أبدي بعض المستثمرين المصريين العاملين في السوق السودانية خلال الفترة الاخيرة تضررهم من توقف أعمالهم بالسوق السودانية نتيجة التداعيات المباشرة لاستفتاء “جنوب السودان”، وهو ما أثار تخوفهم ازاء مستقبل تلك الاستثمارات في ظل التوقف غير محدد الأجل عند مراحل مختلفة من التنفيذ.
وأظهرت تقارير للهيئة العامة للاستثمار وصول حجم الاستثمارات المصرية بالسودان إلى 3.5 مليار جنيه لتحتل بذلك المرتبة الخامسة بين دول العالم والمرتبة الثالثة بين الدول العربية المستثمرة في السودان التي تمثل البوابة الرئيسية للاستثمارات المصرية بالسوق الأفريقية في ظل التنافس الشرس من قبل الشركات الأجنبية علي تنفيذ مشروعات في دول حوض النيل خلال الفترة المقبلة.
ومن جهة أخري تسعي الشركة القومية للتشييد والتعمير لاقتناص مشروعات بنية تحتية بالسوق السودانية وفقا لمجموعة من الشروط والتي من اهمها ضمان استقرار الاوضاع الأمنية وتوفير التمويل اللازم فضلاً عن وجود ضمانات حكومية كبديل للضمانات البنكية.
وفي هذا السياق أكد المهندس أسامة بطاح، رئيس مجلس الادارة، العضو المنتدب لشركة السد العالي للمشروعات الكهربائية والصناعية “هايديليكو” أن من شأن انفصال جنوب السودان التأثير بشكل سلبي علي حجم الاستثمارات المصرية بالسودان، داعياً المستثمريين المصريين إلى ضرورة الانتظار قبل البدء في تنفيذ استثمارات بـ”جنوب السودان” خاصة ان احتمال انفصال الجنوب أكثر من استمرار الوحدة وهو ما يعرض المستثمرين لخسائر فادحة وفق قوله.
ويري بطاح أن الوضع الوحيد الذي يتم من خلاله ضخ استثمارات جديدة بـ”جنوب السودان” هو توفير التمويل من خلال ضمانات من الحكومة المصرية لتوفير التمويل لتنفيذ الاستثمارات هناك من خلال قروض طويلة الأجل وفائدة قليلة خاصة أن هناك تسابقا غير عادي من الشركات الأجنبية سواء كانت الصينية أو الاسرائيلية لتنفيذ مشروعات هناك وهو ما يهدد مستقبل الاستثمارات المصرية الخارجية في دول منابع النيل وليس السودان فقط.
ونفي بطاح وجود تأثير سلبي علي حجم الاستثمارات المصرية بشمال السودان خاصة أن هناك خبرة طويلة للمستثمرين المصريين.
“هايديليكو” تستعد لاقتناص مشروعات بشمال السودان خلال الفترة المقبلة
وأوضح أن الشركة تستعد لاقتناص مشروعات بشمال السودان خلال الفترة المقبلة طالما توافرت مصادر التمويل لتنفيذ تلك الاستثمارات خاصة أن الحكومة السودانية تتأخر دائما في تدبيرها وهوما قلل من حجم أعمال “هايديليكو” بالسوق السودانية، مشيراً الي أن الشركة قامت خلال الفترة من 2003 إلى 2009 بتنفيذ اعمال تصل قيمتها إلى نحو 100 مليون جنيه بالسوق السودانية كان آخرها مشروع خاص بتوليد جهد عال بتكلفة استثمارية تصل إلى 15 مليون جنيه نفذته الشركة منذ ما يقرب من عام ونصف العام.
ونفي ياسر الهلالي، رئيس مجلس ادارة شركة بدر للاستثمار الزراعي احدي الشركات المصرية العاملة في مجال الاستثمار الزراعي بالسودان، وجود تأثير سلبي علي الاستثمارات المصرية نتيجة استفتاء الجنوب، مؤكداً ان تلك الاستثمارات تسير في اتجاهها الطبيعي دون توقف، مشدداً علي أن المستثمر المصري يتمتع بالعديد من المزايا منها التسهيلات الجمركية والضريبية فضلاً عن تخصيص الاراضي بنظام حق الانتفاع والقرب الجغرافي بين مصر والسودان.
ويري أسامة التابعي، رئيس مجلس ادارة جمعية مستثمري دمياط الجديدة، أن من شأن حدوث اضطرابات أمنية أو سياسية في السودان التأثير بشكل سلبي علي حجم الاستثمارات الاجنبية خاصة المصرية، مشيراً الي ضرورة الحذر خاصة أن احتمال الانفصال بات أكبر من الوحدة.
ودعا الي ضرورة تبني الحكومة المصرية دور المرشد والموجه للمستثمرين المصريين في الخارج وذلك من خلال رفع تقارير دورية عن الاوضاع الامنية ورفعها للوزارات المعنية بذلك ونشرها علي جمعيات المستثمرين لرفعها للمستثمرين بشكل دوري.
واستبعد عبد الرؤوف عبد العظيم، رئيس قطاع الاستثمار والفروع الخارجية بالشركة القومية للتشييد والتعمير، تأثر الشركات التابعة باجراء الاستفتاء حول انفصال الجنوب في حال استقرار الوضع الأمني وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات، مؤكداً استمرار الشركات التابعة في تنفيذ المشروعات في السودان والمنافسة عليها.
عبد العظيم: في حالة تفشي الاضطرابات الأمنية بالسودان فلابد أن تخرج الشركات القومية
وقال إنه في حالة تفشي الاضطرابات الأمنية في السودان فلابد أن تخرج الشركات القومية، مشيراً الي عدم دخول تلك الشركات الي السوق العراقية على الرغم من عرض العديد من المشروعات عليها إلا أنها بصدد دراستها ولم تتخذ قراراً نهائياً بشأن تنفيذها انتظاراً لتحسن الأوضاع الأمنية.
وكانت «المال» قد كشفت عن اشتراط الشركة “القومية للتشييد” لعدة شروط قبل دخول شركاتها إلى العراق في تنفيذ مشروعات، وتتمثل في ألا يقل حجم العمل بالمشروعات التي ستتولي شركات المقاولات التابعة تنفيذها في العراق عن 100 مليون دولار، بالإضافة إلي مخاطبة وزارتي المالية في مصر والعراق لتوفير خطابات ضمان للشركات كبديل للضمانات البنكية وكذلك إتاحة التمويل اللازم لتلك المشروعات، ووضع عدد من الضمانات الأمنية من الجانب العراقي لحفظ أمن وسلامة عمال الشركات في المناطق التي تعاني من توترات أمنية.
ولفت الي أن حجم أعمال شركات القومية للتشييد في السودان بلغ 900 مليون جنيه منذ العام 2003 حتي العام الماضي، موضحاً أن نصيب شركة النصر العامة للمقاولات “حسن علام” بلغ 700 مليون جنيه.
وكانت «المال» قد كشفت في وقت سابق عن استهداف شركة حسن علام تنفيذ أعمال بقيمة 200 مليون جنيه في السودان خلال العام المالي الحالي 2010-2011، وتعمل أيضاً علي الانتهاء من المراحل النهائية في مشروعين بالسودان بتكلفة استثمارية تصل إلى 20 مليون دولار خاصة بإقامة أبراج سكنية وطرق داخلية بولاية البحر الاحمر.
حجم أعمال شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح في السودان بلغ 100 مليون جنيه
وأشار عبدالرؤوف عبدالعظيم إلى أن حجم أعمال شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح في السودان بلغ 100 مليون جنيه، لافتا الي أنه في حال انفصال الجنوب خلال الاستفتاء المزمع اجراؤه في يناير المقبل ستتنافس “القومية” علي جميع المشروعات التي يتم طرحها سواءً في الجنوب أو الشمال نظراً لخبرة شركات القومية في هذا الصدد.
ونفي عبدالرؤوف وجود فرصة لتوسع شركات الزراعة التابعة لـ”القومية” في السودان ضمن التوسعات التي أعلنت عنها وزارة الزراعة من جانب شركات الاستصلاح الزراعي في جنوب السودان ضمن المنحة التي أعلنت عنها الوزارة لدعم ومساندة عملية التنمية في جنوب السودان.
وكان وزير الزراعة المصري أمين أباظة قد كشف عن اتخاذ الإجراءات التنفيذية لمذكرة التفاهم الموقعة بين مصر والسودان لاستصلاح واستزراع مليوني فدان بمشروع الجزيرة بالسودان، وذلك من خلال إعداد عدد من الاتفاقيات وتوقيعها بين وزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي والقطاع الخاص في البلدين قبل نهاية العام الحالي للتنفيذ، معتبراً أن ذلك المشروع يعد ثورة زراعية لتحقيق التكامل الزراعي بين مصر والسودان الذي بدأ منذ سنوات، حيث يقوم المشروع علي المشاركة علي أساس أن تمنح وزارة الزراعة المصرية مستلزمات الإنتاج من تقاوي وأسمدة ومعدات لزراعة المحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة والمحاصيل الزيتية وتخصم هذه التكاليف من أسعار المحاصيل التي تحصل عليها مصر من هذا المشروع دون تحمل السودان أي أعباء مالية من ميزانيتها، وبشرط أن يتولي أعمال الزراعة وتشغيل المشروع المزارعون والعمال السودانيون.
وكان وفد من الشركة القومية للتشييد والتعمير قد قام نهاية الشهر الماضي بتنظيم زيارة إلي السودان استغرقت أربعة أيام بهدف الترويج للشركات التابعة لـ “القومية”، وقد كان ذلك ضمن وفد أكثر شمولا من وزارة الاستثمار يستهدف الترويج للاستثمارات المصرية بالشمال والجنوب السوداني.
الشركة القومية للتشييد والتعمير تسعى لتنفيذ أعمال خارجية بـ1.2 مليار جنيه
وتسعي الشركة القومية للتشييد والتعمير لتنفيذ أعمال خارجية بإجمالي 1.2 مليار جنيه عبر شركات المقاولات التابعة لها خلال العام المالي الحالي أيضا مقابل 920 مليون جنيه حجم الأعمال الإجمالية لشركات “القومية للتشييد” خارجيا خلال العام المالي المنتهي.
وقد اتفق معه في الرأي السيد عبدالله، العضو المنتدب للشئون الادارية والمالية، نائب رئيس مجلس الادارة، حيث استبعد أيضاً تأثر الشركة سلباً باجراء الاستفتاء في السودان خلال الفترة المقبلة، لكنه أشار الي بعض المشكلات التي تواجه الشركات العاملة في شمال السودان مثل التضخم وعدم توافر التمويل.
من جهة أخري أكد عبدالله أن “مصر لأعمال الأسمنت” تسعي بقوة خلال الفترة المقبلة للمنافسة علي المشروعات التي سيتم طرحها في “جنوب السودان”، مشيراً الي أن الشركة ستنافس بقوة لتنفيذ مشروع انشاء جامعة وعدة طرق في جنوب السودان، موضحاً أن الشركة تجري اتصالات وزيارات إلى الجنوب للتعرف علي الظروف الحالية والتي سيتم علي ضوئها تنفيذ تلك المشروعات.
وأشار الي بعض المتطلبات اللازمة لاستمرار الشركة في العمل بالسودان واهمها تثبيت سعر صرف العملة السودانية في مقابل الدولار بالنسبة للتعويض عن المشروعات التي تتعرض الشركات لبعض المخاطر عند تنفيذها، الي جانب ضمان آلية تحويل الأرباح من السودان.
ومن المتوقع أن يتم التغلب علي مشكلة تحويل ارباح الشركات المصرية العاملة في السودان خلال الفترة المقبلة خاصة أن العديد من البنوك المصرية قد أعلنت نيتها افتتاح فروع لها في السودان مثل الأهلي المصري ومصر والقاهرة.
وأنهي عبدالله حديثه بأنه علي الرغم من أن المرحلة المقبلة حرجة بالنسبة للعمل في السودان لكنها تظل من أفضل الدول التي يمكن أن تعمل بها الشركات المصرية وأكثرها أمناً.