ضخت البنوك الصينية قروضا جديدة بقيمة 4.9 تريليون يوان (719 مليار دولار) الشهر الماضي، أي أعلى من تقديرات خبراء الاقتصاد عند 4.2 تريليون يوان، ومقارنة بـ3.98 تريليون يوان في الشهر نفسه قبل عام.
وتقول وكالة بلومبرج أن القروض القياسية التي قدمتها البنوك الصينية في يناير جاءت استجابة لمطالبات السلطات لها بإقراض المزيد للشركات، لكن ظلَّ اقتراض المستهلكين ضعيفاً.
قال بنك الشعب الصيني يوم الجمعة إنَّ تقديم القروض دفع المقياس الواسع للائتمان- التمويل الإجمالي- إلى 5.98 تريليون يوان في يناير، متجاوزاً تقديرات الاقتصاديين، كذلك ارتفع مؤشر المعروض النقدي 12.6% على أساس سنوي في أسرع وتيرة منذ أبريل 2016.
تتجه البنوك إلى زيادة الإقراض في مستهل العام نظراً لحصص القروض الوفيرة التي تسعى للاستفادة منها، وهي تفضل الإقراض بداية العام لجني المزيد من الأرباح.
نمت القروض بشكل قوي مطلع العام الجاري بعد أن حث البنك المركزي ولجنة تنظيم البنوك، المصارف على التعجيل بتقديم الائتمان ببداية العام في إطار جهود الحكومة لتحويل مسار الاقتصاد نحو التعافي.
تباين إقبال الشركات والأسر على القروض
أظهرت البيانات زيادة القروض الممنوحة للشركات وانتعاش إصدار الشركات للسندات. برغم حصول المستهلكين على قروض أكثر في يناير مقارنة بديسمبر؛ لكنَّ طلبهم على التمويل انخفض على أساس سنوي.
قال تشيوي تشانغ، رئيس وكبير الاقتصاديين لدى “بين بوينت آسيت مانجمنت” : “يوجد تباين مثير للاهتمام بين قروض الشركات والأسر، وتحسن الطلب على قروض الشركات بسرعة مع انتعاش الطلب المحلي لا سيما في قطاع الخدمات، لكنَّ معدل البطالة
ما يزال مرتفعاً، مما يبقي ثقة القطاع العائلي ضعيفة”.
قد يكون انتعاش الائتمان علامة على التعافي في بعض القطاعات بعد التخلي عن تطبيق سياسة “صفر كوفيد”.
أظهرت أحدث استطلاعات مديري المشتريات أنَّ نشاط التصنيع والخدمات توسّع للمرة الأولى خلال أربعة أشهر، في حين ارتفع السفر والإنفاق خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
إطلاق العنان للإقراض
وقال إريك تشو، الخبير في شؤون اقتصاد الصين.”القروض الجديدة القياسية في الصين خلال يناير لم تكن مدفوعة فحسب بالميل الموسمي للبنوك لإطلاق العنان للإقراض في بداية العام؛ وإنما نتيجة تكثيف الحكومة لدعم القروض التي تستهدف تعزيز التعافي وتخفيف حدة أزمة قطاع العقارات. لكنَّ التعافي في الطلب على القروض من جانب القطاع العائلي كان طفيفاً، مما يشير إلى استمرار ضعف المعنويات إزاء مبيعات المنازل مع إعادة فتح الاقتصاد للمرة الأولى إبان كوفيد.
في ظل ضعف الإقراض الاستهلاكي وعدم تحقق التعافي الكامل في سوق العقارات، رجح خبراء اقتصاديون أن يحافظ بنك الشعب الصيني على موقف السياسة النقدية الداعم.
قال بروس بانغ، كبير الاقتصاديين المعنيين بمنطقة الصين الكبرى لدى “جونز لانج لاسال”: “برغم احتمال تعافي نمو الاستهلاك إلى مستويات ما قبل الجائحة في عام 2023؛ ما تزال هناك حاجة إلى الدعم من جانب السياسات المالية وغيرها من السياسات لتوسيع مستويات قروض المستهلك، وخفض تكاليف التمويل، وتعزيز قدرة الأسر، واستعدادها للاستهلاك بطريقة منظمة”.
الإبقاء على السياسة النقدية الميسرة
يُتوقَّع أن يبقي بنك الشعب الصيني على سياساته التيسيرية على المدى القريب فيما يتعلق بضخ السيولة ومنح الائتمان لترسيخ الانتعاش، مع ذلك؛ يُفترض أن يكون احتمال خفض الفائدة الوشيك قد تراجع، بحسب ما كتب الاقتصاديون لدى “سيتي جروب” في مذكرة بحثية بقيادة يو شيانغرونغ.
بدأ البنك المركزي الصيني اعتباراً من يناير في تضمين الائتمان من جانب مقدّمي التمويل الاستهلاكي، وشركات إدارة الثروات، وشركات استثمار الأصول المالية في حساب بيانات التمويل الإجمالية، وقال إنَّ إجمالي الإقراض المقدّم من قبل أنواع المؤسسات الثلاث بلغ 841 مليار يوان، الذي يشكّل أقل من 0.4% من القروض القائمة المقومة باليوان في نهاية ديسمبر 2022.