«اكتشافات جديدة فى منطقة سقارة ووادى الملوك سيتم الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة».. هكذا بدأ عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق الدكتور زاهى حواس، حديثه عن خطة الاكتشافات الأثرية الجديدة.
التقت «المال» الدكتور زاهى حواس، عالم المصريات الذى تم اختياره من قبل مجلة تايم الأمريكية ضمن قائمة أهم 100 شخصية فى العالم، وحصل على العديد من الجوائز المحلية والدولية، منها: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وفخر مصر فى استفتاء جمعية المراسلين الأجانب بمصر عام 1998، والدرع الذهبية من الأكاديمية الأمريكية للإنجازات عام 2001، وجائزة العالم المصرى المميز من جمعية العلماء المصريين بالولايات المتحدة الأمريكية.
تحدثنا معه عن أبرز القضايا والملفات الشائكة التى تشغل الساحة خلال الفترة الحالية، ومن بينها ملف استرداد رأس نفرتيتى وحجر رشيد من دول ألمانيا وبريطانيا، ومدى حقيقة الزئبق الأحمر، ولعنة الفراعنة، إضافة إلى الاكتشافات الأثرية المقرر إزاحة الستار عنها فى القريب العاجل وغيرها من الملفات.
وقال «حواس»، إنه يبحث خلال الفترة الحالية عن عدة مقابر لم تُكتشف بعد لملوك وملكات أبرزها مقابر الملكة نفرتيتى بالأقصر، الملك تحتمس الثاني، ورمسيس الثانى والملك إيمحتب، مشيراً إلى أنه بدأت البعثة بالفعل فى العمل بالمنطقة للبحث عن الملك إيمحتب.
وأضاف أن أهم اكتشاف أثرى أعلن عنه خلال العام الماضى كان المدينة الذهبية المفقودة بالأقصر، والتى يعود تاريخها إلى عهد الملك أمنحتب الثالث، واستمر استخدامها من قبل الملك توت عنخ آمون أى منذ 3000 عام.
وتابع «حواس»، أن هذه المدينة أكبر مستوطنة إدارية وصناعية فى عصر الإمبراطورية المصرية على الضفة الغربية للأقصر.
الحد من عمليات نهب الآثار
وبسؤاله عن كيفية الحد من عمليات نهب الآثار، قال إن هذا الأمر مستحيل، فلا توجد دولة فى العالم تمتلك حضارة إلا وتتعرض آثارها لمحاولات السرقة، ولكن من الضرورى تشديد الحراسات على المواقع الآثرية والعودة إلى النظام القديم فى تعيين أفراد الأمن مع تدريبهم وتأهيلهم قبل بدء العمل.
وأشار إلى أهمية زيادة عدد عربات شرطة السياحة والآثار مع الاستعانة بأحدث الأجهزة لحراسة المواقع، إضافة إلى رفع الوعى بأهمية الآثار.
ولفت إلى أنه من الصعب حصر عدد القطع المنهوبة والمهربة للخارج، مرجعًا ذلك إلى أن الآثار المصرية كانت تباع رسميا فى مصر حتى عام 1983 وذلك قبل صدور قانون رقم 117، مشيرا إلى أنه بعد صدور القانون تم وقف بيعها.
وتابع: أنه ليس شرطًا أن يكون كل أثر فى الخارج مسروق، فمن الممكن أن يكون خرج من مصر بطريقة شرعية قبل صدور القانون.
رأس نفرتيتي
وعن مدى إمكانية عودة رأس نفرتيتي، قال «حواس»، إنه جار إعداد وثيقة للتوقيع عليها من قبل المثقفين والأثريين حول العالم، للمطالبة بعودة رأس نفرتيتى من ألمانيا التى خرجت من مصر بطريقة غير قانونية.
وأضاف أن متحف برلين قام بسرقة رأس نفرتيتى من مصر فى عام 1913، متابعًا أنه قام بجمع كل الأدلة التى تثبت عملية التدليس التى تمت خلال عملية سرقة رأس نفرتيتي.
وكشف «حواس» أنه فى تلك الفترة كان القانون يلزم بعدم سفر أى قطعة أثرية ملكية مصنوعة من الحجر الجيري، وفى ذلك الوقت تم التدليس والتزوير عبر كتابة أن رأس نفريتى مصنوعة من الجبس عكس الحقيقة حيث كان يسمح حينها سفر القطع الأثرية المصنوعة من الجبس.
وتابع: أن مكتشف رأس نفرتيتى بورخارت قام بالاحتفاظ بها داخل منزله لمدة 10 سنوات، وبعد ظهورها وقت الحرب العالمية الثانية وافق هتلر فى البداية على إعادتها إلى مصر لكنه عاد بعد ذلك ورفض إعادتها.
وأشار إلى أنه خاطب متحف برلين فى عام 2015 باستعادة رأس نفريتى وحجر رشيد وعدد من القطع الأثرية الفردية، من أجل وضعها فى المتحف الكبير وجميعهم رفضوا طلباته باستعادة القطع.
وأكد «حواس»، أنه لا يوجد ما يُسمى بلعنة الفراعنة ولا الزئبق الأحمر فهذه أوهام، موضحا أنه إذا تم وضع مومياء فى غرفة مغلقة لمدة 3 آلاف عام، فإن هذه المومياء ينتج عنها جراثيم خطيرة، وعندما يدخل المكتشف الغرفة تصيبه الجراثيم، وربما تنهى حياته، لكن إذا تم فتح المقبرة وتهويتها فلن يحدث أى شىء.
ونوه إلى أن المطرية منطقة عائمة على الآثار، ولا يوجد منزل هناك إلا ويقع تحته مقبرة، لذلك تم إصدار قانون بعدم السماح ببناء منازل إال بعد الحصول على تصريح من وزارة الآثار، منوها بأن مصر الحديثة بُنيت فوق مصر القديمة.
وأضاف أن تلك المنطقة فى حقبة مصر القديمة كانت تضم أقدم جامعة فى التاريخ وهناك ملوك دفنوا بالمطرية، كما كان يعبد فيها الاله رع.
المعارض الخارجية تسهم فى الترويج السياحى للمقصد المصري
وعن جدوى المعارض الخارجية للآثار، قال «حواس» إن المعارض الخارجية مهمة جدًا بالنسبة لمصر ولها فوائد عديدة منها الترويج للسياحة فى المقصد المصري، وتعريف العالم بقيمة الآثار المصرية كما تدر عائدًا ماليًا كبيرًا.
يشار إلى أن وزارة السياحة والآثار، أطلقت معرض توت عنخ أمون فى أمريكا فى أولى محطاته فى مارس 2018، واستطاع المعرض حينها جذب أعداد كبرى من الزائرين، وبعدها توجه إلى فرنسا إذ زاره نحو مليون و43 ألفا و1700 زائر خلال 6 أشهر، وبلغ عائد المعرض 5 ملايين دولار، إضافة إلى عائد بيع التذاكر بعد تخطى عدد الزوار 700 ألف زائر، حيث سيعود على الوزارة على كل تذكرة 4 دولارات، ثم انتقل المعرض بعد ذلك إلى لندن.
أقترح منح تراخيص تصوير بالمجان لمدة 3 أعوام لصناع الأفلام العالمية
ويرى «حواس» أن بعض الدول تجتذب صناع الأفلام العالمية للترويج للمقاصد السياحية التابعة لها، مشيرًا إلى أن صناع الأفلام عندما يواجهون صعوبات فى التصوير بمصر يلجأون إلى المغرب على سبيل المثال، ولذلك لا بد من تخصيص جهة واحدة لمنح التراخيص فيما يخص هذا الشأن.
وطالب بمنح التراخيص لصناع الأفلام العالمية بالمجان لمدة 3 أعوام كنوع من التحفيز، مشيرًا إلى أن تصوير الأفلام تعتبر دعاية للمقصد السياحى المصري.
موكب المومياوات والمتحف الكبير
وأشاد «حواس» بالفعاليات التى شهدتها مصر خلال الفترة الماضية، سواء كانت احتفالية طريق الكباش وموكب المومياوات الملكية.
وأضاف أن تلك الفعاليات بمثابة دعاية ضخمة للسياحة المصرية، إذ ساهمت فى زيادة حجم الحركة السياحية الوافدة لمصر.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى وزير السياحة الدكتور خالد العنانى السابق، ووزير الآثار الأسبق زاهى حواس وعدد من الشخصيات المهمة والسفراء، افتتحوا خلال العام الحالى طريق الكباش بالأقصر، والذى يعد أقدم طريق أثرى فى العالم، وذلك بعد الانتهاء من مشروع تطويره.
وطريق المواكب الكبرى (طريق الكباش) يربط بين معبدى الكرنك والأقصر مرورًا بمعبد موت، ويبلغ إجمالى طوله 2700م، ويتكون من رصيف من الحجر الرملى تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس كبش (أحد الرموز المقدسة للمعبود آمون) فى المسافة بين الصرح العاشر بالكرنك حتى بوابة معبد موت.
وتم تشييد هذا الجزء من الطريق خلال عصر الأسرة الثامنة عشرة، ثم قام الملك نختنبو الأول من ملوك الأسرة الثلاثين بتشييد الجزء المتبقى من الطريق الذى تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس آدمية، وتتخلل قواعد التماثيل أحواض زهور دائرية مزودة بقنوات صغيرة استخدمت فى توصيل مياه الرى للأحواض.
وأشار «حواس» إلى أن المتحف المصرى الكبير هو مشروع ضخم والعالم أجمع بانتظار افتتاح هذا الصرح العظيم، وهو بمثابة دعاية كبرى لمصر.
تدريس الحروف الهيروغليفية ضرورة لطلاب المدارس الابتدائية
وطالب «حواس» بضرورة تدريس الحروف الهيروغليفية لطلاب المدارس الابتدائية، ولا يعنى ذلك تدريس اللغة بالكامل، وذلك لزيادة الوعى الأثرى لهم وتعريفهم بحضارة بلدهم.
كما طالب بضرورة إعادة كتابة مناهج التاريخ وتغييرها لطلاب المدارس لتكون جاذبة بشكل أكبر لهم، إضافة إلى أهمية تدريس تاريخ مصر لطلاب الجامعات.
الإعلان عن كيفية وفاة الملك توت عنخ آمون أكتوبر المقبل
وكشف «حواس» أنه سوف يعلن عن كيفية وفاة الملك توت عنخ آمون فى شهر أكتوبر المقبل، إضافة إلى الإعلان عن طريقة استعمال الحامض النووى فى كشف مومياء الملكة «نفرتيتى» والملكة «عنخ اسن ان آمون» زوجه الملك توت عنخ آمون.
وتابع أنه سيتم عرض أوبرا توت عنخ آمون يوم 5 نوفمبر المقبل، من أمام معبد الملكة حتشبسوت بالأقصر لمدة 5 أيام.
وأضاف أن الاحتفال الذى سوف تقيمه مصر بمناسبة مرور 100 عام على كشف مقبرة توت عنخ آمون سيكون عالميا، لأن العالم أجمع يعرف الملك توت عنخ آمون، وسوف يقام مؤتمر دولى وحفل عشاء بالأقصر للاحتفال بالذكرى المئوية.