شهدت مكتبة الإسكندرية لقاء مع الكاتب والروائي محمد سلماوي تحت عنوان “سيرة وإبداع وتاريخ”، بحضور الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، مساء أمس السبت، قدمه الأديب منير عتيبة، مدير مختبر السرديات في المكتبة، وذلك على هامش معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب في دورته الثامنة عشر.
رحب الدكتور أحمد زايد بالكاتب محمد سلماوي في المكتبة، ووصفه بأنه قامة من أهم قامات الصحافة المصرية وقائدًا للنخبة الثقافية التي أدارت المشهد في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن إبداعه الأدبي الكبير في عدد من الروايات يكشف عن رؤيته الفلسفية أيضًا وليس الجانب الأدبي فقط.
وأشاد “زايد” بنشاط “سلماوي” في المشهد الثقافي والذي كان من بينه تجربة إنشاء مهرجان المسرح التجريبي، لافتًا إلى أن هذه التجربة أحدثت حراك ونشاط في الحركة الثقافية وقادت مفاتيح الثقافة في مصر.
ووصف “زايد” السيرة الذاتية التي عرضها “سلماوي” في كتابي “يومًا أو بعض يوم” و”العصف والريحان” بالتجربة الثرية للحكي عن الذات وعن الوطن، وأنها تكشف عن أن من يكتبها على دراية بكل التفاصيل التي جرت في التاريخ، مشيرًا إلى أن كتبه هي الأكثر مبيعًا لأنها تعكس خبرة ثرية في العالم الثقافي والأدبي.
وعبر محمد سلماوي عن سعادته بالتواجد في مكتبة الإسكندرية، الصرح الثقافي الهام والفارق في حياة مصر ليس فقط الثقافية ولكن الاجتماعية والسياسية أيضًا، وأضاف: “من حسن الحظ أن يكون على رأسها د. زايد الذي له باع كبير في المجالي الفكري والاجتماعي”.
وقال “سلماوي” إن بعض الأشخاص لا يكون لهم دور واحد في الحياة، إذ أن البعض برع في مجاله وتخصصه ولم يحيد عنه، وهناك أخرين لهم أكثر من دور، وهو من هذه الشخصيات حيث إن له دور فاعل في الحياة الثقافة المصرية، بجانب العمل الصحفي، ويضاف إلى ذلك الجانب النقابي لشعوره بأن المبدع يظل مدينًا لأقرانه ولابد أن يسدد هذا الدين.
وأشار “سلماوي” إلى أنه عند كتابته سيرته الذاتية لم يكتب عن جانب واحد فقط من حياته كأديب أو نقابي أو فاعل ثقافي، بل كل هؤلاء متداخلين سويًا، ومتداخل معه تاريخ الوطن، لأنه بطبيعة الحال كان متفاعلاً مع الأحداث الكبرى التي شهدها الوطن ومنها على سبيل المثال المشاركة في لجنة وضع الدستور، مضيفًا أن كتابته مزجت بين الخاص والعام وهو ما يفرقه عن غيره من السير الذاتية.
وشدد “سلماوي” على أنه التزم بمعايير مهمة عند كتابته سيرته الذاتية؛ أهمها الصدق الشديد، كما التزم بمعيار التوثيق فلم يذكر أي واقعة إلا بوجود توثيق إما بصورة أو مستند أو قصاصة من صحيفة.
وتحدث “سلماوي” عن حبه للكتابة منذ الصغر، ولم يعلم في ذلك الوقت كونه سيصبح كاتبًا أم هي مجرد هواية، وكانت اللحظة الفارقة في حياته عندما كتب مسرحية باللغة الإنجليزية وعرضها على مسرح الجامعة الأمريكية، ونالت إعجاب أحد النقاد الإنجليز.
وأضاف “سلماوي” إن هذه المسرحية الأولى والأخيرة التي كتبها باللغة الانجليزية، عقب ذلك اتخذ قرارًا بالكتابة باللغة العربية لأنه يكتب للجمهور المصري والعربي، وساعده حفظه للقرآن على تحسين لغته العربية، وكتب أول مسرحية “فوت علينا بكرة” وتوالت المسرحيات عقب ذلك.
واستطرد: “كنت أعتقد أنني سوف أتخصص في الكتابة المسرحية، ولكن اكتشفت غير ذلك، فالكتابة مثل الولادة ولكن تكوين الجنين يتم في عقول المتلقين، وكتبت بعدها القصة القصيرة والرواية ومؤخرًا الشعر الذي اعتبره أقل إنجازاتي الأدبية”.
وأوضح “سلماوي” إنه انتقل إلى الصحافة عن طريق الصدفة بعدما مدحه أصدقاءه أمام محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير جريدة الأهرام في ذلك الوقت، وعقب شهر عُين بها، ووجد في الصحافة الارتباط بالواقع، والأهرام في وقتها لم تكن انعكاس للواقع فقط ولكن تشارك في صناعته.
وعن الوضع الثقافي في مصر؛ قال “سلماوي” إن مصر تمر بمرحلة انتقالية هائلة ليس فقط في الأدب والثقافة، والتي بدورها تشهد حراكًا، فعلى سبيل المثال عند مراجعة الروايات التي صدرت خلال العامين الماضيين والتي تقارب ٣٠ رواية نجد أنها لكتاب في بداية مشوارهم مما يعني أنه من الممكن أن يكون هناك ٥ من بينهم نجيب محفوظ جديد، متوقعًا أن يكون خلال ١٠ سنوات أسماء أدبية كبيرة لأن التحولات الكبيرة تنتج نجومها.
وأكد “سلماوي” أن المثقفين لهم صوت ومتواجدين على الساحة الثقافية بشكل كبير منذ ثورة ٢٠١١.
وتابع: “من يقوم بعملية التنوير التي طالب بها الرئيس عبد الفتاح السيسي عن طريق تجديد الخطاب الديني، هم الكتاب والمثقفين، ولايوجد أزمة ثقافة في مصر ولكن هي ليست في أفضل حالاتها كما الحال بالنسبة للصحافة الحالية التي لا تستحقها مصر، فهي مازالت المدرسة القديمة التي لا تواكب التطور التكنولوجي، ولكن هناك جيل جديد من الصحفيين رافضين الصحافة الحالية وسيتولون مسئولية التطوير قريبًا”.\
وعن الحوار الوطني؛ شدد “سلماوي” أن الرئيس أكد في أكثر من مناسبة متابعته لنتائج الحوار والتزامه بما يصدر عنه وهو ما يعني وجود نية حقيقية باتخاذ خطوة جديدة.
فيما قال منير عتيبة؛ إن اللقاء يليق بمدينة الإسكندرية التي تتنفس الإبداع والعلم، مؤكدًا على أن “سلماوي” يحدث فارقًا في الموقع الذي يشغله في جميع مراحل حياته، سواء في اتحاد الكتاب المصريين أو اتحاد الكتاب العرب، ولجنة الخمسين، والحوار الوطني، وعندما كتب عن الإرهاب في روايته، وفي عمله في الصحافة.
وعقب الندوة عُقد حفل توقيع للكاتب ضم الكتابين الجديدين “يومًا أو بعض يوم” و”العصف والريحان” الذي يحكي فيهما عن سيرته الذاتية وتداخلات الأحداث التي شهدها الوطن التي تأثر بها وشارك في صناعة بعضها.