يستحوذ الشحن البحرى على ما يقرب من 3٪ من إجمالى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وعلى الرغم من مبادرات إزالة الكربون، فإن صناعة النقل البحرى تواجه تحديا كبيرا فى تقليل استخدام السفن للوقود الأحفوري، لذلك اتجهت العديد من الدول إلى فكرة إنشاء ممرات خضراء بين الموانئ.
ويرى المجتمع الملاحى أن أهمية الممرات الخضراء تتزايد مؤخرا كوسيلة لمساعدة الشحن البحرى على إزالة الكربون، وهى تشمل طرقا تجارية محددة بين محاور الموانئ الرئيسية بهدف تقليل الانبعاثات.
وقال اللواء بحرى محفوظ طه، خبير النقل البحري، إن الوقود الأخضر أحد الحلول العالمية الرئيسية التى طرحت مؤخرا لخفض الانبعاثات الكربونية خاصة الهيدروجين الأخضر، ولكن الأمر يتطلب دراسات مختلفة حول تكاليف إنتاج ذلك الوقود والعوائد وحجم الطلب على السوق.
وأوضح «طه» أن إنتاج الهيدروجين يتم خلال عملية التحليل الكهربائى للماء على نحو يسمح بالحصول على جزيئات الهيدروجين بعد فصلها عن الأكسجين، من خلال مولدات الكهرباء التى تعمل بالطاقة المتجددة سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، لذلك سمى بالأخضر، وتعد تلك المولدات الكهربائية مرتفعة التكاليف، بجانب وجود تانكات وإجراءات تأمينية عالية وبنية تحتية للتخزين مرتفعة التكلفة، مما يتطلب خفض تكاليف المولدات الكهربائية لتقليل سعر الهيدروجين.
وأشار إلى أنه يجب مراعاة أن المراكب التى تحولت إلى الغاز الطبيعى ليست بالأعداد الكبيرة، لذلك يجب دراسة حجم الطلب خاصة أن الوقود النظيف من طاقة شمسية ورياح والميكانيكية المولدة من الأمواج أغلى من الوقود الأحفوري.
ويرى الدكتور أحمد الشامي، خبير النقل البحري، أنه نتيجة لتشغيل السفن بالوقود الأحفورى ذى الانبعاثات الكربونية، سيكون إجباريا تغيير نوعية ذلك الوقود ليكون –صفر انبعاث – لذلك من الضرورى أن تنتهج الموانئ المصرية طريقة لتقليل تلك الانبعاثات، من خلال غلق السفن ماكيناتها أثناء التراكى على أرصفة الموانئ ليتم مدها بالكهرباء مقابل رسوم مناسبة.
وأضاف أن تلك الطريقة الحالية للحفاظ على الموانئ المصرية من تلك الانبعاثات حتى يتم الاستعانة بوقود منخفض الكربون مثل الغاز أو الهيدروجين الأخضر أو الميثانول، مطالبا بضرورة وجود خطط لمواجهة الأزمات البيئية داخل الموانئ خاصة التسرب البترولى وفصل الزيوت عن المياه لمحاصرة أى تلوث.
وأشار إلى أن هناك مبادرات من ملاك السفن لتقليل الانبعاثات من خلال الحلول البسيطة وهو أن تبطئ السفن خلال إبحارها، وبالتالى تستخدم وقودا أقل فى انبعاث الكربون.
قال أحد رؤساء موانئ البحر الأحمر أن الشحن الأخضر حاليا يتم من خلال السفن التى تسعى لاستخدام وقود قليل الانبعاثات بينما الموانئ تقوم باستقبال تلك السفن يتم وقف تشغيلها أمام الرصيف لمنع أى انبعاثات وتعيد تشغيلها من خلال مولدات كهربائية، بجانب أن كل المعدات بالميناء تعمل بالكهرباء.
وأوضح أن أى مخازن بها مواد ملوثة يتم إغلاقها تماما وتغطيتها ونقل أى مواد به من طريق ونش كلارك كهربائي.
من ناحيته، قال اللواء عصام بدوي، أمين عام اتحاد الموانئ البحرية العربية، إن تطبيق عملية الشحن الأخضر بالموانئ يتم من خلال تنفيذ تعليمات الحفاظ على البيئة فقط، مشيرا إلى أن الدولة تسعى إلى تحويل الموانئ إلى محطات نظيفة خالية من التلوث المياه والهواء.
وأوضح أن ميناء الإسكندرية كان يتواجد به محطة كبيرة للفحم وتم رفعها واستبدالها برصيف لتداول الحاويات، وحاليا أغلب المواد ذات الانبعاثات الضارة ممنوع تداولها بالموانئ المصرية.
من جهة أخرى، قال أسامة البحراوي، مدير قسم الموارد بـ«توكيل أركاس إيجيبت»، إن الشحن الأخضر يعتمد على نقل الأشخاص أو البضائع عبر السفن باستخدام الحد الأدنى من الموارد والطاقة قدر الإمكان، لحماية البيئة من الملوثات التى تولدها السفن.
وأوضح أن الشحن الأخضر يتطلب جهدًا هائلاً من كل عناصر صناعة الشحن مثل المنظمين وسلطات الموانئ من خلال وضع خطط كبيرة لتطوير أنواع وقود منخفضة الانبعاثات أو عديمة الانبعاثات – بما فى ذلك الميثانول الأخضر، والهيدروجين، والغاز الطبيعى المسال (LNG) والأمونيا – لتقليل أو استبدال زيت الوقود الثقيل الحالى للسفن.
وقال إنه إذا لم يتم تقليل انبعاثات الكبريت، فقد يتسبب ذلك فى أكثر من مليون حالة وفاة مبكرة، موضحا أنه تم بذل جهود لفرض الممارسات المستدامة ومبادرات الشحن الخضراء فى الآونة الأخيرة، ضاربا مثالا بالتزام المملكة المتحدة بمليون جنيه إسترلينى للبحث والتطوير لتقليل الانبعاثات فى الصناعة البحرية، وأصبحت أول دولة تتعهد بعدم وجود انبعاثات بحلول عام 2050.
وأوضح أن شركة «Maersk» الدنماركية، والتى تنقل %17 من حاويات العالم تمتلك نحو 13 سفينة جارٍ بناؤها بكوريا الجنوبية وتعمل بالميثانول الأخضر.
من جانبها، قالت الدكتورة منى نور الدين، أستاذ النقل بجامعة الأزهر، وخبيرة النقل البحرى واللوجيستيات، أن مصر من الدول الرائدة فى تحقيق أجندة أهداف التنمية المستدامة خاصة فى ظل استقبال مصر لمؤتمر التغيرات المناخية cop 27 الذى عقد على مدار الأسبوع الماضي.
وأوضحت أن النقل البحرى من أهم القطاعات التزاما بالتطوير والاتجاه نحو الرقمنة والذكاء الاصطناعي، وكذلك الاتجاه نحو الشحن الأخضر بالنسبة للموانئ البحرية والسفن والخطوط الملاحية بقناة السويس مسايرة الاتجاه العالمى وتتزامن مع اتجاهات المنظمة البحرية الدولية.
وأكدت أن مصر اتجهت نحو الاقتصاد الأخضر داخل الموانئ من خلال توافر صناعات الطاقة النظيفة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والاتجاه نحو الهيدروجين الأخضر فى تشغيل الموانئ البحرية ومحطات الحاويات،وكذلك مراعاة كافة الإجراءات والأبعاد البيئة فيما يتعلق بساحات الحاويات الخطرة وتصنيفاتها.
وقالت أن مجال الخدمات البحرية داخل قناة السويس يواكب تطبيق نظام المسارات الخضراء للخطوط الملاحية العابرة لقناة السويس والربط بين الموانئ الخضراء اعتزام الهيئة منح حوافز وتخفيضات السفن الصديقة للبيئة لتشجيع الخطوط الملاحية على بناء السفن التى تعمل بوقود نظيف.
يذكر أن موانئ سنغافورة وميناء روتردام بهولندا، وهما من أكبر موانئ التزويد بالوقود فى العالم، أعلنا عن إطلاق أطول ممر أخضر للشحن فى العالم،بحلول عام 2027.
وفى السياق نفسه، أعلنت هيئة قناة السويس مؤخرا عن بناء أول مرسى لليخوت أخضر فى مصر، يعمل بالطاقة النظيفة بمجرد تصديق رئيس الجمهورية على المشروع، بجانب إعتماد آليات عمل جديدة بالطاقة النظيفة مثل اتجاه الهيئة لتحويل محطات الإرشاد الموجودة على طول القناة للعمل بالطاقة الشمسية بالإضافة إلى تحويل أسطول سيارات وحافلات الهيئة للعمل بالغاز الطبيعي، طبقا لاستراتيجية «القناة الخضراء» بحلول عام 2030.