استطلعت «المال» خطط مجموعة من شركات حلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتوجه نحو القارة السمراء، تزامنًا مع إعلان غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات CIT بالاتحاد العام للصناعات مبادرة GO TO AFRICA لدعم طموحات الشركات الاعضاء فى استشكاف منجم الفرص الاستثمارية الواعدة فى أفريقيا السمراء فى ظل توجهات القيادة السياسية نحو دعم الوجود المصرى فى دول القرن الأفريقى.
وأكد عدد من رؤساء الشركات أن أفريقيا ما زالت سوقًا بكر فى قطاع تكنولوجيا المعلومات بأكثر من قطاع، على رأسها التطبيقات وحلول البرمجيات المتخصصة، إلا أن الدولة بحاجة إلى تنظيم حملات ترويجية على نطاق واسع لتعريف دول القارة بالخدمات التى تقدمها الشركات المحلية، علاوة على إتاحة المعلومات الكافية عن طبيعة الاستثمار فى أسواقهاـ بما يسهل من وضع رؤى استثمارية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
وقال محمد الحارثى ، عضو مجلس الإدارة بشركة فيكسد جروب لخدمات التحول الرقمى وحلول أمن المعلومات، أن شركته لديها خطة لاقتحام أسواق القارة السمراء خلال 2023 نظرًا لما تشهده دول أفريقيا من توجه عام نحو التحول الرقمى يسهم فى تعزيز فرص نجاح شركات التكنولوجيا المصرية بها.
ورأى الحارثى أن أفريقيا قارة الفرص الاستثمارية الواعدة فى قطاع خدمات الاتصالات والتكنولوجيا ، منوهًا بأن شركته على استعداد كامل لتقديم خدمات التحول الرقمى والتوقيع الإلكترونى لها.
وأضاف أن الحكومة المصرية قطعت شوطًا كبيرًا خلال المرحلة الماضية فى تطوير شبكة البنية التحتية التكنولوجية لدفع قاطرة التحول الرقمى وتحقيق مفهوم التنمية المستدامة، الأمر الذى يعزز خطط أعمال الشركات المصرية وتبادل الخبرات الفنية مع الجانب الأفريقى، تماشيًا مع المعايير والمواصفات القياسية العالمية.
فى سياق متصل، أوضح محمد جمال، الرئيس التنفيذى لشركة نقابتي لتكنولوجيا الحلول الرقمية، أن شركته تعكف حاليًا على تنفيذ مشروع ميكنة نقابة المهندسين بدولة غانا، والذى من المتوقع أن يخدم نحو 70 ألف مهندس ، لافتًا إلى أن أنجو مصر تتبنى خطة طموح للوجود بقوة فى أسواق أفريقيا وتقديم خدماتها للدول التى تطبق خطط التحول الرقمى.
واعتبر هيثم محسن، مدير تطوير البرمجيات فى شركة sprint لتقديم حلول البرمجيات، أن أفريقيا بحاجة إلى دعم شركات التكنولوجيا المصرية فى مجالات مختلفة، ومنها مجال التعليم، مضيفًا أن شركته تعتزم التوسع فى دول جنوب وشمال أفريقيا خلال العام الحالى لتقديم الحلول التعليمية التكنولوجية.
ولفت عمرو النحاس، الرئيس التنفيذى لشركة ديجيتال فورس لحلول التطبيقات التجارية، إلى أن شركته لديها استراتيجية للتوجه نحو أسواق القارة السمراء ترتكز على إيمانها بالتطور التكنولوجى الذى تشهده دولها، و ارتفاع الناتج القومى الإجمالى لبعضها.
واعتبر «النحاس» أن أفريقيا باتت منجم الفرص الواعدة لشركات التكنولوجيا المصرية خاصة أنها قطعت شوطًا كبيرًا فى ملف التحول الرقمى، معتبرًا أن الشركات المحلية ما زالت تواجه عدة تحديات فى التعامل مع القارة السوداء، على رأسها ندرة المعلومات الكافية عن أسواقها، كما تحتاج بعض دولها كذلك إلى وجود شريك تجارى، الأمر الذى يمثل عقبة فى أغلب الأحيان.
ولفت عبد الرحمن وحيد، الشريك المؤسس لشركة كلاود 11 لحلول الحوسبة السحابية، إلى أن شركته تستهدف تقديم خدماتها لأسواق القارة السمراء، وفى مقدمتها أرتيريا وتنزانيا وأوغندا ونيجيريا وكينيا، منوها بأن أفريقيا قارة الفرص الذهبية، وما زالت تحمل معدلات نمو واعدة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات.
وأشار إلى أن شركته قدمت حلولًا تكنولوجية متخصصة فى تقنيات الحوسبة السحابية لعدد من العملاء فى زامبيا، معتبرًا أن التحدى الأكبر الذى يواجه الشركات المحلية يتمثل فى تنوع اللغات، الأمر الذى يتطلب ضرورة تأهيل كوادر فنية وتسويقية قادرة ومؤهلة للعمل بهذه الأسواق من أجل تقديم خدمات قيمة مضافة للعملاء بها.
وتوقع أن يسهم استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية فى تحويل أنظار دول العالم نحو أسواق القارة السمراء التى تشهد إلى حد كبير حالة من الاستقرار السياسى والاقتصادى، ومن ثم تشكل أرضًا خصبة للاستثمار بها.
على صعيد آخر، أكد تامر عبد النعيم، الرئيس التنفيذى لشركة كواليتى ستاندردز لحلول أنظمة المعلومات الجغرافية، أن شركات التكنولوجيا المصرية لديها فرص واعدة للاستثمار بأفريقيا فى مجالات التطبيقات والبرمجيات المتقدمة وأنظمة الذكاء الاصطناعى، خاصة أن العديد من دول القارة السمراء تمتلك كوادر مدربة ومؤهلة على التعامل مع هذه النوعية من التقنيات الحديثة.
واستطرد عبد النعيم قائلًا: توجد أسواق مثل جنوب أفريقيا وكينيا وصلت إلى حالة من النضج، وتتميز بوجود شركات وطنية فى مجالات التكنولوجيا والاتصالات المتعددة يعمل بها كوادر بشرية على أعلى مستوى من المؤهلات التعليمية والمهارات البشرية، إضافة إلى الوعى الكامل بالتقنيات وأحدث الأنظمة التكنولوجية، بينما تعمل دول أخرى داخل القارة حاليًا على رفع كفاءة بيئة الأعمال وتأهيل الكوادر.
وتابع أن مجموعة «الكان» المالكة لكواليتى ستاندردز تمتلك فروعًا فى أسواق أثيوبيا وبوركينا فاسو والنيجر ومالى، مشيرا إلى أن الشركات المصرية تواجه حزمة من التحديات فى السوق الافريقية، منها : ارتفاع تكلفة سفر العاملين بالمشروعات خاصة فى ظل عدم وجود أعمال بشكل متواصل داخل السوق الأفريقية، فضلًا عن قلة الوعى بثقافاتها المتنوعة، وهى المشكلة التى تغلبت عليها شركات التكنولوجيا الهندية نظرًا لريادتها فى اقتحام السوق الأفريقية.
وتابع أن هناك بعض الدول تنتابها حالة من عدم الاستقرار الاقتصادى، وتعانى من توقف تنفيذ مشروعات، فى ظل ندرة مصادر التمويل، مضيفًا أن هناك العديد من المنظمات الدولية بالوقت الحالى تسهم فى العمليات التمويلية للمشروعات التنموية داخل القارة السمراء، مثل برنامج المعونة الألمانية والفرنسية والبنك الدولى، علاوة على الأمم المتحدة.
وأضاف: توجد قطاعات واعدة فى القارة السمراء من الممكن أن تسهم بها شركات التكنولوجيا المصرية، مثل قطاع حماية البيئة وقطاع الثروة الزراعية عبر تقديم تكنولوجيا مراقبة نمو المحاصيل وصور الأقمار الصناعية للأراضى الزراعية.
وشدد على أهمية دور الدولة فى دعم شركات التكنولوجية المصرية لتصدير الخدمات للسوق الأفريقية عبر تنظيم حملات ترويجية لتعريف الأسواق الأفريقية بالخدمات التى تقدمها الشركات المحلية، إلى جانب إنشاء مكتب خاص بتنشيط أعمال شركات البرمجة المصرية بدول جنوب و غرب القارة السمراء.
من جانبه، ألمح وليد نصر، المؤسس، الرئيس التنفيذى لمنصة «زرعى» المتخصصة فى مجال الزراعة الرقمية، أن المنصة تنفذ حاليًا مشروعًا للتأمين على المحاصيل الزراعية وتغطية الموسمية ضد الكوارث الطبيعية فى دولة السودان، بالتعاون مع شركة مصر القابضة للتأمين، باستثمارات تصل إلى 500 الف دولار، خاصة أن المنتجات الزراعية لديها سوق كبيرة داخل الدولة الشقيقة.
وأشار «نصر» إلى أن المنصة تعمل حاليًا مع GIZ (المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي) لإطلاق المنصة باللغة الفرنسية داخل مصر و7 دول افريقية أخرى ناطقة باللغة الفرنسية، مثل: تونس والكاميرون والمغرب والجزائر ومالى والنيجر والسنغال، ومن المتوقع الانتهاء من تغطية تلك البلدان بحلول عام 2024.
ورأى أن الدول الأفريقية تبحث حاليًا عن الخدمات التكنولوجية التى تعتمد على أنظمة الذكاء الاصطناعى وصور الأقمار الصناعية، موضحًا أن هناك العديد من الشركات المصرية التى تعمل فى تلك المجالات بإمكانها التوسع داخل أسواق القارة السمراء، خاصة مع تقديمها أسعارا تنافس خدمات الشركات الأوروبية وبنفس الجودة.
وتابع: ما زالت أفريقيا سوقا بكر لم تصل بعد إلى مرحلة التشبع فى خدمات البنية التحتية وحلول التكنولوجيا، الأمر الذى يجعلها منجم ذهب للشركات المصرية لم يكتشف بعد.
ولفت كريم عادل، الرئيس التنفيذى لشركة Digital Hub لحلول البرمجيات، إلى أن مصدرى خدمات التكنولوجيا والبرمجيات فى الوقت الحالى يتلقون دعمًا هائلًا من الدولة، ممثلة فى هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «إيتيدا» وغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات بالاتحاد العام للصناعات واللتان تقدمان حوافز تصديرية للشركات المتجهة لأسواق أفريقيا البكر.
وأضاف «عادل» أن شركته نفذت أكثر من مشروع، منها المساهمة فى إنشاء وتطوير الحسابات البنكية الإلكترونية فى دولة الصومال وأنشطة أخرى تخص مجال تطوير الأعمال فى كينيا، كما تخطط أيضًا للتوسع فى أسواق شرق أفريقيا مثل تنزانيا والكونغو بنهاية 2022.
واتفق مع الرأى السابق فى التأكيد على عدم وصول أفريقيا إلى مرحلة التشبع الكامل مما يفتح آفاقًا استثمارية واعدة أمام الشركات المصرية لتقديم خدماتها بأسعار تنافسية تماثل جودة المنتج الأوروبى، لافتًا إلى أن العلاقات الاقتصادية والاتفاقيات التجارية بين مصر ودول القارة السمراء ستلعب دورا كبيرا خلال المرحلة المقبلة فى تيسير إجراءات تصدير تلك الخدمات.
وألمح إلى أن السوق الأفريقية تعانى من وجود نقص فى مجال تطوير البرمجيات وخدمات مراكز التعهيد باللغات الأجنبية، خاصة الفرنسية التى تتحدث بها أكثر من 20 دولة أفريقية وأكثر من 100 مليون شخص.
ورأت سناء إسماعيل، الرئيس التنفيذى للعمليات بمنصة «بيع محصولك» ، أن أفريقيا من الأسواق الكبيرة التى تتميز بوجود قوة شرائية واستهلاكية مرتفعة، معتبرة أن خدمات التكنولوجيا الزراعية قد تكون على رأس صادرات الشركات المصرية إلى أفريقيا، مع وجود دول تعتمد على النشاط الزراعى كمصدر أساسى للدخل مثل نيجيريا وأثيوبيا.
و أشارت سناء إسماعيل إلى أن حلول التكنولوجيا الزراعية يندرج تحت مظلتها أكثر من منتج يتعلق بتصدير الحاصلات الزراعية والآلات المستخدمة فى الزراعة.
ونوه عماد الفخرانى، الرئيس التنفيذى لشركة موبى إيجيبت لخدمات دعم وصيانة شبكات الاتصالات، إلى أن دول جنوب الصحراء الأفريقية مثل بوروندى وبتسوانا تعد موقعا استراتيجيا لتصدير خدمات التكنولوجيا المصرية إليها، لما تعانيه من وجود نقص شديد فى خدمات البنية التحتية، فى الوقت ذاته تمتلك عدد كبير من المستهلكين.
وقال «الفخرانى» إن الشركات المصرية يمكنها تصدير حزمة من الحلول والخدمات التكنولوجية لتلك الأسواق، على رأسها خدمات المدفوعات الإلكترونية التحول الرقمى ومراكز البيانات، متابعًا أن «موبى –إيجيبت» لديها محاولات بالفعل للعمل داخل القارة السمراء.