تواجه دول أفريقيا تضخمًا جامحًا، والوسيلة الأنسب لكبح هذا التضخم هى رفع أسعار الفائدة، وفقًا لما تراه كاثرين باتيلو، نائبة مدير إدارة أفريقيا فى صندوق النقد الدولى.
وقالت باتيلو، لموقع «AllAfrica» المعنيّ بالشأن الأفريقى، إن المنطقة تعرضت لسلسلة من الصدمات، حتى من قبل جائحة “كوفيد-19″، إذ كان لدى عدد من البلدان احتياطيات مالية محدودة، وكان للوباء تأثير كبير جدًّا، مما فاقم مواطن الضعف المالية والديون.
وأضافت أن الاقتصادات الأفريقية بدأت تشهد بعض التعافى فى عام 2021 قبل تأثير تداعيات الحرب فى أوكرانيا المتمثلة فى ارتفاع أسعار الوقود وأزمات تكلفة المعيشة.
وذكرت أن الظروف الاجتماعية والسياسية السائدة فى العديد من البلدان تجعل من الصعب العمل فى هذه البيئة مع تدهور النمو العالمى، وتشديد الأوضاع المالية العالمية وزيادة أسعار الفائدة.
وأوضحت أن 123 مليون شخص فى المنطقة (حوالى 12% من السكان) يواجهون مشكلة انعدام الأمن الغذائى، مشيرة إلى أن الأمر اللافت للنظر هو أن هؤلاء يمثلون ثلثى سكان العالم المعرضون لنفس الخطر.
وتساءلت باتيلو: إذن ما الذى يمكن أن يفعله صانعو السياسة، مشيرة إلى أن سبب انعدام الأمن الغذائى يعود إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وتابعت: «على المدى القريب، نصيحتنا هى دعم الفئات الضعيفة من خلال التحويلات النقدية، باستخدام شبكات الأمان الاجتماعى، لكن من الصعب على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء أن تفعل ذلك بالنظر إلى أنها لا تمتلك غالبًا شبكات أمان اجتماعى متطورة».
وقالت نائبة مدير إدارة أفريقيا فى صندوق النقد الدولى إن البلدان كانت تستخدم الإعانات أو التخفيضات الضريبية أو تخفيضات التعريفة الجمركية على الواردات،
مشيرة إلى أن هذه الإجراءات يجب على الدول اتخاذها كوسيلة، لكنها تحتاج بعد ذلك إلى التخلص التدريجى منها حسب التطورات.
وأكدت باتيلو أن المنطقة تعانى زيادة فى التضخم، كما هي الحال فى بقية العالم لذا يجب على صانعى السياسة أن يكونوا قادرين على مواجهة هذه الزيادة من خلال تعديل سياستهم النقدية، أىْ عبر رفع معدل الفائدة، مشيرة إلى أن حوالى ثلثى البلدان قامت برفع الفائدة من أجل احتواء التضخم.
وأوضحت أن متوسط رفع أسعار الفائدة يتراوح بين 150 إلى 200 نقطة أساس، وهو أقل من معدلات رفع الفائدة فى الاقتصادات المتقدمة.
وقالت نائبة مدير إدارة أفريقيا فى صندوق النقد الدولى، إنها تعتقد أن هذا إجراء مناسب إلى حد كبير لأن جزءًا كبيرًا من الزيادة فى التضخم فى المنطقة مدفوع بالعوامل الخارجية المتمثلة فى زيادة أسعار الغذاء والوقود.
وأضافت أنها توصى صانعى السياسات بتعديل سياستهم النقدية تدريجيًّا، لكن يجب ألا يتهاونوا، مشيرة إلى أن هناك دولا ستحتاج إلى تشديد الإجراءات النقدية بشكل أسرع أو أكثر حسمًا، كما أن هناك دولًا ستكون فيها ضغوط الطلب المحلي أكثر حِدّة، ويكون التضخم مرتفعًا جدًّا.
وحول إدارة المالية العامة والديون، وهو تحدٍّ متزايد للعديد من البلدان الأفريقية، قالت باتيلو إن صندوق النقد كان يناقش هذا الأمر منذ عدة سنوات؛ لأن مواطن الضعف المتعلقة بالديون آخذة فى الازدياد،
موضحة أنه فى الوقت الحالى، هناك 19 دولة من أصل 35 دولة ذات دخل منخفض إما معرضة بشدة لأزمة الديون أو أنها فى ضائقة ديون.
وأكدت أن معدلات الفائدة العالمية المتزايدة واضطرابات الأسواق المالية تضيف إلى هذه التحديات؛ لأنها تجفف تمويل الأسواق الدولية للعديد من البلدان، إلا أنها لا ترى أزمة ديون واسعة النطاق،
متابعة أن هناك العديد من البلدان التى وصلت إلى هذه المرحلة الحرجة، وقد بدأت المناقشات بشكل مناسب مع دائنيها.
وقالت إن البلدان بحاجة إلى معالجة مواطن الضعف المتزايدة المتعلقة بالديون، كما أن للمجتمع الدولى دورًا مهمًّا يلعبه لأن البلدان ستظل بحاجة إلى التمويل من أجل التنمية، فهذه البلدان لديها بالفعل الكثير من احتياجات التنمية، فى البنية التحتية ورأس المال البشرى، فى القطاعات الاجتماعية.
وأضافت أنه على المدى المتوسط، فإن المهم هو مساعدة البلدان على دعم التعافى والتأكد من أن تحديات التمويل، ومشاكل الديون، لا تطغى على الإمكانات المستقبلية لهذه البلدان، كما يجب مساعدتها على مواجهة تحديات السيولة.
وحول دور صندوق النقد الدولى فى مساعدة البلدان على مواجهة تحديات التمويل، قالت إن الصندوق مزود بموارد جيدة لدعم البلدان ذات الدخل المنخفض، مشيرة إلى استمرار الصندوق فى تشجيع البلدان التى لديها حقوق سحب خاصة يمكن إعادة توجيهها.
وأضافت أن صندوق النقد يشجع المزيد من المساهمات فى الصندوق الاستئمانى للنمو والحد من الفقر، وهو الأساس الذى يدعم الإقراض الميسر للبلدان منخفضة الدخل،
وكذلك صندوق احتواء الكوارث، والذى سمح بتقديم إعفاء من خدمة الديون خلال فترة الجائحة، علاوة على الصندوق الاستئمانى للصلابة والاستدامة الذى سيكون الأداة التى ستسمح بالإقراض الميسر طويل الأجل لبناء القدرة على التكيف مع المناخ والتأهب للأوبئة.