أوضح خبراء أنه من المتوقع أن تزداد أسعار إعادة التأمين للشركات التي تعاني من كوارث الممتلكات، في تجديدات يناير 2023، مع ترجيح وصول زيادات الأسعار بسهولة إلى 25%، والتي تعد أكبر زيادة سنوية منذ 2009.
جاء ذلك عقب عدم إعلان الكثير من شركات إعادة التأمين إلى الآن الأسعار والتغطيات ومؤشرات الطاقة الاستيعابية الخاصة بها في 2023، ما أدى إلى التكهن باتخاذها قرارات للدخول إلى السوق بقواعد بيانات أقل، ما يجعل الأمر صعبًا.
وقالت أماني الماحي؛ رئيس قطاع بـ«مصر للتأمين» وعضو فريق عمل بـ«المصرية لإعادة التأمين» سابقًا، إن شركات إعادة التأمين وكيانات التأمين والوسطاء يكافحون مع التحولات الكبيرة في الأسعار وشروط التغطية للكوارث الطبيعية.
وأضافت أن موسم تجديدات إعادة التأمين يعد الفترة الرئيسية في السنة التي تستوعب غالبية مفاوضات تجديد عقود الإعادة، حيث توفر مواسم التجديدات نظرة ثاقبة على أسعار إعادة التأمين وشروط العقد ووضع السوق والاتجاهات المستقبلية لها.
وأكدت أن أحد الأسباب الرئيسية لتردد معيدي التأمين هو «الانخفاض الكبير» في غطاء إعادة التأمين المتاح، والذي يشتريه معيدو التأمين لتغطية بعض المخاطر الخاصة بهم، مما يخلق حالة من عدم اليقين بشأن الغطاء الذي يمكنهم تأمينه، ما يجعلهم يحاولون فهم ما يبدو عليه الأمر قبل أن يلتزموا بكل من التزامات الطاقة الاستيعابية والشروط في أعمالهم.
وأشارت إلى أن إعصار إيان الذي ضرب فلوريدا في نهاية سبتمبر الماضي، قد جعل إعادة التأمين أكثر ندرة مما كانت عليه من قبل، حيث قدرت شركة Swiss Re أنه سيكلف صناعة التأمين العالمية ما بين 50 و65 مليار دولار، ومن ثم تراجعت الوسائل التقليدية والبديلة بسبب الخسائر الفادحة للكوارث الطبيعية في السنوات الأخيرة.
وبيّنت أن شركات إعادة التأمين قد تحملت الكثير من الخسائر على مدى السنوات القليلة الماضية، مما يخلق وجهة نظر مفادها الحاجة لإعادة التوازن، مما يدعو إلى إعادة المناقشة والتفاوض المطوّل بشأن السعر والاحتفاظ وهيكل التغطيات.
ورجّحت أن تدفع شركات إعادة التأمين أيضًا بشروط أكثر تقييدًا في عقود الكوارث الطبيعية التي من شأنها تضييق غطاء إعادة التأمين والحد من تعرضهم للخسارة، ومن التغييرات التي تتم مناقشتها تغطية المخاطر المسماة فقط Named Peril بدلًا من جميع المخاطر All Risks.
وأجزمت استهداف التغييرات -جزئيًا- احتساب التضخم المتزايد المؤدي لارتفاع القيم المؤمن عليها، وكذلك للحد من التعرض لما يسمى بالأخطار الثانوية، مثل حرائق الغابات والفيضانات والعواصف الحرارية، في حين أن التكلفة الفردية أقل تكلفة من مخاطر العواصف الاستوائية والزلازل، إلا أن «الحوادث من الأخطار الثانوية» تتكرر بشكل متزايد ولعبت دورًا كبيرًا في قصور ميزانيات خسائر الكوارث السنوية لشركات إعادة التأمين في السنوات الأخيرة.
وأظهرت أن الإعصار إيان قد عزز تصميم معيدي التأمين القوي بالفعل على المضي قدمًا في تغييرات كبيرة في الأسعار والشروط حتى قبل إيان، وكان من المشكوك فيه أن تكسب صناعة إعادة التأمين تكلفة رأس المال في عام 2022، ويرجع ذلك إلى حد كبير أنها العام عاما ثقيلا من حيث الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية.
ولفتت إلى أن إعادة التأمين في طريقها لتقديم نتائج سنوية دون المستوى للمستثمرين، الذين كانوا بالفعل يشككون في قدرة معيدي التأمين على تسعير مخاطر الكوارث، ما أدى إلى تقليص التعرض لكوارث الممتلكات، فضلًا على خروج البعض من إعادة التأمين على الممتلكات تمامًا، مما أدى إلى خفض المعروض من التغطيات في وقت يؤدي فيه ارتفاع التضخم إلى زيادة الطلب، إضافة إلى مواجهة الصناعة ارتفاعًا في التضخم واحتمال حدوث ركود في العديد من البلدان واستمرار حالة عدم اليقين بشأن فاتورة المطالبات من الحرب الروسية الأوكرانية.
وتوقعت انخفاضًا حادًا في القدرة الاستيعابية المتاحة لإعادة التأمين على الكوارث الطبيعية، إذ إن تأثير التضخم على تكلفة الأعمال التجارية يعني أن الخسائر المؤمن عليها ستكون أكثر تكلفة في جميع مجالات الأعمال، مما يؤدي إلى زيادة حتمية في الخصومات عند تجديد التغطية، وسيعني ذلك انخفاضًا في مقدار الأعمال الأكثر ربحية التي يمكنهم الاكتتاب فيها، مما يؤدي إلى انحراف رصيد محافظ الأعمال نحو تغطيات أكثر تقلباً وخسارة كبيرة، فضلًا على تأثير تغير المناخ على خسائر الكوارث الطبيعية، مما يدفع معيدي التأمين إلى إعادة التفكير في نهجهم وتعديل الشروط وزيادة الاستثناءات.
وأكدت استفادة شركات الإعادة الإقليمية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط من تشديد شروط إعادة التأمين في 2021، حيث كانت تجديدات التغطيات في صالحها لعدة سنوات سابقة، أما بالنسبة لعام 2023، فينبغي أن يؤدي ارتفاع قيم الصادرات من الدول المصدرة للنفط والغاز بصفة خاصة إلى تعزيز الاقتصادات وجذب القدرات.
وفسّرت أن أحد النقاط الإيجابية رغم تطور شركات إعادة التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بيئات اقتصادية مختلفة؛ إلا أنها تنتهز فرصًا للاستفادة من وزن وثقل رواد إعادة التأمين العالميين، مثل Swiss Re وMunich Re وSCOR وهو الأمر الذي يبدو هامًا للحفاظ على نظام معين للاكتتاب، لأن هؤلاء المعيدين انتقائيون للغاية ويقدمون رؤوس أموالهم وفقًا لقواعد الاكتتاب الخاصة بهم، وقد ساهمت هذه الإستراتيجية في دعم أسواق إعادة التأمين الإقليمية وزيادة الأسعار خلال التجديدات الأخيرة، ومع ذلك فإن الضغوط من معيدي التأمين الدوليين وبدرجة أقل من شركات إعادة التأمين الأسيوية و الأفريقية؛ تؤدى إلى تطور مستمر في الشروط المعروضة.
وكشفت عن انخفاض إجمالي حجم أقساط التأمين المكتتب منذ عام 2017 من قِبل جميع شركات إعادة التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعزت ذلك إلى الاضطرابات التباطؤ في الأنشطة الاقتصادية خلال فترة وباء كوفيد 19 والتي أثرت بشكل خاص على السنوات 2019 و2020، ولكن من المثير للاهتمام ملاحظة أن العديد من شركات التأمين الإقليمية تستعيد الاهتمام بقبول إعادة التأمين، وهو عامل جذب للإعادة يتم ممارسته بشكل خاص في مجالها الاختياري، على الرغم من النتائج السيئة للغاية التي سجلت في الماضي.
فما هي إلا أسابيع قليلة لتتضح ملامح تجديدات يناير 2023 ويتبلور الشكل النهائي للتغطيات في هذا الموسم المفعم بالتحديات.