يبدو انتعاش الأسهم الروسية في 2023 بعيد المنال، وذلك بعد أن تسبّب غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا في هبوطها مطلع العام في فبراير، لتصبح هي الأسواء أداء بفعل نزوح المستثمرين جراء العقوبات، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج.
في الوقت الذي صمد فيه الاقتصاد الروسي إلى حد كبير بشكل أفضل من المتوقع أمام العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، تبدو الصورة مغايرة في سوق الأسهم.
ركود ناجم عن الحرب
استُبعدت الأسهم الروسية من المؤشرات العالمية، وجُمِّدتْ أو أُغلِقتْ الصناديق المتداولة في البورصة التي تتعقب أسهم الدولة. ولم يتمكن المستثمرون المحليون من إنقاذ السوق المحلية من الركود الناجم عن الحرب، رغم أن معظم الأجانب لا يزالون ممنوعين من بيع الأسهم المحلية التي يمتلكونها.
أدت عمليات البيع في فبراير إلى إغلاق سوق موسكو لفترة قياسية. حيث انخفض مؤشر نظام التداول الروسي (RTS) المقوّم بالدولار بنسبة 35% منذ بداية العام وحتى اليوم، ما يجعله المؤشر الأسوأ أداء بين 92 مؤشراً تتبعها بلومبرج عالمياً من حيث القيمة بالعملة المحلية، وثالث أسوأ مؤشر من حيث القيمة بالدولار. كما انخفض مؤشر بورصة موسكو- روسيا المسعّر بالروبل، بنسبة 44%، وهو في طريقه تسجيل أكبر انخفاض سنوي منذ عام 2008. ومع تزايد ضغوط الحرب، قد تكون هناك خسائر إضافية.
نظرة قاتمة
في هذا الصدد، قال بيوتر ماتيس، كبير محللي العملات في “إن تاتش كابيتال ماركتس”: “تعكس الأسهم الروسية نظرة قاتمة، حيث بدأت العقوبات الغربية تلقي بثقلها على الاقتصاد الروسي، كما أن احتمال حدوث انكماش عالمي خلال الأرباع القليلة المقبلة، لا يبشر بالخير بالنسبة إلى النفط الروسي، خصوصاً في الوقت الذي يلتزم فيه الاتحاد الأوروبي تماماً بتقليل اعتماده على السلع الأساسية الروسية”.
الاتحاد الأوروبي كان قد اتفق مع مجموعة الدول السبع الكبرى على منع شركات الاتحاد من تقديم خدمات رئيسية، بما في ذلك التأمين، للسفن التي تحمل الخام الروسي إذا تم شراؤه فوق سقف الأسعار المحدد بـ60 دولاراً للبرميل. وتعرضت مخزونات النفط الروسية أيضاً لضربة قوية بسبب تقلب أسعار النفط الخام، حيث انخفض خام برنت القياسي بنحو 40% من أعلى مستوى له في مارس.
تراجع كبير في الأسهم
علاوةً على ذلك، تراجعت أسهم شركتي “لوك أويل” و”غاز بروم” ، الأكثر وزناً في مؤشر بورصة موسكو، بنسبة 30% و53% على التوالي هذا العام. في غضون ذلك، تراجعت أسهم أكبر بنك مدرج، وهو “سبيربنك أوف روسيا”، بنسبة 54%، حيث أثرت العقوبات الدولية على كل شيء، بدءاً من قدرة روسيا على الوصول إلى الاحتياطيات الأجنبية، وصولاً إلى نظام الدفع الدولي الرئيسي “سويفت” .
كما أن المخاوف من احتمال توسيع بوتين استدعاءه لـ300.000 من جنود الاحتياط جرى حشدهم في سبتمبر، قللت أيضاً من ثقة المستثمرين الأفراد المحليين في أن لديهم الأموال اللازمة لاستثمارها في سوق الأوراق المالية.
تعليقاً على الموضوع، قال إسكندر لوتسكو، كبير محللي الاستثمار في شركة “آي تي آي كابيتال” (ITI Capital) في موسكو: “بطريقة ما، أجد ضعف أداء سوق الأسهم الروسية مفاجئاً، حيث أخذت الأسعار في البداية جميع المخاطر الجيوسياسية في الحسبان، كما أن العقوبات المتأخرة، وحتى سقف الأسعار، لا تغير من قواعد اللعبة بالنسبة إلى الأسهم الروسية”.
وعزا الانحدار المستمر في السوق إلى “نقص الدعم من الصناديق المؤسسية المحلية، في حين أن ضعف الطلب من المستثمرين الأفراد مرده إلى مخاطر التعبئة وخروج الودائع”.
عقوبات أوروبية جديدة
من غير المرجح أن يحمل العام المقبل انفراجة في ظل استمرار الحرب وقيود رأس المال، خصوصاً إذا أدى الركود العالمي إلى كبح الطلب على السلع الأساسية، وفرضت العقوبات الجديدة مزيداً من الضغط على الاقتصاد الروسي.
يوم الخميس الماضي، توصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن الحزمة التاسعة من العقوبات المفروضة على روسيا، والتي تستهدف البنوك والمسؤولين الجدد وكذلك وصول البلاد إلى الطائرات من دون طيار.
قال ماتيس من “إن تاتش كابيتال ماركتس”: “من دون تدفقات رأسمالية جديدة، في ظل قيود العقوبات الغربية، من المرجح أن يكون أداء الأسهم الروسية ضعيفاً مرة أخرى في العام المقبل”.