تكافح إندونيسيا للعثور على مستثمرين دوليين لتمويل مشروع عاصمتها الجديدة البالغة قيمته قرابة 32 مليار دولار، بعد أن سحب بنك «DelicateBank» اليابانى دعمه للمشروع فى مارس الماضى.
ومنذ الانسحاب اليابانى، لم تعلن الحكومة الإندونيسية عن ممولين جدد للمشروع الواقع فى جزيرة بورنيو والذى سيكون مقرا للحكم وبديلا للعاصمة الحالية جاكرتا، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وقال بامبانج سوسانتونو المسؤول الرئيسى عن مشروع مدينة «نوسانتارا كابيتال» إن العديد من الدول «مهتمة بالمشاركة فى خطة السلطات التى تستهدف من خلالها نقل العاصمة من جاكرتا إلى نوسانتارا، بما فى ذلك الصين واليابان وكوريا الجنوبية».
وأوضح سوسانتونو، الذى يشغل منصب رئيس سلطة مدينة نوسانتارا كابيتال، فى مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» أنهم يأملون فى التوصل إلى عدد من المستثمرين الجادين بحلول نهاية العام الحالى.
انتقادات للرئيس
ويرى الرئيس الإندونيسى جوكو ويدودو، أن العاصمة الجديدة نوسانتارا ستكون إنجازا رئيسيا فى عهده، مع قرب انتهاء فترته الرئاسية الثانية فى العام 2024.
ومع ذلك، تعرض ويدودو، الذى تعهد لأول مرة بإنشاء العاصمة الجديدة فى العام 2019، لانتقادات بسبب التسرع فى مشروع نقل العاصمة، خاصة بعد فشل تمويله.
وتعوم العاصمة الحالية جاكرتا على مستنقع وسرعان ما تغرق عند هطول المطر، كما أن أجزاء من المدينة الضخمة التى يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة قد تغمرها المياه تمامًا بحلول العام 2050.
الصين.. «ملاذ أخير»
وقد انسحب تكتل التكنولوجيا اليابانى «DelicateBank» من المشروع فى مارس الماضى، ومنذ ذلك الحين لم يتقدم مستثمر كبير آخر لتمويل المشروع، رغم أن بنك التنمية الأسيوى يساعد فى التخطيط وجمع الأموال.
وصرح سوسانتونو بأن المشروع استعان بفرق عمل من كوريا الجنوبية واليابان للاستفادة من خبراتهم التكنولوجية للمدينة الجديدة.
كما استعان القائمون على المشروع بالخبرات الصينية، وفى أعقاب اجتماع عُقد فى يوليو بين الرئيسين الصينى واليابانى، قالت وزارة الشؤون الدولية الصينية إن بكين ستحاول المساعدة «بدور نشط» فى تنمية العاصمة الجديدة فى إندونيسيا.
ومع ذلك، يبدو أن هناك مشكلات تتعلق بمشاركة الصين فى المشروع، والتى قد تخيف المستثمرين الغربيين.
وفى هذا الصدد، قال سلفيكار أمير من جامعة نانيانج التكنولوجية بسنغافور:« أعتقد أن الصين ستكون الملاذ الأخير.. إنهم يريدون مستثمرين من دول أخرى لكنهم قد يضطرون فى النهاية إلى الذهاب لبكين».
الإنفاق الذاتي
وقالت إندونيسيا إنها يمكن أن تعتمد على الإنفاق العام لتمويل نسبة %20 فقط من المشروع لحين إنجازه فى العام 2045.
وستتسع المرافق السكنية فى العاصمة الجديدة لحوالى 1.9 مليون شخص.
لكن يتشكك الخبراء الاستشاريون فى أن السلطات قد تلجأ إلى هذه الدرجة من الدعم الذاتى، وربطوا بين المشروع وبين عواصم مختلفة فاشلة بنيت لهذا الغرض مثل نايبيداو فى ميانمار.
من جانبه، قال جيمى ديفيدسون من جامعة سنغافورة الوطنية، الذى ألف كتابا إلكترونيا عن السياسة التى تمنع تمويل البنية التحتية فى إندونيسيا: «لا تستطيع الدولة تحمل ذلك».
وذكر ديدين روكمانا، أستاذ تخطيط المدن فى جامعة «ألاباما إيه آند إم» أنه حتى المرحلة الأولى من المشروع تبدو «طموحة للغاية»، مؤكدا أن إحياء المشروع لن يحدث حتى عامين على الأقل.
ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى البالغة قيمتها 3.3 مليار دولار والممولة من ميزانية الدولة بحلول العام 2024، مع خطة للانتهاء من القصر الرئاسى قبيل حلول احتفالات ذكرى استقلال البلاد.
وذكر سوسانتونو أن قصر نائب الرئيس ومقرات عدد من الوزارات والقوات المسلحة والشرطة والكيانات المملوكة للدولة قد يتم إنجازها فى هذا التوقيت.
وأردف: «فى عام 2024، سيمكنكم القدوم ومشاهدة الساحات العامة، والحصول على القهوة فى ستاربكس وارتياد المطاعم، وربما ليست فقط مطاعم إندونيسية ولكن أيضًا مطاعم عالمية».