تزيد روسيا من شحنات الغاز الطبيعي إلى الصين، بينما تحد التدفقات إلى أوروبا، وهي آلية قد تسهم في خفض تكاليف الطاقة على أوروبا ، وفقاً لشركة الاستشارات “أكسنتشر” (Accenture).
خفض تكاليف الطاقة على أوروبا
ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بعد خفض روسيا الإمدادات لأكبر أسواقها في أعقاب غزو أوكرانيا وفرض عقوبات غربية، وفي الوقت نفسه، تشحن “غازبروم” كميات قياسية عبر خط أنابيب إلى الصين، وهو ما يخفف الطلب الإجمالي على الغاز الطبيعي المسال، ويساعد على تحقيق التوازن في السوق، كما قال أوغان كوس، العضو المنتدب في شركة “أكسنتشر.”
قال كوس، في مقابلة الأسبوع الجاري: “ما سيكون له تأثير كبير هو توريد الغاز الروسي إلى الصين؛ إذ سيتقلص الطلب الصيني على واردات الغاز الطبيعي المسال من الدول الأخرى نتيجة لذلك، مما يخفض الأسعار عالمياً”.
تسعى الدول الأوروبية لتأمين المزيد من إمدادات الغاز الطبيعي المسال لخفض اعتمادها على الغاز الروسي، وفي ظل التوقُّعات بأن تظل القارة العجوز السوق الرئيسية للغاز الطبيعي المسال للأشهر القادمة، حيث يعيد المنتجون أيضاً توجيه إنتاجهم تجاه أوروبا.
في حين ما تزال صادرات الغاز الروسية عبر خط الأنابيب إلى الصين جزءاً صغيراً من المبيعات إلى أوروبا؛ فإنَّ زيادة التدفقات من شأنها أن تحل محل الغاز الطبيعي المسال الأعلى سعراً في السوق الصينية.
تسريع الخطط
دفعت الحرب روسيا إلى تسريع خطط التنويع بعيداً عن أوروبا عبر زيادة صادرات الغاز عبر خط أنابيب “باور أوف سيبيريا”، فضلاً عن خطط لبناء روابط جديدة مع الصين، وستُربط أكبر الحقول في سيبيريا، التي تغذي أوروبا حالياً، بالصين، مما يمنح روسيا منفذاً بديلاً لمواردها الهائلة وسط تدهور العلاقات مع الغرب.
أضاف كوس: “وحدات الغاز الروسية ستباع في أي مكان آخر، وبشكل أساسي في آسيا.. وسيكون هناك مشتر آخر لذلك الغاز بشكل دائم”.
تشتري الصين، التي تستورد أيضاً الغاز عبر روابط مع وسط آسيا، كميات أكثر من الغاز المرسل عبر الأنابيب وأقل من الغاز الطبيعي المسال في الوقت الذي قمعت فيه الإغلاقات المرتبطة بكوفيد-19 الطلب.
غياب عن السوق الفورية
غابت الصين عن مشتريات الغاز الطبيعي المسال من السوق الفورية حتى الآن خلال العام الجاري، وقد تبقى شهيتها منخفضة حتى سبتمبر نتيجة “أسعار الغاز الطبيعي المسال المرتفعة بحدة وعدم اليقين الذي يلوح في الأفق حول الوباء وآفاق الاقتصاد”، وفقاً لـ”Bloomberg NEF”قال بنك “غولدمان ساكس”، الأسبوع الماضي، إنَّ أحد أكبر المخاوف فيما يخص الأسعار الأوروبية ينبع من مدى سرعة تخلص الصين من إغلاقات كوفيد، فعندما يتعافى النشاط الاقتصادي الصيني؛ فقد يبدأ في منافسة أوروبا على شحنات الغاز الطبيعي المسال.
في حال فرضت روسيا وقفاً كاملاً لتدفقات الغاز إلى أوروبا، فقد تقفز الأسعار خمسة أضعاف المستوى الحالي، وفقاً لـ”أكسنتشر”، ومع ذلك؛ لن يدوم ذلك بعد الشتاء القادم، إذ من المتوقَّع أن يكون متوسط السعر في 2023 أقل من العام الجاري، بحسب ما قال كوس.
مخاطر الركود
كذلك تحد خطورة الركود العالمي من استهلاك الغاز، ومن المتوقَّع أن ينكمش الطلب في الاتحاد الأوروبي بما يصل إلى 16% العام المقبل، وفقاً لـ”أكسنتشر”، ويحث الاتحاد الأوروبي بالفعل أعضاءه على خفض استهلاك الغاز بنسبة 15% خلال الشتاء، بينما أعلنت شركة المرافق الفرنسية “إنجي” أنَّ العملاء يخفّضون استهلاك الغاز.
قال كوس: “سيؤدي مزيج انهيار الطلب في أوروبا وآسيا وإيجاد الغاز الروسي لمنافذ أخرى إلى خفض أسعار الغاز على المدى المتوسط.. وإذا كان الشتاء أسوأ مقارنة بفصول الشتاء السابقة، فستظل الأسعار مرتفعة لفترة، لكنَّ بيئة الأسعار المرتفعة غير مستدامة على المدى الطويل”.