أحدثت مبادرة الممر الآمن للحبوب والمواد الغذائية بالبحر الأسود، التى أصدرتها المنظمة البحرية البحرية الدولية، ووقعت عليها تركيا وروسيا وأوكرانيا، يوليو الماضى، حراكًا ملحوظًا فى نشاط تداول الحبوب والصب الجاف، بموانئ «الدخيلة، ودمياط، وأبو قير».
ونصت المبادرة على إنشاء مركز تنسيق مشترك تحت رعاية الأمم المتحدة، وتمثيل جميع الأطراف، لتسهيل الملاحة الآمنة لضمان تصدير المواد الغذائية، والأسمدة، من الموانئ الأوكرانية تشيرنومورسك، وأوديسا، يوجيتى، ويراقب مركز التنسيق المشترك فى تركيا تنفيذ الاتفاقية.
وتضمنت الاتفاقية تأمين صادرات الحبوب العالقة فى الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، والتى تبلغ أكثر من 20 مليون طن إلى العالم.
وأكد محمد الحبال، مدير التشغيل بمجموعة شركات كايرو ثرى ايه، المتخصصة فى استيراد وتداول الحبوب، أن مبادرة حبوب البحر الأسود بجانب تيسيرات المالية بشأن التسهيلات الجمركية، أعادت حركة النشاط لطبيعتها تدريجيا، إلا أن تفتيش السفن بعد تحميلها بشحنات من الموانئ الأوكرانية بمنطقة تركيا، أدت إلى تأخير عبور السفن بمضيق البسفور من 12 ساعة لأسبوع.
وأضاف أن تلك الإجراءات تسببت فى تأخير السفن، لكنها لم ترفع تكاليف التشغيل، بينما تسببت زيادة أسعار الطاقة فى زيادة التكاليف بتشغيل سفن الحبوب بنسبة %15.
وتوقع «الحبال» تحسنًا ملحوظًا فى حركة النشاط خلال الفترة المقبلة، والتى بدأت بحدوث تكدس فى المخازن نتيجة عدم توافر الدولار.
وتستهدف مصر استيراد 10 ملايين طن قمح، تتوزع بين 5 ملايين طن للحكومة، ومثلهم للقطاع الخاص خلال الستة أشهر المقبلة، وفقًا لتصريحات سابقة لوزير التموين على المصيلحي.
يتجاوز استهلاك المصريين من القمح 13 مليون طن سنويًّا، ومصر كغيرها من الدول المستوردة من ارتفاعات أسعار القمح عالميًّا بسبب الحرب فى أوكرانيا، وتراجع المعروض من القمح المتاحة للتصدير على مستوى العالم، بلغ إجمالى المساحة المنزرعة 3.62 مليون فدان من القمح فى الموسم الحالى 2022، وهى الأكبر على الإطلاق فى تاريخها.
من جانبه، قال محمد عجاب، نائب رئيس مجلس إدارة شركة فينوس، إن الشركات المستوردة للحبوب جلبت كافة الشاحنات التى تعاقدت عليها، وتم توريدها بالمخازن الجمركية لحين سداد مستحقات الموردين بالخارج والإفراج عنها، لافتًا إلى أن المشكلة حاليًّا هى صعوبة توفير الدولار لإنهاء باقى الإجراءات والقدرة على خروج البضائع من الموانئ.
وأوضح أن الانفراجة فى النشاط تأتى على دفعات غير مناسبة لاحتياجات السوق، فمثلا استهلاك مصر الشهرى من العلف 600 ألف طن ذرة حتى الآن لم يتم تدبير سوى %10 من هذه الكميات، وهو ما يجعل العميل الذى يحصل على إفراج عن بضائع بيع السلع بالسوق المحلية بأسعار مبالغ فيها.
واشترت الهيئة العامة للسلع التموينية الحكومية 815 ألف طن يوم 29 يونيو، فى أكبر عملية شراء واحدة منذ 2012 على الأقل، وفقًا لبيانات نشرتها “بلومبيرغ” فى وقت سابق.
وتابع على سبيل المثال: سعر طن الذرة قيمته زائد تكاليف شحنه بـ10 آلاف جنيه بسبب حدوث انفراجات فى العرض وتيسير حركة سفن الحبوب أصبح لا يتجاوز 9 آلاف جنيه، وهو ما يجعل هناك صعوبة فى ضبط أسعار السوق، مطالبًا البنوك بتدبير الاعتمادات المالية من العملة الصعبة، لاسيما أن هناك الكثير من السفن بموانئ الدخيلة، والإسكندرية، وأبوقير، والمخازن مكدسة بالحبوب، وتنتظر صدور إذن الإفراج الجمركى النهائي.
من جانبه، نفى مصدر مسئول بميناء دمياط وجود تكدس لسفن الحبوب أو شحنات الحبوب بالمخازن، متابعًا أنه من المتبع أن يتم سحب عينات من شحنات الحبوب من خلال المخطاف الداخلى لعرضها على جهات العرض وفى حالة الموافقة يتم دخول السفن الميناء.
وتابع: هناك 3 أرصفة كاملة تحت الطلب 28 و29 ورصيف بالمنطقة الثالثة، ويشهد الميناء معدلات تداول مرتفعة لشركات الحبوب والصوامع وشركات الشحن والتفريغ العاملة فى نشاط الحبوب.
وأكد أنه لا يوجد انتظارات لسفن الحبوب، وهناك فراغات ومساحات تخزينية بواقع 2 مليون متر تكفى لاستيعاب الكميات الواردة وأكثر، كما أن صرف السلع التموينية يسير بمعدلاته الطبيعية، إذ تتحكم الهيئة العامة للسلع التموينية فى معدلات الصرف وليست هيئة الميناء.
ولفت المصدر الذى -طلب عدم ذكر اسمه- إن إجراءات تيسير تداول البضائع والإفراج سلسلة ولا يوجد بها أى مشاكل، لكن الأزمة الحقيقية هى تدبير العملة اللازمة لإتمام عمليات الاستيراد، لافتًا إلى أن إجراءات وزارة المالية التى سمحت خروج للمخازن والمستودعات الخارجية المالية سهلت لكنها لم تنه أزمة الاستيراد بشكل كافٍ.
وقال هانى مكى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة يونى جرين لتداول الحبوب، إن القطاع به انفراجة فى عدد سفن الحبوب المترددة على الموانئ المصرى، لافتا إلى أن هناك مشكلة تواجه الجميع وهى أن صعوبة تدبير الدولار أدى لحدوث تكدس البضائع فى المخازن، واضطرار الشركات لدفع غرامات انتظار لهيئة الميناء.
وأضاف أنه من بداية اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، توقفت حركة سفن الحبوب بشكل كامل إلا التيسيرات الأخيرة التى أقرها وزير المالية بجانب مبادرة الحبوب بالبحر الأسود عادت الحركة تدريجيًّا، وتم السماح لها بدخول الميناء وتخزينها بموجب عقد ثلاثى بين المورد والمشترى وبين الشركة المنظمة، بحيث لا يتم الإفراج عنها إلا بإذن من المورد شريطة حصوله على مستحقاته.
جدير بالذكر أن الحكومة المصرية فرضت خلال حصاد القمح الماضى، غرامات مالية ضد المزارعين الرافضين توريد الكميات المحددة تسليمها لوزارة التموين وفق المساحة المزروعة بالقمح من قِبلهم، إذ تم احتساب قيمة الأقماح غير المسلمة بضعف القيمة المقررة، أى 1770 جنيها للإردب.