهجرة غير الشرعية، وإجراء تحريات عليهم، وضبطهم والتحفظ على الجوازات الموجودة معهم.
ولفت في تصريح خاص لـ”المال”، إلى أن هؤلاء السماسرة يتواجدون في مناطق مثل: الجزيرة الخضراء في مطوبس وبلطيم بكفر الشيخ، ورشيد في البحيرة، ومطروح، وبعض الأماكن الحدودية التي تطل على البحر المتوسط.
وأضاف أن المحور الثاني يتعلق بحصر الشقق القريبة من الحدود والتي يختبئ بها الشباب قبل تهريبهم بطرق غير شرعية، وإلقاء القبض عليهم والسمسار قبل الوصول إلى البحر، بالتنسيق مع حرس الحدود.
وأوضح أن المحور الثالث متعلق بإعداد الأكمنة والدوريات بالقرب من المناطق الحدودية، مثل: الحدود مع ليبيا وإجراء دوريات من أجل ضبط المهربين، موضحًا أن أمن المنافذ يفحص الجوازات ويكشف المزورين أو المهاجرين غير الشرعيين.
وتطرق إلى أن هناك شبابًا يسلكون طريق الهجرة غير الشرعية بالسفر عبر الطيران إلى أبو ظبي أو الإمارات أو تونس أو ليبيا، وأن الضباط عندما يشكون في الأمر وبعد سؤاله وإجراء التحريات والفحص يعيدونه مرة أخرى.
وأشار إلى أن السمسار والشاب المهاجر يُلقى القبض عليهم في قضية هجرة غير شرعية وفقًا لأحكام القانون، نظرًا لأن الشخص المضبوط لم يتخذ الطرق الشرعية للسفر.
عقوبات جرائم الهجرة غير الشرعية
في اللحظة التي اعتقد فيها محمد أن مصيره إما الوصول للدولة الأجنبية أو الغرق في البحر، لم يحسب أنه سيُلقى القبض عليه وسيحاكم وفقًا لقانون مكافحة جرائم الهجرة غير الشرعية.
ونصت في هذا الشأن أحكام قانون مكافحة جرائم الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين رقم 22 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 82 لسنة 2016:
يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه، أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في هذا الجرم.
قانوني يوضح العقوبة للمهاجرين والسماسرة
من جانبه، أوضح محمود الحديدي الخبير القانوني، أن عقوبة الأشخاص الذين يقومون بتهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو التوسط وفقًا للمادة السادسة من القانون رقم 22 لسنة 2022 لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، أنه يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه، ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر.
وتابع: “إن معنى أيهما أكبر أنه إذا كان المهرب جمع مبلغ 3 ملايين جنيه تكون عقوبة الغرامة 3 ملايين جنيه وليس خمسمائة ألف جنيه وإذا كان جمع من المهاجرين مبلغ مائتي ألف جنيه تكون العقوبة هنا خمسمائة ألف جنيه وفقًا للقانون”.
وأضاف أنه في حالة المنظمات الجماعية التي تعمل في مجال الهجرة غير الشرعية تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو غرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، إذا قام بتأسيس جماعة أو أدار “تولى القيادة” أو كان أحد أعضائها أو منضم لها وإذا كانت جماعة أو منظمة.
ووضع المشرع عقوبة قانونية على من كل من يقوم بإيواء المهاجرين أو مساعدتهم، وفقًا لما أوضحه الحديدي، حيث نصت المادة الثامنة من ذات القانون على أن: “يعاقب بالسجن، وبغرامة لا تقل عن مائتى ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه كل من هيأ أو أدار مكانًا لإيواء المهاجرين المهربين أو جمعهم أو نقلهم، أو سهل أو قدم لهم أية خدمات مع ثبوت علمه بذلك”.
وتطرق الحديدي، إلى أن عقوبة من يزور التأشيرات وأي مستند رسمي بغرض السفر، وتختلف من إذا كان موظف عام أو شخص من أحد الناس: تنص المادة 211 من قانون العقوبات على أن يعاقب بالسجن المشدد أو السجن، الموظف العام إذا قام بارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويرًا في أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية، سواء كان ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء أو صور أشخاص آخرين مزورة.
وعن عقوبة الأشخاص العاديين في جريمة التزوير، أوضح الحديدي، أنه نصت المادة 212 من ذات القانون: كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية وارتكب تزويرًا مما هو مبين في المادة السابقة، يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن مدة أكثرها عشر سنوات.
وتابع: نصت المادة 213 من قانون العقوبات على أن يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن كل موظف في مصلحة عمومية أو محكمة غير بقصد التزوير موضوع السندات أو أحوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته، سواء كان ذلك بتغيير إقرار أولي الشأن الذي كان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجه بها أو بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها أو بجعله واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها.
وعن عقوبة المهاجر بطريقة غير شرعية، أوضح أنه يعاقب الشخص المستفيد الذي صدر له المستند بجريمة استعمال محرر مزور فضلاً عن الجرائم لاحقة.
وأضاف أنه نصت المادة 214 من قانون العقوبات: كل من استعمل الأوراق المزورة المذكورة في المواد الثلاث السابقة، وهو يعلم بتزويرها يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن من 3 إلى 10 سنوات.
وتابع: كما يعاقب عن جرائم الهجرة غير الشرعية، طبقًا للحالة التي ضبط عليها، إن كان تزوير أوراق أو المساعدة في تهريب مهاجرين بعدما جمعهم أو الانضمام لجماعة.
أبرز الأرقام في تونس وليبيا خلال عام
وعند تتبعنا للدول التي يعبر من خلالها المهاجرين غير الشرعيين، وجدنا أن تونس وليبيا في صدارة الأخبار، حيث تمكنتا خلال عام من إحباط محاولات بلغ إجماليها 14.1 ألف واقعة، ويوضح الجراف التالي الأرقام المتعلقة بالدولتين في هذا الشأن:
وعند بحثنا عن وقائع الهجرة غير الشرعية وجدنا تصريحًا للرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة الميثاق الدولي، عن وجود 2700 غريق سنويًا بالهجرة غير الشرعية، بإجمالي 27 ألف حالة وفاة خلال 10 سنوات الماضية، مضيفًا: "إذا لم يجد الناس في إفريقيا الأمل وفرصة للحياة، هيتحركوا في اتجاه اللي عندهم الأمل والفرصة في أوروبا".
وذكر تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة أن إجمالي المهاجرين عن طريق البحر المتوسط إلى أوروبا المتوسطة وصل 82 ألف مهاجر غير شرعي منذ يناير حتى أكتوبر 2023.
ويوضح الجراف التالي عدد حالات الإنقاذ والوفيات منذ عام 2015:
تحذيرات أوروبية من تضاعف المهاجرين خلال 2023
وبالبحث وجدنا تحذيرات الدول الأوروبية منها إيطاليا من تضاعف أعداد المهاجرين غير الشرعيين خلال عام 2023، وصل 11 ضعفًا مقارنة بالعام السابق في سلوفيكا، و3 أضعاف في أسبانيا هذا العام.
وتصدرت إيطاليا قبلة المهاجرين غير الشرعيين وتزيلت اليونان في عام 2023، كما يوضح الجراف التالي أعداد المهاجرين غير الشرعيين لهذا العام: