هل تزيح الصين صندوق النقد وتصبح أكبر دائن للدول النامية

ففى العقد الماضى، أصبحت بكين أحد الدائنين الرئيسيين فى العالم، ومنذ العام 2010 ضاعفت الحكومة الصينية قروضها 3 مرات

هل تزيح الصين صندوق النقد وتصبح أكبر دائن للدول النامية
محمد عبد السند

محمد عبد السند

9:12 م, السبت, 13 أغسطس 22

أثارت زيارة نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب الأمريكى الأخيرة إلى تايوان، رد فعل غاضبًا من بكين، التى رأت أن تلك الزيارة تمثل تحديًا واضحًا لسياسة “صين واحدة”، وهى أحد المشروعات الرئيسية التى يتبناها الرئيس الصينى شى جين بينج.

وعلى ضوء تلك الزيارة قررت بكين قطع التعاون الثنائى مع واشنطن فى عدة مجالات.

وتعد التهديدات بالقطع الكامل للعلاقات الثنائية -وهو الشيء الذى تكرر فى الفترة الأخيرة- دليلًا على الصراع طويل الأمد بين الولايات المتحدة والصين من أجل الهيمنة، وهو ما امتد صداه إلى المجال المالى.

ففى العقد الماضى، أصبحت بكين أحد الدائنين الرئيسيين فى العالم، ومنذ العام 2010 ضاعفت الحكومة الصينية قروضها 3 مرات، لتساعد بشكل أساسى البلدان المتخلفة أو النامية من خلال مبادرة “الحزام والطريق”، وهى منصة للتعاون الدولى فى البنية التحتية والتجارة والاستثمار والتمويل لربط الصين بأجزاء أخرى من آسيا والشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا، لتصبح منافسًا مباشرًا وصريحًا لمنظمات مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى.

ولا يفرض العملاق الآسيوى نفس القيود المالية التى يفرضها صندوق النقد والبنك الدولى عند الإقراض، ومنذ أكثر من 5 سنوات، كشف شى جين بينج، النقاب عن مشروعه الرئيسى: طريق الحرير الجديد.

وقد استثمرت بكين ما يقرب من تريليون دولار، أى ما يعادل ثمانى “خطط مارشال”، والتى أصبحت الأداة التى من خلالها ترسخ الصين مكانتها فى اقتصادات أخرى بالمنطقة.

ويضع صندوق النقد الدولى على الطاولة سلسلة من الشروط الاقتصادية التى يجب أن تنفذها الدول إذا أرادت الحصول على مساعداته، وهى الإصلاحات الهيكلية الشهيرة التى طالما وصفها البعض بأنها صارمة وضارة.

وفى الوقت نفسه، تساعد الصين من خلال ضخ استثماراتها فى مشروعات البنية التحتية، بشرط أن يتم بناؤها من قبل الشركات الصينية.

ومع ذلك، تميل بكين إلى الإقراض بأسعار فائدة أعلى، وفترة سداد أقصر، كما أنها تستخدم القروض كأداة ضغط مقابل الحصول على الموارد الطبيعية لبلد ما، أو تحقيق بعض المصالح الجيوسياسية.

وتدعى بكين أنه لم تكن هناك حالة لأى بلد مدين للصين، وقد وقع فيما يسمى بـ”فخ الديون”، أى إقراض الأموال لدول أخرى بهدف السيطرة على أصولها الرئيسية إذا كانت الأخيرة غير قادرة على سداد الديون.

جدير بالذكر أن حوالى %60 من الإقراض الخارجى للصين يذهب إلى البلدان التى تواجه حاليًا أزمات ديون حادة، وفقًا لباحثى البنك الدولى.

وتسببت الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الغزو الروسى لأوكرانيا بدورها فى تدفق العملات الأجنبية من البلدان النامية التى تعد جزءًا من مبادرة طريق الحرير، ما يزيد من مخاطر التخلف عن سداد الديون.

ولعل أبرز هذه الحالات هى باكستان، إذ تبلغ الاستثمارات الصينية هناك 62 مليار دولار، ما يقرب من خمس الناتج المحلى الإجمالى لإسلام أباد وسريلانكا، وهى دولة فى حالة فوضى بعد تخلفها عن السداد، والتزمت الصين لها بأكثر من 32 مليار دولار.

وبوجه عام تعمل الصين كبديل قابل للتطبيق بشكل متزايد لصندوق النقد الدولى، على الرغم من أنها لا تزال تواجه عددًا من القيود.