يخطط الرئيس جو بايدن لشطب ما يصل إلى 10 آلاف دولار من العديد من القروض الطلابية الفردية الفيدرالية، ويصل العفو إلى 20 ألف دولار أحياناً، في خطوة سيرحب بها حوالي 40 مليوناً من الأميركيين، إذ يُنتظر أن يستفيدوا منها قريباً، بحسب وكالة بلومبرج.
لكنَّ عشرات الملايين سيشهدون تجدد عبء القروض الطلابية في السنة الجديدة، مما سيجلب المزيد من التحديات والصعوبات المالية في زمن تتزايد فيه حالة عدم اليقين الاقتصادي.
شطب القروض الطلابية
يرجح أن تتفاقم المشكلة نظراً للتغيرات الضخمة التي مرّ بها النظام خلال فترة تجميد العمل بها، في حين أنَّ كثيراً من التغييرات في القواعد الناظمة للقروض الطلابية التي اعتمدها البيت الأبيض لم تُطبق إلا جزئياً.
سيتعين على المقترضين البدء بتسديد قروضهم الفيدرالية الجامعية مطلع 2023 بعد توقف لأكثر من سنتين، في حال لم يطرأ أي تغيير على السياسة المتبعة في اللحظات الأخيرة. لكن لا يمكنهم ببساطة أن يستأنفوا الدفع من المكان الذي توقفوا منه قبل أن تعلّق الحكومة تسديد الأقساط والفائدة المتجمعة على القروض الطلابية في بداية تفشي وباء كورونا في مارس 2020، فقد مرّ الاقتصاد الأميركي بعدّة تقلبات، وانقلبت أحوال العديد من المواطنين جذرياً على الصعيد الوظيفي أو المعيشي. كما لم يعد الناس في وضع يمكنهم من تحمّل التكلفة في ظلّ التضخم الجامح.
تحاول الإدارة تخفيف بعض هذه الآلام الاقتصادية عبر تغيير القواعد بما يتيح خفض الأقساط الشهرية للعديد من المقترضين إلى النصف، وإتاحة المجال لمزيد من الناس للإفادة من البرامج القائمة. لكنْ بما أنَّ العديد من الإصلاحات ما يزال معلقاً “فثمة خطر من العودة إلى نظام ما يزال معطلاً”، بحسب أبي شافروث، المحامية المتخصصة في القروض الطلابية في المركز الوطني لقانون المستهلك.
غموض الأقساط الجديدة
لا يعرف كثير من المقترضين بوضوح المبالغ التي يدينون بها، والمبالغ التي يتعين عليهم تسديدها فيما ينتظرون إعادة احتساب فواتيرهم الشهرية. يعود ذلك جزئياً لعدم اليقين حول المدة التي سيستغرقها بدء العمل بالإعفاء، بالأخص في ظلّ مجموعة من التحديات القانونية، فيما يعود الجزء الآخر لاضطرابات داخل الشركات الموكلة بجدولة الأقساط الفردية وترتيبها. خرجت شركتان من تلك الشركات من العمل، فتم تحويل أكثر من 9 ملايين حساب في عملية قال عنها مكتب الحماية المالية للمستهلك إنَّه قد اعتراها الكثير من الأخطاء، شملت أرصدة وتواريخ استحقاق غير دقيقة.
تواجه الشركات التي ما تزال عاملة في مجال خدمة الدين أزمة مالية محتملة، مع تقلص عبء الديون التي تديرها، في حين سبق أن خفضت عدد موظفيها برغم أنَّها طبّقت نطاقاً واسعاً من التغييرات. تعني هذه الضغوط اللوجستية والمالية أنَّ تواصل المقترضين مع هذه الشركات بات أكثر صعوبة، كما طالت فترة انتظار الأشخاص الذين يتصلون، وهي مسألة كان مكتب الحماية المالية للمستهلك قد سلّط الضوء عليها في تقريره الأخير.
استئناف تسديد الأقساط
بالنسبة للمحامية خديجة توراي- سينغوفا، المتخصصة بالهجرة التي بلغ عمرها 47 عاماً وهي أم عزباء في فيلادلفيا؛ فإنَّ استئناف تسديد الأقساط سيضطرها للبحث عن وظيفة ثانية بدوام جزئي. كانت تدفع حوالي 300 دولار شهرياً لأكثر من 15 سنة قبل تجميد السداد، لكنَّها لا تعرف كم ستكون قيمة قسطها الجديد بعد تفعيل الإعفاء.
قالت: “يجب أن أفكر ملياً بالعمل الذي سأتولاه لأكسب دخلاً إضافياً لأنّني لا أريد الابتعاد عن ابنتي”، مشيرة إلى أنَّ تجميد تسديد الأقساط خلال فترة الوباء مكّنها من تحمّل تكلفة تسجيل ابنتها مدة 6 سنوات في صفوف تعليم الرقص خلال الصيف. وأضافت: “أريد أن أكون موجودة كي أقلّها من المدرسة وأسمع مجريات يومها مباشرة، فضلاً عن معالجة أي تحديات تواجهها، وأن أعدّ لها العشاء وأساعدها بواجباتها المنزلية”.
تُمكن خطة الإعفاء التي أعلن عنها بايدن المقترضين الذين استفادوا سابقاً من برنامج منح بيل، وهي مساعدة تعليمية تستهدف أشخاصاً ذوي حاجة مالية استثنائية، أن يستفيدوا من شطب ما يصل إلى 20 ألف دولار من ديونهم، فيما يبلغ الحدّ الأقصى لإعفاء المقترضين الآخرين 10 آلاف دولار، مع العلم أنَّ الاستفادة من العفو تقتصر على الأشخاص الذين يجنون أقل من 125 ألف دولار في السنة للعازبين، و250 ألف دولار لكلا الزوجين في حال الزواج.
صفحة بيضاء
لكن في حين يستعد مزودو الخدمات لاستئناف إصدار الفواتير في العام الجديد؛ فإنَّ الإجابة على السؤال الأكبر الذي يطرحه المقترضون، أي مقدار الدين، قد تستمر بالتغير لبعض الوقت. يُعزى جزء كبير من ذلك لكون وزارة التعليم الأميركية في خضم طرح تغييرات تنظيمية طال انتظارها. قد يستفيد الملايين من تبني إصلاح شامل لبرنامج الإعفاء من القروض لموظفي الخدمة العامة المخصص للعاملين في وظائف حكومية وفي المنظمات غير الربحية والذي لم يسهم تاريخياً إلا في شطب حوالي 1% من قروض الأشخاص المؤهلين للاستفادة منه. كانت ديون أكثر من 236 ألف مقترض قد شطبت بموجب شروط البرنامج منذ أن وسعت الحكومة مؤقتاً الاستفادة منه قبل سنة، لكنَّ هذا العدد لا يتجاوز نصف عدد الأشخاص، علماً أنَّ المسؤولين قالوا في السابق إنَّهم قد يستفيدون منه، وانتهت فترة قبول الطلبات لهذا العفو الموسع في 31 أكتوبر، مع أنَّ بعض التغييرات قد تصبح دائمة في العام المقبل، بحسب ما أعلنته وزارة التعليم في 25 أكتوبر.
إعفاء موظفي الخدمة العامة
كما منح المسؤولون المقترضين المؤهلين للاستفادة من إعفاء موظفي الخدمة العامة حق تسوية الحساب لمرّة واحدة فقط للأشخاص الذين لديهم حسابات ترتبط دفعاتها بمدخولهم والتي أُعلن عنها في أبريل. يمنح هذا الإجراء المقترضين مفعولاً رجعياً على الأقساط المؤهلة لتشملها الخطط المستندة إلى الدخل، حتى لو لم يكونوا خاضعين للبرنامج في حينها على أن تدخل هذه التغييرات حيز التنفيذ في يوليو. تحمل السنة الجديدة معها أيضاً برامج يمكن وصفها بـ”البداية الجديدة” تمنح صفحة بيضاء وسجلاً ائتمانياً أفضل لحوالي 7.5 مليون شخص متعثر في السداد، إلى جانب اقتراح قاعدة للتسديد ترتبط بالمدخول من شأنها أن تخفّض الأقساط الشهرية إلى النصف لبعض الأشخاص، مع تجنيبهم تراكم الديون بسبب الفوائد.
تقول توراي-سينغوفا إنَّها برغم امتنانها للراحة التي منحتها لها خطة الإعفاء الحكومية، لكنَّها ما تزال قلقة حيال ما ستفعله عند استئناف الدفعات. لقد سددت قرضين من أصل ثلاثة قروض كانت استحصلت عليها من أجل تمويل تعليمها، لكنَّ تراكم الفائدة يعني أنَّه برغم شطب 10 آلاف دولار؛ فإنَّ إجمالي ديونها يبقى زهاء 104500 دولار، أي أعلى بعدّة آلاف الدولارات من المبلغ الذي كانت تدين به عام 2005.
قدّم حوالي 22 مليون شخص طلبات للحصول على عفو في الأسبوع اللاحق لفتح باب تقديم الطلبات. وبحسب تقديرات إدارة بايدن؛ فإنَّ حوالي 81% من المقترضين المؤهلين سيقدّمون طلبات بحلول المهلة النهائية في 31 ديسمبر 2023.
تكلفة جامعية عالية
قال البيت الأبيض إنَّ قرابة 20 مليون شخص، أي ما يقارب نصف عدد المؤهلين للعفو، قد تُشطب ديونهم المتبقية كاملة، لكنَّ حسابات موظفي البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك تعطي تقديرات أكثر تواضعاً، وتشير إلى تصفير ديون خمسيّ الأشخاص، وتقليص حجم الديون الطلابية الفيدرالية الذي يبلغ حالياً 1.4 تريليون دولار إلى نحو الثلث. لكنْ ما يزال المقترضون الذين لديهم قروض من مؤسسات خاصة أو قروض فيدرالية غير خاضعة لوزارة التعليم، مدينين مثلما كانوا طوال فترة الوباء.
أوصت الإدارة المواطنين بتقديم الطلبات قبل 15 نوفمبر من أجل معالجة طلب العفو بحلول نهاية العام، وهو الموعد المرتقب لاستئناف تسديد الأقساط. لدى سؤال المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير في 24 أكتوبر عن احتمال الاستمرار بتعليق تسديد الأقساط في ظلّ مناورات قانونية تعرقل تطبيق خطة العفو التي أعدّها بايدن؛ قالت إنَّه ليس لديها ما تعلنه حول ما إذا كان تمديد تجميد دفع الأقساط مطروحاً للبحث، فضلاً عن أنَّ الإدارة “لن تدخل بفرضيات”.