إلى أين وصل ملف ميكنة مصلحة الضرائب ، وما الخطوات المتبقية وأثر ذلك على الأطراف المعنية سواء الممول أو الدولة؟.. استفسارات عديدة طرحتها «المال» خلال حوار أجرته مع مستشار رئيس مصلحة الضرائب سعيد فؤاد، حول المنظومة التى توليها وزارة المالية اهتمامًا وتركيزًا قويًا منذ عدة سنوات.
واستفاض «فؤاد» فى حديثه عن المنظومة، ودورها المحورى فى القضاء على التهرب الضريبي، وحصر المجتمع الضريبى بدقة، وموعد الانتهاء منها.
كما تطرق أيضًا إلى تعديلات قانون ضريبة الدخل، والضرائب المفروضة على مراكز الدروس الخصوصية، وقانون التجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية.
وقال إن عملية التحول الرقمى لمصلحة الضرائب ارتكزت على عدة محاور شملت الإقرار، والإيصال الإلكترونى وكذلك الفاتورة الإلكترونية، لافتًا إلى أنه تم الانتهاء من منظومة الإقرار الإلكترونى بالكامل، والذى يتضمن حساب ضريبة القيمة المضافة والدخل اعتبارًا من مطلع عام 2021 أصبحت إقرارات المصلحة بالكامل إلكترونية، ولا يوجد أى إقرارات ورقية.
وأوضح أن المصلحة قامت بعد ذلك بتنفيذ منظومة الفاتورة الإلكترونية والتى يتم من خلالها رصد التعامل بين الشركات بعضها.
وتضمنت 8 مراحل، وكانت البداية مع الشركات الخاضعة للجهاز المركزى للمحاسبات فى أكتوبر 2018 ثم شركات مركز كبار الممولين البالغ عددها 3000 شركة على مرحلتين.
ثم انتقلت إلى شركات الأموال بالقاهرة والإسكندرية والأقصر (مأمورية الشركات المساهمة وشركات الاستثمار)، ثم المرحلة الأخيرة وهى باقى الشركات الاعتبارية على الجمهورية والتى سيكون لزاما عليها اعتبارا من يوم 15 ديسمبر 2022 إصدار فاتورة إلكترونية.
وأضاف أن جميع الشركات الاعتبارية خارج القاهرة الكبرى يمكنها خلال الفترة الراهنة تقديم فواتيرها الضريبية ورقيًا، على أن تكون ملزمة بداية من منتصف الشهر المقبل بالإلكترونية، مع منحها مهلة للتجربة والتوافق مع المنظومة الجديدة حتى مطلع مارس 2023 ثم تصبح الفاتورة الإلكترونية ملزمة للجميع بداية إبريل من العام ذاته، لافتًا إلى أنه بعد مرور هذا الموعد لن يقبل من الشركات أى فواتير ورقية، ولا يمكنها التعامل مع أى كيانات حكومية.
وتابع قائلا: تزامنًا مع ذلك بدأ العمل فى منظومة الإيصال الإلكترونى والذى يرصد حركة التعاملات بين التاجر والمستهلك النهائي، مع ملاحظة أن الشركات التى دخلت منظومة الفاتورة الإلكترونية هى التى يحق لها إصدار إيصال إلكتروني، والذى يساعد فى حصر المجتمع الضريبى للمهن الحرة مثل الأطباء والمحامين والمهندسين والفنانين، إضافة إلى محال التجزئة الصغيرة والسلاسل التجارية فى المراكز التجارية، على أن تنتهى هذه المنظومة مطلع عام 2025.
وعدد «فؤاد» مزايا منظومتى الفاتورة والإيصال الإلكترونى للممول، إذ تيسر عليه تقديم إقرار ضريبة القيمة المضافة، نظرًا لأن جميع مستندات البيع يتم رفعها على المنظومة بشكل لحظي، وبالتالى يسهل عليه إعداد الإقرار الضريبى نهاية كل شهر، وكذلك إقرار ضريبة الدخل فى نهاية العام، وكذلك تيسير عملية الفحص الضريبى أونلاين دون تعطيل عمل الممول، كما تتيح لمصلحة الضرائب حصر المجتمع الضريبى وضم الاقتصاد غير الرسمي، وتحقيق العدالة الضريبية.
وتابع أنه يتم تقديم الإقرار الضريبى للشخص الطبيعى عن السنة الميلادية من بداية يناير حتى نهاية مارس من كل عام، بينما يقدم الشخص الاعتبارى الإقرار حسب رغبته إما عن سنة ميلادية أيضًا.
وأكد «سعيد» أن المنظومة الإلكترونية سيكون لها دور محورى فى ضبط التفاوت بين أسعار السلع لدى التجار، عبر ضم الاقتصاد غير الرسمى إلى الاقتصاد الرسمى لتحقيق العدالة الضريبية، وهو من أهم أهداف المنظومة، معتبرًا أن الفاتورة الإلكترونية ستقضى بنسبة كبيرة على التهرب الضريبي، نظرا لأن مجال التهرب سيكون ضيقًا للغاية، فى ظل رصد كل المستندات إلكترونيا.
وأردف قائلًا: يعد التهرب الضريبى ظاهرة عالمية، ولن يمكن القضاء عليه نهائيا بسبب ممارسات بعض الشركات التى يمكنها التلاعب والنفاذ من الثغرات القانونية، كأن تكون الشركة غير ملزمة بالتوريد إلى شركات حكومية وتنتج سلعها بنفسها وتتعامل مع مستهلك نهائى مباشرة نقديا، وهنا يأتى دور حملات التهرب الضريبى لضبط هذه الممارسات غير الشرعية.
تعديلات القوانين
وقال «فؤاد» إن «الضرائب» تقوم من حين لآخر بإعادة النظر فى القوانين الضريبية وفقًا لأوضاع السوق والمتغيرات بهدف إحداث تغييرات إيجابية تتوافق مع المستجدات، مدللًا على ذلك بالإشارة إلى وضع قانون التجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية للتحفيف عن الممولين نتيجة ظروف الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على حركة التجارة والاستيراد والتصدير عالميا، وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمى والمحلي، وما تبعه من تعثر للممولين.
يشار إلى أن قانون التجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الاضافية الصادر فى أغسطس الماضى يتيح للممول أو المكلف الاستفادة من التجاوز بنسبة %65 من مقابل التأخير والضريبة الإضافية المنصوص عليها بكل من قانون ضريبة الدمغة، وقانون رسم تنمية الموارد المالية للدولة، وقانون الضرائب على الدخل، وقانون الضريبة العامة على المبيعات، وقانون الضريبة على القيمة المضافة، على أن يتم سداد نسبة %35 المتبقية، التى لم يتم التجاوز عنها، خلال مدة لا تتجاوز الأول من مارس المقبل، وذلك فى حالة سداده أصل دين الضريبة أو الرسم المستحق أو واجب الأداء قبل تاريخ العمل بهذا القانون أو حتى تاريخ 31 أغسطس 2022 ، أيًا كان سبب وجوب الأداء.
وأشار إلى أن قانون التجاوز عن مقابل التأخير ليس قانونا مطلقا، وإنما يتم إقراراه 3 مرات فقط وفقًا لظروف محددة، فى أعوام 2018 لمدة 6 أشهر، و2020 لفترة مماثلة، والعام الحالي، وأشار إلى أن إقرار القانون مرة أخرى يأتى بناء على قرار من مجلس الوزراء.
ولفت إلى أن تعديلات قانون ضريبة الدخل المنظور أمام البرلمان حاليا ويقترح زيادة حد الإعفاء الضريبى إلى 30000 جنيه سنويا، أى أن الموظف الذى يتقاضى 2500 جنيه شهريا معفى من الضريبة كليا، وفوق الـ30000 وحتى الـ45 ألف جنيه ستطبق ضريبة بنسبة %2.5 ما يعادل 375 سنويا.
وعلى صعيد إعادة المصلحة النظر فى تعديلات القانون مؤخرا بعد قرار الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 جنيه، ومطالبتها أن يكون حد الإعفاء 36000 جنيه سنويا، قال “فؤاد” إن مجلس النواب له الحق فى تعديل حد الإعفاء إلى 36000 جنيه وفقا للاحتياجات والمتغيرات الجديدة لمواكبة القرارات التى صدرت مؤخرا، ما دامت لم يتم الموافقة نهائيًا على القانون أو يوقع من رئيس الجمهورية وينشر بالجريدة الرسمية.
وأكد أن النهج الضريبى الذى تتبعه الدولة خلال السنوات الخمس المقبلة يتمثل فى عدم تنفيذ أى زيادات ضريبية، مدللًا على ذلك صدور قانون الضريبة المضافة العام الحالى والذى ألغى ضريبة القيمة المضافة على جزء كبير من السلع من بينها مستلزمات إنتاج الأدوية، والأسمدة، وذلك لتخفيف العبء على الممول.
تقنين السناتر وضرائب البلوجرز
وعلى صعيد تقنين سناتر الدروس الخصوصية وفقًا لإعلان وزير التربية والتعليم هذه الخطوة مؤخرا، قال «فؤاد» إنها ستسهم فى حصر المجتمع الضريبى عبر التنسيق بين الوزارة والمصلحة من خلال توفير بيانات السناتر.
ولفت إلى أن هناك بعض السناتر التى لم توفق أوضاعها تقوم المصلحة بالفعل بتحصيل ضريبة منها، لاسيما أن البيانات التى ستحصل عليها المصلحة من الوزارة ستساعدها فى أداء عملها.
وكشف عن وجود تنسيق مع وزارة التربية والتعليم بشأن بيانات المدارس والجامعات لتيسير تحصيل الضريبة من هذه الجهات، وأن تقنين السناتر سيكون إضافة للتعاون المستمر بين الجانبين.
وكانت مصلحة الضرائب المصرية قد ناشدت فى وقت سابق أصحاب مراكز الدروس الخصوصية بفتح ملفات ضريبية والتسجيل لدى المصلحة لتقنين أوضاعهم.
وحول الضرائب على صناع المحتوى الإلكتروني، أكد أنهم يتم محاسبتهم وفقا لقانون ضريبة الدخل، لافتًا إلى أنه تم إنشاء وحدة خاصة بالتجارة الإلكترونية فى مصلحة الضرائب، مهمتها حصر المجتمع الضريبى.