خلص المؤتمر السنوي الأول لتحديث التجارة الداخلية، الذي عقد بالإسكندرية بداية الأسبوع الحالي إلي عدد من التوصيات من شأنها تطوير القطاع وجذب المزيد من الاستثمارات، حيث أشارت التوصيات إلي ضرورة تنقية القوانين المنظمة للقطاع من التشريعات التي تعرقل تطوره، إلي جانب العمل علي تطوير العنصر البشري بما يمكنه من القيام بمهامه علي أكمل وجه.
|
رشيد محمد رشيد |
وتطرقت التوصيات إلي أهمية استكمال قواعد البيانات المتعلقة بالتجارة والأسواق المحلية حتي تكون دليلا امام المستثمرين ليتمكنوا من ضخ استثماراتهم في الاتجاه الصحيح، إلي جانب توحيد الجهات الرقابية بما يعمل علي الحد من تضارب القرارات فيما بينها.
وتناولت التوصية الأولي ان الاقتصاد المصري عرف توجهه منذ بداية التسعينيات، وبرنامج الاصلاح الاقتصادي بأنه اقتصاد يتجه نحو الحرية وآليات السوق، فإنه من الطبيعي ان تأتي القوانين والتشريعات متوافقة مع هذه الفلسفة والتوجه، إلا أنه من خلال ملاحظة ومتابعة العديد من التشريعات والقوانين المعنية بالتجارة والأسواق يتبين أن هناك قدراً كبيراً من التعارض بين فلسفة وتوجهات الاقتصاد المصري المعلنة من قبل القيادة السياسية وعدد من القوانين والاجراءات والتشريعات، وهذا التعارض في مجمله يعرقل بشكل كبير سير العمليات التجارية بشكل كفء مما ينعكس سلباً علي جمهور التجار والمستهلكين وحتي علي المواطن المصري.
وتطرقت التوصية الثانية إلي ان تطوير مناخ الأعمال في مصر عن طريق تطوير التشريعات والقوانين الحاكمة للتجارة يعد شرطاً ضرورياً لتحديث التجارة، وأنه لا مجال للحديث عن التطوير دون اصلاح المناخ التشريعي والاطار المؤسسي، حيث ان غياب الاصلاح التشريعي من شأنه ان يبعثر كل الجهود الخاصة بالتحديث فلا جدوي من الانتقال إلي عناصر التحديث الأخري رغم أهميتها دون التعجيل والإسراع بعمل ثورة تشريعية سريعة تحدث نقلة نوعية في مناخ الأعمال والتجارة في مصر بشكل متوافق مع فلسفة الاقتصاد الحر واقتصاد السوق، وذلك عن طريق مراجعة التشريعات الخاصة بالتجارة الداخلية واحالتها إلي مجلس الشعب، ومنها علي سبيل المثال قوانين العلامات التجارية والغش التجاري والاستيراد والتصدير والسجل التجاري وغيرها من التشريعات لدعم منظومة التجارة الداخلية.
وأشارت التوصية الثالثة إلي ان حجر الزاوية في تنمية التجارة يكمن في العنصر البشري وبناء عليه فإن تنمية العنصر البشري تعد من أولويات التحديث، وفي هذا الاطار يوصي الملتقي بالاستعانة ببيوت الخبرة ذات الصلة العالمية والمحلية من خلال برنامج عمل مؤسسي للاحتياجات الواقعية لجمهور التجار، وذلك من خلال العمل علي رفع قدرات ومهارات التجار عبر التدريب والبحوث ودراسات السوق، ويتجلي ذلك في عمل أول اتفاقية من نوعها في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، بين الغرفة التجارية المصرية وأكبر اتحاد عالمي لتجارة التجزئة وهو »NRF «، وذلك لتقديم أحدث ما وصلت إليه بيوت الخبرة العالمية في مجال التجارة لرفع كفاءة ومهارات العاملين في مجال التجارة، وهو ما دفع المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، لاعتبار هذه الاتفاقية نموذجاً يحتذي به ليعمم في مصر بهدف تأهيل التجار وفقاً للمعايير العالمية، كخطوة لتحويل التجارة الداخلية من العشوائيات إلي تجارة أكثر انضباطاً، وهو ما سيساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية للعمل في مجال التجارة الداخلية باعتبار أنها تعمل وفقاً للضوابط والمعايير العالمية لكل يصل عدد العمالة في قطاع التجارة الداخلية من 1.8 مليون فرد عام 2008 إلي 2.8 مليون فرد عام 2013.
وأشارت التوصية الرابعة إلي أهمية الاستعانة ببيوت الخبرة الفنية كأداة لتنمية المهارات البشرية لقطاع التجارة الداخلية، وفي اطار ذلك أصدر المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، القرار رقم 551 لسنة 2009 بإنشاء مجلس أمناء المعهد العربي للتجارة والبورصات السلعية، وذلك في اطار اتفاقية التعاون بين الوزارة والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري والغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية بهدف تقديم الكوادر البشرية القادرة علي إدارة مؤسسات التجارة الداخلية علي أسس علمية وطبقاً للمعايير العالمية.
وأكدت التوصية الخامسة أهمية إنشاء واستكمال قواعد البيانات والمعلومات المتعلقة بالتجارة والسلع والأسواق في التجارة الداخلية بجميع مراحلها، واتاحة هذه المعلومات والبيانات وتحقيق تكاملها والربط الالكتروني بينها عبر الغرف التجارية التي يجب ان تصب فيها كل البيانات والمعلومات.
وجاءت التوصية السادسة لتؤكد ضرورة الاهتمام برفع كفاءة قطاع تجارة التجزئة وقدرتها التنافسية ووضع الخطط اللازمة لرفع هذه الكفاءات والقدرات باعتبارها أحد المحاور الرئيسية لتحديث التجارة الداخلية في مصر، وذلك من خلال دعم الأساليب الحديثة المختلفة للتوزيع.
واهتمت التوصية السابعة بتبسيط وتطوير قواعد وإجراءات تسجيل الأنشطة التجارية، وفي هذا الاطار تقوم حالياً وزارة التجارة والصناعة بمراجعة هذه القواعد والإجراءات تمهيداً لصدور قرار جمهوري يحدد خطط تبسيط وتيسير الإجراءات لتراخيص المحال التجارية والأنشطة المتعلقة بالتجارة.
وأكدت التوصية الثامنة أهمية توحيد الجهات الرقابية المسلطة علي التجار، الذي من شأنه ان يقضي علي الفساد الناتج من هذا التعدد، والذي يحمل التاجر قدراً كبيراً من الأعباء المالية والمعنوية.
وأوضحت التوصية التاسعة ضرورة التنسيق بين وزارة التجارة والصناعة والمحليات والغرف التجارية لمتابعة إجراءات توفير وتخصيص الأراضي لأغراض التنمية الداخلية، وفي هذا الاطار يقوم حالياً جهاز تنمية التجارة الداخلية بهذا التنسيق، مع التوصية بزيادة تلك المناطق المخصصة لأغراض التجارة الداخلية لتشمل جميع مدن مصر.
في حين جاءت التوصية العاشرة لتشير إلي أنه لابد من أن تكون الغرف التجارية هي المظلة الأساسية للتعامل مع التجار أصحاب الأعمال، وان تكون كما ينص القانون هي المرجعية الرسمية الوحيدة للتجارة، ولذا فلابد من عمل تنسيق أكبر بين الغرف التجارية العاملة في الاقتصاد المصري بشكل يضمن عدم التضارب والتعارض فيما بينها من ناحية وبين الجهات الأخري من ناحية ثانية.
وتناولت التوصية الحادية عشرة الدور الذي تلعبه المصارف الآن والذي لا يرقي إلي طموحات التحديث، حيث إنه في رأي العديد من الخبراء أن معظم البنوك لا تعدو ان تكون مجرد مكاتب للرهونات لا تقدم التمويل بالشكل الحديث ولا المطلوب، والذي من شأنه ان يعبئ المدخرات للاستثمار في مجال التجارة، وبالتالي نطالب اتحاد البنوك بأخذ خطوات أكثر جدية للعمل علي تنشيط التمويل في مجالات الخبرة المختلفة.
وجاءت التوصية الثانية عشرة لتؤكد أهمية دعم التمويل الاستهلاكي في مجال تجارة التجزئة جنباً إلي جنب مع تمويل المشروعات ذاتها.
واهتمت التوصية الثالثة عشرة بتنمية الوعي المالي لدي التجار مما يساعد في الحصول علي الائتمان، مما يمكن زيادة حجم الأعمال في القطاع التجاري وييسر عملية انسياب التمويل من القطاع المصرفي إلي القطاع التجاري، وهو أمر مطلوب ومهم لزيادة الاستثمار في قطاع التجارة.
ودعت التوصية الرابعة عشرة إلي العمل علي تشجيع الاستثمار في أنظمة سلاسل الامداد مع تأهيل التجار والموردين علي التعامل بها بشكل يضمن تحديث منظومة النقل واللوجيستيات التي من شأنها رفع كفاءة العمليات التجارية من ناحية عن طريق خفض التكاليف، ومن ناحية أخري القضاء علي قدر كبير من العشوائية التي تتسم بها التجارة والأسواق في مصر الآن.
وأكدت التوصية الخامسة عشرة ان التجار عليهم ان يعلموا أن عملية التحديث لا تعد طرفاً أو مطلباً كمالياً، ولكن هي مسألة حياة أو موت، فقد لا يقتصر الأمر في حال عدم التحديث علي تقلص حجم الأعمال بل قد يمتد إلي الخروج تماماً من السوق، وبالتالي فإن هناك مسئولية كبيرة علي التجار، وهي الايمان بضرورة التغيير والتطوير، وإن تلك العملية -التحديث- لا تأتي فقط عن طريق مبادرة حكومية أو حتي تبني الغرف التجارية لها، ولكن الأمر يتطلب تحركاً قوياً ومقصوداً من قبل جمهور التجارة للمطالبة بحقوقهم في تنمية مهاراتهم وقدراتهم الذاتية، والتي تعد حجر الزاوية في منظومة التحديث.
في حين أكدت التوصية السادسة عشرة، ضرورة العمل علي إنشاء المؤشر المصري لتجارة التجزئة علي غرار المؤشر العالمي.