قد تواجه أسعار المواد الخام التي تعتمد على الاقتصاد القديم تراجعات على مدى أشهر، ففورة البناء في الصين التي تحدث عادة خلال الربع الثاني من العام، يبدو أنَّها انحسرت، وسيحل مكانها ركود خلال فصل الصيف، فيما دخل قطاع الصناعة في البلاد بالفعل في حالة من الركود، بحسب وكالة بلومبرج.
غالباً ما تعكس المؤتمرات الكبيرة، المعنويات السائدة في الأسواق لذا؛ ربما ليس من قبيل المصادفة أن ينخفض النحاس إلى أقل من 8000 دولار للطن، بحسب وكالة بلومبرج.
ويتم تداول خام الحديد دون 100 دولار، بعدما اجتمعت كبريات شركات المعادن في هونج كونج وسنغافورة لمناقشة الحالة المحفوفة بالمخاطر التي تواجه الطلب العالمي، وتعافي الاقتصاد الصيني.
أسعار المواد الخام
ومن ناحية أخرى، يحاول الاقتصاد العالمي تجنّب الركود؛ فإنَّ ارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار، يزيدان الضغوط على السلع المقومة بالدولار.
تنبع حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق، وهي عادة عدو الاستثمارات، من عوامل عديدة، سواء الحرب في أوكرانيا، أو المواجهة بشأن سقف الدين الأمريكي، واحتمال إجراء انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة تشهد تنافساً حاداً العام المقبل، بالإضافة إلى علاقة واشنطن المتوترة مع بكين.
في الصين، أكبر مستهلك للمعادن، أخفقت أهداف النمو المتواضعة التي حددتها الحكومة المركزية في تحفيز الطلب. ما تزال سوق العقارات مصدر قلق كبير، وكذلك المستوى الهائل لديون الحكومة المحلية.
يمكن لبكين أن تنقذ كلا المعدنين إذا كانت لديها الرغبة في استخدام المزيد من الحوافز. كما أنَّ الندرة النسبية للنحاس، ودوره المحوري في إحداث التحوّل في قطاع الطاقة، يخففان من حدة حدوث أي انخفاضات قصيرة الأجل.
لكنَّ الغيوم التي تتجمع فوق سوق خام الحديد، على الأقل في شكلها الحالي، تبدو أكثر خطورة.
برغم أنَّ مصرف الاستثمار العالمي “جولدمان ساكس” ما يزال يتوقَّع أن يصل النحاس إلى 10 آلاف دولار للطن في مثل هذا الوقت من العام المقبل؛ فإنَّ الأمر قد يستغرق خمس سنوات حتى يتعافى الطلب الصيني على الصلب، وهو المحرك الأكبر لأسعار خام الحديد، بشكل ملحوظ، وفقاً لأحد المديرين التنفيذيين في شركة تداول صينية.
خفض الإنتاج
من المرجح أن تخفض الصين، أكبر منتج للصلب في العالم على الإطلاق، إنتاجها مرة أخرى هذا العام سعياً لتحقيق أهدافها المناخية.
انخفض الإنتاج العالمي بالفعل منذ بداية عام 2023، بحسب رابطة الصلب العالمية. وقالت “كابيتال إيكونوميكس” في مذكرة إنَّ الإنتاج الصيني
ما يزال مرتفعاً بنسبة 4.1% على أساس سنوي خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2023، وبعد التراجع في أبريل “هناك مجال واضح لمزيد من الانخفاض”.
ما يحدث يمثل تهديداً مباشراً لاستهلاك خام الحديد. نظراً لأنَّ استخدام الصلب بات أقل كثافة في الاقتصاد الصيني؛ فإنَّ الكثير يتوقف على مدى السرعة التي يمكن بها للدول النامية الأخرى زيادة حصتها من الطلب في حين تسلك طريقها نحو التوسع العمراني.
بخلاف النحاس؛ فإنَّ حاجة العالم إلى إزالة الكربون، تمثل تحديات خاصة لصناعة مشهورة كونها ملوثة للبيئة.
الكثير من النقاش بشأن أسواق الحديد في سنغافورة خلال الأسبوع، تركّز على الدور المتزايد للصلب الأخضر، وأساليب إنتاج الكربون الخفيف التي تتطلب درجات عالية من خام الحديد.
من المرجح أن يؤدي ذلك إلى ترسيخ العلاوة على مواد ذات جودة أفضل، وخفض أسعار الخام الأكثر شيوعاً التي يتم استخراجها وتداولها في بورصات العقود الآجلة.