رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد المغرب خلال العام الحالي إلى 1.25%، إذ يرى أن انتعاش السياحة والتحويلات القوية ومرونة الصادرات، أسهمت في تعويض الأثر السلبي لبعض الصدمات الناتجة من الجفاف وتداعيات الحرب الأوكرانية.
وتقترب تقديرات الصندوق من توقعات الحكومة للنمو خلال العام الحالي، إذ تستهدف الدولة نمواً بنسبة 1.5%.
ومع ذلك طالب الحكومة بضرورة الإسراع في إصلاحات هيكلية لتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص، ومواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ، وفق ما جاء في تقرير الصندوق عقب انتهاء مراجعات المادرة الرابعة.
كان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المغربي في أكتوبر الماضي إلى 0.8% ما عزاه إلى الصدمات العالمية والجفاف.
ورغم تفاؤل الصندوق بتحسن أداء الاقتصاد المغربي خلال العام المقبل، فإن توقعاته جاءت أقل من تقديرات الحكومة.
وقال: “بافتراض حدوث تحسن تدريجي في الظروف الخارجية وموسم زراعي متوسط، فإن النمو سيتسارع إلى نحو 3% العام المقبل، والعجز الخارجي سيتقلص إلى نحو 3% من إجمالي الناتج المحلي”.
وتتطلّع الحكومة المغربية لتحقيق نمو 4% العام المقبل، وألّا يتجاوز العجز المالي 4.5%، بحسب الموازنة التقديرية الصادرة الشهر الماضي.
توقعات صندوق النقد الدولي
وبسبب التداعيات الناجمة عن الصدمات العالمية في العرض وأسعار السلع الأساسية، أصبحت البلاد تواجه ضغوطا تضخمية على مدار العام، وفق الصندوق.
ويتوقع الصندوق أن يبدأ التضخم بالمغرب في الانخفاض العام المقبل بعد أن يبدأ بنك المغرب في دورة تشديد في سبتمبر، كما يسهم في ذلك أيضاً الانخفاض المتوقع في أسعار السلع العالمية.
لكن الوصول إلى مستهدف الحكومة لبلوغ معدلات التضخم 2% بحلول 2024 وفق الصندوق، تتطلب زيادات أخرى في معدلات الفائدة، من أجل المزيد من ثبات توقعات التضخم.
ورفع بنك المغرب سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة إلى 2%، في سبتمبر الماضي، للمرة الأولى منذ عام 2008. كما لم يحرّكها منذ شهر يونيو 2020، عندما خفّضها بمقدار 50 نقطة.
يأتي ذلك بعد أن بلغ معدل التضخم في نهاية سبتمبر 8.3% وهو الأعلى في المملكة منذ عام 1995.
موازنة 2023
وقفزت موازنة المغرب للعام المقبل بنحو 15.4% إلى 600 مليار درهم (54 مليار دولار)، مقابل 520 مليار درهم (47 مليار دولار) للعام الحالي، وفقاً لمشروع الموازنة 2023.
وتستهدف الموازنة تحقيق عجز مالي في حدود 4.5%، مقابل 5.3% المتوقع مع نهاية 2022. ويُرتقب أن يقرّ البرلمان الموازنة في شهر ديسمبر.
ويتوقع المغرب تحقيق إيرادات بنحو 536 مليار درهم في 2023، مقابل 461 مليار درهم هذا العام، بنمو يناهز 16.3%. وتشمل الإيرادات الضريبية والجمركية وأرباح المؤسسات العمومية والخصخصة، إضافةً إلى الاقتراضات الداخلية والخارجية.
وفي هذا الإطار، أبدى صندوق النقد الدولي تأييده للموازنة، وقال إنها تستهدف تقليصاً مستمراً للعجز إلى مستويات أقرب إلى ما قبل الجائحة، كما تركز على التخفيف من تأثير الصدمات الأخيرة وتمويل الإصلاحات الأكثر إلحاحاً في أنظمة الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم.
الضرائب
وقال صندوق النقد الدولي إن الحكومة أقرت تغييرات في ضرائب الدخل على الشركات والأفراد لتقليل العبء الضريبي على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والموظفين، مع زيادة تدريجية للضرائب على الشركات مع توسيع القاعدة الضريبية، الأمر الذي من شأنه أن يعزز موارد الدولة.
وأقرّت الحكومة المغربية تعديلات على ضرائب الشركات، بهدف زيادة الإيرادات وتخفيف عجز الميزانية للأعوام المقبلة. لكنها تعهّدت، في المقابل بمنح الشركات الخاصة دعماً مالياً لتشجيعها على الاستمرار والاستثمار.
ويتضمن مشروع موازنة 2023 رفعاً جديداً على ضريبة الشركات، بشكلٍ تدريجي خلال السنوات الأربع القادمة. كما ينص على تمديد العمل بضريبة إضافية على الأرباح الكبرى تُسمّى “المساهمة الاجتماعية للتضامن”.
وبحلول عام 2026، سترتفع ضريبة الشركات من 10 إلى 20% بالنسبة للتي تقل أرباحها السنوية عن 100 مليون درهم (تعادل 9.2 مليون دولار)، وإلى 35% للشركات التي تزيد أرباحها على 100 مليون درهم، مقابل 31% حالياً. في حين ستدفع البنوك وشركات التأمين ضريبة تبلغ 40% مقارنةً بـ37% حالياً.
إصلاحات مالية
وستؤدي الإصلاحات بعيدة المدى في أنظمة الصحة والتعليم إلى تحسين الوصول إلى الخدمات وكفاءتها وجودتها، وفق صندوق النقد.
وقال إن من شأن الخطوات الأخيرة لإصلاح الشركات المملوكة للدولة، إلى جانب تفعيل صندوق محمد السادس وتنفيذ ميثاق الاستثمار الجديد، أن تساعد في تحفيز الاستثمار الخاص.
و”يجب أن يؤدي التقدم في تحرير سوق الكهرباء إلى تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة، بينما لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لمعالجة الندرة المتزايدة لموارد المياه”، وفق صندوق النقد الدولي.