«معرض الصقور السعودى» وجهة سياحية واقتصادية تعيد الشغف لهواية عربية أصيلة

«المال» فى جولة داخل النادى فى العاصمة الرياض

«معرض الصقور السعودى» وجهة سياحية واقتصادية تعيد الشغف لهواية عربية أصيلة
مصطفى طلعت

مصطفى طلعت

6:40 ص, الأربعاء, 7 سبتمبر 22

وسط حضور مكثف لجميع الزوار من داخل المملكة وخارجها، اختتم نادى الصقور السعودى فعاليات معرض الصقور ومزاد الصيد الدولى، فى نسخته الرابعة هذا العام والتى استمرت 10 أيام متواصلة فى العاصمة السعودية مدينة الرياض.

ويحتضن نادى الصقور السعودى إلى جانب المعرض والمزاد أنشطة إضافية مثل ميادين للرماية الحية ومناطق للمأكولات وجلسات شعبية ومساحة كبيرة لمواقف السيارات تتسع لأكثر من 15 ألف سيارة، كما استضاف أول مهرجان دولى للطائرات الورقية.

وجمعت فعالية هذا العام – التى تقام بمقر نادى الصقور السعودى فى منطقة ملهم شمال العاصمة السعودية مدينة الرياض – غالبية المهتمين والجهات المتخصصة فى المجال انطلاقا من العلاقة التاريخية بين حياة المواطن العربى والصيد والرماية بالأسلحة، الأمر الذى يجعل من نقل هذه الهواية إلى الأجيال القادمة أمراً ضرورياً.

لكن قبل الخوض فى أى تفاصيل تتعلق بهذه الفعالية الدولية والاستثنائية، علينا أن نعرف أولاً ماهية معرض الصقور والصيد السعودى، باختصار، هى فاعلية ينظمها ويدعمها نادى الصقور السعودى، وهو نادٍ تأسس بأمر ملكى فى عام 2017، ويشرف عليه الأمير محمد بن سلمان عبدالعزيز آل سعود، ولى العهد السعودى، ويرأس مجلس إدارته الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودى.

الفاعلية التى حضرها أكثر من 500 ألف زائر هذا العام على مدار 10 أيام عمل تعد وجهة سياحية لكثير من شرائح المجتمع وبشكل خاص «الصقارين» وهواة الصيد والرحلات والرماية واقتناء الأسلحة.

كما يعد المعرض مورداً استثمارياً وتجاريا مهماً لدعم الاقتصاد السعودى مع استقطاب الزوار فى السعودية ومن البلاد الشقيقة والخارجية عبر شراء تذاكر الدخول باسعار متنوعة سواء بشكل إلكترونى أو من مقر المعرض، إلى جانب إتاحة بيع كافة متعلقات الصيد وإطعام الصقور والأدوية البيطرية، والأسلحة، وغيرها.

جولة بين أجنحة المعرض

«المال» تجولت ميدانياً داخل المعرض للوقوف على خبايا هذه الصناعة التجارية الفريدة وتسليط الضوء على الشق الاستثمارى فى تربية الصقور وكافة الأنشطة المرتبطة بالصناعة بشكل عام.

ويتضمن معرض الصقور 25 جناحا على مساحة مترامية مقامة على آلاف الأمتار، ويتضمن منها جناح «صقار المستقبل» المخصص للأطفال والذى يشمل 10 ألعاب تفاعلية، وندوات علمية وثقافية وورش عمل تدريبية حول أفضل التجارب العملية للصيد، إلى جانب متحف رقمى للصقور.

وتضمن المعرض الدولى أجنحة متنوعة لمعدات الرحلات مثل سيارات الدفع الرباعى التى تستخدم فى عمليات الصيد مزودة بباقة من العلامات الشهيرة أبرزها فورد وغيرها، وتضمنت تقديم عروض «أوكازيون» لتخفيض الأسعار بمناسبة انعقاد المعرض.

يشار إلى أن النسخة الحالية للمعرض تضمنت دخول عارضين جدد لشركات من خارج المملكة إلى جانب عدد من الشركات التى شاركت فى النسخة الماضية إذ تمثل سيارات الدفع الرباعى المعدلة سوقاً لعشاق الرحلات البرية ومحبى عملية الصيد.

استضافة أول مهرجان دولى للطائرات الورقية

وشمل المعرض سوقاً محلياً لنحو 26 متجراً للشباب وأصحاب المنشآت الصغيرة، بالإضافة إلى عروض للطائرات الورقية والطيران اللاسلكى والتى شهدت حضوراً مميزا للأطفال.

سوق لنحو 26 متجرا للشباب وأصحاب المنشآت الصغيرة

وجاءت عروض الطائرات اللاسلكية بالتعاون مع الاتحاد السعودى للرياضات اللاسلكية والتحكم عند بعد متضمنة فقرة استعراضية للطيران اللاسلكى بمشاركة نخبة من الطيارين السعوديين.

وشارك فى الطيران الورقى لاعبون من 8 دول حول العالم للمنافسة حول أجمل تصميم للطائرة الورقية وأكثر مدة بقاء بالهواء.

جناح الأسلحة

شملت جولتنا داخل معرض الصقور والصيد السعودى «جناح الأسلحة» والذى شهد مشاركة 7 شركات سعودية تمثل أكثر من 55 علامة تجارية كما أتاح المعرض لأول مرة ميزة جديدة للتسليم الفورى لأسلحة الصيد والأسلحة النارية.

وتضمنت عملية شراء الأسلحة من المعرض 3 خطوات، أولاها قيام المشترى بتسجيل بياناته على الموقع الإلكترونى لنادى الصقور السعودى ثم القيام بعملية فحص طبى، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهى التوجه لاستلام السلاح من النادى.

ووصل سعر أعلى سلاح فى جناح الأسلحة الخاص بالمعرض نحو 115 ألف ريال سعودى وهو سلاح منحوت عليه كلمة «العوجا»، بحسب حديث أحد ممثلى الكيانات المشاركة فى جناح المعرض.

يشار إلى أن معرض الصقور والصيد السعودى الدولى فى نسخته الثالثة، حقق مبيعات أسلحة بلغت 200 مليون ريال، من خلال بيع 110 آلاف قطعة سلاح وذخيرة بأعيرتها المختلفة.

مزاد يومى تنافسى بين أكثر من 40 مزرعة تمثل 17 دولة لبيع السلالات المختلفة والحائزة على بطولات دولية

شهد المعرض تنظيم مزاد يومى تنافسى بين الصقارين والمنتجين للمرة الثانية على التوالى، والذى يصنف كأكبر مزاد عالمى للصقور، وتضمن مشاركة أكثر من 40 مزرعة من 17 دولة من مختلف أنحاء العالم، أبرزها الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا.

وشهد المعرض صفقات بيع على مسرح المزاد وداخل مزارع الإنتاج لنخبة الصقور من حول العالم والصقور من السلالات النادرة والحائزة على بطولات دولية، وفى الليلة الأخيرة من المزاد الدولى لمزارع إنتاج الصقور تم بيع 3 صقور بقيمة 262 ألف ريال.

والصقر الأول المبيع فى هذه الليلة «فرخ حر» من مزرعة Houbara Falcons الألمانية إذ بدأ مزاده 50 ألف ريالٍ واستمرت المزايدة عليه حتى تم بيعه بقيمة 177 ألف ريال.

كما بيع الصقر الثانى «فرخ حر» للمزرعة نفسها بمبلغ 51 ألف ريال، بينما تم بيع الصقر الثالث فرخ حر من حر لمزرعة SSS FALCON الألمانية بقيمة 34 ألف ريال.

منطقة الفنون

دشن النادى منطقة خاصة سماها «منطقة الفنون» والتى شهدت حضورا واسعا للخطاطين فى الفن التشكيلى للحرف العربى، بمشاركة الفنانة سلمى حسن وخالد المطلق، حيث وظفا الحرف العربى لإطلاق رسائل تدعو إلى الحفاظ على الإرث والهوية العربية.

وتميزت منطقة الفنون بتنوع المدارس الفنية المشاركة فيها التى جمعت 6 مدارس هى الحروفيات، والواقعية، والسريالية، والتجريدية، والتكعيبية.

وشارك 28 فناناً من 7 دول، منهم 18 فناناً سعودياً فى مسابقة «ريشة صقار» للفنون التشكيلية، بالإضافة إلى عقد مسابقتين أخريين فى التصوير الفوتوغرافى والطهى البرى.

بلغت قيمة الجوائز فى مسابقة «ريشة صقار» 120 ألف ريال توزعت على 6 مسارات فنية إذ فاز محمد آل شايع بمسار الفن التجريدى، ومريم الرشيدى بالفن السريالى، وسلمان الأمير بمسار الفن الواقعى باستخدام السكين، وهلا العبدلى بمسار الكولاج، وخالد المطلق بمسار التشكيل بالحرف العربى (الحروفيات)، وأحمد المالكى بجائزة مسار النحت.

وشارك فى مسابقة «ريشة صقار» 18 فناناً وفنانة إذ تنافس 3 فنانين فى كل مسار من خلال تقديم عمل فنى يتم تحضيره وتنفيذه خلال أيام المعرض بشكل مباشر أمام الجمهور ويدور حول الصقور وبيئة الصيد.

وضمت لجنة التحكيم مسابقة «ريشة صقار» عدد متنوع من الفنانين ذوى الخبرة ووفرت المسابقة كل المتطلبات اللازمة من إستاندات وألوان وفرش وأحجار للنحت إضافة لتخصيص جناح لكل منهم لعرض جميع أعمالهم التى يرغبون ببيعها.

وبحسب تصريحات نقلها المركز الإعلامى لنادى الصقور السعودى، قال فهد غرمان رئيس لجنة التحكيم بالمسابقة، إن القائمين على النادى قد ركزوا على توفير مساحة فنية فى المعرض بهدف إثراء المشهد الثقافى وإبراز موروث الصقور السعودى العريق والتعبير عن رسالة الفن تجاه المحافظة على هذا الموروث.

دعم من المحميات

تلقى معرض الصقور السعودى الدولى دعماً ومشاركة قوية من عدد من المحميات الشهيرة فى السعودية والمنطقة أهمها هيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية، ومحمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية.

وتعد مشاركة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية، هى الثانية على التوالى، عبر جناح للتعريف بأعمال وأدوار الهيئة ومبادراتها لرفع الوعى بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والتكامل مع المجتمع لحماية البيئة وتنميتها.

وشهد جناح هيئة تطوير محمية الملك عبد العزيز إقبالاً ملحوظاً من الزوار والمسؤولين، للتعرف على مميزات المحمية الطبيعية والجغرافية والتاريخية، ودورها فى حماية البيئة.

وركزت محمية الملك عبد العزيز على إبراز مشاركاتها فى مبادرة «صديق المحمية» بالإضافة إلى المشاركة فى «منصة الإعلام البيئى» التى أطلقتها «المحمية» على هامش مشاركتها بالمعرض.

وتهدف المنصة المذكورة إلى نشر الوعى والمعرفة البيئية والمحتوى المتخصص بحماية البيئة وتنميتها عبر إقامة لقاءات مصورة مع عدد من الإعلاميين والمختصين وخبراء البيئة.

وجاء مشاركة الهيئة فى اطار مواكبة مستهدفات رؤية المملكة 2030، ومستهدفات مبادرة «السعودية الخضراء» لمكافحة التغير المناخى والحفاظ على التنوع البيولوجى، بحسب بيان للمركز الإعلامى لنادى الصقور.

أيضاً، شاركت محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية فى الفاعلية بغرض التعريف بخصائص المحمية وكنوزها الطبيعية وتعريف الزوار بأهم أنواع الصقور المتواجدة على أراضيها.

كما استضاف معرض الصقور السعودى الجمعية الملكية الأردنية لحماية الطبيعة لطرح التجربة التردنية الخاصة بتنظيم الصيد فى الأردن وتدريب الصقور وكل ما يرتبط بذلك.

ندوات تعليمية

خصص معرض الصقور والصيد السعودى الدولى ندوات علمية حول طرق العناية والتغذية الخاصة بالصقور والأمراض التى قد تصيبها بالإضافة إلى العناية بالبيئة التى يصطاد بها الصقر وتحقيق التوازن البيئى فى هذه العملية.

وشهدت المعرض ورش عمل تدريبية صاحبها إقامة ندوتين علميتين ركزتا على التغذية والامراض البيطرية للصقور مثل نقص التغذية وأهم الأمراض التى قد تصيبها.

وشرح الدكتور محمد الرشيد مدير أمراض الطيور فى جامعة الملك فيصل أهمية التغذية الصحية للصقور كونها من الكائنات التى تعتمد فى أكلها على اللحوم وبالتالى ضورة تنويع مصادر اللحوم.

وقال الرشيد إن تنويع مصادر اللحوم يضمن حصول الصقر على ما يحتاجه من الفيتامينات والأحماض التى يحتاجها فى تكوينه الجسمانى، وبناء نظام مناعى ضد الأمراض المعدية.

ولفت إلى أن إطعام الصقر باللحوم الطازجة ذات القدر العالى من الجودة ضرورة، مشيرا إلى أنه فى حال استخدم الصقار لحوماً مجمدة فيشترط أن تكون مخزنة بمكان معقم ونظيف وألا تتجاوز مدة التخزين 6 أشهر حتى لا تصاب بالتأكسد الإنزيمى.

بدوره، أوضح الدكتور محمد صبرى الأستاذ المساعد فى قسم العلوم بكلية الطب البيطرى بجامعة الملك فيصل أهم الأمراض الشائعة بين الصقور فى السعودية وكيفية الكشف عنها مبكرا وأهم أعراضها.

وتطرق الدكتور مصطفى آل رمضان الطبيب البيطرى إلى الحديث عن أمراض الكبد التى تصيب الصقور وطرق التشخيص الصحيحة للمرض والأعراض موضحا أهم الأدوية والعلاجات التى تواجه هذه الأمراض التى وصفها بالخطيرة على الصقر.

وقال «آل رمضان» إن أهم الأمراض التى قد تصيب الكبد هى: «الفيروسات مثل فيروس الأدينو والهربس والأمراض البكتيرية مثل ميكوباكتيريم والسالمونيلا وديدان الكبد وغيرها، إلى جانب أمراض أخرى مثل تسمم الكبد وسرطان الكبد وخراج الكبد».

وأوضح أن الأعراض الأولية التى تسبق التشخيص تتضمن خمول الصقر وفقدان الشهية والوزن، لافتا إلى أنه يتم التشخيص من خلال الأشعة السينية والمنظار وتحليل الدم وال (pcr).

وأكد أن العلاج يتمثل فى المضادات الحيوية والفطرية حال كان المرض بكتيرى أو فطرى، إلى جانب العلاج بالفيتامينات والمنشطات وغيرها من الأدوية المقوية للمناعة.

وخلال ورشة بعنوان (الصيد بالصقور والحفاظ على البيئة)، شدد بوب دالتون الناشط البيئى على ضرورة تقنين صيد الحيوانات النادرة كالحبارى وغيرها والمحافظة على الموروث من خلال التكاثر وإطلاق بعضها فى بيئتها الطبيعية لتحقيق التوازن البيئى.

سفراء مجموعة من الدول الشقيقة والأجنبية فى ضمن الضيوف.. ودعم ومساهمة قوية لعدد من المحميات الشهيرة

استقطب معرض الصقور والصيد السعودى الدولى مسؤولين لعدد من الدول عبر السفراء اذ شارك الشيخ نهيان بن سيف آل نهيان سفير دولة الإمارات لدى المملكة، وبندر بن محمد العطية سفير دولة قطر، والدكتور محمد على بوغازى سفير الجزائر.

إلى جانب حضور نونو ماتياس سفير جمهورية البرتغال لدى المملكة، وخورخى إيبيا سفير مملكة إسبانيا لدى المملكة، وموغوبو ديفيد ماخابى سفير جمهورية جنوب أفريقيا، وأكرم كريمى سفير جمهورية طاجيكستان لدى المملكة.

وتجول السفراء فى المعرض والتعرف على أجنحته وتجهيزات المزاد اليومى ومزارع الإنتاج المشاركة، كما زار السفراء جناح الأسلحة ومتحف شلايل الرقمى، وجناح صقار المستقبل، وأجنحة أدوات الرحلات البرية والسيارات ومسابقات المعرض فى التصوير الفوتوغرافى والطهى البرى والفنون التشكيلية.

يذكر أن نادى الصقور السعودى يستعد خلال الفترة القادمة، للإعلان عن باقى مواعيد فعاليات عام 2022، المتضمنة تفاصيل مزاد نادى الصقور السعودى فى نسخته الثالثة والمخصص لصقور الطرح، ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور فى نسخته الخامسة، كأكبر تجمع للصقور فى العالم.

ويهدف النادى للمحافظة على التراث التاريخى والتقاليد المرتبطة بثقافة الصيد بالصقور ولعب أدوار تتعلق بالتوعية والتدريب والبحوث وبرامج العمل لحماية الصقور وازدهار رياضة الصيد.