حذر مجموعة من الخبراء الاقتصاديين المجتمعين في إيطاليا من خطورة الاضطرابات المصرفية في الولايات المتحدة واحتمال إخفاق الاحتياطي الفيدرالي في الحد من التضخم، بحسب وكالة بلومبرج.
وصف فاليريو دي مولي، الذي يستضيف الاجتماع اليوم الجمعة، المشاعر السائدة بين كبار المراقبين بشأن الآفاق العالمية بعد الاضطرابات التي أرهقت أعصاب مسئولي السياسات النقدية، من واشنطن إلى فرانكفورت، بأنها “متشائمة للغاية”. أما نورييل روبيني، رئيس شركة “روبيني ماكرو أسوشيتس”)، فقد عبّر عن كآبته في هذا الشأن.
تبعات الاضطرابات المصرفية
قال روبيني لتلفزيون بلومبرج: “نحن ندخل في حالة ركود وعدم استقرار مالي مع اضطرارنا إلى رفع أسعار الفائدة بسبب التضخم المرتفع للغاية، ولذلك فإن النتيجة التي نحصل عليها هي معضلة بثلاثة وجوه متناقضة: لا يمكننا تحقيق استقرار الأسعار والمحافظة على النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي في وقت واحد؛ لذا، سيكون لدينا بالنهاية انهيار اقتصادي ومالي”.
هذا التعليق، والذي يأتي من رجل يمتلك سجلاً حافلاً من التنبؤات الصائبة والقاتلة، يُعتبر أكثر الملاحظات إثارة للقلق بشأن التهديدات المستمرة التي تواجه الاقتصاد العالمي والأسواق المالية بعد رفع أسعار الفائدة، وهروب الودائع، والذعر الذي يصيب المستثمرين، والذي أدى إلى انهيار “سيليكون فالي بنك” و”سيجنتشر بنك” و”سيلفرجيت كابيتال كورب”.
يمكن القول إن الأمر الأكثر خطورة، هو أن ذلك أدى إلى انهيار إحدى أعرق المؤسسات المالية في العالمية “كريدي سويس غروب”. ورغم أن منتدى أمبروسيتي الذي تنظمه “ذا يوروبيان هاوس-أمبروسيتي” في سيرنوبيو بمقاطعة كومو الإيطالية، يُعقد على بعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من سويسرا التي شهدت تلك الدراما المصرفية مؤخراً، فإن التهديدات الأخرى داخل النظام المصرفي في الولايات المتحدة، هي أكثر ما يثير قلق المشاركين في الاجتماع.
مخاطر كامنة لم تظهر بعد
قالت إيلين زينتنر، كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في “مورجان ستانلي”: “علينا دائماً أن نقلق بشأن النتائج السلبية والمخاطر الكامنة التي لم تظهر بعد.. نحن لا نعرف ما الذي تخبئه لك الآليات والعمليات المالية المتبعة”.
بالنسبة إليها، تُعتبر المخاطر الكامنة في “نظام الظل المصرفي”، أحد مصادر القلق، لأنه “من الصعب جداً فهم حجمها”. كما سلطت زينتنر الضوء على الضغوط التي تحيط بالعقارات التجارية، والتي قد تؤثر على البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة التي تعمل بالفعل على رعاية محافظ الرهن العقاري الكبيرة.
قالت زينتنر: “قد يكون لديك تقرير عشوائي لأحد كبار مالكي العقارات المكتبية الذين يظهرون فجأة غير قادرين على تحمل التكاليف.. يمكن أن يبدأ مثل هذا الأمر بالتراكم في ظل المخاوف بشأن العقارات الأخرى الخاسرة التي قد تضطر البنوك إلى استيعابها ضمن ميزانياتها العمومية”.
في الوقت ذاته، فإن الشكوك الدائمة التي تحيط بالودائع في مثل هذه المؤسسات، هي ما يزعج جين فريدا، الخبير الاستراتيجي العالمي في “بيمكو” . قال فريدا، إنه حتى الدعم الذي قدّمه صنّاع السياسة بشكل فعّال حتى الآن، لا يكفي لوقف التوتر.
أضاف: “يبدو أن الولايات المتحدة لم تحقق بعد السيطرة الكاملة على حالة عدم اليقين بشأن الودائع المصرفية والمودعين في البنوك والودائع غير المؤمن عليها. ونتيجة لذلك، أعتقد أن الجميع في حالة تأهب قصوى.. نعتقد أن المخاطر بما يكفي لتتخذ خيارات حذرة جداً”.
قال فريدا إن إحدى نقاط الضعف التي كشفت عنها أزمة سوق السندات في المملكة المتحدة في عام 2022، وفشل “سيليكون فالي بنك”، هي كيف أن السندات لم تعد تخدم دورها التقليدي كأصول آمنة، محذراً من احتمال حدوث المزيد من هذه الحالات.
الثقة هي الأهم
في المقابل، قدّم محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في “أليانز” ، وأحد كتاب مقالات الرأي في بلومبرغ، رأياً أكثر تفاؤلاً بشأن ما يشهده النظام المصرفي اليوم. لكن مع ذلك، فإن لديه مخاوف أخرى على هذا الصعيد.
قال العريان إن “العمل المصرفي مبني على الثقة، وإذا ذهبت هذه الثقة ستكون هناك تداعيات سلبية”، معتبراً أن “العدوى الاقتصادية” هي الفصل الجديد المنتظر. وأضاف: “في الواقع، قلقي بشأن أزمة مصرفية أقل مما هو بشأن عواقب ما حدث بالفعل”.
في نظر العديد من المشاركين في الاجتماع، فإن المشكلة تكمن في أن الاضطرابات تطرح مشكلات جديدة عندما تظل المشكلات القائمة دون حل، وفق ما قاله روبيني. أما فريدا من شركة “بيمكو”، فقال إنه على الرغم من كل ذلك، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي ونظراءه من البنوك المركزية العالمية، لا تستطيع التغاضي عن مهمتها الأساسية في السيطرة على التضخم.
قال فريدا لتلفزيون بلومبرج: “أنا لا أحسدهم على المهمة.. لدينا حرب على جبهتين بين التضخم وعدم الاستقرار المالي. على الاحتياطي الفيدرالي أن يضع نصب عينيه الفوز في معركته ضد التضخم”.