تعتزم الهند إبرام أضخم صفقة في تاريخ الطيران التجاري مع إيرباص وبوينج، حيث أعلنت شركة الخطوط الجوية الهندية (Air India) عن طلبية شراء 470 طائرة من شركتي “إيرباص” و”بوينج”، بحسب وكالة بلومبرج.
وتسلط الصفقة الضوء على تعافي القطاع من تداعيات وباء كوفيد، وعلى طموح شركة الطيران لتعزيز وجودها العالمي بعد أعوام من الانكماش.
وتعتزم شركة الطيران الهندية شراء 250 طائرة “إيرباص”، تشمل 210 طائرات من طراز “إيه 320 نيو” (A320neo) و40 طائرة أخرى طراز “إيه 350” (A350)، بالإضافة إلى 220 طائرة من “بوينج” تتكون من 190 طائرة “737 ماكس”، و20 طائرة “787”، و10 من أكبر طائراتها “777 إكس” (777X)، بحسب إعلانات منفصلة صدرت يوم الثلاثاء.
جاء أكبر طلب منفرد سابق لشراء طائرات ضمن صفقة أبرمتها شركة “أميركان إيرلاينز” في 2011 لشراء 460 طائرة.
أضخم صفقة في تاريخ الطيران التجاري
وقد تم الإعلان عن جزء من الصفقة الخاص بـ”إيرباص” في مؤتمر صحفي عبر شبكات الإنترنت، حضره أيضاً رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وبعد بضع ساعات، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، التزام “بوينج” بتسليم الطائرات.
وأفاد رئيس مجلس إدارة الشركة، ناتاراجان شاندراسيكاران، أنَّ عدداً كبيراً من الخيارات أمام “طيران الهند” لزيادة حجم طلبيتها من “إيرباص” مع نموها.
بينما قالت “بوينج” إنَّ الشركة الهندية قد تضيف في النهاية 50 طائرة أخرى من طراز “737 ماكس” و20 من “787” إلى طلبيتها.
الصفقة التي طال انتظارها، التي أبلغت “بلومبرغ نيوز” عن معالمها النهائية الأسبوع الماضي، من شأنها مساعدة “طيران الهند” على تجديد صورتها عبر تزويد صفوفها بأسطول يتميز بالكفاءة في استهلاك الوقود، مما يمكّنها من التفوق على المنافسين المحليين منخفضي التكلفة وشركات الطيران الخليجية القوية.
ولم تكشف “إيرباص” عن قائمة الأسعار، بينما قدّرت “بوينج” قيمة الطلبية بـ34 مليار دولار، وفقاً للتسعير الرسمي.
وقال غيوم فوري، الرئيس التنفيذي لشركة “إيرباص”، في المؤتمر الصحفي مع مودي: “الوقت قد حان لكي تتحول الهند إلى مركز دولي. الهند تسير على المسار الصحيح”.
خدمة الرحلات الطويلة المباشرة
قال كريستيان شيرير، رئيس المبيعات لدى “إيرباص”، في مقابلة أجراها أمس الثلاثاء، إنَّ “طيران الهند” ستبدأ في استلام طائرات “إيه 350” قبل نهاية 2023. صُنّعت الدفعة الأولى المكوّنة من ست طائرات لصالح الشركة الروسية “إيروفلوت” (Aeroflot PJSC) التي لن تستطيع استلامها بعد خضوعها لعقوبات في أعقاب غزو أوكرانيا.
وكذلك طلبت شركة الطيران الهندية 34 طائرة من الطراز الأكبر “إيه 350-1000” (A350-1000) الذي يقول شيرير إنَّه سيمنحها القدرة على تقديم خدمة الرحلات الطويلة المباشرة إلى عمق قارات العالم كافةً.
وأوضح بايدن أنَّ طلبية “طيران الهند” هي ثالث أكبر عملية بيع تجريها “بوينج” على الإطلاق من حيث القيمة الدولارية، فيما تعد ثاني أكبر صفقة على الإطلاق من حيث الكمية.
وتتوقَّع صانعة الطائرات الأميركية أنَّ الهند ستحتاج 2210 طائرات جديدة على مدى العقدين المقبلين، وهو رقم يتماشى بشكل عام مع توقُّعات “إيرباص” تجاه البلاد. وعلى سبيل المقارنة، تظل الصين سوقاً أكبر بكثير بالنسبة لـ”بوينغ”، التي تتوقَّع أن تحتاج البلاد إلى 8485 طائرة جديدة حتى 2041.
إنَّ فوز “بوينج” بصفقة الطائرات في الهند يتناقض مع أدائها في الصين، فقد استُبعدت منتجات الشركة من الطلبيات الجديدة وسط الاضطرابات الجيوسياسية الأحدث وحظر طيران طائرات “737” بعد تعرضها لحادثين مميتين متتاليين سريعاً.
وعادةً كان تقتنص الصين ربع إنتاج “بوينغ” من طائرات “737 ماكس”، لكن لم تتسلّم شركة طيران واحدة في البر الرئيسي الصيني أي طائرات جديدة من خط الشركة الأكثر مبيعاً منذ أكثر من 3 أعوام ونصف العام.
“طيران الهند” تحاول استعادة المسافرين
وتحاول شركة “طيران الهند”، التي تأسست تحت قيادة “تاتا جروب” في فترة الثلاثينيات، استقطاب عملائها من جديد من طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية، اللتين بنتا نموذج أعمال ينقل الهنود إلى الولايات المتحدة وأوروبا عبر مركزيهما الضخمين في دبي والدوحة.
وقال رئيس الوزراء مودي في المؤتمر الصحفي إنَّ صفقة شركة الطيران الضخمة تعد جزءاً من مبادرة لزيادة نشاط قطاع الطيران في الهند، إذ تريد الدولة أن تكون مركزاً لأعمال الصيانة والإصلاح بالمنطقة.
وـأضاف رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، إنَّ طلبية “طيران الهند” كانت وراء قرار “إيرباص” العام الماضي باستثمار أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني في مصنع تجميع أجنحة الطائرات “بويلز”، بجانب إضافة 450 وظيفة. كما أنَّها ستعزز عمليات التوظيف في شركة “رولز رويس” المصنّعة لمحركات طائرات “إيه 350” التي طلبتها الشركة الهندية.
تأتي الطلبية أيضاً في ظل سعي شركات الطيران حول العالم لتحديث أساطيلها للاستفادة من انتعاش السفر السريع بعد كوفيد. يعد تأمين “طيران الهند” لالتزامات تسليم جديدة أساسياً لخطة توسّع الشركة في ظل الشح المتزايد في معروض الطائرات المبنية حديثاً.