تعرف ليلة القدر بالليلة المباركة، حيث نزل فيها القرآن الكريم، وهي في وتر العشر الآواخر من رمضان، وتشهدها الملائكة، ومما ذكر من علاماتها أنها ليلة معتدلة، لا حارة ولا باردة، وأن الشمس في صبيحتها تكون بيضاء لا شعاع لها، ويستحب فيها الدعاء، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر} [القدر].
معنى ليلة القدر
يقول الدكتور أحمد الشرباصي؛ الأستاذ بجامعة الأزهر، إن الميزة الأساسية لليلة القدر أن أنزل الله فيها القرآن الكريم، وكلمة “ليلة القدر” معناها ليلة “الحكم” أو ليلة “التقدير”، يعني ليلة يقدر الله فيها ما يشاء من أمره إلى مثلها من السنة القادمة، وقيل إن الأمر يعني ليلة الشرف والمنزلة العظيمة [أحمد الشرباصي: برنامج نور على نور، أحمد فراج، التلفزيون المصري].
علامات ليلة القدر
وعند الحديث عن علامة ليلة القدر، فالمشهور أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان، ولكن الأصح أنها غير محددة بليلة معينة من العشر الأواخر، وقد روى المحدثون في علاماتها أنها ليلة معتدلة، لا حارة ولا باردة، وأن الشمس في صبيحتها تكون بيضاء لا شعاع لها [محمد الغزالي: ليلة القدر ص25].
ومن علامات ليلة القدر أن الشمس تطلع في صبيحتها صافية، ليس لها شعاع، فعن أبي بن كعب أنه قال: “أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها”، وفي لفظ آخر لمسلم عن أبي بن كعب: “وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها”، والشعاع هو الضوء الذي يرى عند بداية خروجها، ويكون كالحبال أو القضبان التي تقبل إلى الشخص الذي ينظر إليها [محمد الغزالي: ليلة القدر، ص26].
ومن ضمن علامات ليلة القدر أن تحتضن الإنسان سكينة وطمأنينة، وكذلك راحة القلب ونشاطه لأداء الطاعة، وتلذذه بالعبادة أكثر من الليالي الأخرى، بسبب تنزل الملائكة بالسكينة على العباد، كما جاء في القرآن: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر}، حيث يكرم الله تعالى بعض عباده بإحساس داخلي وشعور قلبي بالاطمئنان إلى موافقتهم قيام ليلة القدر؛ نتيجة حسن إقبالهم على الله بالقربات وسائر الطاعات، وإذا أحس المسلم بهذا الشعور فإن أفضل ما يدعو به في هذه الليلة هو قول: “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو، فاعف عني [محمد الغزالي: ليلة القدر ص29].
وسبب خفاء موعد ليلة القدر عن العباد، إنما ليتنافسوا ويجتهدوا في العبادة بجميع الليالي الأخيرة، ومن المرجح أن تكون في ليلة وترية، أي فردية، في العشر الأواخر من رمضان، لحديث النبي: “وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، في كل وتر” [محمد الغزالي: ليلة القدر ص24].
العبادة في ليلة القدر
وقال الشيخ عطية صقر؛ رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعضو سابق بمجلسي الشعب والشورى، إن العبادة في ليلة القدر خير من العبادة في ألف شهر، ليس فيها ليلة قدر، مستشهدًا بقول النبي “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”، مردفًا أن “ألف شهر” لا يراد به التحديد، بل المراد به جميع الدهر، فالتعبير يراد به الكثرة، كما قال تعالى: {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة} [البقرة: 96].
وأضاف صقر بإحدى تسجيلاته على أثير إذاعة القرآن الكريم، أن الثواب مضاعف في هذه الليلة، كما يقول كثير من العلماء، ورواه مالك في الموطأ، حيث إنه تعويض للأمة الإسلامية بهذا الثواب عن أعمارها القصيرة لتساوي أعمار السابقين الذين كانوا يعيشون أعمارًا طويلة، وفضل الله واسع، وأمة محمد هي خير أمة أخرجت للناس، وفضل الله عليها وعلى نبيها عظيم كما هو معروف.
وأشار رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر، أن إحياءها يكون بالصلاة، والقرآن، والذكر، والاستغفار، والدعاء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، مستشهدًا بما جاء في بعض المرويات: ”من صلى المغرب والعشاء الآخرة من ليلة القدر في جماعة، فقد أخذ بحظه من ليلة القدر”، وقول عائشة: “يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، فما أقول؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
ختامًا، ستوافق ليلة الحادي والعشرين من رمضان 1444هـ من مغرب الثلاثاء الحادي عشر من أبريل 2023 وحتى فجر اليوم التالي الأربعاء الثاني عشر، وتبدأ ليلة الثالث والعشرين من مغرب الخميس الثالث عشر من أبريل وحتى فجر اليوم التالي الجمعة الرابع عشر، وستكون ليلة الخامس والعشرين من رمضان موافقة للسبت الخامس عشر من أبريل وحتى فجر الأحد السادس عشر، وتبتدأ ليلة السابع والعشرين من رمضان من مغرب الإثنين السابع عشر من أبريل وحتى فجر الثلاثاء الثامن عشر، وتكون ليلة التاسع والعشرين من رمضان من مغرب الأربعاء التاسع عشر من أبريل وحتى فجر الخميس العشرين من أبريل.