بالتزامن مع قرب انتهاء خطة تحديث المرفق.. الإدارة الخاصة للسكك الحديدية بعيون المستثمرين

الشراكة بين القطاعين كان يفترض أن يتم البدء فيها منذ سنوات ماضية

بالتزامن مع قرب انتهاء خطة تحديث المرفق.. الإدارة الخاصة للسكك الحديدية بعيون المستثمرين
معتز محمود

معتز محمود

11:44 ص, الأحد, 17 يوليو 22

رحب عدد من خبراء الاقتصاد والمستثمرين، بخطوات هيئة سكك حديد مصر، بإشراك القطاع الخاص فى إدارة المرفق، بالتزامن مع قرب إنهاء خطة تطوير وتحديث المرفق، والتى انعكست على طبيعة التشغيل.

وكانت الهيئة القومية لسكك حديد مصر بوزارة النقل قد انتهت من إعداد أول عقد استرشادى يتضمن الملامح الرئيسية لأسلوب دخول القطاع الخاص المحلى والخارجى فى إدارة وتشغيل المرفق خلال السنوات المقبلة، بعدما تم الاستقرار على بدء شراكة الكيانات الخاصة بإدارة وتشغيل ورش كوم أبو راضى بمحافظة بنى سويف، و212 عربة ركاب VIP، و1300 عربة ركاب روسية الصنع.

وأكد عدد من خبراء الاقتصاد أن الشراكة بين القطاعين كان يفترض أن يتم البدء فيها منذ سنوات ماضية، لكن المشكلات التى كان يعانى منها المرفق وتدهور حالة العربات سواء الفنية والتشغيلية، وتآكل أنظمة الإشارات، والمزلقانات، كانت مانع فى عملية طرح الفكرة من الأساس.

ووفقًا للعقد الاسترشادى، فإن القطاع الخاص يتولى إدارة المرفق لمدة 15 عامًا، تتحمل خلالها الشركة أو التحالف الفائز مسئولية توفير قطع الغيار وأعمال الصيانة والعمرة الخفيفة للوحدات المتحركة، وتجهيز محطات خدمة فى محافظات «الإسكندرية وبورسعيد، وطنطا، وسوهاج، وأسيوط، وأسوان».

وتقوم هيئة السكة الحديد بدفع مقابل شهرى نظير الخدمات المقدمة، فضلًا عن أنها ستوفر مصادر الكهرباء والهواء المضغوط للورشة، كما تتولى تموين العربات بالوقود اللازم لتشغيل، ولها حق الاطلاع على الإيرادات المحققة عند الحاجة لذلك.

وستسلم الهيئة الفائز جميع المبانى والمعدات الحالية بورشة كوم أبو راضى، مع توفير المعلومات والبيانات الدقيقة المتعلقة بالحالة الفنية للقطارات وماكينات الصيانة، حتى يتمكن مع تقييم المستلزمات المطلوبة لبدء تنفيذ الاتفاق بمجرد إبرامه، وإمكانية التعاقد مع الأطراف والجهات المحلية الأخرى والكيانات الاستثمارية، ولكن شرط موافقة الهيئة.

إلى ذلك، قال المهندس رمزى لاشين، رئيس الهيئة القومية للأنفاق الأسبق، إن الخطوات التى شرعت فيها الهيئة القومية لسكك حديد مصر مؤخرًا للدخول فى شراكة مع القطاع الخاص كان يفترض أن يتم البدء فيها منذ سنوات ماضية، لكن تنفيذها كان يرتبط وبشكل رئيسى فى تطوير المرفق التى وصلت حالته لمرحلة صعبة من التدهور.

وأضاف أنه فى حال طرح خطوات وإجراءات جذب القطاع الخاص للمشاركة فى إدارة المرفق، كانت تأتى دون تنفيذ أعمال التطوير والتحديث الحالية، لافتا إلى أن استكمال أعمال التحديث سيلعب دورًا رئيسيًا فى عملية استقطاب محترفين.

وأوضح أنه على مدار عقود سابقة كانت السكك الحديدية مهملة، ولا تشهد اهتماما ولا أى تطوير، ما أدى ذلك إلى تراجع مستوى الخدمة فى كثير من الأحيان.

وأشار «لاشين» إلى أن خطوط السكك الحديدية كانت تبلغ 8500 كيلومتر، وارتفعت خلال 40 سنة إلى 10 آلاف كيلومتر، وكانت بحاجة مستمرة للتحديث والصيانة، للحفاظ على الحالة الفنية.

ولفت «لاشين» إلى أن مترو الأنفاق على سبيل المثال كانت تجربة ناجحة فى الثمانينيات حينما كانت الإدارة أجنبية، ولكنها بعد أن تحولت الى الإدارة المصرية بدأت تظهر بعض المشكلات فى المرفق، خاصة فى الخط الأول.

واعتبر أن ورش كوم أبو راضى بمحافظة بنى سويف تضم بداخلها موارد كبيرة مهدرة، لافتاً إلى أن دخولها فى شراكة سيعظم استفادة الدولة منها وفقاً لطبيعة العقد والالتزام المستهدف تنفيذه.

وأكد أن دخول القطاع الخاص للمشاركة فى إدارة وتشغيل مرفق السكة الحديد، يحتاج لشروط متوازنة حتى يتمكن من تحقيق ربح مناسب يغطى تكاليف التشغيل والصيانة، والأجور، فضلًا عن تحقيق عائد مالى صافى.

وأوضح «لاشين»، أن هناك العديد من الدول العربية التى طبقت الشراكة فى عملية إدارة مرافق النقل، سواء كانت قطاعا خاصا من نفس الدولة أو من دولة أجنبية.

وأكد أن هناك كيانات خارجية متخصصة فى أعمال السكة الحديد، وتنفيذ أساليب ادارة وفقًا لفترة محددة قد تكون عشر سنوات، او أكثر وفقًا لطبيعة العقد.

بدوره، أكد الدكتور وائل يوسف، الخبير الاقتصادى، العضو المنتدب للشئون المالية بالشركة القابضة للصناعات المعدنية، أن دخول القطاع الخاص مع الدولة فى السكك الحديدية تأخر كثيرا، خاصة أن هناك شراكات مماثلة مع القطاع الخاص فى مجال النقل فى نشاط الأتوبيسات.

واستبعد «يوسف» أن يكون للأحداث العالمية الراهنة تأثيرات سلبية قوية على دخول شركات القطاع الخاص بنوعيه الخارجى والمحلى من عدمه، لافتًا إلى أن وزارة النقل حددت الشراكة بأنها ستكون فى إدارة المرفق وليس ضخ استثمارات أو عمليات بيع للأصول.

وأوضح أن القطاع الخاص يختلف فى أساليب ونظم الإدارة عن القطاع العام، إذ إنه يعتمد على أقل عدد ممكن من العاملين المؤهلين للخروج بأعلى نتائج، وتطبيق نظام الثواب والعقاب، لافتا إلى أن أعداد العمالة الزائدة معوق كبير وضرورة التعامل معه بحساسية.

وأشار إلى أن منح القطاع الخاص كامل مسئولية الإدارة، سيكون له نتائج إيجابية بالنسبة الهيئة، فسيكون لديه قدرة تقييم الأداء وحرية التصرف بعد ذلك فى حال عدم تنفيذ البنود المتفق عليها، ومن حقه البحث عن شريك آخر للحصول خدمة مميزة.

واعتبر أن اختيار دخول الشراكة فى قطاع الورش مثل كوم أبو راضى بمحافظة بنى سويف هو أمر هام، لافتاً إلى أن مواقع صيانة الوحدات المتحركة تعانى مشكلات كبيرة تخص العمالة والتشغيل.

وأكد أن شروط التعاقد الاسترشادى وفقًا لما هو متاح وتم نشره هى شروط ممتازة، لافتًا إلى أنه يفترض أن يكون هناك عمولة نجاح بمثابة نقاط لو تم تحقيق المستهدف من قبل الشركة أو التحالف الفائز يتم صرف تلك النقاط.

وتوقع الخبير الاقتصادى، أن يكون الفائز بإدارة السكة الحديد تحالف يضم شركة مصرية وأخرى أجنبية، حتى يتمكن الاثنان من تبادل وجهات النظر مع الحكومة وحل المشاكل بطريق سريعة.

من جانبه، اعتبر محمد ماهر، الرئيس التنفيذى لشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية ، أن توجه هيئة السكك الحديدية لشراكة القطاع الخاص هو بداية التأكيد على أن هناك بعض القصور فى الهيئة واعتراف منها بذلك، لافتًا إلى أن ذلك يأتى بعد أن تم استثمار مبالغ ضخمة بالمليارات على المعدات والورش.

وتابع: أعتقد أن التوجه لطرح الشراكة مع القطاع الخاص بالتعاون مع جهات أجنبية أو محلية، لأن المنظومة كبيرة، ولا يزال هناك توسعات بشكل كبير جداً فى مجال السكك الحديدية.

وأشاد «ماهر» بوضع وعقد استرشادى أو نموذج للتعاقد، حتى تتمكن الكيانات الراغبة فى المنافسة تقديم عروضها، وفقا لآليات وبنود محددة.

وتابع: أعتقد أن التحالفات التى ستدخل فى هذا النشاط قد تكون مزيجًا من شركات محلية وأجنبية، خاصة من الدول التى لديها سكة حديدية ضخمة مثل، أوروبا، والصين، والهند.

ولفت إلى أن الصين والهند تعد من أكبر البلاد التى تمتلك خطوط سكك حديدية بمسافات طويلة، فضلًا عن أن لديها أعدادا كبيرة من المستخدمين، علاوة على أن تلك الدول التى تستخدم هذه الخطوط الحديدية لديها أنواع كبيرة من القطارات، لافتاً إلى أن دخول هذه الخبرات فى عمليات الإدارة سيكون هامًا جدًا.

واعتبر أن تقدم نحو 12 شركة محلية وعالمية لجلسة الاستفسارات التى عقدتها الهيئة مؤخرًا يعد أمرًا ممتازًا، وتوقع أن تكون هناك طفرة فى تحقيق خدمات جديدة إذ تم التوصل لاتفاق مرضٍ.

وأضاف أن تسعير الخدمة بالنسبة للركاب يكون بناء على عدة اعتبارات وقواعد، منها سياسة الدولة هل هناك دعم تكلفة استخدام للمرفق أم لا، وبالتالى فإن الهيئة يكون المنوط بها تسعير هذه الخدمة.

وأشار «ماهر»، إلى أن تعريفة الاستخدام عادة يكون لها بعد اجتماعى بين وزارة النقل والحكومة، ولا يمكن أن تترك للقطاع الخاص، فهى مسئولية الدولة لأن المرفق يستخدمه ملايين الركاب.

وحول التوقيت العالمى، وما يمر بها العالم من اضطرابات وحروب وانعكاسها على الاقتصاد الدولى، اعتبر أن الفترة الحالية لا تمثل عائقا كبيرا أمام الراغبين فى التقدم فى المنافسة على مثل هذه المشروعات، لافتا إلى أن هناك جهات تبحث عن فرص استثمار فى التوقيتات الصعبة.

وشدد على أن متطلبات نجاح الشراكة مع القطاع الخاص، تتمثل فى أن تكون هناك عقود والتزامات واضحة وشروطها لا يوجد بها أى لبس، وأن يكون ثمن أداء الخدمة يغطى التكلفة إضافة إلى عائد للمشغل حتى لا يتكبد خسائر