أوقفت كل من “جيه بي مورجان تشيس” و “سيتي جروب” و “بست باي” خطط إعادة شراء الأسهم مؤقتاً عند الإعلان عن نتائج الربع الثاني، وقررت الاحتفاظ بالنقد بدلاً من ذلك لأن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة يخاطر بدفع الاقتصاد إلى الركود.
تُعدّ هذه المؤسسات ضمن عشرة مؤسسات أوقفت برامجها هذا العام لأسباب لا علاقة لها بعمليات الاندماج والاستحواذ، وهي ظاهرة نادرة للغاية، وفقاً لشركة “بيرينيي أسوشيتس” (Birinyi Associates).
وقف خطط إعادة شراء الأسهم
ربما تكون هذه التحركات علامة مبكرة على التراجع عن حقبة قياسية لإعادة شراء الأسهم التي اندلعت في أعقاب الوباء، عندما استغل المسؤولون التنفيذيون الصناديق النقدية لشراء ما يقرب من تريليون دولار من أسهمهم.
وبينما يناقش المحللون مدى تأثير عمليات إعادة شراء الأسهم في نهاية المطاف، فإن التراجع يهدد بإزالة ركيزة واحدة من سوق هشة تكافح بالفعل بسبب التضخم وشبح تباطؤ النمو العالمي.
قال ماتيو راشتر، رئيس استراتيجية الأسهم في “جوليوس باير” (Julius Baer): “كانت عمليات إعادة الشراء أكبر مصدر للطلب على الأسهم الأميركية هذا العام وبمثابة دعم كبير لأسواق الأسهم.
ولكن من المتوقع أن تتباطأ عمليات إعادة الشراء من هنا وسط توقعات باهتة للأرباح وانخفاض ثقة التنفيذيين”.
مخاوف النمو
بحلول نهاية الربع الأول، أنفقت الشركات الأميركية ما يزيد قليلاً عن 265 مليار دولار على إعادة شراء أسهم، وهو مبلغ قياسي، وفقاً لبيانات “باركليز” (Barclays Plc).
قال المحلل الاستراتيجي إيمانويل كاو إنه في حين أن إعلانات إعادة الشراء لا تزال قوية منذ بداية العام وحتى تاريخه، فإن بعض الشركات الأميركية “استخدمت نتائج الربع الثاني للحدّ من عمليات إعادة الشراء الحالية بسبب مخاوف من توقعات النمو”.
ويرى جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان، أن البنك يأخذ هدنة زمنية لتلبية متطلبات رأس المال الأعلى والسماح بالمرونة “لمجموعة واسعة من البيئات الاقتصادية”، مع تسجيل الأرباح التي لم تتجاوز التقديرات، فيما استشهد “سيتي غروب” بقواعد رأس المال الأعلى، مشيراً إلى أنه حالياً “في مرحلة بناء رأس المال”.
تفضّل شركات أخرى أيضاً استخدام النقد لتعزيز أعمالها خلال الفترة الاقتصادية الصعبة.
قالت شركة البيع بالتجزئة “بست باي” إنها توقف عمليات إعادة الشراء مؤقتاً كجزء من استراتيجيتها لإدارة رأس المال “استجابة لبيئة المبيعات الحالية”. وخفّضت الشركة توجيهاتها.
وقالت إن التضخم يعصف بالمستهلكين. وقام هوارد شولتس، مؤسس شركة “ستاربكس” (Starbucks Corp.)، بتعليق خطة إعادة شراء سلسلة المقاهي في أبريل الماضي، موضحاً أنه من الأفضل إنفاق الأموال على المتاجر والموظفين.
التوتر الضريبي
توقعات عمليات إعادة الشراء في العام المقبل غير مؤكدة بدرجة أكبر، حيث من المتوقع أن تدخل ضريبة مقترحة على عمليات إعادة شراء الأسهم الأميركية حيز التنفيذ. ويأمل الديموقراطيون في أن تؤدي ضريبة انتقائية بنسبة 1% إلى إبطاء استخدام عمليات إعادة شراء أسهم الشركات، لأنها تنتج مكاسب رأسمالية ولكن لا تنتج فواتير ضريبية فورية.
قد يفسح ذلك المجال أمام الشركات للمضي قُدُماً في خططها في النصف الثاني من هذا العام. ومع ذلك، لا يتوقع الاستراتيجيون أن يقدم هذا دعامة كبيرة للأسواق، بالنظر إلى أن عدم اليقين الاقتصادي الكلي السائد سوف يفوق أي شعور إيجابي من عمليات إعادة الشراء المتسارعة.
قال إستي دويك، كبير مسؤولي الاستثمار في “فلوبانك” (Flowbank SA): “من المرجّح أن تحاول الشركات التي لديها توجيهات واضحة، تحميل بعض عمليات إعادة الشراء في البداية، على الرغم من أنها قد لا تكون عاملاً محرّكاً للسوق كما يتوقع البعض، نظراً للمحركات الكبرى الرئيسية في الوقت الحالي”.
ويتفق مع هذا الرأي روبرت كانتويل، وهو مدير محافظ في “أبهولدينغز غروب” (Upholdings Group LLC) في ناشفيل، حيث قال “لا نتوقع” اندفاعاً لعمليات إعادة الشراء “في النصف الثاني لأنها تعتمد على أسعار الأسهم أكثر من ضريبة 1%. من المرجح أن تؤدي الضريبة إلى خفض عمليات إعادة شراء الأسهم لصالح المزيد من عمليات الدمج والاستحواذ، أو الإنفاق الرأسمالي الداخلي”.
ولكن هناك بعض الأخبار الجيدة للباحثين عن تعزيز إعادة الشراء: فقد يؤدي انتعاش سوق الأسهم منذ أدنى مستوى لها في يونيو إلى تقليص حاجة الشركات إلى دعم أسهمها من خلال عمليات إعادة الشراء.
أضاف كانتويل: “شهدت أسعار سوق الأسهم تعافياً بقوة خلال الشهر الماضي، ومن المتوقع أن تتباطأ عمليات إعادة الشراء نتيجة لذلك. ويمكن أن يكون التباطؤ علامة على قوة السوق، على عكس السوق الضعيفة”.