حذّرت شركة “يونيبر” (Uniper SE) من أنَّها قد تضطر إلى خفض إنتاج الكهرباء في محطتين رئيسيتين تعملان بالفحم في ألمانيا وسط مكافحتها للحصول على إمدادات الوقود على طول نهر الراين، مما يُفاقم أزمة طاقة هددت بدفع أكبر اقتصادات القارة نحو الركود.
خفض إنتاج الكهرباء
تراجع منسوب الماء في نهر الراين لدرجة قد تؤدي إلى إغلاق النهر بالفعل قريباً. وقد ينجم عن ذلك “تشغيل غير منتظم” في محطة “شتاودينغر-5″ التابعة لـ”يونيبر” والتي تبلغ طاقتها الإنتاجية 510 ميغاواطاً حتى أوائل سبتمبر، ومحطة “داتلن-4” ذات الطاقة الإنتاجية البالغة 1000 ميغاواط، نظراً لمحدودية توفر الفحم في الموقع.
أسوأ أزمة
ارتفع سعر الطاقة الألمانية للعام المقبل إلى مستوى قياسي بلغ 410.57 يورو (418.31 دولار) لكل ميغاواط/ ساعة في بورصة الطاقة الأوروبية يوم الخميس. وتراجعت العقود الآجلة للشهر المقبل برغم أنَّها ما زالت تتداول بقيمة تعادل ثمانية أمثال قيمتها في ذلك الوقت من العام.
تواجه أوروبا أسوأ أزمة طاقة منذ عقود مع كبح روسيا لإمدادات الغاز الطبيعي وسط تصاعد التوترات بشأن غزوها لأوكرانيا. وقد يؤدي تقييد الحركة على أحد أهم أنهار القارة، والذي تفاقم بسبب تغيّر المناخ، إلى تعطيل تدفق كل شيء من الوقود إلى المواد الكيمياوية مع اندفاع الدول نحو تخزين الوقود قبل حلول فصل الشتاء.
وافقت ألمانيا الشهر الماضي على تقديم حزمة إنقاذ بقيمة 17 مليار يورو لمرافق “يونيبر” المتعثرة، وهي أكبر خطوة اتخذتها حتى الآن لمنع انهيار سوق الطاقة في أعقاب تحركات روسيا لخفض شحنات الغاز.
أهمية الفحم
جدير بالذكر أنَّ محطات الطاقة الألمانية في مانهايم وكارلسروه الواقعة على نهر الراين، والتي تديرها شركتا “غروسكرافتويرك مانهايم” (Grosskraftwerk Mannheim AG) و”إين بي دبليو” (EnBW AG)، عانت سابقاً للحصول على الفحم بسبب انخفاض منسوب الماء، وذلك برغم عدم تأثر توليد الطاقة.
تبني شركة “إين بي دبليو” مخزونات في محطاتها مسبقاً، وقد أصبح لديها حالياً مخزون مرتفع، بحسب متحدث رسمي باسم الشركة. ويمكن تزويد مرافق الشركة الواقعة على نهري الراين ونيكار بالفحم عن طريق السفن والسكك الحديدية.
قالت شركة “يوتيليتي ستيج” (Utility Steag GmbH) إنَّ لديها بالفعل فحماً في الموقع، خاصة في الأماكن التي تحتاج إلى نقلها عبر القوارب.
لا شك أنَّ أهمية الفحم ستزداد أكثر من ذي قبل بالنسبة لأمن الطاقة في أوروبا هذا الشتاء بسبب المواجهة مع روسيا بشأن الوقود. وأطلقت ألمانيا بالفعل مرحلتين من خطة الطوارئ الخاصة بالغاز، وقد تعتمد الخطوة الأخيرة إذا تدهور الوضع بشكل واضح.
الوضع ليس فريداً بالنسبة لألمانيا، حيث يلتف نهر الراين على بعد 800 ميل (1288 كيلومتراً) من سويسرا إلى بحر الشمال.
تأثير النهر على المرافق الفرنسية
في الوقت نفسه، تؤثر مستويات النهر المنخفضة أيضاً على المحطات النووية في فرنسا، إذ تؤدي موجة الحر إلى ارتفاع درجات حرارة الماء، مما يحد من قدرة شركة “إليكتريسيتي دو فرانس” (Electricite de France SA) على تبريد بعض المرافق.
قالت شركة المرافق الفرنسية إنَّ محطات الطاقة على نهري الرون وغارون ستنتج على الأرجح كهرباء أقل في الأيام المقبلة، لكنْ سيكون هناك حد أدنى من الإنتاج للحفاظ على استقرار الشبكة.
عادةً ما تحتاج محطات الطاقة إلى مياه للتبريد تأتي في المعتاد من نهر قريب أو من البحر قبل إعادتها مرة أخرى، وغالباً ما تكون بدرجة حرارة أعلى مما كانت عليه عند وصولها. يُذكر أنَّ ثمة حدوداً لمدى دفء الماء لحماية الأسماك وأشكال الحياة المائية الأخرى.
ارتفعت العقود الآجلة للطاقة والفحم الفرنسي للعام المقبل إلى مستويات قياسية في الأيام الأخيرة.
قالت شركة “غلينكور” (Glencore Plc)، أكبر شركة شحن للفحم بالعالم، وأحد أكبر الفائزين من أزمة الإمدادات مع ارتفاع الطلب على الوقود الأحفوري، إنَّها مستعدة لتقديم يد العون.
قال غاري ناغل، الرئيس التنفيذي لـ”غلينكور”: “نرى بوضوح وجود أزمة طاقة، ونحاول المساعدة حيثما أمكننا لضمان قدرتنا على توفير أمن الإمدادات بأي شكل من أشكال الطاقة التي نسوّقها والتي سنساعد من خلالها الدول خلال الأوقات الصعبة”.