أكد خبراء سوق المال أن موافقة مجلس الوزراء على استحداث حزمة من الأنواع الجديدة للسندات المتعلقة بالنواحى الاجتماعية، والمشروعات الصديقة للبيئة تشجع الاستثمار فى هذه المجالات بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، وتخلق طلبًا على هذا النوع من الأدوات التمويلية، وتؤكد انفتاح مصر خارجيًا.
وأصدر الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء قرارًا مؤخرًا بتعديل أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992.
فريد: هدفها مواجهة تحديات التغير المناخى والتحول نحو الاقتصاد الأخضر والمشروعات صديقة البيئة وتمكين المرأة
وقال دكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية فى بيان سابق، إن قرار رئيس مجلس الوزراء تضمن استحداث أنواع جديدة من السندات، وهى “التنمية المستدامة”، و”المرتبطة بالتنمية المستدامة”، و”ذات البعد الاجتماعي”، و”تمكين المرأة”، و”المناخ”، و”البُنية (الانتقالية)”.
والسندات البُنية “الانتقالية” تهدف إلى تمويل الشركات الملوّثة للبيئة، والتى ترغب فى الانتقال بأنشطتها وتطويرها لتكون أقل تأثيرًا، وهى فئة جديدة نسبيًا مقارنة بباقى الأنواع.
وأشار “فريد” إلى أنه نظرًا لأهمية أدوات الدين فى أسواق المال واعتماد الكيانات والشركات عليها كإحدى الآليات التمويلية المهمة لتطوير وتنمية أعمالها، جاءت الفكرة نحو طرح أدوات تمويلية جديدة لمواجهة تحديات التغير المناخى والتحول نحو الاقتصاد الأخضر والمشروعات صديقة البيئة وتمكين المرأة.
محرم: تظهر قدرة سوق المال بالمشاركة فى المبادرات التنموية القومية
من جهته، قال مصطفى محرم، المؤسس والرئيس التنفيذى لمحرم وشركاه للسياسات العامة، إن قرار الدكتور مصطفى مدبولي، باستحداث مواد جديدة لتنظيم إصدار سندات التنمية المستدامة، وذات البعد الاجتماعى وتمكين المرأة، إلى جانب “المناخ”، ستعمل على تشجيع الاستثمار فى هذه المجالات بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، فضلًا عن كونها توفر أدوات تمويلية جديدة متنوعة أمام المستثمرين.
وأضاف” محرم” لـ”المال”، أن تلك التعديلات علامة فارقة ورئيسية لدعم قدرة سوق رأس المال على المشاركة فى تمويل المبادرات التنموية القومية، وكذلك دعم الجهود المبذولة لدعم تحول الاقتصاد المصرى إلى “مستدام”.
الدرينى: تشهد إقبالًا من الجهات الدولية المانحة للتمويل
وقال معتز الدريني، الشريك المؤسس لمكتب الدرينى للاستشارات القانونية، إن استحداث هذا النوع من السندات يتزامن مع توجه عالمى نحو تشجيع الاستثمارات الخضراء، وذات البعد الاجتماعي، إضافة إلى تماشيه مع أهداف مؤتمر المناخ التى يُعقد الشهر المقبل.
وتطرق “الدريني” إلى ريادة مصر فى المنطقة فى إصدار السندات الخضراء، الذى طرحته وزارة المالية المصرية بقيمة 750 مليون دولار سابقًا لأجل خمس سنوات بسعر عائد %5.250.
وذكر “الدريني” أن هذا النوع من السندات يشهد إقبالًا من عدد من الجهات الدولية المانحة كأدوات تمويلية قصيرة الأجل لتمويل مشروعات تتعلق بالنوع الاجتماعي، والمساواة بين الجنسين، والتنمية المستدامة، والمشروعات التى توفر تمويلات للأشخاص الأكثر احتياجًا لمجابهة معدلات الفقر المرتفعة.
وتوقع “الدريني” أن يكون هناك طلب كبير على السندات الخضراء، وذات مردود إيجابى قوى على السوق اقتصاديًا وسياسيًا، لافتا إلى أن هناك إحدى الشركات كانت تدرس سابقًا إمكانية إصدار سندات خضراء بقيمة مليار جنيه لتمويل مشروع خاص بها، وقد يعيد قرار مجلس الوزراء الأمر للواجهة مجددا.
حجازى: من المرجح ظهور إصدارات العام المقبل
من جانبه، قال الدكتور وليد حجازى، المؤسس والشريك بمكتب حجازى وشركاه للاستشارات القانونية، إن هذه الأنواع المستحدثة من السندات ترتبط بالتركيز على المشروعات ذات البعد البيئي، والمناخي، والتمويل الصديق للبيئة، وهو ما جعلها تبرز بقوة.
ولفت إلى وجود طلب على هذا النوع من السندات يظهر بوضوح فى توجهات بعض الصناديق السيادية والدولية التى تركز على زيادة استثماراتها فى المجالات الصديقة للبيئة والاستثمارات الخضراء.
ولفت إلى أن مؤتمر المناخ الذى تستضيفه مصر نوفمبر المقبل عجل من خطوة استحداث هذا النوع من السندات، ما يفرض ضرورة تمتع مصر بجاهزية لتلبية الطلب على هذا النوع من الأدوات التمويلية.
وأكد فى الوقت نفسه ضرورة حل مشكلة استقرار سعر الصرف ما يضمن جذب المستثمرين الأجانب الراغبين فى الاستثمار فى هذه الأدوات، متوقعًا رواجًا فى إصدارات هذه السندات مع مطلع العام المقبل.
موسى: مؤشر لوجود حراك وتطوير
وقال مصطفى موسى، المحامى والشريك بمكتب بهاء الدين للمحاماة، إن استحداث أدوات تمويلية جديدة يؤكد وجود حراك فى سوق التمويل.
ولفت إلى أن استحداث السندات المرتبطة بالاقتصاد الاخضر يؤكد انفتاح مصر خارجيًا على هذا النوع من الاستثمارات، وتطوير سوق التمويل المحلية.
وأوضح “فريد” أن التعديلات الجديدة ستؤثر بشكل ملحوظ على بيئة الاستثمار بتوجيه فكر المستثمرين إلى أهمية مراعاة الجوانب الاجتماعية والبيئية فى مشروعاتهم، بما يعمل على إعادة ترتيب أولويات الأعمال من خلال زيادة المشروعات ذات الأثر الاجتماعى والبيئى الإيجابي، فضلًا عن دورها فى جذب الاستثمار الأجنبى للأسواق المحلية، فى ظل التوجه الدولى لإصدار تلك السندات.
ويتطلع الكثير من المستثمرين ممن يحظون بالمسئولية والوعى إلى ما هو أبعد من مجرد استثمار رؤوس أموالهم لتحقيق عائد مادى على أموالهم، إذ يحرصون على أن تسهم طريقة تخصيص أموالهم فى تحقيق الاستدامة البيئة والمجتمع وتعزيزها.
وأشار إلى أن العديد من المؤسسات الاستثمارية تسعى جاهدة لعمل التوازن بين تحقيق أهدافهم المالية والقيم البيئية والمجتمعية، وهو ما يسمى بـ«الاستثمار المستدام»، الذى يعد أحد أشكال الانضباط الاستثمارى الذى يراعى المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير حوكمة المؤسسات، ما يؤدى إلى إحداث تأثير إيجابى فى المجتمع أو البيئة أو الاقتصاد ككل.
ولفت رئيس الهيئة إلى أن تلك التعديلات تأتى ضمن جهود الدولة المبذولة فى توطين التنمية المستدامة والإسهام فى إحراز تقدم منشود فى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الأممية بما يساعد على تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، وذلك من خلال استخدام حصيلة السندات المذكورة فى تمويل مشروعات سياسات ومبادرات ترتبط بأهداف التنمية المستدامة؛ بما يساعد بشكل فعال فى تقوية البنية التحتية الأساسية كمياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء والطاقة وتعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والتدريب المهنى والرعاية الصحية، على نحو يؤدى إلى توسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان، إضافة إلى توفير التمويل الذى يستهدف المشروعات والمبادرات أو السياسات التى تدعم قضية تمكين المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، فضلاً عن الدور الذى تلعبه سندات المناخ والسندات البُنية فى تمويل المشروعات الصديقة للبيئة.
وأشار إلى أن السندات سالفة الذكر تأتى استكمالًا لجهود الهيئة فى تطوير الأدوات التمويلية غير المصرفية التى تدعم جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إذ سبق أن تم استحداث السندات الخضراء بموجب التعديلات التى تمت على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال فى عام 2018.
كما أكد “فريد” أهمية صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال فى هذا التوقيت، إذ تستعد مصر لاستضافة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ “COP Conference of the Parties 27” نيابة عن القارة الأفريقية، نظراً لأن صدور التشريع يعنى بإصدار سندات تخصص حصيلتها لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة بغرض تقليل الانبعاثات والتخفيف من آثار تغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري، وتمويل الجهات التى ترغب فى الانتقال بأنشطتها وتطويرها لتكون أقل تأثيراً على البيئة، يحمل إشارة قوية للمجتمع الدولى بتبنى مصر خطوات على أرض الواقع فى سبيل اهتمامها بقضية المناخ على نحو يعزز من مكانة مصر على المستوى الدولى فى هذا الملف.