يشكل تراجع رأس المال الأجنبي في المملكة المتحدة مصدر تهديد للجنيه الإسترليني والسندات برغم التحسن المؤقت خلال الفترة الماضية، بحسب وكالة بلومبرج.
لم تكن بيانات ميزان المدفوعات بهذا القدر من الأهمية للأسواق منذ سبعينيات القرن الماضي. ويمثل عجز الحساب الجاري الكبير خطراً طويل الأمد للدولة.
في فترات الرخاء، كان من الممكن تجاهله، مع العثور بسهولة على مستثمرين مستعدين للمشاركة من الخارج لتمويله، لكن عندما يرتفع التضخم إلى نسبة من رقمين، ويتباطأ النمو، ويصبح الدولار قوياً، وتقرر الحكومة نسف مصداقيتها المالية بتخفيضات ضريبية ترفع من حدة التضخم؛ يصبح للأمر أهمية كبيرة.
أظهرت بيانات الربع الثاني، الجمعة، تحسناً متواضعاً، مع تضاؤل العجز إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، بعدما كان 6.1% في الربع السابق. مع ذلك؛ فالأرقام الفصلية تبدو مزعجة، وعلى أساس متجدد لمدة عام، ما يزال هذا العجز يتجه نحو الزيادة، مرتفعاً إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ4.3%.
تراجع رأس المال الأجنبي
يمكن سد العجز في ميزان الحساب الجاري بطريقتين؛ إحداهما إيجابية والأخرى سلبية. وتشمل الطريقة الإيجابية زيادة في الصادرات لا تُلحق الضرر بالاقتصاد المحلي. أما السلبية؛ فهي إجبار الدولة على التكيف لسد العجز، مثلما يحدث حالياً في المملكة المتحدة.
في هذه الفترات السلبية، يجب أن ينخفض الطلب المحلي، مما يؤدي إلى انخفاض الواردات، لكن في حالة المملكة المتحدة؛ فإنَّ هذا التكيف قد بدأ بالكاد. وارتفعت الواردات بسبب أسعار الطاقة المتزايدة، لكن إذا كان العجز سيتضاءل؛ فمن المؤكد، تقريباً، أنَّ أغلب التكيف سيحدث بسبب انخفاض مؤلم في الواردات.
يمكن رصد تدهور الميزان التجاري في الأعوام الأخيرة في توزيع السلع والخدمات، فقد كانت المملكة المتحدة مراراً من مشتري السلع من الخارج باستخدام رصيد الائتمان الوطني، لكنَّها خففت من وطأته بفائض قوي في الخدمات.
تأثير الركود
كما ازداد عجز التجارة السلعية سوءاً منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بينما وصل الفائض في الخدمات إلى مرحلة ركود، مما أدى إلى تفاقم العجز التجاري إجمالاً.
يعد كل ذلك أمراً غير جيد بالنسبة للجنيه الإسترليني، فعلى الرغم من تحسن العملة الأسبوع الماضي، بسبب تكهنات بأنَّ حكومة المملكة المتحدة ستضطر إلى التراجع عن حزمة التخفيضات الضريبية (والتي ترفض التزحزح عنها حتى الآن)؛ فإنَّ ازدياد العجز في ميزان الحساب الجاري يعني أنَّ هناك حاجة أكبر لرأس المال الأجنبي، ما يعني أنَّه يجب على العوائد والجنيه الإسترليني التكيف حتى يعود صافي تدفق رأس المال لتوازنه. ويظل ضعف السندات والجنيه الإسترليني احتمالاً قائماً إلى أن يتحقق هذا التوازن.