قدم صندوق النقد الدولى رقما قياسيا من القروض للبلدان المتعثرة فى 2022، وباتت قدرته أضعف على المزيد من التمويل فى ظل اقترابها من الحد الأقصى وفقا لتحليل نشرته صيحفة فاينانشيال تايمز البريطانية.
وأدت المصاعب الاقتصادية المتزامنة إلى إغراق ما لا يقل عن خمسة بلدان فى التعثر، بجانب البلدان الأخرى التى ربما تسير على ذات الطريق.
وحسب التقرير، فإنه فى ظل تداعيات الجائحة والهجوم الروسى على أوكرانيا والارتفاع الحاد فى أسعار الفائدة عالميا، وجدت الكثير من الدول نفسها مضطرة لطلب الحصول على دعم صندوق النقد الدولي.
وأظهر تحليل أجرته فاينانشال تايمز لبيانات صدرت عن صندوق النقد الدولى أنه بنهاية أغسطس الماضى زاد حجم القروض التى قدمها الصندوق إلى 140 مليار دولار عبر 44 برنامجا منفصلا.
والرقم يزيد بالفعل عن حجم القروض التى قدمها الصندوق بنهاية عام 2020 و2021 عندما بلغ التمويل مستويات قياسية سنوية مرتفعة.
ومن المرجح أن يزيد الرقم أكثر خلال الأسابيع القادمة مع ارتفاع تكاليف الاقتراض فى الأسواق الدولية.
ويتوقع الخبراء أن أية زيادات أخرى فى الفائدة من قبل البنوك المركزية الرئيسية سيرفع تكاليف الاقتراض عالميا وسيزيد من مخاطر الإنزلاق إلى الركود الحاد.
الحد الأقصى
ويتوقع بعض المحللين أن قدرة الصندوق على الإقراض ستصل قريبا إلى حدها الأقصى، عندما يتزايد لجوء البلدان الفقيرة إلى الصندوق جراء عجزها عن الحصول على تمويل من أسواق الدين العالمية.
268 مليار دولار إجمالى تعهدات المؤسسة بما فى ذلك الموافقات التى لم تنفذ بعد
ويصل إجمالى تعهدات الصندوق، بما فى ذلك تلك التى حصلت على موافقات لكن لم يتم تنفيذها بعد، إلى ما يزيد على 268 مليار دولار.
وحذر كيفين جالنجر من مركز جلوبال ديفلوبمنت بولسى سنتر من الإضرار بميزانية الصندوق جراء تقديم قروض لأعداد كبيرة من الدول.
55 دولة فقيرة مطالبة بسداد 61 مليار دولار أقساط فى 2022 و2023
وفى تقرير صدر مؤخرا، حذر جالنجر من أن 55 من أفقر دول العالم ستدفع أقساط قروض بقيمة 436 مليار دولار خلال الفترة من 2022 حتى 2028، منها 61 مليار دولار سيحل ميعاد سدادها العام الجارى وعام 2023 و70 مليار دولار عام 2024.
مخاوف فى غير محلها
لكن الصندوق قلل من هذه المخاوف، حيث قال بيكاس جوشى رئيس قسم استراتيجيات صندوق النقد الدولى إن إجمالى التزاماته لا تزال تشكل نسبة صغيرة مقارنة بقدرة مالية متاحة تصل إلى 1 تريليون دولار.
ويجرى الصندوق العديد من المفاوضات مع الكثير من الدول لتقديم حزم دعم ستزيد إجمالى التزاماته.
وأعلنت زامبيا وسريلانكا عجزهما عن سداد أقساط الديون خلال الجائحة جنبا إلى جنب مع لبنان وروسيا وسورينام، وهما يخوضان مفاوضات مع الصندوق ضمن جهود تستهدف إعادة هيكلة ديونهما.
وهناك مفاوضات فى مراحل مبكرة تجريها غانا ومصر وتونس مع الصندوق للحصول على الدعم.
ووافق الصندوق على منح قروض بقيمة 1.1 مليار دولار لباكستان بنهاية أغسطس؛ ومن المتوقع أن تحصل الأرجنتين على قرض بقيمة 3.9 مليار دولار خلال الأسابيع القليلة القادمة ضمن برنامج دعم بقيمة 41 مليار دولار.
تخطى الحصص
وتقتضى قواعد صندوق النقد تقديم قروض لدول العالم تعادل نسبة %145 من حصصها أو أسهمها لدى الصندوق، وهو ما يتسق مع معدل مساهمة كل دولة فى الاقتصاد العالمي.
وسيقف هذا الشرط عقبة تحول دون حصول الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة على تمويلات بقيمة 370 مليار دولار مخصصة لها من إجمالى قدرة إقراض بقيمة 940 مليار دولار.
لكن هذا الحد يتم تخطيه كثيرا، إذ حصلت الأرجنتين مثلا على حزمة دعم تم التصديق عليها فى مارس الماضى ضمن جهود إعادة هيكلة خطة إنقاذ حصلت عليها البلاد بقيمة 50 مليار دولار عام 2018، وتتخطى حزمة الدعم هذه حصتها بأكثر من 10 مرات.
ويتوقع محللون لدى جولدمان ساكس حصول مصر قريبا على حزمة دعم بقيمة 15 مليار دولار، بما يعنى تخطى حصتها لدى الصندوق بست مرات تقريبا.
ويمنح الصندوق قروضه عبر حساب الموارد العامة أو من صندوق تخفيف حدة الفقر ودعم النمو الذى يقدم قروضا بأسعار فائدة منخفضة للدول ذات الدخول القليلة.
ويتجه مجلس إدارة الصندوق إلى إقرار صندوق لمساعدة البلدان التى تضررت من تكاليف الغذاء المرتفعة قبل انعقاد اجتماعه السنوى الشهر المقبل.