قال خبراء ومصرفيون إن البنوك عادة ما تلجأ أثناء فترات الركود التضخمى إلى توظيف فائض السيولة لديها فى الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية، وأذون وسندات الخزانة، وتعزيز مخصصاتها، وقواعد رأسمالها.
وأشاروا فى تصريحات لـ«المال» إلى أنه لمعالجة الركود التضخمى تتجه البنوك إلى رفع معدلات الفائدة، آخذة فى الاعتبار عمل توازن بين الهامش الذى تضعه البنوك على سعر الكوريدور ومستويات التضخم فى السوق.
وأضافوا أن البنوك تعمل على دعم رءوس أموالها عن طريق خفض توزيعات الأرباح السنوية، وذلك للحدِّ من تأثيرات وتداعيات الركود الذى يمكن أن تشهده السوق مستقبلًا.
وقال هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إنه فى أثناء فترات الركود التضخمي، تتجه الشركات إلى رفع الأسعار، نظرًا لارتفاع تكاليف الإنتاج والاكتفاء بالبيع للعملاء ذوى الملاءة المالية المرتفعة، ونظرًا لتحيز البنوك المركزية لمحاربة التضخم، فإن علاج الركود التضخمى يكون عن طريق رفع معدلات الفائدة.
وأشار إلى أن المعطيات التى تعمل فيها البنوك هى الفائدة المرتفعة، وانخفاض الدخل المتاح للمواطنين للإنفاق على السلع والخدمات بخلاف السلع الضرورية التى شهدت ارتفاع أسعار.
وتابع جنينة: «بالنسبة للعامل الأول وهو ارتفاع سعر الفائدة، تلجأ البنوك إلى استثمار الكاش الفائض فى أذون الخزانة والابتعاد قدر الإمكان عن السندات طويلة الآجل، لعدم التعرض لخسارة غير محققة نتيجة انخفاض اسعار السندات، والاستثمار فى أذون الخزانة فى هذه المرحلة يدعم الربحية ولا يضاف إلى تكاليف المخصصات».
وأكمل قائلًا: «بالنسبة للعامل الثاتي، فغالبًا ما تلجأ البنوك إلى تقسيم القطاعات إلى قسمين: أولها المستفيد من ارتفاع أسعار الخامات مثل الشركات المنتجة للبترول والغاز والبتروكيماويات والأسمدة، بالإضافة إلى السلع والخدمات الدفاعية مثل الغذاء والدواء والصحة، والثانى المتضرر من انخفاض الدخل المتاح مثل السلع المعمرة والعقار».
وأضاف هانى جنينة أن الطلب على القروض الشخصية ارتفع فى هذه الفترة لتمويل شراء بعض السلع المعمرة، لاسيما أنه بالتوازى تستعد البنوك لخطر ركود عام فى جميع السلع والخدمات بعد فترة رواج الأسعار بدعم رءوس أموالها عن طريق خفض توزيعات الأرباح السنوية.
وقال منصف مرسي، الرئيس المشارك لقسم البحوث فى سى آى كابيتال، إن القطاع المصرفى ليس بمعزل عن السوق وكافة القطاعات داخل الدولة، فتحسن باقى الأنشطة مرهون بتطور كافة الأنشطة بمصر، وفى السوق العالمية.
وعلى مستوى القطاع المصرفى قال منصف مرسى على البنوك عمل توازن بين سعر الفائدة والهامش الذى تضعه زيادة على المقرر من البنك المركزي، وعمل توازن بين القروض الممنوحة من بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي.
وعلى مستوى القطاع الداخلى للبنوك قال مرسى إن القطاع المصرفى المصرى لديه قواعد رأسمالية جيدة قادرة على مواجهة المخاطر المحتملة.
وفيما يخص المخصصات قال إنها سترفع خلال العام الجارى عن النصف الأول من العام، لكن مقارنة بالعام الماضى لن ترتفع، مشيرًا إلى أن البنوك عززت مخصصاتها فى عام 2021.
من ناحية أخرى، قال ماجد فهمي، الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية، فى البداية يجب أن ننظر إلى السوق بشكل عام، فلابد من تعزيز إيرادات مصر الخارجية من العملة الصعبة من السياحة، وقناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، والتصدير، والمصادر الداخلية من تحصيل الضرائب، وبشكل خاص يجب اتخاذ خطوات جادة من الدولة لجذب القطاع غير الرسمى للمنظومة الرسمية؛ لأنها تشغل أكثر من %60 من الاقتصاد.
وعلى مستوى القطاع المصرفي، قال ماجد فهمى إن مصر تمر بظروف اقتصادية صعبة، مثلها مثل باقى دول العام، وفى مقدمتهم الأسواق الناشئة، وهذا يؤثر على شركات القطاع الخاص العاملة فى السوق، والذى يعقبها إما تعثر فى السداد أو تقليل التوسع فى الاقتراض من البنوك.
وأوصى فهمى القطاع بإطلاق مبادرة جديدة أو التعامل بشكل فردى من البنوك بتفهم مشاكل تلك الشركات، وإيجاد حلول تساعدهم فى فتح خطوط ائتمان جديدة أو تسديد تعثر الديون، وتسهيل إجراءات فتح الاعتمادات المستندية لتلك الشركات، دراسة الهامش الذى تضعه البنوك على سعر الكوريدر.
وأضاف أن تلك الخطوة تدفع البنوك إلى زيادة مخصصاتها وزيادة القاعدة الرأسمالية الخاصة بها لمواجهة المخاطر المتوقعة، مشيرة إلى أن البنوك توظف باقى السيولة المتبقية من إقراض شركات القطاع الخاص إلى الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية سندات وأذون خزانة.
وأعلن البنك المركزى المصرى ارتفاع رءوس أموال البنوك إلى 229.834 مليار جنيه بنهاية مارس 2022، مقارنة مع 215.35 مليار جنيه بنهاية ديسمبر السابق عليه.
كما ارتفع إجمالى المخصصات بالقطاع المصرفى إلى 209.750 مليار جنيه بنهاية مارس 2022، مقابل 188.515 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2021.
فيما بلغت التزامات من قبل البنوك فى مصر نحو 316.571 مليار جنيه بنهاية مارس 2022، مقابل 426.120 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2021.
وأظهر مسح أجرته «المال» أن 3 بنوك لم تتمكن حتى الآن من زيادة رأسمالها للحدّ الأدنى المشترط من البنك المركزى، بالرغم من قُرب موعد انتهاء المهلة التى منحها للتوافق مع قانون البنوك الجديد الذى ألزم فيه المصارف العاملة فى السوق المصرية بزيادته ليصبح 5 مليارات جنيه بدلًا من 500 مليون.
وكان قانون البنك المركزى رفع رأسمال المدفوع لشركات الصرافة وتحويل الأموال إلى 25 مليون جنيه كحد أدنى، مقارنة بـ5 ملايين جنيه سابقًا، كما رفع الحد الأدنى لرأسمال البنوك التى تأخذ شكل شركة مساهمة مصرية إلى 5 مليارات جنيه بدلًا من 500 مليون جنيه فى القانون السابق.
وفى مارس الماضى أصدر البنك المركزى قرارًا ينص على: «تمديد فترة توفيق الأوضاع للبنوك وشركات الصرافة المنصوص عليها فى المادة 4 من قانون رقم 194 لسنة 2020 لمدة عام تنتهى فى 14 سبتمبر 2022، وذلك فيما يخص الحد الأدنى لرأس المال».