استطلعت “المال” آراء عدد من العاملين في القطاع عن فرص ربحية المحاصيل الزراعية خلال الفترة الحالية وذلك في ضوء المتغيرات الطارئة في تكلفة الزراعة، لاسيما مع أهمية قطاع الأمن الغذائي لسياسة الدولة في الوقت الراهن وجاءت اختيارات الأصناف الخاضعة للرصد متوافقة مع توجهات عبد الفتاح السيسي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي منها كبديل عن الاستيراد المحفوف بالمخاطر حاليا ، خاصة مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وكذلك التوترات في البلقان بين الصرب والألبان في كوسوفو .
وتستورد مصر 80% من خامات الأعلاف من الخارج سنويا والتي تعتمد عليها صناعة الدواجن وأيضا 45% من الأقماح و97% من الزيوت ونسبة أقل من السكر تصل إلى 20% طبقا للبيانات الرسمية المتداولة وتسعي الدولة لسد الفجوة الغذائية التي تصل في العموم إلي 60% من الطعام .
وشملت تلك المحاصيل الزراعية كلا من القمح والذرة والأرز والقطن والصويا وعباد الشمس والطماطم والبطاطس واعتمدت الرصد علي تحليل آراء عدد من الشركات الزراعية وقيادات الفلاحين في آخر دورة زراعية حسب توقيت الزراعة حيث جزء من هذه المحاصيل تم زراعته العام الحالي ومنها القمح الذي يستمر موسمه 7 شهور وتمت زراعته في أول نوفمبر 2021 والحصاد استمر الي يوليو الماضي .
وأظهرت نتائج الرصد الذي قامت بها “المال” أن هناك تباينا في عوائد هذه المحاصيل التي تمت بحثها اعتمادا علي دراسات قامت بها شركات زراعية وكذلك آراء قيادات من المزارعين حسب آخر موسم زرعي لها فمنها من حقق ربحية كبيرة أو متوسطة أو محدودة في بعض الأحيان إلا أنه لا يوجد فدان حقق خسائر وفقا لهذه المحاصيل المختارة.
وكشفت نتائج البحث عن أن محصول القمح وصلت ربحيته إلي 7000 جنيه في آخر موسم، حيث وصلت تكلفة زراعة القمح خلال العام الجاري 2022 إلي 15 ألف جنيه شاملة الإيجار الذي يسجل 7 آلاف وأسمدة ومبيدات 4 آلاف جنيه و عمالة وحصاد 4 آلاف جنيه في الوقت الذي تصل فيها عوائد الفدان إلي 22 ألف جنيه منها 18 ألفا تقريبا قيمة 18 إردب قمح (الإردب الحر 1000 جنيه ) فضلا عن 4000 جنيه قيمة التبن وهناك أفدنة تحقق أعلي من ذلك في حالة إلغاء بند الإيجار وكان المزارع هو المالك أو ارتفعت الإنتاجية أكثر من ذلك.
وكشفت النتائج أن محصول القطن يتمتع بربحية جيدة خلال خلال آخر موسم الذي حقق الفدان 21600 جنيه حيث تصل مبيعات المحصول من الفدان إلي 41600 جنيه قيمة 8 قناطير بمتوسط 5200 جنيه لكل قنطار في الوقت الذي سجلت التكلفة الزراعية الأخيرة في العام الماضي 20 ألف تتألف من 7000 جنيه إيجار نصف سنوي و7000 جنيه تكلفة الجني و1000 جنيه تقاوي وحرث و2000 جنيه تسميد و2000 جنيه ري و2000 جنيه عزيق وإزالة حشائش والرش.
انفوجراف يوضح التكلفة
ويزرع القطن في مارس وأبريل والحصاد في سبتمبر من كل عام.
وأضافت النتائج أن فدان الذرة يحقق أرباحا تقترب من 24 ألف جنيه لاسيما أن العوائد من بيع المحصول تصل إلي 39 ألف جنيه تقريبا ممثلة في 4.5 طن ذرة ويصل سعر تداول الطن حاليا إلي 8700 جنيه، بينما تصل التكلفة الزراعية إلي 15 ألف جنيه ممثلة في 7000 جنيه إيجار و2000 جنيه تقاوي وحرث و2000 جنيه جمع وحصاد و 2500 جنيه تسميد و1500 جنيه عزيق ورش.
وكشفت النتائج أن فدان الطماطم حقق مكاسب بقيمة 50 ألف جنيه ألف جنيه في ظل جنون الأسعار في العام الجاري حيث يتكلف الفدان 50 ألف جنيه بينما يحقق 100 ألف جنيه 2000 قفص طماطم في 50 جنيها من الأرض) وذلك في ظل السعر الجيد حاليا ولكن قد تنقلب الصورة تماما في حالة ارتفاع و”جنون الطماطم” ويحقق الفدان عوائد مضاعفة أو قد يخسر المزارع رأسماله في أحيان أخرى.
وأضافت النتائج أن تكلفة زراعة فدان الطمام تتكون من 10 آلاف جنيه إيجار نصف سنوي علي الأقل و20 ألف تكاليف رش ومخصبات ومبيدات وري حيث يتم رش المحصول بشكل يومي و10 آلاف جنيه سماد عضوي وكيماوي و10 آلاف جنيه شتلات عند الزراعة.
وأوضحت نتائج التحليل أن فدان البطاطس حاليا يحقق عائدات بقيمة 15 ألف جنيه تقريبا لأنه ينتج 20 طنا في العروة الصيفية الحالية بقيمة 80 ألف جنيه تقريبا للأصناف عالية الجودة والتصديرية في مقابل 65 ألف جنيه مصروفات إنتاجية المتمثلة فى إيجار الأرض نصف سنوي 15 ألف جنيه (أرض مجهزة للزراعة مباشرة ) والتقاوي 25 ألف جنيه والرش والمغذيات 10 آلاف جنيه وتجهيز الأرض وحرثها للفدان 8000 جنيه والزراعة 2000 جنيه، والعزيق 2500 والري 2500 جنيه.
وكشفت البيانات أن فدان الصويا يحقق مكسبا بقيمة 10 آلاف جنيه تقريبا لأنه ينتج في المتوسط طنا و600 كجم، بينما تم تسعير الطن الواحد الذي تتسلم به وزارة التموين المحصول لتحويله إلي زيوت بـ 13 ألف جنيه، فى حين تصل تكلفة الفدان إلي 10 آلاف جنيه منها 7 آلاف جنيه إيجار و3000 جنيه مصروفات أخري مثل الحرث والري وغيرهما، حيث يقل اعتماد المحصول علي المياه والمبيدات والعمالة مقارنة مع المحاصيل السابقة .
انفوجراف يوضح الربحية
وأوضح التحليل أن مكسب فدان دوار الشمس يصل إلي 6000 جنيه حيث تكلفة زراعة فدان عباد الشمس 6 آلاف جنيه فيتطلب الفدان مصروفات أقل من غيره حيث يتكلف الفدان إيجارا بقيمة 4000 جنيه لأنه محصول يستغرق 3 شهور فقط بينما يحتاج 2000 جنيه مصروفات مثل الري والتسميد بينما ينتج طنا واحدا تشتريه وزارة التموين من المزارعين بـ 12 ألف جنيه.
وذكرت الآراء أن فدان الارز يحقق ربحية بنحو 26 ألف جنيه تقريبا مع الأخذ في الاعتبار أن الفدان ينتج 4 أطنان بقيمة 41200 جنيه تقريبا والتكلفة بقيمة 15 ألف جنيه منها إيجار بنحو 7000 جنيه ومصروفات أخرى مثل الري والتسميد والحصاد وغيرها بقيمة 8000 جنيه.
وأكد الدكتور ماهر أبو جبل عضو نقابة الزراعيين والمدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة ذا جيت انترناشونال، أن الفترة الحالية تشهد زخما واهتماما من الدولة لتحقيق أقصي إنتاجية ممكنة من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن والذرة وظهر هذا واضحا مؤخرا مع توفير تسعير جيد ومع اتجاه الدولة لبحث تسعير هذه المحاصيل بشكل مناسب بعد اهتمام القيادة السياسية بالملف الذي ازدادت أهميته مع اندلاع الحرب في أوروبا وأيضا التضخم ووصول أسعار القمح إلي أسعار قياسية عالميا حيث وصل الطن إلى ما بين 9 آلاف إلى 10 آلاف جنيه وهو تقريبا ضعف السعر المحلي المتداول لصالح الصوامع الحكومية.
وعقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، اجتماعا مؤخرا، بمقر الحكومة في مدينة العلمين الجديدة، لصياغة رؤية لأسعار توريد المحاصيل الزراعية، وشارك بالحضور أو عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، وهشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، وعلي السيسي، رئيس قطاع الموازنة بوزارة المالية.
وقال رئيس الوزراء إن هناك توجيهاً من الرئيس عبد الفتاح السيسي،رئيس الجمهورية ، ببدء الدراسات الخاصة بصياغة أسعار توريد المحاصيل الزراعية للموسم الجديد، وتكليفات بالتوسع في الزراعة التعاقدية، لتشجيع المزارعين على توريد محاصيلهم.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي على ضرورة الاستفادة من الإيجابيات التي تحققت من خلال منظومة توريد القمح للعام الحالي، بما يتيح الفرصة لتطبيقها على عدد من المحاصيل الأخرى، وتلافي أية سلبيات تكون قد كشفت عنها التجربة.
وشدد رئيس الوزراء على أهمية الإعلان الفترة القليلة المقبلة عن رؤية الدولة فيما يتعلق بالتعامل مع المحاصيل الاستراتيجية، وأهمية توفير التقاوي الخاصة بالمحاصيل الاستراتيجية، من خلال منافذ وزارة الزراعة، بما يساهم في تحقيق المستهدف من إنتاجية الفدان.
وصرح السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء ، بأنه تم التأكيد خلال الاجتماع على ضرورة وجود آلية محددة لتسعير المحاصيل الزراعية، وتم طرح عدد من الأفكار التي تساهم في تشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الاستراتيجية، خاصة القمح، وتوريدها.
وطرح اقتراحا بأن تكون هناك لجنة تعمل على تسعير السلع الاستراتيجية المختلفة، وتعرض نتائج اجتماعاتها بشكل منتظم، قبل اتخاذ أية قرارات في هذا الشأن.
وأضاف المتحدث الرسمي أنه تم الإشارة أيضا في الاجتماع إلى أنه سيتم على الفور ومن الآن طرح التقاوي في المنافذ، ومن المخطط أن تكون كل التقاوي في عام 2023 معتمدة من خلال وزارة الزراعة، وتسعى الوزارة لتحقيق احتياطي استراتيجي من التقاوي، والعمل وفق رؤية تستهدف تصدير التقاوي مستقبلا .
ولفت إلى أن وزارة الزراعة أصبح لديها لأول مرة في تاريخها 148 ألف طن من التقاوي، تغطي مساحة 2.5 مليون فدان.
وأشار السفير نادر سعد إلى أنه يتم العمل حاليا بالتعاون بين وزارتي التموين والزراعة على وضع سعر استرشادي لعدد من المحاصيل، وكلف رئيس الوزراء بالانتهاء من الدراسة المطلوبة بشأن صياغة أسعار توريد المحاصيل الزراعية للموسم الجديد لعرضها على مجلس الوزراء.
ومن جانبه أكد حسين عبد الرحمن نقيب الفلاحين أن الحكومة تعمل علي التوسع في زراعة القمح أفقيا عبر زيادة المساحات في المشروعات الجديدة في توشكي والدلتا وسيناء ومن المتوقع أن تصل المساحة في الموسم المقبل إلى 4 ملايين فدان بدلا من 3.5 مليون حاليا.
وأضاف عبد الرحمن أن القمح محصول مهم لتحقيق وتوفير الغذاء للإنسان فيما يتعلق بالدقيق والمكرونة والمخبوزات بينما يحصل المربي من القمح علي الردة والتبن المخصصة للثروة الحيوانية.
وطالب عبد الرحمن الحكومة بالتوسع رأسيا في القمح عبر توفير تقاوي عالية الإنتاجية وأيضا إيجاد بدائل غذائية أكثر وفرة من القمح مثل الشعير والذرة والبطاطا وتقليص استهلاك واعتماد الأسرة المصرية علي القمح .
وأكد عبد الرحمن أن مصر تستهلك 21 مليون طن نستورد ما يقرب من 11 مليون طن من الخارج وننتج 10 ملايين طن محليا .
وقال عبد الرحمن إن أكثر محاصيل تحقق ربحية حاليا هي الذرة والقطن والمحاصيل الزيتية والقمح والبطاطس وفي الفترات السابقة شهدت ارتفاعا للثوم والبصل والطماطم قبل أن تتراجع بعضها مؤخرا، كما يقبل المزارعين علي التوسع في زراعة الخضروات والذرة والقطن والمحاصيل الزيتية والبطاطس والطماطم أيضا.